أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-7-2020
2371
التاريخ: 30-8-2016
1503
التاريخ: 30-8-2016
1963
التاريخ: 29-8-2016
2117
|
لا خلاف في وجود الحقيقة العرفيّة واللغويّة.
وأمّا الشرعيّة فقد اختلفوا في إثباتها ونفيها بعد اتّفاقهم على ثبوت الحقيقة المتشرّعة (1) ؛ فإنّه لا خلاف في أنّ الألفاظ المخصوصةـ كالصلاة والزكاة والحجّ ـ إذا وقعت مطلقة في كلام المتشرّعة ، تحمل على المعاني الحادثة ، فتكون حقائق عرفيّة خاصّة. إنّما الخلاف في أنّها إذا وقعت مجرّدة عن القرينة في كلام الشارع ، فهل تحمل على المعاني الشرعيّة (2) حتّى تكون حقائق شرعيّة ، أو على المعاني اللغويّة؟ وأدلّة الطرفين مدخولة.
ولكنّ الحقّ وجودها ؛ لما نذكره ، وهو أنّه لا ريب في أنّ ألفاظ الصلاة والزكاة والحجّ ـ مثلا ـ كانت في اللغة موضوعة لمعان غير المعاني المتداولة عند أهل الشرع. ولا ريب أيضا في أنّ نقل الشارع هذه الألفاظ من معانيها اللغويّة إلى معانيها الشرعيّة غير معلوم لأحد ؛ لعدم ما يدلّ عليه عقلا أو نقلا ، مع أنّ الأصل عدم النقل.
فالمتيقّن عندنا أنّ الشارع استعمل هذه الألفاظ في المعاني الشرعيّة ، وهي صارت متبادرة عند المتشرّعة بحيث لا يفهمون عند الإطلاق غيرها ، ولكنّهم لم يتصدّوا للنقل ، بل التبادر عندهم ؛ لأجل أنّ الشارع استعملها فيها استعمالا لا ندري أنّه على سبيل النقل أو المجاز ، ولكنّه كان استعمالا شائعا بحيث صار غالبا حتّى صارت المعاني الشرعيّة متبادرة ، وهجر المعاني اللغويّة عند الإطلاق. فثبوت الحقيقة عند المتشرّعة ليس إلاّ لأجل استعمال الشارع وغلبته بحيث حصل التبادر وعدم صحّة السلب عندهم ، فكلّ زمان حصل فيه التبادر وعدم صحّة السلب ، حصل الحقيقة أيضا بالنسبة إلى أهله ، سواء كان شارعا أو غيره ، بل حصوله بالنسبة إلى الشارع أولى ؛ لأنّ أصل الاستعمال منه ، فينبغي التفحّص عن الزمان الذي حصل فيه التبادر وعدم صحّة السلب.
فنقول : غير خفيّ أنّ العلامتين لم تحصلا في ابتداء الزمان الذي أطلق الشارع هذه الألفاظ على المعاني الشرعيّة ؛ لأنّهما موقوفتان على غلبة الاستعمال ولم تحصل فيه ، ففيه لم يحصل حقيقة مطلقا لا الشرعيّة ولا العرفيّة ، فهذه الألفاظ إذا صدرت من الشارع أو من غيره في الزمان المذكور لا يمكن لنا حملها على المعاني الشرعيّة ؛ لعدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة فيه وإن كانت متبادرة عندنا الآن ؛ لأنّه لأجل الغلبة بعد الزمان المذكور.
فظهر أنّ الألفاظ المذكورة إذا صدرت في ابتداء عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يمكن لنا حملها على المعاني الشرعيّة ؛ لعدم حصول التبادر فيه ، وأمّا حصوله في عصر الصادقين (عليهما السلام) فلا شبهة فيه ، بل الحكم كذلك قبل عصرهما ، بل أواخر عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا بالنسبة إلى الألفاظ التي استعملت في المعاني الشرعيّة في أوائل ظهوره (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لا سيّما إذا كانت كثيرة الدوران في المحاورات، كالصلاة والزكاة والحجّ ؛ لأنّ العقل حاكم بأنّه إذا استعمل لفظ في معنى في سنين ، وكان الاستعمال أكثريا غالبا ، يصير بعد ذلك هذا المعنى متبادرا منه بحيث يضمحلّ المعنى الأوّل عند المستعملين وإن كان الاستعمال بمعونة القرائن ، فثبت الحقيقة (3) الشرعيّة وحقيقة المتشرّعة بالنسبة إلى الألفاظ المذكورة من أواخر عصر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ما بعده أيّ وقت كان.
