المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

مـفهـوم وأهمـيـة تـوزيـع السلع في الاسواق
2024-03-21
جينات غير مستمرة Discontinuous Genes
2-2-2018
Reactions of amines : Reaction with nitrous acid
30-10-2020
التغذية في القرآن الكريم
2023-09-21
ثلاث سرايا لزيد بن حارثه
11-12-2014
تفكير الأطفال وعلاقته بالتثقيف
26-4-2020


الطبيعة العقدية للمسؤولية الطبية.  
  
2508   12:00 مساءاً   التاريخ: 2-6-2016
المؤلف : ابراهيم علي حمادي الحلبوسي
الكتاب أو المصدر : الخطأ المهني و الخطأ العادي في اطار المسؤولية الطبية
الجزء والصفحة : ص78-88.
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

يمارس الانسان جملة من النشاطات المستمرة لاشباع حاجاته اليوميـة ، وذلك من خلال التماس مع ارباب المهن لاشباع هذه الحاجات ، ويرتبط في اغلب الاحيان مع ارباب المهن كالمهندسين والاطباء والمحامين وغيرهم بعقود فاذا تم ذلك فان المتعاقد لا يلزم الا بما تضمنه العقد اما اذا ارتكب الطبيب خطأً يخرج عن نطاق التزامه العقدي فانه لا يكون مسؤولاً بموجب العقد . اذ ان وجود العقد لا يعني على الدوام نهوض المسؤولية العقدية وذلك لان مبدأ عدم الجمع بين المسؤوليتين يتعارض مع ذلك حتى ولو تعرض الطبيب للجزاء الجنائي نتيجة الاخلال بالعقد(1). وان تحديد مضمون العقد يستلزم تفسيره ، ويقع هذا في ضوء العبارات التي استعملها المتعاقدان في ابرام العقد أي الارادة الظاهرة ، فان تعذر ذلك تم التفسير في ضوء النية المشتركة للمتعاقدين وهي (الارادة الباطنة) أي ما قصده المتعاقدان من الالفاظ التي استعملاها في التعبير عن ارادتهما، ويستلزم تحديد المضمون الى جانب ذلك تحديد نطاق العقد أي تحديد ما يعتبر من مستلزماته وبيان كيفية تنفيذه، والحقيقة أن القاضي يحدد مستلزمات العقد بالاستعانة بعوامل هي : القانون ، والعرف ، والعدالة ، وطبيعة الالتزام، أما فيما يتعلق بكيفية التنفيذ فهو وجوب تنفيذ هذا العقد بحسن نية ، أو بمعنى اخر طبقا لما اشتمل عليه ، أولما اتفق عليه المتعاقدان على نحو يأتلف مع ما يوجبه حسن النية. كما يستلزم تحديد المضمون التزام المتعاقدين بتنفيذ العقد على اساس انه قانونهما ، وهذا يعني اعتماد قاعدة( العقد شريعة المتعاقدين) كجزء من مضمون العقد ، فأذا فزع القاضي من تفسير العقـد وتحديـد نطاقه خلصت له قوته الملزمة، وتعين علـى كـل مـن طرفـي العقد أن ينفـذ التزامـه بحسن نيـة وبمـا يتفـق مـع مبـدأ توطيـد الثقـة بيـن الناس ، ومن ثم فلا يجوز لاي من الطرفين الرجوع عن العقد ولا تعديله الا بالتراضي فيما بينهما ، أو بنص في القانون وهذا ما تضمنه الحديث النبوي الشريف (المؤمنون عند شروطهم)) بل أن تنفيذ العقد يتطلب  التعاون بين طرفيه وعدم تعسف احدهما في استعمال حقه عند التنفيذ ، والواقع أن المشرع العراقي لم يخرج على قاعدة((العقد شريعة المتعاقدين)) الا مرتين مرة في عقود الاذعان واخرى في الظروف الطارئة ، فأذا تحدد مضمون العقد واخل المتعاقد في تنفيذ التزاماته ولو من غير قصد سئل هذا المتعاقد مسؤولية عقدية(2).  وفي نطاق العقد الطبي يبقى الالتزام الجوهري للطبيب ، مع ذلك ، هو العناية فأذا اخل بهذا الالتزام تعرض للمسؤولية ولكن بشرط اثبات خطئه هنا وذلك لان خطأه لا يفترض وهو من ثم لا يلتزم بشفاء المريض وهذه حقيقة واضحة(3). لذلك يجب التدقيق في التكييف القانوني الصحيح لمعرفة هل أن المسؤولية الطبية مسؤولية تعاقدية ام انها مسؤولية تقصيرية تخضع لاحكام  المادتين203 و 204 من القانون المدني العراقي(4).  ويخلص لنا مما تقدم أن مسؤولية الطبيب العقدية تنهض بتوفير الشروط الاتية:

