أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-29
743
التاريخ: 6-6-2016
2580
التاريخ: 11-3-2017
6622
التاريخ: 5-3-2020
9139
|
الاصل ان العقد شريعة المتعاقدين، بمعنى انه قانون خاص بطرفيه وما يولده من التزامات يكون ملزماً لهما وكأن المشرع هو الذي انشأها ، فلا يملك أي من المتعاقدين ان يتنصل مما التزم به ولا ان يغيّر فيه بارادته المنفردة (1). واحترام القوة الملزمة للعقد لا يقتصر على المتعاقدين، وإنما يشمل المشرع والقاضي معاً، فلا يجوز لهما ان يتدخلا في مضمون العقد بالتغيير والتعديل(2). بيد ان هذه القاعدة ليست مطلقة اذ يرد عليها بعض الاستثناءات، فيجوز للمتعاقدين ان يتفقا على نقض العقد أو تعديله، فطالما ان العقد قد نشأ بارادتين متطابقتين، فمن الممكن تعديله أو نقضه باتفاق هاتين الارادتين(3). كما ان المشرع قد أجاز لأحد المتعاقدين، في حالات معينة، ان ينهي العقد بارادته المنفردة من مثل حق الموكل في انهاء عقد الوكالة (4)، وحق المودع في انهاء عقد الوديعة (5)،وحق الواهب في الرجوع عن الهبة عند عدم وجود المانع(6). أضف الى ذلك، أن العقد اذا كان يستند في أساسه الى فكرة العدل والى قوة القانون، فانه يخضع في حياته لتأثير فكرة العدل وتطور اهداف وغايات القانون(7). فالعقد بوصفه من اهم الوسائل القانونية للتعامل بين الافراد، ينبغي ان يكون له دور اجتماعي واخلاقي حتى يكون قادراً على تحقيق الهدف الاسمى للقانون وهو العدل، من هنا فان القانون ومن منطلق حرصه على ضمان قدر متزايد من العدالة بين المتعاقدين يتدخل في بعض الاحيان محدثاً تعديلات جوهرية في طائفة معينة من العقود من مثل عقد الايجار، فالاصل ان تتحدد مدة العقد باتفاق المتعاقدين، ولكن المشرع يتدخل بنص يقضي بعدم انقضاء العقد بانتهاء المدة المتفق عليها، بل يمتد الى مدة غير محددة وهو ما يسمى بالامتداد القانوني، فالتعديل هنا يتعلق بمدة العقد المتفق عليها(8). وقد يخول المشرع سلطة تعديل العقد للقاضي إذا ما توافرت ظروف معينة تجعل من هذا التعديل ضرورياً لتحقيق الموائمة بين الشروط العقدية وبين اعتبارات العدالة وبما يعيد التوازن العقدي بين المتعاقدين، فقد يحدث ان يختل التوازن العقدي لحظة ابرام العقد، والمثل على ذلك عقد الاذعان(9). او يكون الخلل راجعاً الى ظروف لاحقة على ابرام العقد ويكون من شأنها احداث خلل في التوازن الاقتصادي للعقد ، ويكون تدخل القاضي لاجراء الموائمة بين العقد وبين الظروف الاقتصادية الطارئة (10). وقد يرجع الخلل الى شرط عقدي يظهر إجحافه عند تنفيذ العقد من مثل الشرط الجزائي(11). ولئن التقت سلطة القاضي في اكمال نطاق العقد مع سلطته في تعديله في انهما يردان على عقد صحيح ويهدفان الى تحقيق الموازنة بين المتعاقدين، الا أنهما يختلفان في امور عديدة لعل من ابرزها ان القاضي حينما يقوم باكمال العقد يهدف الى الوصول بارادة المتعاقدين الى غايتها عن طريق اضافة بعض الالتزامات الى اصل العقد، بينما التعديل يكون في الاصل موجهاً ضد الارادة تحقيقاً لهدف سامٍ يسعى اليه المشرع وهو العدل ورفع الظلم والحيف الذي لحق بأحد المتعاقدين نتيجة غبن لحقه اثناء أبرام العقد أو اثناء تنفيذه، لذا لا يجوز للقاضي تعديل العقد الا في الحالات المحددة التي نص عليها المشرع(12). نخلص من ذلك، ان عمل القاضي عند اكمال نطاق العقد يؤدي الى اضافة التزامات جديدة الى مضمون العقد الذي يشوبه النقص لتنظيم المسائل التي لم يشر لها المتعاقدان، على وفق طبيعة الالتزام بحسب القانون والعرف والعدالة، اما قيام القاضي بتعديل العقد في الحالات التي اجاز له المشرع ذلك، فيؤدي الى الانتقاص من التزامات احد المتعاقدين لاعادة التوازن العقدي الذي قد اختل عند ابرام العقد بسبب ما يملكه احد الطرفين من تفوق اقتصادي او تقني يمكنه من فرض شروط تعسفية على المتعاقد الاخر، او ان التوازن العقدي كان متوافراً لحظة ابرام العقد ولكنه فقد فيما بعد نتيجة ظروف استثنائية استجدت لاحقاً، فيعمد القاضي الى اعادة النظر في التزامات الطرف المغبون وبما يعيد التوازن العقدي بين العاقدين.
