أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-04
1396
التاريخ: 2023-06-27
1870
التاريخ: 2023-05-16
1586
التاريخ: 2023-06-03
1799
|
لم تظهر اثار حركة الاصلاح العثماني في العراق بشكل واضح الا في عهد الوالي مدحت باشا الذي تولى حكم العراق بين سنتي 1869 و1872م، كان مدحت باشا من اوائل المصلحين المتنورين الذين كافحوا في انشاء حكم دستوري يحل محل الحكم الاستبدادي القائم آنذاك في الدولة العثمانية. وقبل تعيينه في بغداد كان واليا على ولاية الدانوب في الفترة بين عامي 1860 و1869 وقد وصل بغداد واليا عليها في 30 نيسان عام 1869م. وجاء في الفرمان المتعلق بتعيينه بان بغداد هي من اهم ولايات الامبراطورية العثمانية وان تربتها وموقعها يجعلانها تستحق كل انواع التقدم وعليه فأن اعز رغبة للسلطان. ان يرى الولاية تحظى بجمع الوسائل المؤدية إلى التطور، وقد اعترف الفرمان انه بدون وجود حاكم فان التقدم المنشود لا يمكن تحقيقه وان مدحت هو الشخص الذي سيحقق اهداف السلطان منح مدحت كلتا السلطتين المدنية والعسكرية في ولاية بغداد. كما زود بصلاحيات واسعة لتنفيذ اصلاحاته في ولايتي الموصل والبصرة، وقد تجلت اجراءاته في ادخال الاصلاحات الادارية والاقتصادية وخاصة تطبيق قانوني الاراضي والولايات كانت الغاية الرئيسة من وراء تلك الاصلاحات العمل على ربط الولايات العراقية الثلاث بعضها مع البعض الآخر، وتقوية السلطة المركزية عليها. وكان من اهم اصلاحات مدحت باشا هي:
1. نظام الطابو وتوطين العشائر
كانت سياسة مدحت تجاه مشكلة القبائل تتسم بالحذر والذكاء، فقد اقنع بعض زعماء القبائل بفوائد التجديد، فكان ان وافقوا على انشاء بعض المدن والمرافق الحكومية في اراضيهم، وفي الوقت نفسه عمد إلى معالجة مشكلة ملكية الارض لربطهم بها وتشجيعهم على الاستقرار والتحول إلى الزراعة، فاخذ يبيع اراضي واسعة من اراضي الحكومة (الاميرية) بأقساط سهلة الدفع لأصحاب الامتيازات القديمة على ان تبقى لهم حرية التصرف (لا الملكية الصرفة)، وللقرويين الذين كروا نهرا أو غرسوا بستانا ولشيوخ القبائل كمقدار القبيلة كلها، ورغم ان النقاط الاساسية في هذا التخطيط كانت مستقاة من قانون الاراضي العثماني، الا ان تطويرات جمة ادخلها مدحت عليه تمشيا مع ظروف العراق وخصائصه الاجتماعية ولغرض تسجيل العقارات واصدار الوثائق الخاصة بها تم انشاء اول دائرة للطابو (التسجيل العقاري) ، كما شكلت لجنة لتسوية الأرض اقتصر عملها على منطقة الفرات الاوسط والبصرة. وعلى الرغم مما اعتور المشروع من اخطاء نتيجة لقلة الاداريين النزيهين وانعدام الخرائط والفنيين، فانه كان اول خطوة جدية نحو ارساء قواعد تنظيم الملكية العقارية وتسجيلها في العراق، وهو ما كانت له اثاره البعيدة في تطور المجتمع ابان المرحلة التالية.
