أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-7-2020
2577
التاريخ: 11-6-2020
1402
التاريخ: 29-8-2016
5219
التاريخ: 29-6-2020
1316
|
إنّ الواجب ينقسم إلى توصلي وتعبّدي، وانّ التعبّدي يفسر بوجوه ثلاثة:
1. التقرّب بقصد امتثال أمره.
2. الإتيان للّه تبارك وتعالى.
3. الإتيان بداع التقرّب إليه سبحانه، لكون الفعل محبوباً له.
ويقابله التوصّلي، فإذا علمنا أنّ الواجب تعبّدي أو توصّلي فيمتثل على النحو الذي عُلم، إنّما الكلام فيما إذا شكّ في واجب انّه توصّلي أو تعبّدي، فهل ثمة أصل لفظي يعوّل عليه كالشكّ في وجوب ردّ السلام حيث إنّ أمره يدور بين كونه توصلياً أو تعبدياً، يجب قصد أمره حتّى يصدق الامتثال.
مثلاً إذا قال سبحانه: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] فهل مقتضى الإطلاق هو كونه توصّلياً أو لا؟
وهناك أمر يجب إلفات النظر إليه، وهو انّ التمسّك بالإطلاق إنّما يصحّ إذا أمكن أخذ الشيء المشكوك اعتباره في متعلّق الأمر، فإذا خلا منه متعلّقه، يحكم بعدم اعتباره فيه، مثلاً إذا شكّ في وجوب السورة في الصلاة فبما أنّه يمكن أخذها في متعلّق الأمر بأن يقول: صلِّ مع السورة، فيصحّ التمسّك بالإطلاق اللّفظي إذا خلا منها متعلّق الأمر عند الشكّ.
وأمّا إذا تعذّر أخذ المشكوك في متعلّق الأمر فلا يصحّ التمسّك بالإطلاق، لأنّ التمسّك به فرع إمكان أخذه فيه والمفروض أنّه متعذّر.
ثمّ إنّ الأُصوليّين اختلفوا في إمكان أخذ التعبديّة في المتعلّق وعدمه، فلو أمكن أخذها في متعلّق الأمر، يصحّ التمسّك بإطلاقه إذا خلا منها، وإلاّ فلا.
فذهب الأكثر إلى إمكان أخذ التعبديّة في متعلّق الأمر، فإذا شكّ في اعتبارها في المتعلّق يتمسّك بإطلاقه ويحكم بالتوصلية.
وذهب الشيخ الأنصاري إلى امتناع أخذها في متعلّق الأمر، فلا يمكن التمسّك بإطلاق المتعلّق وإثبات التوصّلية، فانّ من شرائط التمسّك بالإطلاق، إمكان الإتيان بالقيد في متعلّقه والمفروض عدم إمكان أخذ القيد فيه.
ثمّ إنّ محلّ الخلاف في إمكان الأخذ إنّما هو التعبدية بالتفسير الأوّل أي «قصد امتثال الأمر» ، وأمّا التفسيران الآخران للتعبدية، أعني: الإتيان للّه تبارك و تعالى، أو الإتيان لأجل محبوبية الفعل، فأخذهما فيه بمكان من الإمكان.
وبعبارة أُخرى: انّ محلّ الخلاف في إمكان الأخذ وعدمه هو أن يأمر المولى بالنحو التالي:
صلّ صلاة الظهر بقصد امتثال أمرها، وأمّا إذا قال: صلِّ صلاة الظهر للّه تبارك و تعالى، أو لكونها محبوبة للّه، فأخذهما في المتعلّق ممّا لا شبهة فيه.
استدلّ القائلون بامتناع أخذ قصد امتثال الأمر في متعلّقه بأُمور نذكر واحداً منها وهو «انّ ما لا يتأتّى إلاّ من قبل الأمر يمتنع أخذه في المتعلّق شطراً أو شرطاً».
توضيحه: انّ ما يتصوّر أخذه في المتعلّق على نحوين:
النحو الأوّل: ما لا صلة للقيد بالأمر، فسواء أكان هناك أمر أو لا، يمكن تصوّر القيد، وتقييد المتعلّق به وهذا كالإيمان في الرقبة، ويمكن إيجاده مع القيد في الخارج بلا توقّف على الأمر و هذا كالسورة والقنوت في الصلاة فيصحّ في الجميع أخذ القيد بأن يقول: أعتق رقبة مؤمنة، أو صلّ مع السورة والقنوت، فإذا أطلق المولى ولم يأخذ القيد في المتعلّق، استكشف منه عدم مدخليته في الواجب.
النحو الثاني: ما لا يتأتّى إلاّ بعد تعلّق الأمر به، و هذا كقصد امتثال الأمر، فما لم يكن هناك أمر من المولى لا يمكن للمكلّف إيجاد متعلّقه في الخارج بقصد امتثال أمره.