__________________
1- تنص ( م146/ف1) من القانون المدني العراقي على انه: (( اذا نفذ العقد كان لازماً. ولا يجوز لأحد العاقدين الرجوع عنه ولا تعديله الا بمقتضى نص في القانون او بالتراضي )) ونصت (م150/ف1) على انه: (( يجب تنفيذ العقد طبقاً لما أشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية)).
2- جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون المدني المصري ما نصه: (( العقد شريعة المتعاقدين ولكنه شريعة اتفاقية، فهو يلزم عاقديه بما يرد الاتفاق عليه متى وقع صحيحاً. والأصل انه لا يجوز لأحد طرفي التعاقد ان يستقل بنقضه او تعديله، بل ولا يجوز ذلك للقاضي، لأنه لا يتولى انشاء العقود عن عاقديها وانما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالرجوع الى نية هؤلاء العاقدين، فلا يجوز اذن نقض العقد او تعديله الا بتراضي عاقديه – ويكون هذا التراضي بمثابة تعاقد جديد – او لسبب من الاسباب المقررة في القانون، كما هو الشأن في اسباب الرجوع في الهبة )) مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، ج2، ص279-280.
3- انظر: د. مصطفى الجمال، المرجع السابق، ص222. وقد قضت محكمة التمييز في العراق بهذا المعنى ما نصه: (( اذا نفذ العقد كان لازماً ولا يجوز الرجوع عنه او تعديله الا بمقتضى نص في القانون أو بالتراضي وحيث ان الطرفين قد اتفقا بانه لا يحق للملتزم فسخ الالتزام ولا المطالبة بالتعويض عن الاضرار التي تلحقه في التزامه وحيث ان عدم ذبح الحيوانات في ايام الجمع لا يعتبر من الحوادث الاستثنائية العامة التي لم يكن في الوسع توقعها فليس للملتزم التمسك بالظروف الطارئة لانقاص التزامه.)) قرار رقم 721 /حقوقية/63 في 22/4/63 قضاء محكمة التمييز، المجلد الأول، ص70 أشار اليه الأستاذ إبراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز، قسم القانون المدني، منشورات مركز البحوث القانونية، بغداد، 1988، ص485.
4- تنص ( م947/ف1) من القانون المدني العراقي على انه:(( للموكل ان يعزل الوكيل او ان يقيد من وكالته وللوكيل ان يعزل نفسه.ولا عبرة باي اتفاق يخالف ذلك ...)).
5- تنص (م969/ف1) من القانون المدني العراقي على انه: (( للمودع في كل وقت ان يطلب رد الوديعة مع زوائدها، كما ان للوديع ان يطلب ردها متى شاء )).
6- تنص (م620) من القانون المدني العراقي على انه: (( للواهب ان يرجع في الهبة برضاء الموهوب له. فان لم يرضَ كان للواهب حق الرجوع عند تحقق سبب مقبول، ما لم يوجد مانع من الرجوع )).
7- انظر: د. سمير عبد السيد تناغو، مصادر الالتزام، دون مكان نشر، 1999-2000، ص150.
8- انظر: د. حسام الاهواني، مرجع سابق، ص215. وقد نصت (م3) من قانون ايجار العقار رقم 87 لسنة 1979 المعدل على انه: ((1- يمتد عقد الايجار بعد انتهاء مدته ما دام المستأجر شاغلاً العقار ومستمراً بدفع الاجرة طبقاً لاحكام هذا القانون ...... )).
9- تنص ( م167/ف2) من القانون المدني العراقي على انه: (( اذا تم العقد بطريق الاذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للمحكمة ان تعدل هذه الشروط او تعفي الطرف المذعن منها وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك )).
10- تنص (م146/ف2) من القانون المدني العراقي: ((على انه اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام التعاقدي، وان لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين ان تنقص الالتزام المرهق الى الحد المعقول ان اقتضت العدالة ذلك. ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك)). وقضت محكمة التمييز في هذا المعنى بما نصه:((اذا زاد السعر الرسمي للمادة المتعاقد على تجهيزها بعد التعاقد زيادة ملحوظة فعلى المحكمة ان تنقص الالتزام موازنة بين مصلحتي الطرفين المتعاقدين)) قرار رقم 54/م4/78في12/1/78اشار إليه إبراهيم المشاهدي، مرجع سابق، ص490.
11- تنص (م170/ف2) من القانون المدني العراقي على انه: (( ولا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً اذا اثبت المدين ان الدائن لم يلحقه أي ضرر ويجوز تخفيضه اذا اثبت المدين ان التقدير كان فادحاً أو ان الالتزام الاصلي قد نفذ في جزء منه ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف احكام هذه الفقرة )).
12- انظر: د. سمير تناغو، مرجع سابق، ص150.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|