2. التنظيم الاداري:
استند مدحت إلى قانون الولايات العثماني الصادر عام 1864م لتنظيم ادارة البلاد، فعرف العراق لأول مرة في العصر الحديث تنظيما محكما ارتبطت بواسطته انحاء العراق بمراكز ادارية رئيسة هي ا النواحي، التي ترتبط بدورها بمراكز اعلى هيا الأقضية، التي ترتبط بالسناجق (الالوية) التي تشكل تنظيمات اوسع هي الولايات، فأرسى بذلك دعائم الادارة الحديثة الاولى في العراق، ورغم ان تنظيم البلاد جرى على اساس وجود ثلاث ولايات هي: بغداد والموصل والبصرة فان الاجراءات الادارية الجديدة كانت كفيلة بخلق ادارة مركزية منظمة يكون مركزها بغداد وتتولى الاشراف على شؤون القطر بأجمعه. كما تقرر تشكيل مجالس محلية شبه منتخبة في كل وحدة ادارية فكان مجلس الولاية يتألف من الوالي رئيسا وعدد من الاعضاء بعضهم من الاهالي والبعض الآخر من كبار الموظفين التنفيذيين، واوجدت مثل هذه المجالس أيضاً على مستويات الالوية والاقضية والنواحي والقرى وقد بقيت هذه المجالس تمارس اعمالها وخاصة مجلس ولاية بغداد حتى الاحتلال البريطاني (1914-1918) وبانسحاب الموظفين الرسميين منه نتيجة لانهيار الدولة العثمانية اصبح هذا المجلس نواة لما عرف فيما بعد بمجلس الوزراء العراقي، وفي الوقت نفسه تشكلت بموجب القانون مجالس بلدية في كل مدينة ضمت عددا من الموظفين والفنيين والاهالي المنتخبين فكان ذلك اول انشاء لنظام البلديات في تاريخ العراق الحديث.
3. التنظيمات العسكرية
لاحظ مدحت باشا ان القيام بالإصلاحات المطلوبة من دون حكومة قوية يسندها جيش يعتمد عليه عند اللزوم غير ممكن، ولاحظ ان اكثرية الجيش النظامي ليسوا عراقيين، على الرغم من ان هذا الجيش لم يكن يخلو من المتطوعين المحليين، فان اكثرية افراده كانوا العراقيين، كما كان جميع ضباطه من الاجانب، وهم يودون الرجوع الى اوطانهم، فاراد تبديل العناصر غير العراقية بالعراقيين ليحس السكان بشعور الولاء نحو الجيش، وليكون بالمستطاع تلافي النقص في عدد الجنود الذين كانوا لا يمكثون الا مدة قصيرة في العراق ويسارعون بالعودة الى اوطانهم في الاناضول، ولهذا السبب باشر مدحت باشا بتطبيق نظام التجنيد الاجباري وقد حالفه النجاح في عدد من المدن العراقية، لكنه باء بالفشل في منطقة الفرات الاوسط، إذ رفض افراد العشائر بشدة كل محاولة ترمي إلى جعلهم جنودا في جيش الحكومة، وقد نشبت ثورة عرفت باسم ثورة (الدغارة) استمرت مدة شهرين ووجهت ضد مشروع التجنيد ونظام الضرائب، ووقعت اثنائها اصطدامات عدة بين العشائر وجيش الحكومة وذهب نتيجتها الاف القتلى من الطرفين ولكنها انتهت بتفوق الجيش، وبإعدام عدد من شيوخ العشائر الثائرة، وقد قام مدحت باشا بإجراء عسكري اخر ضد تمرد وغارات عشيرة شمر الجربا، وهذه القبيلة كانت مسيطرة على منطقة الحدود بين سوريا والعراق، وكذلك على الطريق الممتد من تكريت إلى الموصل، ولم يكن باستطاعة قافلة ان تمر بأراضي شمر دون دفع ضريبة معينة إلى شيوخها تسمى (الخوة)، وقد نشب قتال بين شمر وجيش الحكومة انتهى بالقبض على الشيخ عبد الكريم شيخ شمر ومحاكمته واعدامه في الموصل، وقد حل مكانه في مشيخة القبيلة اخوه فرحان الذي تصالح مع الحكومة وصار يتسلم منها راتبا شهريا. أما عشيرة المنتفك فقد استطاع مدحت حل مشكلتها دون اللجوء إلى عمليات حربية، إذ شجع شيوخها من ال السعدون على تفويض اراضي عشيرتهم والتزام ضرائب الميري، فارتبط ال السعدون منذ ذلك الحين بالحكومة وصاروا اداة لتنفيذ سياسة الحكومة في المنتفك. كما