أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-8-2020
6499
التاريخ: 25-8-2019
2041
التاريخ: 13-4-2016
2849
التاريخ: 30-5-2016
2734
|
إن التعويض يكون عن الضرر المباشر المتوقع، فالضرر إما أن يكون مباشرًا أو غير مباشر، والضرر المباشر إما يكون متوقعًا أو غير متوقع، فالقاعدة العامة في المسؤولية المدنية سواء أكانت عقدية أم تقصرية لا تعويض عن الضرر غير المباشر، إنما التعويض يكون عن الضرر المباشر فقط، على إختلاف بين المسؤوليتين، ففي المسؤولية التقصيرية يكون التعويض عن الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع، وأما في المسؤولية العقدية فالأصل أن يكون التعويض عن الضرر المباشر المتوقع وحده، ولا يمتد إلى الضرر غير المتوقع إلا إذا كان عدم تنفيذ الالتزام راجعًا على غش المدين أو خطئه الجسيم .
لهذا فالضرر المباشر هو (( هو ما كان نتيجة طبيعية لعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه))(1)، أي يعد نتيجة طبيعية للخطأ الذي أحدثه الدائن إذا لم يكن في إستطاعته أن يتوقاه ببذل جهد معقول(2)، أما الضرر غير المباشر فهو (( الضرر الذي تنقطع رابطة السببية بينه وبين الخطأ فلا يلتزم المدين بالتعويض عنه لا في المسؤولية التعاقدية ولا في المسؤولية التقصيرية))(3).
ويتجه الفقه الفرنسي الى إنّ الضرر المباشر هو الاثر أو النتيجة الحتمية أو الضرورية للخطأ، وهذا الرأي هو الذي تعتمده أغلبية المحاكم في فرنسا، وإن القاضي يقضي بالتعويض في الوقت الذي يشعر فيه أن الحادث قد يلعب دورًا راجحًا وضروريا (4).
وبعبارة أخرى هو ما كان يرتبط بعلاقة سببية مع خطأ المدين أو الفاعل، وقد درجت القوانين نصوصها ما يشير إلى تحمل المدين عن تعويض الأضرار المباشرة عن فعله سواء أكان ذلك في نطاق المسؤولية العقدية أم التقصيرية، وقصر التعويض عن الضرر المباشر ليس غير هو تفسير لإرادة المتعاقدين واحتراما للإرادة المشتركة لهما، لأن الطرفين كانا يقصدان عند إبرام العقد أن يقتصر التعويض عن الضرر الذي ينجم عن الإخلال العقدي متى كان هذا الضرر مباشرًا على أساس أنه الضرر الذي توقعه الطرفان(5).
هذا وبحسب ، ما أشارت إليه المادة (2/169) من القانون المدني العراقي والتي نصت على: ((2- ويكون التعويض عن كل التزام ينشأ عن العقد سواء كان التزاما بنقل ملكية أو منفعة أو أي حق آخر أو التزاما بعمل أو بامتناع عن عمل، ويشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فأته من كسب بسبب ضياع الحق عليه، أو بسب التأخر في استيفائه بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم وفاء المدين بالالتزام أو لتأخره عن الوفاء به. وهذا موقف مشابهه لما ذهبت إليه التشريعات المقارنة )) (6)
ويقال عادة في تبرير قصر التعويض في المسؤولية العقدية على الضرر المتوقع أن المتعاقدين لم يتعاقدا إلا على ما يتوقعانه من الضرر، فالضرر غير المتوقع لا يدخل في دائرة التعاقد فلا تعويض عنه، بوصف أن المسؤولية العقدية تتميز بأنها تقوم على العقد، فإرادة المتعاقدين هي التي تحدد مداها، وقد افترض القانون أن هذه الإرادة قد انصرفت إلى جعل المسؤولية مقصورة على المقدار الذي توقعه المدين (7) .
