أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2016
3955
التاريخ: 9-9-2016
1239
التاريخ: 31-8-2016
1048
التاريخ: 31-8-2016
967
|
تعريفه:
كلمة (متواتر) تقرأ بصيغة اسم الفاعل - أي بكسر التاء الثانية - بمعنى أن الخبر نفسه، وبصيغة اسم المفعول - أي بفتح التاء الثانية - بمعنى أن الخبر توتر به.
ومصدره (تواتر) - بضم التاء الثانية - من (تواتر يتواتر)، وأصله (واتر).
يقال: واتر الشيء: تابعه، مع فترة تتخلل التتابع، ومن دون فترة (1).
والذي يظهر - معجميا - أن أكثر ما يستعمل هذا الفعل في الدلالة على التتابع، يستعمل في التتابع تتخلله فترة، إلا أن المحدثين عندما نقلوه مصطلحا على الحديث الذي نحن بصدد تعريفه، أرادوا منه المعنى الأقل استعمالا، وهو التتابع مطلقا، ولواضع الاصطلاح أن يصطلح وفق ما تقتضيه طبيعة علمه.
ومنه ما جاء في بعض المعاجم: (مواترة الكتب: هي إرسال بعضها في أثر بعض وترا وترا من غير أن تنقطع)(2). هذا في الدلالة اللغوية.
وإذا رجعنا إلى كتب علم الحديث لمعرفة دلالة كلمة (متواتر) علميا، سنرى أن كتب علم الحديث الامامية تحصره في صيغتين من التعريف، هما:
1- الحديث المتواتر: هو الذي يرويه كثرة من الرواة تبلغ حد إحالة العادة اتفاقهم على الكذب.
بمثل هذا صاغه الشهيد الثاني في (الدراية ص 12) قال: (هو ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا أحالت العادة تواطؤهم على الكذب).
واختاره كل من الشيخ المامقاني في (المقباس 1 / 89) والسيد معروف في (دراسات في الحديث والمحدثين ص 33).
2- الحديث المتواتر: هو (خبر جماعة يفيد بنفسه القطع بصدقه).
وهو نص عبارة الشيخ البهائي في (الوجيزة 2).
3- ونقل الميرزا القمي في (القوانين 1 / 420- 421) التعريفين معا.
وإذا حاولنا تحليل التعريفين سنجدهما يلتقيان في الدلالة، وذلك أن كلا من التعريفين ينص على كثرة الرواة كثرة تفيد العلم بصدق الحديث.
والفارق بينهما هو:
1- أن التعريف الأول قيد حصول العلم بصدق الخبر من الكثرة بإحالة العادة اتفاقهم على الكذب.
2- بينما أوجز التعريف الثاني هذا، فلم يذكر قيد إحالة العادة اتفاق الرواة على الكذب، وإنما قيده بإفادته العلم بنفسه، ويعني بهذا: من غير اعتماد على القرائن الخارجية كما هو الشأن في قسيمه خبر الواحد المقرون.
ذلك أن الحديث قد يفيد العلم بصدوره عن المعصوم، وقد يفيد الظن بذلك.
والذي يفيد العلم بالصدر وينقسم إلى:
- ما يفيده بنفسه، وهو المتواتر.
- ما يفيده بمساعدة القرينة، وهو خبر الواحد المقرون.
ومن ناحية منهجية نقول: إننا إذا قسمنا الشيء إلى قسمين، وأردنا أن نعرف أحدهما بما يميزه عن قسيمه نقيده به، كما صنع في التعريف الثاني.
ولاحظ الشيخ السبحاني على التعريف الأول، قال: (ففي هذا التعريف ركز على الكثرة، وأنه يجب أن يبلغ عدد المخبرين إلى حد من الكثرة يمنع عن تواطئهم على الكذب.
يلاحظ عليه: أن العلم بامتناع تواطئهم على الكذب، أو العلم بعدم تواطئهم عليه، لا يكون دليلا على صدق الخبر، وعدم تعمد المخبرين بالكذب، لأن للكذب أسبابا ودواعي أخر غير التواطئ عليه، فإن الحب والبغض في الأفراد ربما يجران إلى التقول في الأفراد الكثيرة بلا تواطئ، خصوصا إذا كانوا أصحاب هو ودعاية.