وهذا النحو من القيد ـ بما أنّه لا يتأتّى إلاّ من قبل الأمر ـ لا يمكن أخذه في المتعلّق ولا يُستكشف من عدم أخذه، عدم مدخليّته في المتعلّق.
بعبارة أُخرى: أنّ الأمر يتعلّق بالشيء المقدور قبل الأمر و«الصلاة مع قصد امتثال الأمر» ليست بمقدورة قبل تعلّق الأمر بها، لكي يتعلّق بها الأمر ويقول: «صلّ مع قصد الأمر». ويُستكشف من عدم أخذه، عدمُ مدخليته.
يلاحظ عليه: أوّلاً : أنّ اللازم في صحّة الأمر كون المتعلّق مقدوراً في ظرف الامتثال لا قَبْل الأمر ولا حينه، وامتثال قصد الأمر وإن كان غير مقدور قبل البعث، ولكنّه أمر مقدور بعد تعلّق الأمر وفي ظرف الامتثال، فيصحّ تعلّق الأمر به، ويستكشف من عدم تعلّقه، وعدمُ مدخليته وعلى ذلك فمقتضى الإطلاق اللفظي كون الأصل هو التوصّلية إلاّ إذا دلّ دليل على خلافها.
وثانياً : أنّ مقتضى الإطلاق المقامي أيضاً هو التوصلية.
توضيحه: إنّ الإطلاق على قسمين: إطلاق لفظي، وإطلاق مقامي.
الإطلاق اللّفظي: عبارة عن خلوّ المتعلّق من القيد، فيحتج بخلوّ المتعلّق عن القيد على عدم مدخليّته في الواجب، فمصبُّ الإطلاق اللّفظي هو متعلّق الأمر مع إمكان تقييده ، وهذا هو الذي مرّ بيانه.
وأمّا الإطلاق المقامي: فحاصله أنّ القيد المشكوك اعتباره في المأمور به إذا كان ممّا يغفل عنه أكثر الناس يجب على المولى التنبيه عليه إذا كان دخيلاً في الغرض، إمّا بالأخذ في المتعلّق، أو بالتنبيه عليه بدليل منفصل، فلو افترضنا امتناع الأوّل، فإمكان الثاني بمرحلة من الوضوح، فسكوته حينئذ دليل على عدم المدخليّة.
ثمّ إنّ بعض المحقّقين استدلّ على امتناع أخذ قصد الأمر في المتعلّق بأنّ قصد الأمر إذا دخل في الواجب كان نفس الأمر قيداً من قيود الواجب، لأنّ القصد المذكور مضاف إلى نفس «الأمر»، وإذا لاحظنا الأمر وجدنا انّه ليس اختيارياً للمكلّف(1) كما هو واضح، وقد ثبت في محلّه انّ القيود المأخوذة في الواجب يجب أن تكون اختيارية.(2)
يلاحظ عليه: بالنقض أوّلاً: مثلاً إذا قال المولى: صلّ إلى القبلة، فتكون نفس القبلة من قيود الواجب، وهي خارجة عن اختيار المكلّف مع انّه جائز بالاتّفاق.
وثانياً بالحلّ، لأنّ قيد الواجب هو القصد المضاف إلى الأمر على نحو يكون التقيّد داخلاً والقيد خارجاً، فليس نفس الأمر قيداً للواجب، بل القيد، القصد المضاف إليه و هو باختيار المكلّف بعد صدور الأمر من المولى. اللّهمّ إلاّ أن يريد قبل صدوره من المولى فيرجع إلى الوجه السابق.
إلى هنا تبين انّ مقتضى الأصل اللّفظي والإطلاق المقامي هو التوصّلية إلاّ أن يدلّ دليل على كون الواجب قُربياً.
مقتضى الأصل العقلي والشرعي:
قد ظهر ممّا ذكرنا ـ من جواز التمسّك بالإطلاق اللّفظي أو المقامي ـ، مقتضى الأصل العملي إذا لم يكن إطلاق لفظي و دليل اجتهادي، وذلك لأنّ هذا الشرط يقع في عداد سائر الشروط فيجري فيه أصل البراءة العقلية والشرعية كما يجري في غيره.
بل يمكن أن يقال بأنّ المرجع هو البراءة حتّى على القول بامتناع أخذه في المتعلّق، وذلك لإمكان بيانه بدليل مستقل آخر كما ذكرنا، فإنّ الممتنع هو البيان في ضمن الأمر الأوّل لا في ضمن الأمر الثاني كما عرفت.
فخرجنا بالنتائج التالية:
1. انّ مقتضى الأصل اللّفظي والإطلاق المقامي هو التوصّلية.
2. انّ مقتضى الأصل العقلي و الشرعي عند عدم وجود الإطلاق هو البراءة العقلية والشرعية.
________________
1. لأنّه من فعل المولى لا المكلّف، هذاما فهمناه من عبارته، و لعلّ كلامه ناظر إلى ما نقلناه سابقاً من القائلين بالمنع.
2. دروس في علم الأُصول: الحلقة الثانية: 265.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|