أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016
3311
التاريخ: 29-8-2016
1691
التاريخ: 30-8-2016
1857
التاريخ: 30-8-2016
13418
|
... إنّ حال الإخباريّة والإنشائيّة حال اللحاظ الاستقلالي والتبعي في كونهما من كيفيّات الاستعمال فتكونان متأخرتين رتبة عن ذات المعنى، فالمعنى المستعمل فيه في القضيّتين الإخباريّة والإنشائيّة متّحد إمّا من حيث شخص المفهوم وذلك فيما اذا اتّحد الموادّ كما في اضرب وأطلب منك الضرب، حيث إنّ الموضوع له فيهما هو مفهوم الطلب إلّا أنّه اشترط في وضع الثاني أن يكون الاستعمال بطور قصد الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه، وفي وضع الأوّل أن يكون بنحو قصد التحقّق والوقوع، وإمّا من حيث سنخه أعنى الكليّة والعموم، وذلك فيما إذا اختلفت الموادّ كما في زيد قائم، واضرب، حيث إنّ الموضوع له فيهما عامّ وهو مفهوم قيام زيد في الاول ومفهوم طلب الضرب فى الثاني، والشرط كالسابق.
وكيف كان فهذا مشتمل على دعاو ثلاثة في كلّ منها إشكال، الاولى: أنّ حيث الإخبارية والإنشائيّة خارجتان عن ذات المعنى ومتأخرتان رتبة عنه، والثانية: أنّ الخبر عبارة عن الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه وهو إمّا الخارج كما في زيد قائم وأمثاله وإمّا الذهن كما في «اطلب» و«اعلم» الإخباريين وأمثالهما، الثالثة: أنّ المعاني الإنشائيّة يوجد ويتحقّق باللفظ مع القصد.
أمّا الإشكال في الاولى فهو أنّه لا شك أنّ موادّ مفردات القضايا الخبريّة كلّ واحد منها دالّ على سهمه من المعنى، فلو كانت الحكاية عن ثبوت المعنى خارجة عن ذات المعنى بقي الهيئة بلا معنى، والحال أنّ لها وضعا نوعيّا باتفاق القائل المذكور، مثلا في قولنا: أطلب منك الضرب مفادات أربعة، مفاد مادّة الطلب، ومفاد ضمير المتكلّم، ومفاد منك، ومفاد الضرب، وكلّ من هذه الألفاظ تدلّ على مفاده، وليس هنا شيء آخر غير الحكاية المذكورة حتّى يكون هو مفاد الهيئة.
وأمّا الاشكال في الثانية فهو أنّ مجرّد الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه ليس فارقا بين الجمل الخبريّة وغيرها من النسب الناقصة؛ ضرورة أنّ زيد قائم وزيد القائم مشتركان في الحكاية عن ثبوت القيام لزيد؛ بداهة أنّ الثاني ليس مهملا وبلا معنى، ولا زيادة للأوّل عليه لا لفظا ولا معنى.
أمّا الإشكال فى الثالثة فهو أنّه لا سنخيّة بين اللفظ والمعنى قبل الوضع بحسب الذات حتّى يكون علّة له، وإنّما شأن اللفظ أن يكون كاشفا وأمارة للمعنى بحسب تعهّد الواضع، والعلّية أمر واقعي لا يقبل الجعل، نعم بالنسبة إلى العنوان الثانوي للحكاية وهو إلقاء المعنى في ذهن السامع يكون اللفظ موجدا وعلّة.
والحقّ أنّ في نفس المتكلّم بالقضيّة الخبريّة تجزّما وهو عبارة عن عقد القلب والبناء على تحقّق النسبة بين محمول القضيّة وموضوعها وهو أمر غير الاعتقاد ويجتمع مع الشك والقطع بالخلاف، والرابطة أعني الهيئة في العربيّة و(است ونيست) في الفارسيّة موضوعة أمارة على هذه الحالة النفسانيّة، وهذا هو المراد بقيد التمام الذي هو الفارق بين القضايا الخبريّة والنسب الناقصة، حيث إنّ المتكلّم بالقضيّة الخبريّة زيادة على إلقاء الموضوع والمحمول والنسبة قد جعل نفسه أيضا في قيد السامع، فيستريح السامع من جهته ويتتبع بنفسه الخارج؛ فإن وجده مطابقا لقوله صدّقه ويتخلّص هو من قيده، وإن وجده مخالفا له كذّبه ويقع هو في قيد ملامته، وهذا بخلاف النسب الناقصة؛ فإنّ المتكلّم بها في راحة وليس في قيد ولو بأن قال:
الزيد المتحقّق الثابت قيامه في الخارج بلا شك ولا شبهة؛ إذ له أن يقول بعد ذلك: ليس بموجود.