وهذه هي القوى الكبرى العالمية الذين تلعب أيديهم تحت الستار في مجال الإعلام العالمي، فربما تنطق جماعة كثيرة في أرجاء مختلفة بكلام واحد بإشارة من السلطات، من دون أن يطلع واحد منهم على الآخر.
فمجرد علمه بعدم التواطئ لا يكفي في رفع الشك في التعمد بالكذب.
فالأولى أن يضاف إلى التعريف قولنا: (يؤمن معه من عمدهم على الكذب).
ويحرز ذلك بكثرة المخبرين ووثاقتهم، أو كون الموضوع مصروفا عنه دواعي الكذب، أو غير ذلك)(3).
وهي ملاحظة واردة وجيدة.
وفي ضوئه: لنا أن نختار التعريف الثاني، ولنا أن نختار التعريف الأول بعد تقييده بالقيد المذكور.
شروطه:
ذكر علماء الحديث شروطا لإفادة الحديث المتواتر العلم بصدقه، بمعنى أن الحديث المتواتر لا يفيدنا العلم بصدوره عن المعصوم إلا إذا توافرت فيه هذه الشروط.
وهذه الشروط تنقسم إلى قسمين: ما يختص بالمخبرين، وما يختص بالسامع.
1- ما يختص بالمخبرين:
أ- عدد المخبرين: اختلفوا في أصل اشتراط العدد، بمعنى هل يشترط في المخبرين أن يبلغوا عددا معينا ليفيد الخبر العلم بحيث لو كان عددهم أقل من العدد المشروط لا يفيد الخبر العلم.
فذهب أصحابنا الإمامية إلى عدم اشتراط عدد معين معتمدين الوصف معيارا وضابطا، وهو بلوغ عدد المخبرين المستوى الذي يؤمن معه تعمدهم الكذب.
وذلك لأن هذا لا ينحصر - عقلا - في عدد معين.
مضافا إلى لاستقراء للأخبار المتواترة في الحياة الاجتماعية يعطينا عدم اعتبار عدد معين، لأن من الأخبار ما يفيد العلم بعدد قليل، ومنه ما لا يفيد إلا بعدد كثير، وهذا شئ بديهي عند الناس.
يقول الشهيد الثاني: (ولا ينحصر ذلك (يعني كثرة الرواة المفيدة للعلم) في عدد خاص - على الأصح - بل المعتبر العدد المحصل للوصف (وهو إحالة العادة اتفاقهم على الكذب) فقد يحصل في بعض المخبرين بعشرة وأقل، وقد لا يحصل بمائة، بسبب قربهم إلى وصف الصدق وعدمه)(4).
ومع هذا أشار علماؤنا إلى ما ذكره العلماء الآخرون من الأعداد المعينة المشروطة، فذكروا منه:
- أن لا يقل عدد المخبرين عن خمسة أشخاص، لعدم إفادة خبر الأربعة العدول، العلم كما في شهود الزنا.
نسب هذا القول للقاضي الباقلاني.
- أن لا يقل عدد المخبرين عن عشرة، لأنه أول جموع الكثرة.
نسب هذا القول للإصطخري.
- أن لا يقل عدد المخبرين عن اثني عشر، وهو عدد النقباء في قوله تعالى (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا).
- أن لا يقل عددهم عن عشرين، لقوله تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين).
- أن لا يقل العدد عن أربعين، لقوله تعالى: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) حيث كانوا أربعين.
- أن لا يقل العدد عن سبعين، لأنه عد قوم موسى (ع) كما في قوله تعالى: (واختار موسى قومه سبعين رجلا).
- أن لا يقل عن ثلاثة عشر وثلاثمائة، لأنه عدد أهل بدر أو لأنه عدد أصحاب طالوت.
وكل هذه الأقوال - كما تراها - لا تخرج عن كونها استحسانات شخصية، عللت بما ذكر تعليلا لا يلتقي وطبيعة الموضوع، لما ذكرناه آنفا من أن إفادة الخبر العلم لا ينضبط بعدد معين.
لا حاجة لنا بالإطالة بذكر ردودها ومناقشاتها المذكورة في الكتب المطولة.
يقول الشيخ المامقاني: (وهذه الأقوال كلها باطلة، لأن كل واحد من هذه الأعداد قد يحصل العلم معه، وقد يتخلف عنه، فلا يكون ضابطا له.
