أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-17
1077
التاريخ: 18-8-2016
1339
التاريخ: 18-8-2016
1928
التاريخ: 7-8-2016
3835
|
الشكر هو عرفان النعمة من المنعم ، و الفرح به ، و العمل بموجب الفرح بإضمار الخير، و التحميد للمنعم ، واستعمال النعمة في طاعته.
أما المعرفة ، فبأن تعرف أن النعم كلها من اللّه ، و أنه هو المنعم ، و الوسائط مسخرات من جهته.
ولو انعم عليك أحد ، فهو الذي سخره لك ، و القى في قلبه من الاعتقادات و الارادات ما صار به مضطرا إلى الايصال إليك ، فمن عرف ذلك ، حصل أحد اركان الشكر للّه ، و ربما كان مجرد ذلك شكرا ، و هو الشكر بالقلب.
كما روي : «أن موسى قال في مناجاته : إلهي! خلقت آدم بيدك ، و اسكنته جنتك ، و زوجته حواء أمتك ، فكيف شكرك؟ , فقال : علم ان ذلك مني فكانت معرفته شكرا».
ثم هذه المعرفة فوق التقديس و فوق بعض مراتب التوحيد ، و هما داخلان فيها , إذ التقديس تنزيهه سبحانه عن صفات النقص ، و التوحيد قصر المقدس عليه ، و الاعتراف بعدم مقدس سواه ، و هذه المعرفة هي اليقين بأن كل ما في العالم موجود منه ، و الكل نعمة منه فينطوي فيها مع التقديس و التوحيد كمال القدرة و الانفراد بالفعل ، ولذلك قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «من قال : سبحان اللّه ، فله عشر حسنات ، و من قال : لا إله إلا اللّه ، فله عشرون حسنة ، ومن قال : الحمد للّه ، فله ثلاثون حسنة».
فسبحان اللّه : كلمة تدل على التقديس ، و لا إله إلا اللّه: كلمة تدل على التوحيد ، و الحمد للّه : كلمة تدل على معرفة النعم من الواحد الحق , و لا تظنن ان هذه الحسنات بإزاء تحريك اللسان بهذه الكلمات من غير عقد القلب بمعانيها ، بل هي بإزاء الاعتقاد بمعانيها التي هي المعارف المعدودة من ابواب الايمان و اليقين , و اما الفرح بالمنعم ، مع هيئة الخضوع و التواضع ، فهو أيضا من اركان الشكر , بل كما ان المعرفة شكر قلبي برأسه ، فهو أيضا في نفسه شكر بالقلب وانما يكون شكرا إذا كان فرحه بالمنعم او بالنعمة لا من حيث إنه نعمة و مال ينتفع به و يلتذ منه في الدنيا ، بل من حيث إنه يقدر بها على التوصل إلى القرب من المنعم ، والنزول في جواره ، و النظر إلى وجهه على الدوام ، وامارته الا يفرح من الدنيا إلا بما هو مزرعة الآخرة ومعينه عليها ، و يحزن بكل نعمة تلهيه عن ذكر اللّه و تصده عن سبيله ، لأنه ليس يريد النعمة لذاتها ، بل من حيث انها توصله إلى مجاورة المنعم و قربه و لقائه , و اما العمل بموجب الفرح الحاصل من معرفة المنعم ، فهو القيام بما هو مقصود المنعم و محبوبه ، و هو يتعلق بالقلب و اللسان و الجوارح.
اما المتعلق بالقلب فقصده الخير و اضماره لكافة الخلق , و اما المتعلق باللسان فإظهار الشكر للّه بالتحميدات الدالة عليه , و اما المتعلق بالجوارح ، فاستعمال نعم اللّه في طاعته و التوقي من الاستعانة بها على معصيته ، حتى ان من جملة شكر العينين أن يستر كل عيب يراه من مسلم ومن جملة شكر الاذنين أن يستر كل عيب يسمعه من مسلم ، فيدخل هذا و أمثاله في جملة شكر نعمة هذه الأعضاء.