ثمّ هذا في الألفاظ التي علم يقينا أنّ الشارع استعملها في معانيها الشرعيّة ، وصار الاستعمال غالبا بحيث حصل التبادر وعدم صحّة السلب. وأمّا الألفاظ التي لم يعلم فيها أصل الاستعمال ، أو علم ولكن لم تصر كثيرة الدوران بحيث يحصل منها التبادر ، فليس حكمها كذلك.
ثمّ إن كان أصل الاستعمال من واحد من أئمّتنا ـ صلوات الله عليهم ـ فينبغي أن يراعى فيه ما روعي في صورة كون الاستعمال من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من ثبوت الحقيقة الشرعيّة وحقيقة المتشرّعة عند حصول التبادر ـ لا عند أوائل الاستعمال ـ والعلم بأصل الاستعمال وغلبته يقينا. ولا يثبت التبادر والحقيقة حينئذ بالنسبة إلى زمان قبل زمانه عليه السلام.
فإن قلت : لمّا لم يكن فهم المعاني الشرعيّة من الألفاظ المذكورة بنقل الشارع ، بل بسبب الاستعمال وغلبته والترديد بالقرائن حتّى صارت متبادرة عند الإطلاق ، فلا يلزم منه الحقيقة الشرعيّة ، بل يمكن أن يكون هذا من باب المجاز الراجح.
قلت : قد تقدّم (4) أنّ الحقّ أنّ الاستعمال في المعنى الثاني إذا صار غالبا بحيث ترك المعنى الأوّل ، لا يكون من المجاز مطلقا لا الراجح ولا غيره ، بل يكون من باب الحقيقة ، وذكر أنّ المجاز الراجح ما ذا ، مع أنّه إن قيل : إنّ المراد من المجاز الراجح هذا المعنى يثبت منه المطلوب (5) ؛ لأنّه يجب (6) حينئذ حمل الألفاظ المذكورة عند الإطلاق على معانيها المجازيّة الراجحة ، ولا يبقى نزاع في التفريع.
ثمّ لا يخفى أنّ فروع هذه القاعدة كثيرة ظاهرة ، وكيفيّة التفريع ظاهرة عليك بعد ما عرفت الحقّ فيها.
مسألة : النقل خلاف الأصل ؛ عملا باستصحاب الحال ، وهو حجّة ، كما سيجيء (7) ، فلا بدّ في ثبوته من الدليل (8). وقد وقع الخلاف في أنّ صيغ العقود والفسوخ والالتزامات ، كقول القاضي : « حكمت » هل نقلها الشارع من مدلولاتها اللغويّة ـ أعني الإخبار إلى إحداث حكم ، أعني الإنشاء ـ أم لا؟ فقيل (9) بالأوّل ، وإلاّ لزم الكذب أو التسلسل. وقيل بالثاني ؛ للأصل (10) واستعمالها في بعض الأحيان في كلام الشارع في الإخبار.
فعلى الأوّل يجب حمل جميع هذه الصيغ عند الإطلاق والشكّ على الإنشاء ، ولا يعتبر القصد أيضا.
وعلى الثاني على الإخبار ، ولا بدّ في حملها على الإنشاء من القرائن الحاليّة أو المقاليّة ، ويعتبر القصد حينئذ ، وإلاّ لم يحصل التميّز.
والحقّ : أنّ ما استدلّ به على القول الأوّل لا يفيد المطلوب ؛ لأنّه يمكن أن يكون استعمال الشارع بمعونة القرائن والقصد ، وكذا الحكم عندنا ، فلا يلزم كذب ولا تسلسل.
نعم ، يمكن أن يقال : قد حصل تبادر الإنشاء منها عند المتشرّعة ، فيجب أن يحمل في كلامهم عليه ، وحينئذ نحن لا نحتاج إلى القصد. ويمكن أن يطّرد حكمها بالنسبة إلى الشارع أيضا حتّى يكون حكمها كحكم الصلاة وأمثالها ، فتأمّل.
___________
(1) كذا في النسختين ولعلّ الأولى : الحقيقة المتشرّعيّة ، أو حقيقة المتشرّعة ، أو الحقيقة عند المتشرّعة.
(2) في « ب » : « الفرعيّة ».
(3) في « ب » : « الحقائق ».
(4) تقدّم في ص 51.
(5) في « ب » : « يكون من باب الحقيقة » ، بدل : « ما ذا مع ... المطلوب ».
(6) في « ب » : « لا يجب ».
(7) راجع في باب الأدلّة العقليّة ، ص 401 ، الفصل 6.
(8) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : 20.
(9) قاله الفخر الرازي في المحصول 1 : 317 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 77.
(10) حكاه الأسنوي عن الحنفيّة في التمهيد : 204.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|