ولقد أجاد شيخنا الشهيد الثاني (رحمه الله) حيث قال في (البداية) ما لفظه: (لا يخفى ما في هذه الاختلافات من فنون الجزافات، وأي ارتباط لهذا العدد بالمراد، وما الذي أخرجه عن نظائره مما ذكر في القرآن من ضروب الأعداد).
والحق ما عليه الأكثر من دوران الأمر مدار حصول العلم وعدم اعتبار عدد مخصوص فيه)(5).
ويقول العلامة الحلي: (المرجع فيه إلى حصول اليقين وعدمه، فإن حصل فهو متواتر، وإلا، فلا)(6).
ب- معرفة المخبرين بمضمون الخبر: اختلف في تحديد مستوى المعرفة - هنا - على ثلاثة أقوال:
- وجوب أن يعلم كل مخبر من المخبرين بمضمون ما أخبروا به، فلو أخبروا عن حادثة ما يجب أن يكون كل واحد منهم علما بتلك الحادثة.. فلا يكتفي منهم بأن يخبروا عن ظن، أو يخبر بعضهم عن علم وبعضهم عن ظن.
وهو الرأي المعروف.
2- يجوز أن يخبروا عن ظن... وعللوا ذلك بأن تراكم ظنون المخبرين بضم بعضها إلى بعض يرتقي بها إلى درجة اليقين فيكون الاخبار مفيدا للعلم.
3- الاكتفاء بأخبار البعض عن علم ولو كان الباقون ظانين بمضمون الخبر.
ذهب إلى هذا المحقق القمي بتقريب أن العلم المستفاد من التواتر يحصل من اجتماعهم.
ولنا هنا وقفة، نفرق فيها بين الأخبار عن الحوادث الاجتماعية غير الشرعية، وبين الشرعيات، لأننا في هذا العلم نبحث عن رواية الحديث بطريق التواتر لا عن مطلق التواتر في الشرعيات كان أو في غيرها.
ذلك أن ما يرويه الرواة عن المعصوم قد يكون من نوع الحوادث كما لو كان المروي إخبارا عن فعل المعصوم أو تقريره لفعل الآخرين، وقد يكون من نوع نقل قوله.
ففي النوع الأول يأتي ما ذكر من أنه على المخبر أن يعلم بالحادثة وينقلها عن علم لا عن ظن.
مثال هذا: لو رأى الراوي أو المخبر شخصا ما يتناول سائلا بمرأى من المعصوم، على الراوي أن يتأكد من نوع ذلك السائل - سواء ردعه المعصوم عن شربه أو أقره - ولا يكتفي أن ينقل الحادثة بظن أن السائل ماء، أو بظن أن السائل مسكر.
أما في نقل قول المعصوم لا معنى لأن يقال لابد من علم المخبر بمضمون النص، وإنما المطلوب - هنا - هو التأكد بأن ما ينقله هو نص قول المعصوم لفظا أو معنى.
واشتراط أن يكون الراوي ضابطا، وأن يخبر عن حسن، يؤكد هذا، وذلك لأن تراكم الظنون حتى لو أفاد سامع الخبر علما، لا يغير من واقع الحادثة إذا كان الخبر نقلا لفعل المعصوم أو تقريره - كما مثلنا.
يضاف إليه أن الشرط المطلوب - هنا - هو علم المخبرين لا علم السامع لأن الظن زائدا الظن لا يساوي إلا ظنا عند المخبر وإن أفاد منه السامع العلم.
وعمل السامع وفقا لقطعه الحاصل من تراكم الظنون لا يعني أن الخبر متواتر تواترا يعرب عن صدق وصحة صدوره عن المعصوم، كما هو الشأن لو كان المخبرون عالمين بالخبر.
فلابد - والحالة هذه - من علم المخبرين بأن نص الحديث إذا كان قولا صادرا عن المعصوم، والعلم بمضمونه إذا كان فعلا أو تقريرا.
ج- استناد علم المخبرين بنص الخبر أو بمضمونه إلى الحس، وهذا يعني لزوم كون المخبر به من الأمور المحسوسة بالبصر أو السمع أو غيرهما من الحواس الخمس.
وذلك لأن الاستناد إلى العقل - كما في مسألة حدوث العالم - لا يحصل منه العلم لكثرة وقوع الاشتباه والخطأ في النظريات العلمية.
د- توفر الشروط المتقدمة (العدد أو الكثرة المفيدة للعلم، وإخبار المخبرين عن علم واستناد علمهم إلى الحس) في كل طبقات الرواة، بمعنى أن تتوفر هذه في الجيل الأول من الرواة للخبر، ثم في الجيل الثاني، وهكذا.
