أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2016
![]()
التاريخ: 28-8-2016
![]()
التاريخ: 5-8-2016
![]()
التاريخ: 8-8-2016
![]() |
إنّ ألفاظ الصلاة والصوم والزكاة والحجّ كانت حقائق لغوية في الدعاء والإمساك والنمو والقصد، غير انّ المتبادر منها في عصر الصادقين عليهما السَّلام بل قبله أيضاً هو المعاني الخاصة ، فيقع الكلام في كيفية كونها حقائق في هذه المعاني الثانية، فهناك أقوال أربعة:
القول الأوّل: ذهب أبو بكر الباقلاني (المتوفّى403هـ) من أكابر الأشاعرة إلى نفي موضوع البحث، وهو انّ هذه الألفاظ باقية في معانيها اللغويّة وقد استعملت فيها وطُبِّقت على مصاديق، كشف عنها الشارع، فالصلاة بالهيئة المخصوصة من مصاديق الدعاء، والصوم بالنحو المعين من مصاديق الإمساك وأمّا سائر الخصوصيات فقد علمت من دوال أُخر، فهذه النظرية لا تعدّ في الحقيقة قولاً في المسألة لأنّها نافية للموضوع من أساسه.
مضافاً إلى أنّ ادّعاء بقاء الألفاظ في نفس المعاني وانّ المصاديق الفعلية من جزئياتها، من السخافة بمكان، إذ أين الدعاء من الصلاة؟ واشتمالها على الدعاء لا يجعلها من مصاديق الدعاء. ومثلها سائر الألفاظ.
القول الثاني: إنّما نقلت في لسان النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ من معانيها اللغوية إلى المعاني الشرعية بالوضع التعييني أو التعيّني فصارت حقائق في تلك المعاني في عصره.
ثمّ إنّ صيرورتها حقائق شرعية في لسانه يتصوّر لها وجوه ثلاثة:
أ: أن يقوم الشارع بوضعها لها بالوضع التعييني ويخبر الناس بها، وهو بعيد جداً.
ب: حصول الوضع التعيّني بكثرة الاستعمال في عصر الرسول، وهو أمر غير بعيد لطول زمان الرسالة.
ج: الاستعمال بداع الوضع كما إذا احتفلت الأُسرة بتسمية المولود الجديد والكل ينظرون إلى كبيرهم، فإذا هو يقول: إئتوني بولدي الحسن، فهو بنفس هذا الاستعمال يسمّيه حسناً، ولعل النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ عندما قال: صلّوا كما رأيتموني أُصلّي، قام بنفس هذا العمل.
وبالجملة انّ القول الثاني على الوجهين الأخيرين أمر قريب لو لم يكن هناك وجه أصح.
القول الثالث: إنّها استعملت في لسان النبي في تلك المعاني مجازاً ثمّ صارت حقائق فيها في لسان المتشرّعة بعد رحيل الرسول، فهي حقائق متشرعية لا شرعية.
يلاحظ عليه: أنّ عصر الرسالة لم يكن عصراً قصيراً، فقد كان المسلمون في المدينة المنوّرة يصلّون مع النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في أوقات خمسة والمؤذِّن ينادي في كلّ نهار و ليل بقوله: (حيّ على الصلاة) فهل يمكن لنا عدّ هذه الاستعمالات مجازاً مع طول الزمان؟
فتحصّل من ذلك إنّ القول الأوّل لا يعتدّ به، والقول الثاني أي كونها حقائق شرعيه في عصره أقرب من القول الثالث، ولكنّ هناك قولاً رابعاً هو أقوى الأقوال وأسدِّها بل هو المتعيّن، وإليك بيانه.
القول الرابع: إنّ هذه الألفاظ كما كانت حقائق في المعاني اللغوية كذلك كانت حقائق في هذه المعاني الشرعية أيضاً قبل بعثة النبي ونزول القرآن عليه، وذلك لأنّ هذه العبادات لم تكن من ابتكارات الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، بل كانت موجودة في الشرائع السابقة، و من البعيد جدّاً أن لا يكون في لغة العرب لفظ يعبر عن هذه المعاني وقد كان في الجاهليّة حنفاء يصلّون و يحجّون .
و يشهد على ذلك أي كون تلك الحقائق موجودة في الشرائع السابقة الآيات التالية:
قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
وقال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } [الحج: 27].
وقال تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا } [مريم: 30، 31].
وقال تعالى: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا } [مريم: 54، 55].
نعم وجود تلك الماهيات قبل البعثة غير كاف إلاّ إذا انضمّ إليه أنّ العرب قبل عصر الرسالة كانت عارفة بها و كانت تعبّر عنها بهذه الألفاظ، إذ من البعيد أن لا يكون لها لفظ تشير به إليها.
ويؤيد ذلك انّ النبي كان يعبّر عن هذه الماهيات بهذه الألفاظ في بدء البعثة، وذلك لأنّ لفظ الصلاة ورد في السور المكية 35 مرة، و كان تشريع الصلاة ليلة المعراج في العام العاشر من البعثة وقد نزلت كثير من الآيات المشتملة على هذه الألفاظ في أوائل البعثة قبل المعراج، كقوله سبحانه في سورة القيامة: { فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة: 31، 32]. وفي سورة المدثر {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 43] و في سورة العلق {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى} [العلق: 9، 10] و في سورة الأعلى {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } [الأعلى: 15] ، و في سورة الكوثر : {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } [الكوثر: 1، 2] إلى غير ذلك من الآيات الواردة في بدء البعثة، الشاملة للصلاة والزكاة الحاكية عن تبادر المعاني الشرعية منها منذ صدع النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بالرسالة.
وأمّا الثمرة فتظهر في الألفاظ الواردة على لسان النبي بلا قرينة، كما إذا قال: إذا رأيتم الهلال فصلّوا، فعلى القول الثاني يحمل على الحقيقة المعروفة بخلافه على القول الثالث.
وأمّا على القول الرابع فالثمرة معدومة، لأنّها تحمل على الماهية الشرعية على كلّ حال وإنّما طرحنا المسألة لأجل إيقاف القارئ على سير التشريع على وجه الإجمال.
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
أصواتٌ قرآنية واعدة .. أكثر من 80 برعماً يشارك في المحفل القرآني الرمضاني بالصحن الحيدري الشريف
|
|
|