ثمّ كما أنّ الاعتقاد طريق للواقع وحكاية عنه لمن ظفر به بوسيلة من يعتقده كذلك هذا التجزّم الذي كشف عنه الرابطة أيضا حاك عن شيئين، الأوّل أنّ اعتقاد المخبر على طبق خبره، والثاني أنّ الواقع كذلك، واسناد الكذب إلى المنافقين في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] باعتبار الحكاية عن الاعتقاد لا الواقع.
وهذا مراد من قال بأنّ أجزاء القضيّة أربعة وجعل الرابع هو الوقوع في القضيّة المثبتة واللاوقوع في القضية المنفيّة؛ فإنّ من الظاهر أنّ الوقوع واللاوقوع الخارجيين غير قابلين لجزئيّة القضيّة، فالمراد هو التجزّم بالوقوع أو باللاوقوع، ومن قال بأنّها ثلاثة أراد أنّ التجزّم كيفيّة للنسبة لا أنّ منها نسبة ثمّ تعلّق بها جزم، فليس هنا شيئان، بل شيء واحد وهو النسبة التجزّمية الوقوعيّة أو اللاوقوعيّة.
والفرق بين مفردات القضيّة الخبريّة وهيئتها أنّ الاولى موضوعة أمارة للذات المقرّرة المعرّاة عن الوجود والعدم، والثانية موضوعة أمارة لهذه الحالة الموجودة فعلا في النفس بحيث لو لم يكن موجودة حين التكلّم كان الرابط مهملة وغير مستعملة في معنى أصلا، كما أنّه لو كانت موجودة حين التكلّم بالنسبة الناقصة كانت موضوعة في غير محلّه، نظير إرادة المعنى الإنشائي حين التكلّم بالخبر.
وأمّا الإنشاءات فهي مشتركة مع الإخبار في أنّها ليست موجدة للمعنى، ولكنّها تحكي عن حالة موجودة في النفس فعلا، والفرق بينهما أنّ هذه الحالة حكاية عن ثبوت نسبة قضيّتها في الاخبار ولا يكون حكاية عن ثبوت نسبة قضيّتها مع إمكان أن يكون حكاية عن شيء آخر في الإنشاءات، مثلا هيئة اضرب أمارة على الإرادة النفسانيّة، وهذه الإرادة ليس سنخها الحكاية عن ثبوت نسبة الضرب إلى المخاطب في الخارج كالتحريم في قولنا: ضربت، بل سنخها العليّة والاقتضاء لحصول هذه النسبة، ضرورة أنّ الإرادة الآمريّة مع انقياد العبد وتمكّنه علّة تامّة لحصول الفعل في الخارج، نعم يكون حكاية عن ثبوت المنفعة في الضرب مثلا، فلو كان المتكلّم بصيغة الأمر غير مريد للفعل كانت الصيغة مهملة غير مستعملة في معنى أصلا.
دفع إشكال: الإرادة عبارة عن البناء القلبي على وقوع الفعل منه إن كان فاعليّا أو من غيره إن كان آمريّا وهو أمر غير العلم بالصلاح والنفع وغير الحبّ بالفعل، نعم يحصل عن هذين أحيانا؛ فلهذا لا يمتنع ايجاد الإرادة كما هو لازم من عرّفها بالعلم، بل يمكن كالتحريم، ويجتمع مع عدم محبوبيّة المراد.
فاعلم أنّه كما قد تكون الإرادة موجودة من جهة المبادي الموجودة، في المتعلّق كأن يعلم بوجود المصلحة في الفعل الفلاني ولا يكون له مزاحم فيحصل الحبّ والشوق والميل إليه في النفس، فينتهي هذا الميل إلى عقد القلب على إيقاع هذا الفعل في الخارج الذي يعبّر عنه بالعزم والإرادة، كذلك قد يوجد لأجل المبادي الموجودة في نفسها، فيكون حالها حال الفعل الخارجي، فكما أنّه يوجد من جهة المباديء الموجودة في نفسه فكذا هذه.