اولاً: أن يكون هنالك عقد بين الطبيب والمريض : فـاذا لـم يكـن هنالك عقد ونشأ ضرر للمريض كانت مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصيرية (5). وتثير هذه النقطة عدة فروض هي :

1-فرض اختيـار المريض للطبيب : ففـي هـذه الحالـة لا يمكـن انكـار الرابطـة العقدية بين الطبيب والمريض ، ولكن يثور الجدل حول الطبيعة القانونية لعلاقة الطبيب بالمريض في حالة العلاج بدون اجر (العلاج بالمجان) (6). وهل هي علاقة عقدية يلتزم بمقتضاها الطبيب ام هي ضرب من ضروب المجاملات المتقابلة بين الناس؟ والواقع أن جانبا من الفقه قد اسبغ الصفة العقدية على العلاقة المجانية بين الطبيب والمريض ، فالامر لا يختلف عن النقل بـدون اجر حيث انه لا يمكن للناقل أن يترك صديقا له في وسط الشارع في طريق مقفر دون أن يوصله بحجة انه لم يأخذ منه اجر ، وكذلك لا يختلف عن امر الوكيل حيث يتعين عليه عدم انهاء الوكالة في وقت غير مناسب ، ولذا فاذا ما اخل الطبيب في تنفيذ التزامه هنا فانه يكون مسؤولا مسؤولية عقدية(7).  وان جانبا اخر من الفقه قد نفى الصفة العقدية في العلاقات المجانية فمن يبذل العناية بالمجان تكون مسؤوليته تقصيرية وذلك لان ما يقع عليه هو ليس التزاما عقدياً وانما هو التزام ادبي يدور في دائرة المسؤولية التقصيرية(8). ولكن ما هي طبيعة المسؤولية في حالة معالجة الطبيب زميلا له بالمجان ، هل هي مسؤولية عقدية ام مسؤولية تقصيرية؟! ذهبت محكمة النقض الفرنسية في وصف ما يجري بين الاطباء من عدم تقاضي اجر بأنه ابراء اختياري من ديون بنيت على التبادل بالمثل ، والعقد الحاصل بين الطبيبين لا يكون من قبيل التبرع(9). وهذا يعني أن تلك المحكمة تقر بوجود العقد في مثل هذه الحالات. ومن هنـا يمكـن القـول أن العـلاج بالمجان يختلف من حالة إلى اخرى وان الجزم بوجود العقد أو عدمه انما يقتضـي الرجوع إلى ملابسات كـل قضية علـى حدة، لتبين النية المشتركة بين الطبيب والمريض ، فإذا انصرفت تلك النية إلى انشاء التزام على عاتق الطبيب كانت المسؤولية عقدية(10). والعقد عقد تبرع وذلك لوجود عقود تبرع إلى جانب عقود المعاوضة ، اما اذا لم تنصرف النية المشتركة إلى انشاء التزام على الطبيب ، فان العلاج يكون ضربا من ضروب المجاملة ، ويخضع لقواعد المسؤولية التقصيرية.

