أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
1955
التاريخ: 6-11-2014
2603
التاريخ: 17-4-2016
1721
التاريخ: 2-12-2015
2382
|
اشتهر العالم الانجليزي جوزيف بريستلي (1733- 1804) في تاريخ الكيمياء بأنه أول من اكتشف الأوكسجين ، وان كان لم يهتد إلى تعريف خصائصه وتركيبه . فلما جاء العالم الفرنسي فوازييه ، هداه البحث إلى خصائص هذا الغاز وصفاته.
والأوكسجين لفظة يونانية مركبة من مقطعين ، يعني أولها الحموضة ، ويعني الثاني المولد ، أي أن الأوكسجين " مولد الحموضة " ، والى بريستلي يعزى اختيار هذا الاسم للغاز ، برغم إن المدلول العلمي له كان مستعملا فعلا. ولا نقول هذا للإقلال من شأن الراهب الانجليزي بريستلي الذي هجر الدير والرداء الديني ، واستقر في المدرسة والمختبر ، يجري تجاربه العلمية حول هذا الغاز ، ولا ريب في أنه لو استمر في بحوثه العلمية لاستطاع الاهتداء إلى نتائج هامة أخرى ، غير أنه أنضم إلى حركة الثورة الفرنسية ، وأيد المناضلين الفرنسيين ، فجلب على نفسه سخط الانجليز وبغضهم ، واضطر إلى مغادرة وطنه بريطانيا إلى أمريكا حيث قضى بقية عمره ، وهناك ألف ثلاثة كتب ، ولكنها مبتوتة الصلة بالهواء أو بالمسائل العلمية التي كانت شغله الشاغل قبل ذلك.
والحقيقة التاريخية هي أن جعفر الصادق (عليه السلام) . هو أول من أهتدى إلى الأوكسجين أو مولد الحموضة ، وأغلب الظن أنه اهتدى إليه وهو ما زال في مدرسة أبيه الباقر (عليه السلام) . ولما شرع بعد ذلك في إلقاء دروسه المتصلة في حلقاته ، أعمل فكره ، وانتهى إلى أن الهواء ليس عنصرا بسيطا بل هو مركب من عناصر مختلفة ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن جعفر الصادق (عليه السلام) لم يطلق على الأوكسجين اسم مولد الحموضة ، ولكنه سبق غيره في الإشارة إلى أن الهواء هو مزيج من عناصر شتى يساعد بعضها على تنفس الكائنات الحية كما يسعد على الاحتراق.
ومضى الصادق (عليه السلام) في سبيله ، فتوصل إلى أن محتويات الهواء لو جزئت ، لكان من فعلها النفاذ في الأجسام وتذويب الحديد.
إذن ، فقد كان جعفر الصادق (عليه السلام) سابقا بألف سنة على بريستلي و لافوازييه في اكتشاف الأوكسجين ، وان كان لم يطلق عليه اسم الأوكسجين ولا اسم مولد الحموضة كما ذكونا آنفا . ثم أن لافوازييه الذي عين خصائص الأوكسجين ، لم يرفق إلى تجربة ذوبان الحديد بفعل الأوكسجين ، وهي الترجبة التي اضطلع بها جعفر الصادق (عليه السلام) قبله بألف عام.
وقد برهن العلم الحديث على أنه متى حمى الحديد بالنار إلى درجة الاحمرار ، ثم وضع في أوكسجين خالص ، اشتعل وانبعث منه شعلة مضيئة شبيهة بالفتيل الذي كان يغمس في الزيت في المصابيح القديمة ، وان تكن الشعلة أقوى وأشد ضوءا ، وهذه هي النظرية التي يستند إليها في منع المصابيح الكهربائية الحديثة التي تضيء مناطق شاسعة في الليالي الظلماء ، وتظل مضيئة بصورة مستمرة ما دام سلك الحديد فيها مشتعلا بفعل الأوكسجين المحبوس داخل المصباح.
وقد جاء في رواية أن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) قال : (إن الماء الذي يطفئ النار يستطيع ان يوقدها بفضل العلم) فحسب البعض أن هذا القول ملقى على عواهنه ، أو انه من قبيل الفكاهية أو خيالات الشعراء ، ولكن الذي تحقق فعلا منذ القرن الثامن عشر أن الماء يزيد النار اشتعالا ، ويولد قوة محرقة أشد بكثير من نار الحطب ، لأن لغاز الهيدروجين (وهو أحد العنصرين الهامين في تركيب الماء) قوة إحراق إذا أضيفت إلى قوى الأوكسجين بلغت درجة حرارتهما ٦66٤ درجة. ويطلق على هذا العملية اسم العملية الاوكسجينية الهيدروجينية OXYDROGENE ، وهي تستخدم في لحام الحديد والفولاذ ، أو في تقطيع الفولاذ وتثقيبه .
وقد طلع الإمام الباقر (عليه السلام) بهذه النظرية قبل اكتشاف الهيدروجين ، ولا دليل لدينا على أن الصادق (عليه السلام) تمكن من فصل الهيدروجين أو الأوكسجين من الماء ، ولكن الذي لا ريب فيه أنه توصل بفضل تجاربه وأبحاثه إلى تحديد خواص الأوكسجين ، ومن هنا يصح القول انه استفاد من هذا العنصر الهام في تحاليله ، وأنه استخلصه من الهواء ممتزجا بمواد وعناصر أخرى ، أي دون أن يكون خالصا نقيا .