بل قيل : من كفر نعمة العين ولم يستعملها فيما خلقت لأجله كفر نعمة الشمس أيضا ، إذ الابصار انما يتم بها ، و انما خلقتا ليبصر بهما ما ينفعه في دينه و دنياه ، و يقي بهما ما يضره فيهما , بل المراد من خلق السماء و الأرض و خلق الدنيا و أسبابها أن يستعين الخلق بها على الوصول إلى اللّه ، و لا وصول اليه إلا بمحبته و الانس به في الدنيا ، و التجافي عن الدنيا و غرورها و لذاتها و علائقها ، و لا انس الا بدوام الذكر و لا محبة إلا بالمعرفة الحاصلة بدوام الفكر، و لا يمكن الذكر و الفكر إلا ببقاء البدن ، و لا يبقى البدن إلا بالأرض و الماء و الهواء و النار ، و لا يتم ذلك إلا بخلق الأرض و السماء و خلق سائر الأشياء ، و كل ذلك لأجل البدن و البدن مطية النفس , و النفس الراجعة إلى اللّه هي المطمئنة بطول العبادة و المعرفة , فكل من استعمل شيئا في غير طاعة اللّه فقد كفر نعمة اللّه في جميع الأسباب التي لا بد منها لأقدامه على تلك المعصية , و إذا عرفت حقيقة الشكر، تعرف بالمقايسة حقيقة الكفران ، فانه عبارة عن الجهل بكون النعم من اللّه ، أو عدم الفرح بالمنعم و النعمة من حيث ايصالها إلى القرب منه ، أو ترك استعمال النعمة فيما يحبه المنعم ، او استعمالها فيما يكرهه.
ثم ، بما ذكرناه ، و إن ظهر أن حقيقة الشكر ملتئمة من الأمور الثلاثة ، إلا أنه قد يطلق الشكر على كل واحد أيضا ، كما قال الصادق (عليه السلام) : «شكر كل نعمة ، و إن عظمت ، أن تحمد اللّه» ، و قال (عليه السلام) : «شكر النعم اجتناب المحارم ، و تمام الشكر قول الرجل : الحمد للّه رب العالمين» , و سئل عنه (عليه السلام): «هل للشكر حد إذا فعله العبد كان شاكرا؟ قال : نعم! قيل : ما هو؟ , قال : يحمد اللّه على كل نعمة عليه في أهل و مال ، و إن كان فيما انعم عليه في ماله حق أداه , و منه قوله عز و جل : {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف : 13] , و منه قوله تعالى : {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون : 29] , و قوله : {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء : 80] .
و قال (عليه السلام) : «كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله) إذا ورد عليه أمر يسره ، قال :
الحمد للّه على هذه النعمة , و إذا ورد عليه أمر يغتم به ، قال : الحمد للّه على كل حال», و قال (عليه السلام) : «اذا أصبحت و أمسيت ، فقل عشر مرات : اللهم ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين او دنيا ، فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد و لك الشكر بها علي يا رب حتى ترضى و بعد الرضا , فانك إذا قلت ذلك ، كنت قد أديت شكر ما أنعم اللّه به عليك في ذلك اليوم و في تلك الليلة».
و في رواية : «كان نوح (عليه السلام) يقول ذلك إذا أصبح ، فسمى بذلك عبدا شكورا» , و قال (عليه السلام): «اذا ذكر أحدكم نعمة اللّه ، فليضع خده على التراب شكرا للّه ، فان كان راكبا فليزل و ليضع خده على التراب ، و ان لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خده على قربوسه ، و ان لم يقدر فليضع خده على كفه ، ثم ليحمد اللّه على ما انعم عليه».
و روي : «أن الصادق (عليه السلام) قد ضاعت دابته ، فقال : لئن ردها اللّه علي لا شكرن اللّه حق شكره».
قال الراوي : فما لبث أن أوتي بها ، فقال : «الحمد للّه» , فقال قائل له : جعلت فداك! أليس قلت لا شكرن اللّه حق شكره؟ , فقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) : «ألم تسمعني قلت : الحمد للّه؟» . ثم الشكر باللسان لإظهار الرضا من اللّه ، و لذا امر به.
وقد كان السلف يتساءلون بينهم ، و نيتهم استخراج الشكر للّه ، ليؤجر كل واحد من الشاكر و السائل.
وقد روي : «أن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) قال لرجل : كيف أصبحت؟ , فقال : بخير. فأعاد عليه السؤال ، فأعاد عليه الجواب ، فأعاد السؤال ثالثة ، فقال : بخير، أحمد اللّه و اشكره.
فقال (صلى الله عليه واله) : هذا الذي أردت منك».
«تنبيه» لا ريب في ان الجزء الأول من الشكر- اعني معرفة النعم من اللّه - من متعلقات العاقلة وفضائلها.
والثاني - اعني الفرح للنفس - ان كان من النعم العقلية الروحانية ، يكون متعلقا بالعاقلة أيضا و ان كان لأجل وصول نعمة الغلبة و الاستيلاء - مثلا- على عدو ظالم ، يكون متعلقا بالقوة الغضبية ، و ان كان من نعمة المال و الاولاد ، يكون متعلقا بالقوة الشهوية.
والجزء الثالث - اعني العمل بمقتضى الفرح الحاصل من معرفة المنعم - فهو من ثمرات الحب للمنعم و الخوف من زوال نعمته.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|