2-فرض تدخل الطبيب بغير دعوة من المريض : فأذا عد في حكم المسلم به وجود العقد في حالة اختيار المريض للطبيب فان الصعوبة تكمن في حالة مبادرة أحد المارة باختيار الطبيب أو تدخل الطبيب من تلقاء نفسه لمعالجة المريض أو بعبارة أخرى في حالة معالجة الطبيب للمريض على غير اختيار منه وذلك كما في حالة إسعاف شخص مصاب بالصرع ، أو شخص فاقد الوعي جراء حادث ما ، أو جريح في الشارع العام ، فهنا يثور السؤال عن التكييف الصحيح لمسؤولية الطبيب ، وهل هي عقدية ام تقصيرية ؟ وللاجابة عن ذلك يجب أن نفرق بين حالتين:

الأولـى : هـي تدخل الطبيب من تلقاء نفسه، أو بناء علـى دعـوة مـن غير ذي صفـة ، ونتجسد هـذه الحالـة ، بشكـل بـارز ، فيمـا يقـع مـن حـوادث ، فـأذا شاهد طبيب شخصاً جريحاً اثر حادث ما وتدخل من تلقاء نفسه لاسعافه ، فلا نستطيع القول بوجود عقد بين الطبيب والمريض ، وانما يكـون عمل الطبيب هنا اقرب ما يكون إلىعمـل الفضولـي(11) . ولعـل ممـا ينطـوي تحت هذه الحالة تدخل الطبيب لمعالجـة المصـاب بنـاءً علـى دعـوة الجمهـور ، فهنـا لا نستطيـع القـول كـذلك بـان هـذه الدعـوة مـن قبيـل التعاقــد ، بـل هـي بمثابـة رجاء صـادر مـن الجمهـور لـغرض قيام الـطبيب باسعــاف المصـاب ، ولامحـل لوجـود العقـد(12). اما الحالة الثانية فان الامـر سيتخـذ فيها وصفـا مختلفـا وهي حالة ما اذا كـان الشخص الذي دعـى الطبيب ذا علاقة بالحادث ، أولـه مصلحـة في هذه المعالجة وذلك كتمثل هذه المصلحـة في التخفيف من مسؤوليته في التعـويض ، فهنـا يمكـن تكييـف مثل هذا الامـر بانه اشتراط لمصلحـة الغير(13)

3-فرض عمل الطبيب المعالج في المستشفى خاص أو لدى صاحب مشروع خاص: يتعاقد في اغلب الاحيان صاحب مشروع خاص أو صاحب مستشفى خاص مع طبيب لعلاج عمال مصنعه أو المرضى الذين يقصدون مستشفاة ، ولا شك هنا في وجود عقد بين صاحب المصنع أو المستشفى الخاص وبين الطبيب الذي تعاقد معه ، ولكن السؤل الذي يتبادر في هذا الافتراض هو اذا لم تكن ثمة علاقة مباشرة تربط بين الطبيب والمرضى ، ولم يكن المرضى قد اختارو الطبيب كما ليس باستطاعتهم رفض خدماته، فما هي العلاقة القانونية بين المرضى والطبيب ؟ لا يخفـى أن صاحب المصنـع أو المستشفى الخاص قد تعاقد مع الطبيب لمصلحة عمال المصنع ، أو مراجعي المستشفى مـن المرضـى وهـذا يعني أن هناك اشتراطاً لمصلحة الغير يستدل عليه من العقد الاصلي المبرم بين الطبيب وصاحب المشروع الخاص ، ولكن اذا قيل بـان الاشتراط لمصلحة الغير يقتضي تعيين الغير في العقد ، فلا شك أن هذا لا يشكل مانعا اذا امكن تعيين الغير وقت تنفيذ العقد(14). ليكون له حق مكتسب من هذا العقد وبناءً على ذلك فان للمرضى المستفيدين من خدمات الطبيب دعوى مباشرة تستند إلى العقد الاصلي لمطالبة الطبيب بتنفيذ التزامه ، أو بالتعويض ، وان مسؤولية هذا الطبيب هي مسؤولية عقدية لا شك فيها ، ولكن على الرغم من التشريعات التي وردت كأستثناءات وقيود متفرقة على القاعدة في الشريعة العامة الانكليزية غير المقننة ، فان الاشارة لم تنقطع عن هذه القاعدة التي تقول ((ان ليس بامكان الاجنبي أن يقيم الدعوى فيما يخص العقد حتى لو كان قد ابرم لمصلحته)) (15).

