المحافظة على التراث الشيعي من الغلو والمغالين (إخراج بعض القميين) |
764
08:21 صباحاً
التاريخ: 27-12-2018
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
997
التاريخ: 31-3-2017
1205
التاريخ: 31-3-2017
647
التاريخ: 23-4-2018
936
|
سلك الشيعة الإمامية ـ وهم في ظل عصر التشريع وإلى يومنا هذا ـ خطاً مستقيماً في نهجهم ومعتقداتهم وتبنيهم للأصول المذهبية ، وكل جيل من العلماء والفضلاء يقتفي أثر من سبقه ويجذو حذو المتقدمين ولا يقدح من شذ منهم في إجماع علماء العصر الواحد ، على أن الشذاذ من كل وقت إنما يستند في أداته على ظواهر الكتاب والأخبار دون إحراز المخرج السليم في ذلك كالتأويل لبعض النصوص أو إتباع أوثق الأخبار ، أو أصحها ، أو أكثرها شهرة بين الأصحاب ، أو كونها مورد اعتماد وعمل والجميع طوال الأعصر.
وعلى هذا النهج حرص العلماء القدامى ، وبالخصوص القميين في تنقية الأجواء العلمية ومراقبة المحدثين ومتابعة أحاديثهم واستدراجهم في طلب الحجة أو المصدر الذي يستند عليه ـ كل ما يقوله ـ المحدث في الدرس أو المناظرة.
لذا لم تجد أحداً من العلماء يجرأ أن يخرج عن الحد المألوف في معتقداته وافكاره سواء كان ذلك في الأحكام الشريعة أو القواعد الفقهية أو ما يتعلق بالأصول المذهبة والضرورات التي درج عليها الشيعة الاثنا عشرية ، وأن موقف أحمد بن محمد بن عيسى من البعض واضح جداً. حيث أخرج جملة من علماء قم في وقته ، ظناً منه أنهم كانوا يغالون في عقيدتهم.
لقد عرف أحمد بن محمد بن عيسى أنه الرجل الثقة والرئيس الذي يلقى السلطان بقم ، وهذا يعني أنه كان متنفذاً ، وله مقام سام تهابه طبقات المجتمع على اختلافها وله منزلة عند السلطان ..
ولما كان هو الوجه الذي يؤتى والشخص المبرز في قم. ومكانته الدينية والاجتماعية بل والسياسة معروفة عند الجميع ، فمن البديهي أن تكون له سطوة على أبناء المدينة ، ويهمه ما يهمها ..
كان في قم بعض من اتهم بالغلو فهو لا يتفق مع غيره في المشرب وبعض جزئيات المذهب ، لذا حرص الأشعري على سلامة خط أهل البيت والاحتفاظ بالولاء الصادق الصحيح ، مما أقدم على إخراج جماعة من قم قد اتهموا بعقيدتهم لأهل البيت : فممن أخرجهم ابن عيسى : أحمد بن محمد خالد البرقي (1) وكان إخراجه لشبهة حدثت ثم زالت بعد ذلك ، ولما اتضح الأمر لديه أعاد الأشعري أحمد بن محمد بن خالد إلى قم واعتذر إليه ولما توفي أحمد بن محمد بن خالد مشى في جنازته الأشعري حافياً حاسراً.
وربما يظهر من قول السيد صدر الدين التنقيص من شخصية الأشعري والخدشة به إيماء منه ـ بأنه كان يلقى السلطان ـ على أن إخراج الأشعري بعض القميين ما كان برضى من أهل قم ، بل أن سكوتهم لا يخلو من أمر خفي .. وإلا لا يعقل أن يطبق جميع العلماء والأصحاب الذين عاصروا الاشعري في قم بالسكوت وتحملهم التقية على عدم إنكار المنكر وعدم الأمر بالمعروف .. إذا إخراج أولئك النفر لأمر هو حق يراه الأشعري ولا بد ان يتصدق له ..
ومن الذين أخرجهم احمد بن محمد بن عيسى الأشعري :
سهل بن زياد الرازي الآدمي أبو سعيد.
قال النجاشي : كان ضعيفاً ، غير معتمدة فيه. وكان أحمد بن محمد بن عيسى ويشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الري وكان يسكنها ، وقد كاتب أبا محمد العسكري (عليه السلام) على يد محمد بن عبد الحميد العطار للنصف من شهر ربيع الآخر خمس وخمسين ومائتين ... (2) .
أقول واستثنى ابن الوليد ـ من مشايخ الصدوق ـ جملة من روايات محمد بن أحمد بن يحيى منها روايات عن سهل بن زياد الادمي ، ثم تبعه على ذلك الصدوق وابن نوح.
وهذا يعني أنهم لا يعتمدوا على رواية محمد بن أحمد بن يحيى عن سعد بن زياد لضعفه أو لكونه يروي المراسيل.
قال ابن الغضائري : ( .. وكان أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري أخرجه عن قم وأظهر البراءة منه ونهى الناس عن السماع منه والرواية عنه ، ويروي المراسيل ويعتم المجاهيل (3).
ومن الذين أخرجوا من قم ـ قهرا ـ السيد أبي جعفر موسى بن محمد ابن علي بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وإليه تنسب عائلة المبرقع ولا يزال لهم أحفاد وأبناء في قم منتشرين في كل نواحيها داخلها وخارجها والاراضي المجاورة لها من النواحي والقرى.
وما أشتهر بين لقميين من لقب ( برقعي ) أنما المعنيون هم آل المبرقع نسبة إلى جدهم الكبير موسى بن محمد المبرقع.
وكان سبب اخراج هذا السيد من قم هم بفعل بعض من ينسب إلى العلم والعلماء بل من نسبته إلى الجهل أقرب إلى العلم وتظافرت جهود بعض الحاسدين ومن له مقربة إلى السلطان فغرر بالوالي مما أعانهم على إخارج السيد فالتجأ أبو جعفر موسى المبرقع إلى كاشان حيث استقبله هناك أحمد بن عبد العزيز بن دلف العدلي ، فأنزله المكان وأكرمه بما يليق شأنه على ما في ذلك من آيات التكريم والحفاوة والتعظيم وقد مر الحديث عنه باختصار في كتابنا الكليني والكافي الفصل الأول منه فراجع.
وبعد هذا العرض السريع نستخلص أن علماء الشيعة الإمامية سواء كانوا في قم أم في الري ، قد حرصوا على تنقيح أصول المذهب والمحافظة على تراث أهل البيت وايصاله إلى الأجيال بصورة نقية سالمة بعد تهذيب الأحاديث وتمحيص الزائف من الصحيح ثم أو دعوا ـ ما وصل بهم الدليل ـ تلك الأحاديث والأخبار في مصنفاتهم وموسوعاتهم الحديثية والفقهية ، وأن أول عمل ضخم برز إلى الوجود ليتناقله العلماء والفقهاء هو عمل الشيخ الكليني ( قدس ).
وأرجو أنك ـ أيها الباحث الجليل والقارئ الكريم ـ قد أطلعت على كتابنا الكليني والكافي الذي وضعناه في سبعة فصول.
وخلاصة تلك الفصول تبين أن للشيخ الكليني رحمة الله عليه ورضوانه ، مسلكاً خاصاً قد انفرد به وهو يؤلف كتابه الكافي ، وأن لمسلكه ذلك خصوصيات متعددة كما أنه يختلف عن مذاق المتأخرين ومسلكهم فلا يمكن بأي وجه من الوجوه أن نخضع أحاديث وروايات الكافي في الأصول والفروع إلى مقاييس المتأخرين كالحلي والشيخ المجلسي ومن اقتفى منهجهم ، بل أن البعض منهم قد أساء إلى الفكر الإمامي ، وإلى تراث أهل البيت كالبهبودي ، محمد باقر الذي اختزل كتاب الشيخ من غير أن يستند في علمه ذلك على منهج علمي صحيح أو مبنى واضح سليم حتى يعذر فيما صنفه في كتابه ( صحيح الكافي ) ، الذي يعد من أحد مساوئه التي لا تغتفر ، وسبيله إنما ينطوي تحت شعار خالف تعرف.
__________________
(1) من أصحاب الامام الجواد والهادي ، أنظر ترجمة أحمد بن محمد البرقي في كتابنا الكليني والكافي ، العدة السابعة عن أحمد بن محمد البرقي.
(2) رجال النجاشي 185 ترجمة 490.
(3) رجال الخوئي 8 | 340.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|