وذلك لأن التواتر لا يتحقق إلا بها.
2- ما يختص بالسامع:
أ- أن يكون السامع غير عالم بمدلول الخبر.
وعللوا ذلك بأنه إذا كان عالما بمضمون الخبر، فأخباره به إما أن يكون (عين العلم الحاصل له بالمشاهدة، أو غيره. والأول تحصيل للحاصل، وهو محال. والثاني من اجتماع المثلين الذي - أيضا - هو محال) (7).
ب - (أن لا يسبق الخبر المتواتر حصول شبهة أو تقليد للسامع يوجب اعتقاده نفي موجب الخبر ومدلوله)(8).
وهذان الشرطان - كما هو واضح - ليسا شرطين لتحقيق التواتر إذ التواتر لا يتقوم بهما، وإنما قوامه بما تقدمهما من شروط.
وإنما هما مانعان من تأثير التواتر بإفادة العلم بصدق الخبر للسامع إما لأنه عالم به أو لوجود شبهة في ذهنه تمنعه من الايمان به.
فكان الأولى أن يقال إنهما شرطان في تأثير التواتر على السامع، لأن التواتر حتى مع عدم توفرهما يبقى محتفظا بوصفه وهو كونه تواترا مفيدا للعلم.
بقي هنا شئ ينبغي أن نشير إليه لبيان المفارقة التي وقع فيها الباحثون له.
ذلك الشيء هو نوعية العلم الحاصل للسامع من الخبر المتواتر هل هو من نوع العلم الضروري أو من نوع العلم النظري.
والمسألة - في واقعها - تقوم على أساس من بحث الخبر المتواتر بشكل مطلق، وأنه إخبار عن حوادث اجتماعية.
ونحن، هنا - أعني في علم الحديث - نبحث عن إفادة التواتر العلم بصدق وصحة صدور الخبر عن المعصوم لا عن مدلوله ومؤداه، لأن البحث في المداليل والمؤديات حتى لو كان من نوع البديهيات نحو (الكل أعظم من الجزء) يحتاج ولو إلى قليل من الخلفيات الثقافية.
أما أن نبحث أن هذا المخبر صادق في نقله الخبر عن المعصوم، وأن الخبر صادر عن المعصوم فهو من الضروريات التي لا تحتاج إلى خلفيات ثقافية لأنها ليست من المفاهيم العلمية، وإنما هي - في حقيقتها - من المفاهيم الاجتماعية التي يتعامل معها كل إنسان، وإن ترتب عليها، وبخاصة في مجال الدلالة آثار علمية.
وفي ضوئه: نستطيع أن نقول إن العلم الحاصل للسامع من الحديث المتواتر علم ضروري (بديهي = تلقائي) لا نظري (كسبي = تحصيلي).
تقسيمه:
ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين: لفظي ومعنوي.
1- المتواتر اللفظي: هو الذي يرويه جميع الرواة، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله.
ومثاله: الحديث الشريف عن النبي (ص): (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).
قال الشهيد الثاني في (الدراية 15): (نعم، حديث (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) يمكن ادعاء تواتره، فقد نقله الجم الغفير، قيل: أربعون، وقيل: نيف وستون صحابيا، ولم يزل العدد في ازدياد).
2- المتواتر المعنوي: وهو المعنى المستفاد من تكرره أو الإشارة إليه في أحاديث مختلفة الألفاظ، وكثيرة كثرة لا يمكن معها تكذيبها، كأحاديث ظهور المهدي، فإنها مع اختلاف ألفاظها تلتقي جميعها عند قاسم مشترك أو قدر متيقن، وهو ظهور المهدي.
ويظهر من خلال الاستقراء الذي أشير إليه في بعض مراجع علم الحديث أن الأحاديث المتواترة تواترا لفظيا قليلة قلة نادرة، وأكثر ما يوصف من الأحاديث بالتواتر هي من المتواتر المعنوي، يقول الشهيد الثاني في (الدراية 14- 15): (وهو - أي التواتر - يتحقق في أصول الشرايع كوجوب الصلاة اليومية وأعداد ركعاتها، والزكاة، والحج، تحققا كثيرا، وفي الحقيقة مرجع إثبات تواترها إلى المعنوي لا اللفظي، إذ الكلام في الأخبار الدالة عليها كغيرها.