والدليل على ذلك أنّه لو قيل لأحد: امش من هذا المكان إلى المكان الفلاني بالإرادة اعطك عشرة آلاف دنانير بحيث لو صدر منك المشي بلا إرادة لم أعطك، وعلم بصدقه في هذا القول، وفرض أنّ هذا الفعل لا مزاحم لصدوره من المخاطب أصلا، فلا شك أنّه يحدث بذلك في نفس المخاطب ميل تامّ إلى هذا الفعل، أعني: المشي بالإرادة، فهل هو حينئذ يتأسف عجزه عن الإتيان وفوت تلك المنفعة الكبيرة، أو يبادر بالإتيان ويدركها؟ الوجدان قاطع بالثانى.
وأيضا لا شك أنّ إتمام الصلاة ليس أثرا لإقامة العشرة بل للعزم عليها سواء اقيم أم لا، ولا ريب أنّ المسافر قد يتّفق أنّه لا يكون له من الإقامة منفعة أصلا، بل لمحض إتمام الصلاة يعزم على الإقامة ..
فإن قلت: فكيف الحال لو كان نفس الفعل مبغوضا بمبغوضيّة أشدّ من محبوبيّة نفس الإرادة؟.
قلت: مفروضنا صورة اجتماع المبادي في نفس الإرادة، ومن جملتها عدم المزاحم، والمبغوضيّة المذكورة مزاحم، فالآمر بالأوامر الامتحانيّة يوجد في نفسه عقد القلب على إيقاع الفعل من الغير ويدرك نتيجته، ضرورة أنّ الارادة الآمرية ليست بأقوى من الإرادة الفاعليّة غاية الأمر أنّه لو كان الفعل مبغوضا له يمنع من وجوده في الخارج.
فإن قلت: الفائدة إنّما هي في التلفظ بالأمر وإن لم يكن الإرادة النفسانيّة موجودة، فهي مستغن عنها فلا حاجة إلى التكلّف في إثبات وجودها.
قلت: الداعي إلى ذلك هو الفرار عن كون تلك الأوامر مهملة؛ إذ من البعيد ذلك، والوجدان يشهد بأنّها على نسق غيرها مستعملة في المعنى، نعم يكون الأمر فيها سهلا على القول بأنّ الإرادة قسمان حقيقي، واعتباري إنشائي، والثاني تحقّقه باللفظ مع القصد، فهيئة الأمر مستعملة أبدا في الثاني، لكن قد عرفت أنّه لا معنى لذلك.
ومن هنا ظهر كون الإرادة اختياريّة وبطلان ما تمسّكوا به على عدم اختياريّته من لزوم التسلسل على تقدير اختياريّته بتقريب أنّ الفعل الاختياري ما كان مسبوقا بالإرادة، فلو كانت الإرادة اختياريّة لزم أن تكون مسبوقة بإرادة اخرى وهي بإرادة ثالثة، وهكذا إلى غير النهاية.
وجه البطلان أنّ التسلسل إنّما يلزم لو لم يكن للإرادة مبدأ سوى الإرادة، وقد عرفت أنّها إمّا أن تكون موجودة من جهة المبادي في متعلّقها، وإمّا أن تكون موجودة من جهة المبادي في نفسها، فعلى الأوّل فلا شكّ أنّ علّتها هي تلك المبادي، وعلى الثاني فحالها حال الفعل الخارجي، فكما أنّه معلول للإرادة فكذا هذه أيضا معلولة لإرادة ثانية وهذه الإرادة الثانية بالنسبة إلى الإرادة الاولى حالها حال الإرادات الآخر بالنسبة إلى متعلّقاتها، فكما أنّها معلولة للمبادي في المتعلّقات فكذا هذه أيضا معلولة للمبادي في الإرادة الاولى.
وظهر ممّا ذكرنا أيضا أنّ الإرادة التي توجد من جهة المبادي في نفسها اختياريّة؛ لأنّ حالها حال الفعل الخارجي بعنيه. وأمّا الإرادة التي توجد من المبادي في المتعلّق سواء كان إرادة أم فعلا خارجيّا فلازم ما ذكرنا أنّها اختياريّة أيضا.