((No stranger can sue on contract even if made for his benefit)). وعلى العموم ، فان هذه القاعدة ما دامت قد خضعت للاستثناءات فهي غير مطلقة(16). ولكن اذا كانت هذه القاعدة هي من الشريعة العامة غير المقننة (Common Law) فأن قواعد العدالة أوالانصاف (Equity) قد دأبت على اتخاذ مواقف اكثر مرونة فهي قد ابتعدت عن هذه القاعدة رغم تقيدها بتلك الشريعة(17).

4-فرض عمل الطبيب المعالج في مستشفى عام. يثور التساؤل عن العلاقة بين المريض وبين الطبيب المعالج الذي يعمل في مستشفى عام وعما اذا كان من الجائز وصفها بانها اشتراط لمصلحة الغير؟ والحقيقة أن الاشتراط لمصلحة الغير يفترض أن تكون الدولة قد تعاقدت مع الطبيب لمصلحة المرضى الذين يقصدون المستشفى ، وهنا لا وجود لمثل هذا العقد بل أن العلاقة بين المستشفى والطبيب هي علاقة تنظيمية يخضع الطبيب بمقتضاها للانظمة والتعليمات الخاصة بالوظيفة العامة(18) ، اذ أن العناصر الموضوعية والشكلية للعقود غير متوفرة فالايجاب أوالقبول مثلا قد لا يتوفر ، وكذلك محل العقد أو موضوعه وما يتطلب من شرائط أو ما يترتب بمقتضى العقد من التزامات ملقاة على كاهل المتعاقدين ، أو ما يقضي به القانون من مبدأ عدم تعديل العقد الا بموافقة الطرفين في حين أن يوسع الادارة ان تجري تعديلاً على علاقتها بالطبيب تحقيقا لاهدافها أو حسن انتظام سيرها أو توخياً للمصلحة العامة ، فللسلطة الادارية الحق في تعديل احكام الوظيفة دون أن يكون للموظف الاعتراض بان له حقاً مكتسباً من عقد ما. وعلى ذلك فأن علاقة المريض بالطبيب في المستشفيات العامة تحكمها قواعد المسؤولية التقصيرية. اما في القانون الانكليزي ((فقد توفرت حلول ومعالجات يمكن للمتعهد له أن يأخذ بها اذا ما عجز المتعهد عن الوفاء بتعهده ، ولعل أهـم تلك المعالجات هو ما اختطت قواعد العدالة من نهج خاص  بالامانة الحكمية (الضمنية) حين وظفت من وقت لاخر حسن النية بين الاطراف لتقول بنشوء علاقة ائتمانية بينهما بحيث يمكن على اساسها انتفاع الشخص بعقد لم يشترك فيه)) (19). وقد اشار القاضي اللورد هاردويك إلى هذه الرابطة الائتمانية التي يمكن أن تنشأ في مثل هذه الاحوال اذ قال بانه اذا تعهد شخص لاخر بان يدفع مبلغا معيناً لشخص ثالث فأنه –أي القاضي – سيعتبر المتعهد له كما لوكان اميناً لحساب الشخص الثالث فيما يتعلق بمنفعة العقد(20) .

ثانيا : أن يكون العقد بين الطبيب والمريض صحيحا:

 فان المسؤولية لاتنشأ عن عقد باطل ، ولا بد هنا من الرجوع إلى احكام المسؤولية التقصيرية(21). ويجدر بالاشارة هنا أن مما يجعل العقد باطلاً هو مخالفته للنظام العام والاداب وذلك كما في حالة عدم اجراء التداخل الجراحي للشفاء من مرض يعاني منه المريض بل لاجراء تجارب طبية ، اذ لا يجوز ابداً أن يكون الانسان حقلاً أو محلاً للتجارب ، واذا قيل بان ذلك من اسباب الرقـي العلمي فالرد معروف وهو أن التجارب يمكن أن تجرى على الحيوانات .