وهناك من يرى أن المبرر الحقيقي لقصر التعويض على الضرر المتوقع في مجال المسؤولية العقدية هو أنه عند إخلال المدين بالتزامه، يصار إلى تنفيذ مخالف يقوم كبديل، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يفوق ما تم التعهد به، فمن هذه الوجهة يكون من غير الصحيح القول بأن التعويض يكون جزئيا عند حصول الإخلال العقدي؛ لأننا لسنا إزاء إصلاح الضرر، وإنما إزاء تعويض بمقابل(8)
لكن هناك استثناء من القاعدة ألا وهي في حالة ارتكاب المدين لغش أو خطأ. جسيم فإنَّه في هذه الحالة يعوض عن الضرر المباشر كله ، أي سواء كان متوقعا أم غير متوقع كما في المادة (3/169) التي نصت على: (( فإذا كان المدين لم يرتكب غشا أو خطأ جسيمًا فلا يجاوز في التعويض ما يكون متوقعا عادة وقت التعاقد من خسارة تحل أو كسب يفوت)).
أو بتعبير آخر إن إلزام المدين سيء النية بتعويض كامل حتى الضرر غير المتوقع عند تكوين العقد، يعني ببساطة تعويضه لعقوبة استثنائية، ولكنها مستحقة ، فهو لم يتردد في زعزعة الثقة التي وضعت فيه، كما أنه تصرف كما لو لم يكن العقد موجودا، لذلك يعامله القانون بسوء قصده، فيحرم من التذرع بالعقد، ويلتزم بتعويض حتى المخاطر التي لم يقبل بها في البداية، بخلاف ذلك يحصل الدائن على مزايا لم يكن يتوقعها، لذلك يمكن عد هذا الإجراء ضربا من ضروب العدالة الخاصة، أو من تطبيقات النظام العام العقدي الذي ينكر على العاقد التخلص من تبعات خطئه الجسيم أو غشه؛ وذلك تحت طائلة تعرضه لمسؤولية عقدية مشددة (9).
ويقاس توقع الضرر وفق معيار موضوعي وليس بمعيار ذاتي، ويبين المعيار الموضوعي أن الضرر المتوقع هو الضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين، لا الضرر الذي لم يتوقعه هذا المدين بالذات، كما لا يكون المدين مسؤولًا عن الضرر غير المباشر (10)
___________
1- د. عبد المجيد الحكيم، د. عبد الباقي البكري، د. محمد البشير، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، الجزء الأول بلا طبعة العاتك لصناعة الكتاب بلا سنة طبع ، ص198.
2- د.سمير سهيل دنون، المسؤولية المدنية عن فعل الآلات الميكانيكية والتأمين الإلزامي عليها ( دراسة مقارنة) المؤسسة الحديثة للكتاب طرابلس ، لبنان، 2005، ص29.
3- د. أحمد سلمان شهيب السعداوي د. جواد كاظم جواد سميسم مصادر الالتزام ( دراسة مقارنة بالقوانين المدنية والفقه الإسلامي)، الطبعة الأولى منشورات زين الحقوقية، لبنان، 2015 ، ص212.
4- ينظر في عرض هذه الاراء ( لا لو ومارزو وتنك ) العامري (سعدون ) تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية ، منشورات مركز البحوث القانونية مركز البحوث القانونية (2) ، بغداد ، 1981 ، ص 35 أشار الى ذلك د. حامد شاکر محمود الطائي، المفاوضات السابقة على التعاقد ( دراسة قانونية مقارنة)، الطبعة الأولى، منشورات صادر، 2016 ، ص237
5- د. رعد عداي حسين دور المتضرر في تخفيف الضرر في نطاق المسؤولية المدنية ( دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، 2017 ، ص 26.
6- ينظر نص المادة ( 221 /2) من القانون المدني المصري، ينظر نص المادة ( 1231) من تعديل القانون المدني الفرنسي لسنة 2016.
7- د. عبد الرزاق السنهوري، أحمد مدحت المراغي، الوجيز في النظرية العامة للالتزام، منشأة المعارف، الاسكندرية، 2004 ، ص 271
8- د. عبد الحق صافي، القانون المدني، الجزء الأول، الطبعة الأولى، بلا دار نشر، 2007 ، ص 253.
9- د. عبد الحق صافي، القانون المدني، الجزء الأول، الطبعة الأولى، بلا دار نشر، 2007 ، ص 253 وما بعدها.
10- د. عبد القادر الفار، بشار عدنان ملكاوي مصادر الالتزام ( مصادر الحق الشخصي في القانون المدني)، الطبعة الرابعة، دار الثقافة للنشر والتوزيع الاردن، 2012، ص 147
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|