بيان ذلك أنّ الشخص كما يكون مختارا وواليا على فعله الصادر عن إرادته، كذلك قد يصير واليا ومختارا على فعل غيره الغير المستند إلى إرادته، والدليل على ذلك أنّ مجيء زيد في الدار فعل له موجد بإرادته لا بإرادة صاحب الدار، لكن لصاحب الدار أن يمنع من تحقّق هذا الفعل بإغلاق الباب ونحوه، وله ترك ذلك، فالمجيء وعدم المجيء وإن كان كلاهما صادرا عن إرادة زيد لكن لصاحب الدار دخل وعليّة فيهما، فولاية الوقوع واللاوقوع ثابتة لصاحب الدار، ولا نعني بالاختياريّة إلّا ذلك.
فإن قلت: إنّ صاحب الدار إنّما يمانع بالإرادة فهو غير خال عن الإرادة في هذا الفعل الاختياري أعني مجيء زيد وعدم مجيئه، فحاله حال سائر الأفعال الاختياريّة المسبوقة بالإرادة.
قلت: نعم لا يخلو عن الإرادة، لكنّ المدّعى أنّ المجيء وعدمه لا يستندان إلى إرادة صاحب الدار إيّاهما، بل إلى إرادة زيد.
فإن قلت: مجيء زيد وعدمه ليسا باختياريّين لصاحب الدار وإنّما اختياريّته هو ايجاد المانع وعدمه وبينهما بون بعيد.
قلت: إذا كان إيجاد المانع اختياريّا له فثمرته وهو عدم المجيء أيضا اختياريّة؛ فإنّ المقدور بالواسطة مقدور، وإذا كان عدم المجيء اختياريّا له فوجود المجيء أيضا اختياريّة؛ إذ القدرة إنّما يتعلّق بالطرفين لا بطرف واحد.
فإن قلت: إنّ عدم المجيء ليس مسبّبا عن إيجاد المانع بل عن إرادة زيد إيّاه، وبالجملة فالأوّل ليس في طول الثاني بل في عرضه.
قلت: مدّعانا لا يتوقّف على إثبات السببية والترتيب بينهما بل يحصل مع كونهما في عرض واحد، والدليل على ذلك أنّه لو تنازع زيد وعمرو في مكان واحد أراد كلّ منهما الجلوس فيه فلا شكّ أنّ زيدا لو خلّى المكان لعمرو فجلس العمرو فيه يكون لزيد ولاية على هذا الجلوس، مع أنّ عدم جلوسه ليس سببا له.
فنقول إذا صار محبوبيّة الفعل مشرفة بأن يوجد العزم والإرادة في النفس فلا شكّ أنّ الشخص متمكّن من أن يمانعها من ذلك ويوجد بسرعة الإرادة المضادّة في نفسه قبل أن يوجد المحبوبيّة إرادة الفعل فيها.
فإن قلت: إنّ المحبوبيّة علّة تامّة للإرادة فكيف يمكن انفكاكها عنها.
قلت: ليس المحبوبيّة علّة تامّة للإرادة بل لعدم المزاحم أيضا دخل في تحقّقها.
فإن قلت: لا معنى لوجود المزاحم بين المحبوبيّة والإرادة، لعدم الفصل بينهما، وبالجملة متى تحقّق المحبوبيّة التامّة تحصل إرادة الفعل بسرعة، ولا يمهل الإرادة المضادّة أن يوجد قبلها.
قلت: لو كان الفعل في عين الصلاح بحيث لا يشوبه ذرّة مفسدة ولكن كان في نفس إرادته مفسدة أعظم من مصلحة نفسه فهل ترى نفسك تقدم عليه؟.
فإن قلت: إنّا لو فرضنا أنّ الفعل في غاية المحبوبيّة وبلا مزاحم، ونفس الإرادة أيضا بلا مزاحم، وحينئذ فكيف يمكن عدم وقوعها؟.
قلت: لو كانت الإرادة غير اختياريّة فما شأن المريد يلاحظ في وجودها وعدمها الضرّ والنفع ووجود المزاحم وعدمه، ولو كانت غير اختياريّة لوجب أن يوجد سواء كان ضارّا أم نافعا كحركة المرتعش، أو لا يوجد كذلك كالطيران إلى السماء، كيف وحال الإرادة في ذلك حال الفعل الخارجي بعينه، حيث إنّه أيضا لو تمّ صلاحه وفقد مزاحمه من جميع الجهات لم يعقل من العامل أن يتركه، وأيضا يلاحظ في فعله وتركه الضرّ والنفع، فإذا كان حال الإرادة في جميع ذلك حال الفعل الخارجي بلا فرق كفى ذلك في المطلوب.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|