ثالثاً : أن يكون المضرور هو المريض :

يشترط للقول بان مسؤولية الطبيب هي مسؤولية عقدية أن يكون من اصابه الضرر هو المريض وذلك لانه لو كان شخصاً اخر غير المريض من مثل مساعد الطبيب الذي يصاب بجرح خلال اجراء العملية لما جاز الاستناد إلى العقد ولكانت مسؤولية الطبيب تقصيرية(22) .

رابعاً : أن يكون الخطأ المنسوب إلى الطبيب متصلاً بعقد العلاج :

قد يرتكب الطبيب اخطاء يتولد عنها الضرر للمريض أو لغيره خارج دائرة عقد العلاج مع المريض ، وهذا امر ليس بالمستبعد فالطبيب بشر ، وفي كل زمان وفي كل مكان لا يمر يوم الا ويكون هناك شخص أو اكثر اصابه ضرر وشخص أو اكثر احدث هذا الضرر مباشرة أو تسببا ، أو تـداخلت مـع مـا صـدر مـن هـذا الاخـير مداخلة أو اكثر من مثل القوة القاهرة أو عمل المضرور نفسه أو عمل الغير (23). وذلك كـأن لا ينتبـه الطبيب إلـى اخطـاء مطبعيـة بتحديد جرعة الدواء فيتسبب عن ذلك وفاة الشخص الذي تناول الدواء(24).،فهذا الخطأ المنسوب إلى الطبيب لا يمت لعقد العلاج بصلة ، واذا كان الامر كذلك فان المسؤولية تكون تقصيرية وليست عقدية.

خامساً: ان يكون المدعي صاحب حق في الاستناد إلى العقد:

وهنا يجب التمييز بين حالتين:

الحالة الاولى : هي حالة قيام المريض أومن ينوب عنه قانوناً باختيار الطبيب : فأذا كان هو من رفع الدعوى للمطالبة بالتعويض فالمسؤولية تكون عقدية ، ولكن اذا توفي المريض نتيجة لخطأ الطبيب ، فان دعوى التعويض قد يرفعها الورثة أوغير الورثة ، فاذا رفعها الورثة فهم خلف عام للمتوفى في جميع حقوقه ، ويحق لهم المطالبة من ثم بالتعويض على اساس اخلال الطبيب بالتزاماته في تنفيذ عقد ابرمه مورثهم وتكون المسؤولية عقدية(25). اما الضرر الحاصل لذوي المتوفى واقاربه وما عانوه من حزن فيجوز اقامة الدعوى بسببه على اساس المسؤولية التقصيرية ، ولا يعد ذلك جمعا بين المسؤوليتين بل أن المورث له حقان الحق الاول يتلقاه بسبب اخلال الطبيب بتنفيذ الالتزام العقدي ، والحق الثاني يتلقاه على اساس المسؤولية التقصيرية خارج دائرة العقد(26).وهـذا مـا قضت به الفقرة  (2) مـن المـادة (205) من تقنيننا المدني اذ نصت على انه ((ويجوز أن يقضي بالتعويض للازواج والاقربين من الاسرة عما يصيبهم من ضرر ادبي بسبب موت المصاب)). اما اذا كان من رفع دعوى التعويض من غير الورثة، فهنا تكون المسؤولية تقصيرية وذلك لان غير الورثة يعتبرون من الغير بالنسبة للعقد ، والعقد لا يصيب باثاره الا عاقديه أو من يعتبر في حكم العاقد من خلف أو دائـن ، ولا ينتفـع بـه الغير  الذي لم يكن طرفا الا في احوال محددة(27). ومن هنا يحق لهؤلاء الورثة اقامة الدعوى بأسمائهم على الطبيب الذي اخل بالتزام عقدي وان لم يكونوا ذوي صفة في العقد ولكن على اساس المسؤولية التقصيرية(28) .