طبق مدحت باشا نظام القرعة في اختيار المكلفين بالخدمة العسكرية ولكنه تجنب تطبيقها بين القبائل خشية اثارة شكوكها بنوايا الحكومة التجنيد بين سكان المدن والفئات المستقرة حولها، ولم يتردد في استخدام القوة في حمل السكان على قبول فكرة التجنيد هذه، وهكذا تأسس نظام التجنيد وفي خلال ثلاث سنوات تضاعف عدد افراد الجيش وصار مؤلفا من: 16 كتيبة مشاة، وكتيبتين من الخيالة، وكتيبة من المدفعية، يبلغ عدد افرادها نحو 12.000 فرد. اولت الحكومة خدمات الجيش الأخرى عناية خاصة فتم انشاء معمل للنسيج لإنتاج البزات الرسمية للجند، والخيام، ومعمل للطحين بغية تهيئة الخبز لأفراد الجيش. واعدت ثكنات للجيش وورش لآلاته، وعدة معامل لصناعة البارود ولتجهيز هذا الجيش بالضباط العراقيين تم تأسيس أول مدرسة رشدية عسكرية في بغداد، ليجتازها الطلاب قبل دراستهم في الاعدادية العسكرية، ثم الانتماء الى المدرسة الحربية في اسطنبول، وبهذا مهد السبيل امام العراقيين لتبوء الرتب والمناصب العسكرية العالية في الجيش العثماني. كما ألغي تنظيمات باشي بوزوق (1)، واحل محلها الضبطية لحماية الامن الداخلي، ومنح لهم رواتب، ومع مرور الوقت حلت الشرطة والجندرمة محل الضبطية فأصبح جهاز الشرطة مسؤولا عن الامن الداخلي، وعهد الى الجندرمة (الدرك) حفظ الامن في خارج المدن وفي الأرياف، وقد زاد عدد المنتسبين الى الشرطة من (800) إلى (2400) من الخيالة و4000. كما وضع خطة عسكرية للدفاع عن العراق ضد تعديات ،ايران وقد حاول مدحت باشا ان يحل مشكلات الحدود مع الحكومة الايرانية، فانتهز فرصة زيارة ناصر الدين شاه للعراق عام 1871، وعرض عليه القضايا التي تثير المشكلات على الحدود، ولكن حكومة الشاه رفضت التعاون في حل تلك المشكلات، لذلك وضع مدحت باشا خطة ا لمنع الايرانيين من الاغارة على القرى والعشائر العراقية، ونهب الاموال، والفتك بالمسالمين وقرر اعداد فوج من المتطوعين المدربين (المغاوير ) على ان تدفع اليهم رواتب مجزية، وبناء سلسلة من القلاع والابراج المتقاربة على طول الحدود العراقية الايرانية من كلعنبر في السليمانية، الى خانقين وان يكون الاتصال ممكنا بين هذه القلاع، وامداد كل قلعة بين 8-10 من هؤلاء المتطوعين. ثم اراد بناء سلسلة اخرى من القلاع داخل الاراضي العراقية، تضم قواعد اوسع، واحكم وان كانت اقل عددا، وتضم كل قلعة بين متطوعا، تدعمهم مجموعة مختارة من الفرسان المدربين على ان تكون قوات الخط الثاني دائما على اتم استعداد لدعم حامية اية قلعة. من الخط الاول عند تعرضه للخطر. ومن اصلاحات مدحت باشا في المجال العسكري انشاءه دار الصناعة البحرية(الترسانة)، وقد قدم الرحالة الامريكي فوك في اثناء زيارته للعراق عام 1874 وصفا لها، اذ يذكر انه زار دار الصناعة البحرية (الترسانة)، ومحل صنع واصلاح المكائن، ومحل المسبك، فوجد هناك ستين رجلا يعملون تحت رئاسة مهندس انكليزي وكانت جميع المكائن مجلوبة من اوروبا، ولكن العمال جميعهم عراقيون، ويقول فوك ان الملاحظ اعطاه قسما من اعمالهم، فلم يجد في ذلك فرقا بينها وبين تلك القطع المصنوعة في اوروبا. وفي دار الصناعة البحرية شاهد مركبين حديديين، صناعا في كلايد وأرسلا قطعا الى العراق، ويجري ضم القطع الى بعضها، والمركبان جاهزان للحركة، يبلغ طول الواحد منهما 110 قدم، وهما مسطحا القعر، ومصفحان بصفائح الفولاذ، ومجهزان بمكائن قوية ومن المتوقع ان لا يغطس منهما في الماء سوى قدم واحدة، والمقصود استعمالهما في اعالي الفرات.