وقليل تحققه في الأحاديث الخاصة المنقولة بالألفاظ المخصوصة لعدم اتفاق الطرفين والوسط فيها، وأن تواتر مدلولها في بعض الوارد كالأخبار الدالة على شجاعة علي (ع) وكرم حاتم ونظائرهما، فإن كل فرد خاص من تلك الأخبار الدالة على أن عليا (ع) قتل فلانا، وفعل كذا، غير متواتر، وكذا الأخبار الدالة على أن حاتما أعطى الفرس الفلانية والجمل والرمح وغيرها، إلا أن القدر المشترك بينها متواتر تدل عليه تلك الجزئيات المتعددة آحادا بالتضمن.
وعلى هذا نزل ما ادعى المرتضى (رحمه الله) ومن تبعه تواتره من الأخبار الدالة على النص وغيره، إذ لا شبهة في أن كل واحد من تلك الأخبار آحاد.
وقد أومى إلى ذلك في (المسائل التباينات).
ولم يتحقق إلى الآن خبر خاص بلغ حد التواتر حتى قيل - والقائل ابن الصلاح - من سئل عن ابراز مثال لذلك أعياه طلبه، هذا مع كثرة رواتهم قديما وحديثا، وانتشارهم في أقطار الأرض، قال: (وحديث (إنما الأعمال بالنيات) ليس منه) أي المتواتر، وأن نقله الآن عدد التواتر وأكثر، فإن جميع علماء الاسلام ورواة الحديث الآن يروونه، وهم يزيدون عن عدد التواتر أضعافا مضاعفة، لأن ذلك التواتر المدعى قد طرأ في وسط إسناده الآن دون أوله، فقد انفرد به جماعة مترتبون أو شاركهم من لا يخرج بهم عن الآحاد.
وأكثر ما ادعي تواتره من هذا القبيل ينظر مدعي التواتر إلى تحققه في زمانه، أو هو وما قبله من غير استقصاء جميع الأزمنة، ولو أنصف لوجد الأغلب خلوا أول الأمر منه بل ربما صار الحديث الموضوع ابتداء متواترا بعد ذلك، لكن شرط التواتر مفقود من جهة الابتداء).
مشروعية المتواتر:
أعني بهذا العنوان: هل يعتبر الحديث المتواتر دليلا شرعيا يرجع إليه ويعتمد عليه في مجال الاستدلال الشرعي، فيستفاد منه الحكم الشرعي ؟إن مجال البحث عن الحجج والأدلة الشرعية هو علم أصول الفقه.
وفي علم أصول الفقه لم تبحث مشروعية التواتر بشكل خاص، وذلك لإفادته العلم، فأدخل لهذا تحت عنوان مشروعية العلم.
ولأن المراد بالعلم - هنا - اليقين كما عبر عنه العلامة الحلي فيما قرأناه من عبارته المتقدمة، أو القطع والجزم كما عبر عنه المتأخرون من الأصوليين.
والعلم بهذه الرتبة وهي أعلى رتبة له يعني في حقيقته انكشاف الواقع أمام المكلف، والمكلف عندما يستخدم وسيلة الاجتهاد ووسيلة الاستدلال إنما يستخدمها ليتخذ منها طريقا إلى الواقع لتكشف له عنه فيتعرف بهذا على الحكم الشرعي المطلوب، وعندما ينكشف الواقع أمامه لا يحتاج إلى استخدام الوسائل الأخرى المساعدة على كشف الواقع.
وهذا يعني أن التواتر لإفادته العلم بأن الحديث صادر عن المعصوم وكشفه عن ذلك يصبح الاعتقاد بصدق الخبر وصحة صدوره عن المعصوم مما لا يحتاج إلى إقامة دليل يكشف لنا عن هذا.
ومن هنا تأتي للتواتر مشروعيته واعتباره مصدرا شرعيا، وعبر عن هذا بقولهم (التواتر حجة) وهم يريدون به ما ذكره أعلاه. والمسألة موضع وفاق بينهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]- المعجم الوسيط: مادة: وتر.
2- محيط المحيط: مادة: وتر.
3-أصول الحديث وأحكامه 23 - 24.
4- الدراية 13.
5- مقباس الهداية 1 / 114.
6 - مبادئ الوصول 202.
7- مقباس الهداية 1 / 105.
8 - المقباس 1 / 106.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|