الحالة الثانية : وهي حالة قيام شخص هو غير المريض وغير من يمثله قانوناً أو اتفاقا –بأبرام عقد العلاج فاذا لم يقم المريض نفسه أومن يمثله قانوناً أو اتفاقاً بأبرام عقد العلاج وانما قام بابرامه شخص اخر يمت إلى المريض بصلة ما ، وذلك كأن يكون احد اقرباء المريض أورب عمله(29). أو نحوهما، ففي هذه الحالة يجب التمييز بين عدة فروض ابرزها :

1-اذا كان المتعاقد مع الطبيب قد تعاقد باسمه مشترطا حقا للمريض ، وهنا نطبق احكام الاشتراط لمصلحة الغير ، فتكون المسؤولية عقدية.

2-اذا كان المتعاقد قد تعاقد بأسم ولصالح المريض وينضوي هذا الفرض ضمن النيابة ويكون للمتعاقد هنا مركز الفضولي وتكون العلاقة بين المريض والطبيب تعاقدية .

3-اما اذا تعاقد شخص مع الطبيب باسمه ولتحقيق مصلحته الشخصية ، ولم يقصد من ذلك ترتيب حق للمريض عن طريق العقـد ، فهـذا لا يمكـن اعتبـاره اشتراطا  لمصلحة الغير وذلك لانه لم يقصد ترتيب مصلحة للمريض ، كما لا يمكن اعتباره نائبا عن المريض بوصفه فضوليا وذلك لانه لم يقصد ترتيب حق للمريض. والحقيقة أن النيابة هي نظام قانوني متميز الملامح والاحكام فلا يخلط بينه وبين التعاقد لمنفعة الغير أو الاشتراط لمصلحة الغير كما لا يخلط بين هذين النظامين القانونيين وبين مجرد انتفاع الشخص بعقد خاص بطرفيه (فأذا كان المتعاقد قد اشترط الحق لنفسه فليس هنالك من تعاقد لمنفعة الغير حتى لو عاد ذلك التعاقد على الغير بمنفعه  ولذا ينبغي تقصي القصد في عقد الطرفين للوقوف على ما اذا كان قد اراد اكساب الغير الحق المباشر في منافع العقد اذ في تبين هذا القصد اشارة إلى تطبيق قواعد الاشتراط)(30) .

____________________________

- Viney , La Responsabilite , conditions , L. G. D. J , 1982 . N.223

2- انظر أستاذنا د.جاسم العبودي ، مصادر الالتزام ، المرجع السابق –ص78،82،وكذلك المادة (147) مدني مصري.

3-  Chabas , vers un changement de nature de L obligations medicale , J.C.P.73 2541.

4- تقابلهما المادة (163) مدني مصري ، والمادتان 1382 و1383 مدني –فرنسي.

5- انظر د.عبد الحي حجازي –المرجع السابق –ص421.

وكذلك د. اسعد عبيد عزيز الجميلي –المرجع السابق –ص44.

6- د.وفاء حلمي ابو جميل –المرجع السابق –ص24 ، وكذلك د. حسن زكي الابراشي المرجع السابق –ص65، وكذلك د. اسعد عبيد عزيز الجميلي –المرجع السابق –ص45.

7- د. وفاء حلمي ابو جميل –المرجع السابق –ص25.

8- د. وفاء حلمي ابو جميل –المرجع نفسه –ص26.

9- في قرار لها صادر في 18/1/1938 وقد اشار اليه –حسن زكي الابراشي المرجع السابق –ص67.

0- د.وفاء حلمي ابو جميل –المرجع السابق –ص26 . كذلك د. اسعد عبد العزيز –المرجع السابق –ص15 ، وكذلك د.حسن زكي الابراشي –المرجع السابق –ص66.

1- د. وفاء حلمي ابو جميل –المرجع السابق –ص27.

2- د. وفاء حلمي ابو جميل – المرجع نفسه –ص28.