4. المواصلات
في ميدان المواصلات اعاد مدحت تشكيل الشركة الحكومية المسماة (الادارة العثمانية النهرية) واصلح بواخرها القديمة، ثم شرع بشراء بواخر جديدة ذات حمولات كبيرة كما انه اسس لهذا الغرض محطات الوقود في مسقط وعدن وبندر عباس وبوشهر وبعد هذا صارت البواخر العثمانية تتحرك بين آونة واخرى بين البصرة واسطنبول عبر قناة السويس التي افتتحت عام 1869م، وفي خلال ولاية مدحت باشا صار عدد البواخر التابعة للإدارة العثمانية ثماني اربع منها تبحر بين البصرة واسطنبول والاربع الاخرى تستخدم للملاحة النهرية في دجلة والفرات وشط العرب . أمّا المشروع الثاني الذي انشاه مدحت في حقل المواصلات فهو ترامواي بغداد الكاظمية وقد شجع بهذا الخصوص الموسرين من اهالي بغداد للتعاون مع الحكومة وتأسيس شركة مساهمة وفي غضون عام انتهى العمل في سكة الترام ووصلت العربات اللازمة من انكلترا ثم افتتح المشروع عام 1871م. وكانت الكلفة النهائية للترامواي 24 ألف ليرة تركية دفع منها 18 ألف ليرة من راس مال الشركة المساهمة المال المتبقي فقد تم دفعه من ارباح الشركة التي بلغت 20 بالمئة في العام.
5. النظام القضائي:
على الصعيد القضائي تم الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية وانشئ ديوان التمييز للنظر في الدعاوى القانونية المستأنفة.
6. التعليم والحركة الثقافية والعمرانية
في عهد مدحت باشا دخل التعليم الرسمي الحديث إلى العراق، وانشأت اولى المدارس الحديثة وفي مقدمتها المدرسة الرشدية الملكية (المدنية) ومدة الدراسة فيها أربع سنوات بعد الابتدائية، بالإضافة إلى ذلك أنشأ مدرسة الصناعة ومدة الدراسة فيها أربع سنوات بعد الابتدائية يتلقى الطلبة في اثنائها دروسا تثقيفية عامة، ويتخصصون في احدى المهن: كالتجارة والخياطة والحدادة والطباعة، ويتلقى الطلبة في المدارس الحديثة مواضيع عديدة أبرزها اللغة التركية واللغة الفرنسية، والتاريخ والجغرافية والجبر والفيزياء، والدين والرسم. كما تم انشاء مدرسة الصناعة للأولاد الايتام وكان فيها 80 غلاما عام 1874 تتراوح اعمارهم بين 10-15 عاما، وكانوا يرتدون ملابس رمادية انيقة، وكان قسم من هؤلاء الاولاد يعملون على مناسج يدوية فيخرجون نسيجا من الحرير والقطن، وكان هناك آخرون يخيطون ثيابا، وكانت مصنوعاتهم جيدة. وكان الاولاد يتعلمون فضلا عن الحرف مبادئ الهندسة، وكان بعض المعلمين من خريجي المدرسة ذاتها، وتستخدم في التعليم السبورة من اجل رسم الاشكال، وفي المدرسة غرفة للطعام، واماكن للنوم، ومستشفى، وفيها الاردية النظيفة البيضاء. ان اهتمام مدحت باشا بنشر التعليم في العراق انعكس من خلال تزايد النسبة المئوية للمتعلمين ففي عام 1850م لم تكن نسبتهم تزيد عن نصف في المائة من سكان المدن في حين اصبحت نسبتهم عام 1900م تتراوح بين الخمسة والعشرة بالمائة. لقد كان مدحت باشا في طليعة الولاة العثمانيين الذين اهتموا بأمور الطباعة، والصحافة فقد اسس مطبعة حكومية باسم مطبعة الولاية وأصدر جريدة رسمية باسم الزوراء في 15 حزيران عام 1869م وهي اول جريدة ظهرت في العراق. وكانت الزوراء تصدر مرتين في الاسبوع باللغتين العربية والتركية وقد استمر صدورها حتى الاحتلال البريطاني لبغداد سنة 1917م. أمّا محتوياتها فقد كانت تتضمن البيانات الحكومية والاخبار المحلية والانباء العالمية ونصوص القوانين العثمانية وكذلك المقالات السياسية والادبية وحقلا لرسائل القراء وانتقاداتهم.