ومن النتائج المؤكدة التي انتهى إليها جعفر الصادق (عليه السلام) ، وما هي بنظرية مجردة ، الحقيقتان التاليتان :
1. حقيقة أن في الهواء عنصرا يفوق العناصر الأخرى في أهميته ، وهو العنصر الأساسي في الحياة والتنفس.
٢ - أن هذا العنصر قادر بمرور الوقت على تغيير شكل الأشياء والتأثير فيها بإفسادها وتحللها وتأكلها.
ولا ننسى أن هذا العنصر الهوائي يقوم بدور الوسيط في هذه العمليات ، ومن هنا استطاع جعفر الصادق (عليه السلام) معرفة الأوكسجين.
ظن العلماء والباحثون بعد اكتشافه الأوكسجين على يدى "بريستلي " وبعل تحديد خواصه وآثاره وتغيير شكلها ، فلما جاء العالم الفرنسي لويس (باستور) واكتشف الجراثيم ، قال أن التغيير الذي يطرأ على شكل بعض المواد ، كالأغذية ويؤدي إلى فسادها ، أنما يعزى إلى الجراثيم وليس إلى الأوكسجين ، كما قال أن الجراثيم تهاجم المواد الغذائية وتحللها ، فيدب فيها الفساد. غير أن (باستور) لم يبين نوع العلاقة بين الجراثيم والأوكسجين ، ولا توصل إلى أن الفساد الذي تحدثه الجراثيم ، إنما يتم في وجود الأوكسجين ، ولولا هذا الغاز ، لما تمكنت الجراثيم من البقاء على الحياة أو التأثير في المواد. أما جعفر الصادق (عليه السلام) فقد قال إن الهواء جزءا (يعني الأوكسجين) يؤثر أحيانا بالواسطة في تغيير شكل المواد ، ويؤثر أحيانا بغير واسطة متى تعرض لها الحديد بصورة مباشرة فيحدث ما يسمى بالتأكسد Oxyde أو الصدأ.
ولئن كانت هذه النظرية الدقيقة تستعصي على الكشف إلا في المختبرات والا بالتحليل العلمي ، فقد توصل إليها جعفر الصادق (عليه السلام) بفرط ذكائه ونبوغه ، وان كان الصادق لم يتوافر على إبراز ما للهواء أو الأوكسجين من خاصيات أخرى ، فإنه اهتدى إلى أن الأوكسجين ، الذي يعتبر عنصرا أساسيا في الهواء ، والذي يغير أشكال المواد ، والذي هو مناط الحياة ، هو أثقل جميع العناصر الموجودة في الهواء .
وبعد ألف سنة ، جاء لافوازييه ، فأكد هذه النظرية ، وزاد عليها بتعيينه وزن الأوكسجين ومقداره ٩ / 8 الماء ، أي أن في كل تسعة كيلو غرامات من الماء ثمانية كيلو غرامات من الأوكسجين. هذا من حيث الوزن ، أما من حيث الحجم ، فالهيدروجين الموجود في الماء يساوي ضعفي الأوكسجين ، لأن الماء مركب من ذرتي هيدرجين وذرة أوكسجين.
ومع أن لافوازييه توصل إلى نتائج هامة في تحليله للهواء ومعرفة خواص الأوكسجين ، إلا أنه لم يستطع تحويل هذا الغاز إلى سائل (أي إسالته) ، وان كانت الفكرة بقيت تراوده ، وكادت تتحقق لولا أن الصناعة في أوروبا وقتئذ كانت ما تزال في بدايتها ، ولم تكن قد قطعت أشواطا تتيح للافوازييه تحقيق أمنيته حالا . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، أصدرت المحاكم الثورية في فرنسا حكمها المفاجئ القاسي بإعدام لافوازييه ، فمات بالمقصلة.
وكان من رأي الكيميائيين بعد لافوازييه ، والى وقت ، متأخر ، أن هناك استحالة لإسالة غاز الأوكسجين فلما جاء القرن العشرون بإنجازاته العلمية والتكنولوجية ومفاجأته الكثيرة ، نجح العلماء في إيجاد برودة مفرطة (صناعياَ) واستطاعوا بذلك أن يسيلوا غاز الأوكسجين بكميات غير محددة ، وسخروا الأوكسجين السائل في أغراض كثيرة من طبية وصناعية وما إليها .
وقد تسنى هذا كله بفضل الوصول صناعيا بدرجة البرودة إلى ما تحت الصفر بـ 183 درجة ، وهكذا سال الأوكسجين في الجو العادي دون حاجة إلى ضغط قوي ، وأمكن إنتاج كميات كبيرة من غاز الأوكسجين السائل .
والواقع أن هذه الدرجة من البرودة هي درجة مفرطة ، ويقول العلماء إن الفرق بينها وبين البرودة المطلقة التي تشل الحركة الحيوية في المادة هو ٩٠ درجة لا غير ( ١٦ ، ١٨٣.٢٧٣ ).
ولئن لم يسمح عصر جعفر الصادق (عليه السلام) لهذا العالم بأن يتابع البحث إلى أن يحدد عناصر الهواء بأسمائها ، ويعين الأوكسجين (أو مولد الحموضة) ، فواقع الأمر أنه سبق بآرائه العلمية الفذة جميع العلماء والمكتشفين بألف سنة (1).
____________________________
1. الإمام الصادق كما عرفه علماء الغرب ( ١١٩١ - ١٧٠ ) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|