تقوم التنشئة الاجتماعية بتكوين جانب آخر , وهو تكوين الذات , فالوليد البشري , يمر بعملية التنشئة الاجتماعية في المجتمع , فيكتسب ذاتاً متميزة عن الذوات الأخرى وعن البيئة الاجتماعية فالذات هي الفرد كما يعرفه الفرد نفسه (1) . ويقول حامد زهران عن الذات : (هي الشعور والوعي بكينونة الفرد)(2) . والذات الاجتماعية هدف أساسي لعملية التطبيع الاجتماعي فهي المقوم الهام الذي  يميز الفرد الإنساني في المرحلة الاجتماعية النفسية عنه في المرحلة الفردية البيولوجية .

يبدأ الطفل حياته بعدم التمييز بين ذاته , وبين العالم الذي يحيط به , ثم يبدأ بعد ذلك بالتمييز بين أجزاء جسمه وبين الأشياء الأخرى التي تحيط به . ويمر الطفل بعملية مماثلة عند تمييزه بين ذاته وبين الذوات الأخرى عن طريق معاملة الكبار في المجتمع له بصورة معينة . ثم يكتشف بعد ذلك أن هناك قوانين ونظماً تسير الحياة الاجتماعية , وعليه أن يستجيب لها , إذا أراد لرغباته أن تتحقق . وعندما يتعلم الطفل لغة المجتمع الذي يولد فيه فإن هذا يساعده على تمييز ذاته عن ذوات الآخرين .

____________________

1ـ G. Murphy : Personality : A Biosocial approach to origins and structure , Harper , New York , 1947 , p , 65.     

2ـ حامد زهران , علم النفس الاجتماعي , الطبعة الرابعة , عالم الكتب , القاهرة , 1977 , ص258 .