7. الحركة العمرانية
في عهد مدحت باشا تم بناء مدينتي الناصرية 1870 والرمادي 1872، ومن اعماله بناء المستشفيات، وقد شاهد فوك المستشفى العسكري، وكانت بناياته واسعة ولطيفة، وقد كان فيها 180 مريضا، كلهم جنود وكانت سقوف الغرف عالية، والتهوية فيها جيدة، والملابس نظيفة، وكانت جميع الترتيبات فيه مماثلة لأي مستشفى اوروبي من نوعه، كما كان في ا المستشفى صيدلية، وحمامات، وكان مدير المستشفى تركيا درس في الاستانة وكان يتقن الفرنسية. فضلان ذلك شيد مدحت باشا دور حديثة للحكومة ومزرعة نموذجية وأرسل المهندسين لتنظيم الري واهتم بردم الكثير من المستنقعات وتحويلها إلى اراض صالحة للزارعة، وشجع على زراعة محاصيل جديدة وابدى التسهيلات اللازمة لزراعتها، واظهر اهتماما بإصلاح نظم الضرائب الزراعية، واسس مصنعا للحدادة ومعملا لتقشير الرز ببغداد، وكان من بين المنشأة الصناعية الأخرى التي اسسها مصفاة للنفط في بعقوبة، ومعملا لإصلاح السفن في البصرة، واقام متنزها عاما في بغداد وشجع العراقيين على ارتياده للراحة. لقد انتهت ولاية مدحت باشا في العراق بتقديم استقالته من منصبه احتجاجا على قرار اصدره الصدر الاعظم محمود نديم باشا بخصم مبلغ كبير من مصروفات ولاية بغداد وتحويله للعاصمة. وقد قبلت استقالته وغادر بغداد في 27 ايار 1872. لقد بذل مدحت باشا جهودا كبيرة لتحديث، العراق، وقد نجحت جهوده في تحقيق تقدم شمل في جميع ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما دفع الكثير من المؤرخين إلى وصفه بأبي الاصلاح. لكن ذلك لم يحل من جهة اخرى دون اخفاق قسم من اصلاحاته أو عدم توفر الفرصة او الاموال الكافية لإنجازها، ومن ذلك اخفاق بعض مشاريع الري واصلاح الانهار وعلاوة على ذلك فقد حفلت سجلات الطابو والتي سجلت فيها الاراضي المفوضة للملاكين الجدد بأخطاء وغموض كبيرين. لقد استمرت حركة الاصلاحات العثمانية بعد ولاية مدحت باشا، ويذكر الرحالة فوك الذي زار العراق عام 1874 ان الوالي رديف باشا قد أنشأ جسر معلق عبر دجلة. وفيما بعد تم انشاء مستشفى عام، ودائرة للمعارف واخرى للنفوس، وعدد من المحاجر الصحية، ومرافق اخرى في بغداد وشيئا فشيئا اخذت مظاهر التحديث تفرض نفسها وسط بنيات متخلفة، ففي عام 1879 تقرر تشكيل دائرة بلدية في جانب الكرخ، كما زاد عدد المدارس الابتدائية والمتوسطة حتى بلغت زهاء مائة مدرسة وانشأت مدرسة متوسطة للبنات عام 1899، وزاد عددها عام 1900 إلى اربعة، وقبيل الحرب العالمية بلغ عدد المدارس في انحاء العراق 160 مدرسة ابتدائية منها 13 مدرسة للبنات و12 مدرسة اعدادية. كما افتتحت مدرسة خاصة بالمعلمين (دار المعلمين)، ومدرسة تطبيقات تابعة لها، ومدرسة للحقوق عام 1908. وزاد عدد القراء والمتعلمين مما ساعد بعض المثقفين على اصدار صحف جديدة غير رسمية كان لها أثرها في اشاعة الوعي القومي. وفي السنين الاخيرة من العهد العثماني اجريت بعض الاعمال الاصلاحية المحدودة، اذ انشئت غرفة تجارة بغداد في 5 نيسان 1884، وفتح المصرف العثماني اول فرع له في بغداد عام 1890، ليتبعه بعد مدة فرعان اخران في البصرة والموصل، ثم أصلح نظام الجندية عام 1909، وفي عام 1913 تم افتتاح سدة الهندية لتنظيم الري في حوض الفرات الاوسط، وفي عام 1915 تم انشاء خطوط تلغراف بين الموصل وسنجار والعمادية.
.....................................................
1- نوع من العساكر غير النظاميين الذين يتطوعون اثناء الحرب، والتحقوا بالجيش النظامي في الدولة العثمانية.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|