3- د.حسن زكي الابراشي –المرجع السابق –هامش 2-ص68 على أن القانون الانكليزي ينفي الرابطة العقدية في مثل هذه الحالة ، ومن ثم يقول بانه لا وجه لاقامة الدعوى التي تفتقر في هذه الحالة إلىسبب الدعوى وهو مقابل التعهد (او الاعتبار) (Consideration) وقد قال القاضي المعروف (وايتمان) : (يبدو أن بعض القرارات القضائية القديمة قد اجازت للاجنبي عن الاعتبار (مقابل التعهد) في العقد أن يقيم الدعوى بالاستناد اليه اذا كانت له علاقات قربى وثيقة من الطرف الذي صدر منه مقابل التعهد بحيث يعد طرفاً فيما يخص هذا المقابل ، ولعل اقوى تلك القضايا هي قضية بورن ضد ماسون(1969) التي ذهب القضاء فيها إلىأن لأبنة الطبيب الحق في اقامة الدعوى في شأن تعهد قُطع لوالدها باعطائه مبلغا من المال اذا ما انجز مداواة معينة. غير انه لا وجود لاي قضية حديثة تدعم هذا الراي بل ، على العكس ، فان من المسلم به اليوم عدم جواز انتفاع الاجنبي عن مقابل التعهد في العقد حتى ولو كان هذا العقد قد ابرم المنفعته)).

انظر :Chesire and Fifoot’s. law of contract; 9th ed . Butterworths; London; 1976. P431

وانظر في هذا الخصوص ايضا Jan New Port; Questions and Answersoon contracts; Sweet and Maxwell, London1976; Q.43.

4- انظر المواد (154) مدني عراقي و(156) مدني مصري و(157) مدني سوري و(212) –مدني اردني و(288) موجبات وعقود لبناني.

وكذلك د. وفاء حلمي ابو جميل –المرجع السابق –ص29.

5- انظر Cheshire and Fifoots   ; op. Cit; pp104 , 433

وكذلكJan New port; op.cit 43

6- An son’s op. Cit . p.363

7- Cheshire and nd Fifoot’s O.P.cit P.429

8- سليمان الطماوي –مبادئ القانون الاداري –الكتاب الثاني –القاهرة –1964 –ص298.وكذلك د-وفاء حلمي أبو جميل المرجع السابق، ص 30

9- أستاذنا د.جاسم العبودي –الموقف القانوني في قاعدة عدم جواز انتفاع الغير بالعقد-مطبعة غرناطة-بغداد-1997 –ص57.

20- Cheshire and Fifoot’s op.cit p. 430

2- د. عبد الحي حجازي –المرجع السابق –ص421.

وكذلك د.اسعد عبد عزيز –المرجع السابق –ص44.

22- د. وفاء حلمي ابو جميل –المرجع السابق –ص34.

23- أستاذنا د. جاسم العبودي –المداخلات –المرجع السابق-ص279.

24- قرار محكمة (السين) الصادر في 13/4/1911 (انظر الابراشي –المرجع السابق –ص82.

25- د.حسين عامر –القوة الملزمة للعقد –الطبعة الاولى –سنة 1949 القاهرة –مطبعة مصر –شركة مساهمة مصرية –ص389.

26- د.حسين عامر –المرجع نفسه –ص394.

27- انظر على سبيل المثال المواد 152 و619 /1 مدني عراقي ، ويجدر بالاشارة ((ان موقف التقنين المدني الفرنسي من جواز انتفاع الشخص بعقد لم يشترك فيه قد تحول من اقرار هذا الجواز بموجب المادة (1121) في نصين وردا على سبيل الاستثناء، إلى اقرار هذا الجواز اصلاً على وفق تلك المادة ذاتها بعد أن اصبحت بجهود الفقه قاعدة عامة ، اما المادة(1119) التي تنص على مبدأ نسبية اثـار العقود فـقد اصبحت استثناء)) ( أستاذنا د.جاسم العبودي ، الموقف القانوني- المرجع السابق –ص39)).

28-د.وفاء حلمي ابو جميل –المرجع السابق –ص26.

29- د.حسن زكي الابراشي –المرجع السابق –ص89 وكذلك د. اسعد عبيد عزيز –المرجع السابق –ص50 ، وكذلك د. وفاء حلمي ابو جميل –المرجع السابق –ص36.

30- أستاذنا د-جاسم العبودي –الموقف القانوني –المرجع السابق –ص44.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .