المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



حجّيّـة الإجمـاع  
  
988   11:41 صباحاً   التاريخ: 18-8-2016
المؤلف :  محمّد مهدي النراقي 
الكتاب أو المصدر : أنيس المجتهدين
الجزء والصفحة : ج1 ص 340.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / مباحث الحجة /

لا خلاف بين الخاصّة والعامّة في حجّيّة أصل الإجماع إلاّ ممّن شذّ (1).

وإنّما اختلف الفريقان في مدرك حجّيّته ، فالخاصّة على أنّه دخول المعصوم ، والعامّة على أنّه الأدلّة السمعيّة والعقليّة (2).

ومن العامّة من لم يتنبّه لموضع الخلاف ، ونسب إلينا القول بعدم الحجّيّة (3) ، وهو فرية.

ثمّ صدق حجّيّة الإجماع عندنا ـ مع أنّ العبرة بقول المعصوم ـ وفائدة الخلاف في الحيثيّة يعلم بعد ذلك (4).

وكلامنا هنا مقصور على أنّ ما احتجّ به العامّة على حجّيّة الإجماع من حيث هو هل يثبت مطلوبهم أم لا؟

فنقول : إنّهم ذكروا لذلك وجوها :

منها : قوله تعالى : { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ } [النساء: 115] الآية.

أوعد على اتّباع غير سبيل المؤمنين ، فيكون حراما ؛ فيجب اتّباع سبيلهم ؛ إذ لا واسطة بينهما، والإجماع سبيلهم (5).

واعترض عليه بوجوه كثيرة محرّرة في الاصول ، أكثرها ممّا يمكن دفعه بسهولة (6) ، وذكره لا يجدي طائلا.

وما يصعب دفعه بل لا يمكن : أنّ المتبادر من « سبيل المؤمنين » ما صاروا به مؤمنين وهو الإيمان ، وغيره هو الكفر ؛ فإنّ المفهوم من قول القائل : « لا تتّبع غير سبيل الصالحين » هو المنع من متابعة غير سبيلهم فيما صاروا به صالحين ، لا في كلّ شيء حتّى الأكل والشرب وأمثالهما ، وإذا قال السلطان : « ومن يشاقق وزيري ويتّبع غير سبيل المطيعين له لعاقبته » لفهم سبيلهم في طاعة الوزير لا سائر السبل.

ويدلّ على ذلك (7) ، أنّ الآية نزلت في رجل ارتدّ (8).

ومنها : قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] الآية.

والوسط : العدول (9) والخيار. والاجتماع على الخطأ ينافي الوصفين.

واعترض (10) عليه بوجوه ، وأظهرها ورودا : أنّ ظاهره (11) يقتضي اتّصاف كلّ واحد من الامّة بالعدالة في الأشياء كلّها ، وهو ظاهر الفساد ؛ لأنّه خلاف الواقع ، مع اقتضائه حجّيّة اتّفاق كلّ بعض وإن كان اثنين ، بل حجّيّة قول واحد منهم. فيجب إمّا تخصيص العدالة بالشهادة على الناس في الآخرة خاصّة كما نقله المفسّرون (12) ، أو تخصيص الخطاب بمن ثبت عصمته ، كما روي عن أئمّتنا (عليهم‌ السلام ) (13).

 وإن لم يحمل على ظاهره واريد منه اتّصاف مجموع الامّة من حيث المجموع بها ، لم يتحقّق إجماع إلاّ بعد اتّفاق كلّ من كان ويكون منهم ، فلا يفيد.

ومنها : قوله : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110] أخبر أنّهم ينهون عن كلّ منكر ؛ لأنّ لام الجنس يفيد الاستغراق وهو ينافي الإجماع عليه (14).

وجوابه يعلم ممّا سبق.

ومنها : قوله : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ} [النساء: 59] إلى آخره ، شرط في [ وجوب ](15) الردّ إلى الكتاب والسنّة وجود التنازع ، فإذا عدم وحصل الاتّفاق لم يجب الردّ إليهما ؛ قضيّة للشرط ، وكفى الاتّفاق وهو معنى كونه حجّة (16).

واجيب (17) عنه بأنّ سقوط وجوب الردّ إليهما إمّا عند حصول الاتّفاق باعتبار الردّ إليهما ، أو عند حصوله لا باعتبار الردّ إليهما. فعلى الثاني يلزم تجويز وقوع الإجماع من غير دليل ، وعلى الأوّل يلزم أن يكفينا (18) من غير حاجة إلى الإجماع (19).

وفيه : أنّا نختار الثاني أوّلا ، ولا يلزم ما ذكر ؛ لأنّ حصوله من دلالة العقل ممكن (20).

ونختار الأوّل ثانيا ، ونقول : لزوم الكفاية لا يستلزم عدم حجّيّة الإجماع ، ولا عدم فائدة فيه ، كما يعلم بعد ذلك.

وقيل : على الثاني يلزم ما ذكر ، وعلى الأوّل يلزم الحكم بسقوط طلب المحال ، وهو باطل.

وجه الملازمة : أنّ طلب الحكم من الكتاب والسنّة بعد ما وجد فيهما محال ، فالحكم بسقوطه يستلزم ما ذكر.

ووجه بطلان اللازم : أنّه عبث ، فلا يصدر عن الحكيم ، فالمراد من الآية الحثّ على طاعة اولي الأمر ، وهو كما ترى.

وقد احتجّوا ببعض آيات أخر (21) تركناها ؛ لبداهة عدم دلالتها على مطلوبهم.

ومنها : قوله (عليه‌ السلام) : « لا تجتمع امّتي على الخطأ » (22) وهو متواتر معنى ؛ لورود هذا المعنى في أخبار لا تحصى كثرة من طرق الفريقين. ودلالته على المطلب ظاهرة.

واعترض عليه (23) بأنّ التواتر المعنوي شرطه استواء الطرفين والوسط ، ووجوده هنا ممنوع.

ولو سلّم ذلك ، فلا نسلّم لزوم تواتر القدر المشترك ؛ لأنّه إنّما يلزم ذلك لو كان دلالة تلك الروايات على القدر المشترك بطريق القطع ، وهو ممنوع ؛ لأنّ القدر المسلّم ظهور دلالتها عليه ، فلا يلزم القطع بمعناها ، وذلك كالتواتر اللفظي الظاهر المعنى ؛ فإنّه وإن كان قطعيّ السند لكن لظنّيّة دلالته لا يقطع بمدلوله.

والجواب عن الأوّل : أنّ بعض هذه الأخبار وردت من طريق العامّة ، وبعضها من طريق الخاصّة ، ولا يمكن اتّحاد رواتهما حينئذ في طبقة من الطبقات. وما ورد في كلّ من الطريقين رواته مختلفة في جميع الطبقات إلاّ فيما شذّ ، كما لا يخفى على المتتبّع.

و[ الجواب ] عن الثاني : لا نسلّم ظنّيّة دلالة كلّ واحد منها ، ومع التسليم نقول : يحصل القطع بالقدر المشترك من المجموع ، وهو كاف للمطلوب.

ثمّ لو قطع النظر عن ذلك كلّه ، وقلنا : إنّها أخبار آحاد ، فما يخرجها عن الحجّيّة وإثبات أصل بها ، سيّما مع تلقّي الامّة لها بالقبول؟

واورد على دلالتها بأنّه إن اريد بالامّة جميع امّته ممّن كان ويكون إلى يوم القيامة ، لم يوجد إجماع ، وإن اريد به البعض ، دخل في حيّز المجمل فلا يفيد.

وجوابه : أنّ المراد من الامّة أهل كلّ عصر ، كما هو المتبادر. ويدلّ عليه أخبار أخر ، كقوله (عليه ‌السلام ) : « لا تزال طائفة من امّتي متظاهرين على الحقّ » (24).

وقوله (عليه ‌السلام ) : « ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن » (25). وقوله (عليه‌ السلام) : « من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه » (26).

ثمّ تسليم دلالة هذه الأخبار على حجّيّة الإجماع لا ينافي ما قلنا به ؛ لأنّا موافقون للعامّة في حجّيّته ، إلاّ أنّهم يقولون : حجّيّته لأجل نفس اتّفاق جميع المجتهدين ، فلو خالف واحد منهم خرج عن الحجّيّة على ما يقتضيه قواعدهم ، إلاّ أنّهم اتّفقوا على أنّه يقدح فيه مخالفة غير النادر واختلفوا فيه كما يأتي (27) ، ونحن نقول : حجّيّته لاشتماله على قول الحجّة ، فلو لم يعلم دخوله فيه ، لم يكن حجّة وإن حصل الوفاق من جميع من سواه ، ولو علم دخوله فيه كان حجّة وإن خالف جماعة. وهذا هو فائدة الخلاف بين الفريقين. وصدق الحجّيّة حينئذ في الإجماع ـ مع أنّ المناط قول الحجّة ـ يعلم بعد ذلك.

ومن تأمّل في الآيات (28) والأخبار (29) المذكورة ، يجد أنّ دلالتها على حجّيّة الإجماع باعتبار اشتماله على قول بعض خاصّ.

وقد عرفت ذلك في أكثر الآيات المذكورة ، وهو الظاهر من قوله (عليه‌ السلام) : « لا تزال طائفة » (30) إلى آخره. وأمثاله ، ويدلّ عليه قوله (عليه‌ السلام) : « لا تجتمع امّتي » (31) إلى آخره ، نظرا إلى أنّ اللام في « الخطأ » للجنسيّة كما اعترف به أكثر العامّة ، فالمفهوم منه أنّ الامّة لا يجتمعون على جنس الخطأ ، ولا ريب في أنّه إذا أخطأ كلّ منهم في مسألة غير ما أخطأ فيه الآخر ، صدق اجتماعهم على جنس الخطأ. وهذا جائز وفاقا لو قطع النظر عن المعصوم ، فلا بدّ من القول بعدم جواز خلوّ العصر عن معصوم مصيب في كلّ أحكامه ؛ لئلاّ يمكن اجتماع الامّة على جنس الخطأ.

ومنها : أنّه يمتنع اجتماع الخلق العظيم على حكم بدون قاطع (32).

واعترض عليه بأنّه يمكن أن يكون ذلك لشبهة ، كما اتّفق لليهود والنصارى والفلاسفة في قدم العالم ، وغيرهم من الفرق المجتمعين على كثير من الأباطيل مع انتشارهم في شرق الأرض وغربها (33).

ومنها : أنّهم أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف للإجماع ، ولا ريب في أنّهم ـ مع كثرتهم العظيمة وتحقيقهم ـ لا يجتمعون على شيء بدون قاطع ، ومعه يكون خطأ المخالف له حقّا ، ومنه يثبت حجّيّة الإجماع (34).

واعترض عليه (35) بمثل ما اعترض على سابقه.

وربما يدفع عنهما بعدم صدق الإجماع على اتّفاقهم ، كما عرفت (36) من تحديده.

وفيه : أنّ ما احتجّوا به على حجّيّته يجري في اتّفاقهم أيضا من دون تفاوت ، وإن لم يصدق الإجماع المعرّف عليه.

وقد اجيب (37) عن النقض باتّفاق اليهود والنصارى : بأنّهم تبعوا الآحاد من متقدّميهم ؛ لعدم تحقيقهم ، ولذا لم يصل إجماع منهم حدّ الضرورة ، كما اتّفق ذلك في إجماعات المسلمين. فالإجماعات القطعيّة لا يمكن أن تحصل عن شبهة ، وما لم يبلغ حدّ القطع يمكن حصوله منها ، كإجماع اليهود والنصارى وبعض إجماعاتنا.

وعن النقض باتّفاق الفلاسفة بإمكان الاتّفاق على الغلط في العقلي دون الشرعي ؛ فإنّ اشتباه الصحيح بالفاسد في الأوّل كثير والتمييز صعب ، بخلاف الثاني ؛ فإنّ الغلط فيه من جهة اشتباه القاطع بالظنّي ، والتمييز بينهما سهل.

ويرد عليه : أنّ الشرعي قد يكون عقليّا ، كأكثر المقاصد الكلاميّة ، فيلزم عدم حجّيّة الإجماع فيه.

والصحيح أن يجاب عنه بأنّ اتّفاق الفلاسفة إنّما يحصل في المسائل الغامضة بسبب الأدلّة العقليّة ، وامتياز الصحيح عن الفاسد فيها بها صعب جدّا ، بخلاف اتّفاق المجتهدين في الشرعيّات ، فإنّه يحصل فيها بمجرّد قول الشارع وإن كان مفيدا للظنّ ؛ وفهمه سهل.

ثمّ إنّه اورد عليهما (38) بأنّا لا نسلّم لزوم كون إجماعهم عن قاطع ؛ لأنّه كما ينعقد عن القطعي ، يحصل عن الظنّي أيضا. ووجهه ظاهر. وحينئذ لا يفيد القطع.

والقول بأنّ مستنده وإن كان ظنّيّا لكن بعد انعقاده يفيد القطع ، ضعيف ، كما لا يخفى.

نعم ، هو حجّة لحجّيّة الظنّ في الشرعيّات. ويمكن أن يقال : حصوله عن الظنّ ينافي قطعهم به مع كونهم من أهل التحقيق.

واورد عليهما (39) بأنّكم أثبتّم الإجماع بنصّ يتوقّف عليه (40) ، فيلزم الدور (41).

وجوابه : أنّا أثبتنا حجّيّة مطلق الإجماع بنصّ دلّ عليه وجود كلّ واحد من الإجماعات أو صورة منها ، وثبوت هذا النصّ ووجود ما دلّ عليه لا يتوقّف على حجّيّة الإجماع ؛ لأنّ وجود الدالّ ودلالته على النصّ ـ نظرا إلى امتناع انفكاكه عنه عادة ـ ممّا لا ريب فيه وإن لم نقل بحجّيّة إجماع أصلا ، فما اخذ دليلا للحجّيّة لا يتوقّف عليها بوجه ؛ فاندفع الدور.

ثمّ إنّ إيراد الدور على الدليل الأخير بنحو ما ذكر مبنيّ على ما هو الظاهر منه من إثبات حجّيّة الإجماع بقاطع دلّ عليه صورة الإجماع. ولو حمل على أنّ المراد منه إثبات حجّيّة الإجماع بإجماع معيّن لا ينفكّ عن دليل ، فبيان الدور حينئذ أنّكم أثبتّم الإجماع بالإجماع.

ووجه دفعه : أنّا أثبتنا حجّيّة مطلق الإجماع بوجود إجماع معيّن لا ينفكّ عن دليل عادة ، وهو لا يتوقّف على حجّيّة إجماع أصلا.

ومنها : أنّهم أجمعوا على أنّ الإجماع يقدّم على القاطع ، وأجمعوا أيضا على أنّ غير القاطع لا يقدّم على القاطع ، فلو لم يكن الإجماع قاطعا ، لزم تعارض الإجماعين وهو باطل (42).

واورد عليه : بإمكان كون غير قاطع في نفس الأمر قاطعا باعتقادهم ، فلا يلزم ما ذكر (43).

وفيه : أنّ ذلك يقتضي حصوله عن شبهة ؛ إذ لو كان عن قاطع كان قاطعا في نفس الأمر أيضا. والحاصل عن شبهة لا يقطع الجمّ الغفير من المحقّقين بتقدّمه على القاطع ، فيلزم أن يكون عن قاطع ، فيكون قاطعا في نفس الأمر.

والإيراد عليه بإمكان حصوله عن الظنّ ، وجوابه كما سبق (44).

ثمّ إنّه يرد عليه وعلى الدليلين السابقين عليه : أنّ غاية ما لزم منها حجّيّة الإجماع إذا بلغ عدد المجمعين حدّ التواتر وأفاد القطع ؛ لأنّ غيره ( لا يمتنع اجتماع جماعة على مدلوله بدون ) (45) قاطع ، ولا يقطع بتخطئة مخالفه ، ولا تقدّم على قاطع ، فالمقصود منها إثبات حجّيّة الإجماع في الجملة (46).

وما قيل : إنّ الدليل ناهض في إجماع المسلمين من غير تقييد ولا اشتراط ؛ فإنّهم خطّئوا المخالف ، وقدّموه على القاطع مطلقا من غير تعرّض لعدد التواتر (47) ، ضعيف ؛ لأنّه لا ريب في اختلاف الإجماعات بإفادة بعضها القطع ، وبعضها الظنّ ، وتفاوت درجات العلم والظنّ كما يجيء مفصّلا (48) ، والمفيد للظنّ كيف يقدّم على القاطع ويقطع بتخطئة مخالفه؟! بل هذه الأحكام خاصّة بما يفيد القطع.

ثمّ لا يخفى أنّه يحصل من تعاضد هذه الأدلّة وتراكمها العلم بحجّيّة الإجماع في الجملة. وهو إمّا الإجماع القطعي ، أو ما يشتمل على قول الحجّة ؛ لأنّك عرفت (49) أنّ بعضها يدلّ على الأوّل وبعضها على الثاني ، وهما متلازمان ؛ لأنّ كلّ ما يفيد القطع يعلم اشتماله على قول الحجّة عندنا وعند العامّة أيضا ؛ لأنّ ما خالف فيه واحد من المجتهدين لا يكون قاطعا عندهم ، فكيف بالمعصوم؟ وكلّ ما علم اشتماله عليه يفيد القطع عندنا وإن لم يفد عند العامّة ، فهذه الأدلّة تشيّد أركان ما ذهب إليه أصحابنا (50).

وممّا يثبت ما ذهبنا إليه أنّ معظم العامّة ذهبوا إلى أنّه لا يمكن أن ينعقد إجماع من غير مستند (51).

ولا ريب في أنّه في الشرعيّات ليس إلاّ قول الشارع ؛ ودليل العقل إن أمكن أن يكون مستندا له فإنّما هو إذا علم أنّه ممّا لا يتخلّف الشارع عن مدلوله.

هذا ، وقد أورد بعض الشكوك على حجّيّة الإجماع ترد عليك مع جوابها في موضعها (52).

___________

(1) نسبه البصري إلى النظّام في المعتمد 2 : 4 ، والغزالي في المستصفى : 137.

(2) والمراد بها ما يأتي بعد هذا من الآيات والروايات والوجوه العقليّة. وذكر المحقّق الحلّي في معارج الاصول : 127 من الأدلّة العقليّة دليلين. معارج الاصول : 127.

(3) منهم : الأنصاري في فواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى 2 : 213 ، والفخر الرازي في المحصول 4 : 35.

(4) راجع ص 343.

 (5) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 607 ـ 625 ، والمستصفى : 138 ، والإحكام في أصول الأحكام 1 : 286 ، ومنتهى الوصول لابن الحاجب : 53 و 54 ، ونهاية السؤل 3 : 248.

(6) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 607 ـ 625 ، والمستصفى : 138 ، والإحكام في أصول الأحكام 1 : 286 ، ومنتهى الوصول لابن الحاجب : 53 و 54 ، ونهاية السؤل 3 : 248.

(7) أي على أنّ المراد من سبيل المؤمنين هو الإيمان.

(8) وهو ابن أبي أبيرق سارق الدرع. كما في مجمع البيان 3 : 110.

 (9) كذا. وفي هامش « أ » : « العدل. خ ل » وهو الصحيح.

(10) ومن المعترضين الطبرسي في مجمع البيان 1 : 226.

(11) فإنّ ظاهره عموم استغراقي إفرادي لا مجموعي.

(12) راجع : التفسير الكبير 2 ( الجزء الرابع ) : 112 ، ومجمع البيان 1 : 225.

(13) الكافي 1 : 190 ، باب في أنّ الأئمّة شهداء الله ، ح 2 و 4.

 (14) راجع : الإحكام في أصول الأحكام 1 : 286 ، ونهاية السؤل 3 : 248.

 (15) أضيف بمقتضى السياق.

(16) راجع : الإحكام في أصول الأحكام 1 : 286 ، ونهاية السؤل 3 : 248.

(17) ذكره البصري بعنوان « لقائل أن يقول » في المعتمد 2 : 16.

(18) أي يكون الحجّة هو الدليل والردّ إلى الله والرسول لا الإجماع الحاصل من الردّ إليهما.

(19) راجع نهاية الوصول إلى علم الأصول 3 : 179.

(20) أي يلزم حصول الإجماع من غير دليل شرعي لا من غير دليل أصلا.

(21) منها قوله تعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } [آل عمران: 103]

(22) تقدّم تخريجه في ص 336.

(23) ذكره البصري بعنوان « لقائل أن يقول » في المعتمد 2 : 16.

(24) كنز العمّال 12 : 165 ، ح 34501 ، و 284 ، ح 35055 ، و 14 : 46 ، ح 37893. وفيها : « ظاهرين » بدل « متظاهرين ».

(25) الدرر المنتثرة : 240 ، ح 379.

(26) كنز العمّال 1 : 175 ، ح 886 ، و 278 ، ح 1371.

(27) في ص 351.

(28) في ص 340 ـ 341.

(29) في ص 342.

(30) في ص 343.

(31) في ص 342.

(32) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : 53.

(33) راجع المعتمد 2 : 21.

(34) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : 53.

(35) حكاه ابن الحاجب في المصدر.

(36) ص 336.

(37) أجاب به ابن الحاجب في منتهى الوصول : 53.

(38) أي على الوجهين العقليّين لحجّيّة الإجماع أورده القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى 1 : 53.

(39) أي على الوجهين العقليّين لحجّيّة الإجماع. أورده القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى 1 : 53.

(40) أي يتوقّف النصّ على الإجماع.

(41) ذكره ابن الحاجب في منتهى الوصول : 53.

(42 و 43) راجع شرح مختصر المنتهى 1 : 53.

(44) ص 346.

(45) في « ب » بدل ما بين القوسين : « لم يتحقّق فيه اجتماع الخلق العظيم ، ولا يفيد القطع حتّى يستحال وقوعه من دون ».

(46) راجع شرح مختصر المنتهى 1 : 53.

(47) راجع منتهى الوصول : 53.

(48) في ص 366.

(49) في ص 344.

(50) راجع نهاية الوصول إلى علم الأصول 3 : 189.

(51) راجع : منتهى الوصول : 60 ، وشرح مختصر المنتهى 1 : 137.

(52) في ص 363 وما بعدها.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.