أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-02-2015
3431
التاريخ: 5-4-2019
1999
التاريخ: 13-4-2016
3076
التاريخ: 14-4-2016
4587
|
من العلوم المهمّة التي خاضها الإمام (عليه السلام) علم الحيوان تحدّث فيها عن خصائصها وبديع صنعها وتركيبها ؛ووصف الإمام (عليه السلام) الطيور وصفا دقيقا وملمّا بجميع أصنافها قال (عليه السلام) : ابتدعهم خلقا عجيبا من حيوان وموات وساكن وذي حركات ؛ وأقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته وعظيم قدرته ما انقادت له العقول معترفة به ومسلّمة له ونعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيّته وما ذرأ من مختلف صور الأطيار الّتي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها ورواسي أعلامها من ذات أجنحة مختلفة وهيئات متباينة مصرّفة في زمام التّسخير ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح والفضاء المنفرج , كوّنها بعد إذ لم تكن في عجائب صور ظاهرة وركّبها في حقاق مفاصل محتجبة ومنع بعضها بعبالة خلقه أن يسمو في الهواء خفوفا وجعله يدفّ دفيفا ونسقها على اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته ودقيق صنعته , فمنها مغموس في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ؛ ومنها مغموس في لون صبغ قد طوّق بخلاف ما صبغ به أرأيتم هذا الوصف الدقيق الرائع للطيور المختلفة ألوانها البديعة مظاهرها التي تأخذ بأعماق النفوس ألوانها فتعالى الله في صنعه وخلقه وهي من آيات الله تعالى ومن شواهد وحدانيّته .
وبعد ما أدلى الإمام في وصف مطلق الطيور ذكر عجيب صنع الطاوس قال (عليه السلام) : ومن أعجبها خلقا الطّاوس الّذي أقامه في أحكم تعديل ونضّد ألوانه في أحسن تنضيد بجناح أشرج قصبه وذنب أطال مسحبه إذا درج إلى الأنثى نشره من طيّه وسما به مطلاّ على رأسه كأنّه قلع داريّ عنجه نوتيّه يختال بألوانه ويميس بزيفانه يفضي كإفضاء الدّيكة ويؤرّ بملاقحه أرّ الفحول المغتلمة للضّراب أحيلك من ذلك على معاينة لا كمن يحيل على ضعيف إسناده ولو كان كزعم من يزعم أنّه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه فتقف في ضفّتي جفونه وأنّ أنثاه تطعم ذلك ثمّ تبيض لا من لقاح فحل سوى الدّمع المنبجس لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب ! تخال قصبه مداري من فضّة وما أنبت عليها من عجيب داراته وشموسه خالص العقيان وفلذ الزّبرجد فإن شبّهته بما أنبتت الأرض قلت : جنى جني من زهرة كلّ ربيع وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشيّ الحلل أو كمونق عصب اليمن وإن شاكلته بالحليّ فهو كفصوص ذات ألوان قد نطّقت باللّجين المكلّل يمشي مشي المرح المختال ويتصفّح ذنبه وجناحيه فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله وأصابيغ وشاحه ؛ فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا معولا بصوت يكاد يبين عن استغاثته ويشهد بصادق توجّعه لأنّ قوائمه حمش كقوائم الدّيكة الخلاسيّة , وقد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفيّة وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشّاة , ومخرج عنقه كالإبريق ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانيّة أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال وكأنّه متلفّع بمعجر أسحم إلاّ أنّه يخيّل لكثرة مائه وشدّة بريقه أنّ الخضرة النّاضرة ممتزجة به , ومع فتق سمعه خطّ كمستدقّ القلم في لون الأقحوان أبيض يقق فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق وقلّ صبغ إلاّ وقد أخذ منه بقسط وعلاه بكثرة صقاله وبريقه وبصيص ديباجه ورونقه فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربّها أمطار ربيع ولا شموس قيظ وقد ينحسر من ريشه ويعرى من لباسه فيسقط تترى وينبت تباعا فينحتّ من قصبه انحتات أوراق الأغصان ثمّ يتلاحق ناميا حتّى يعود كهيئته قبل سقوطه لا يخالف سالف ألوانه ولا يقع لون في غير مكانه! وإذا تصفّحت شعرة من شعرات قصبه أرتك حمرة ورديّة وتارة خضرة زبر جديّة وأحيانا صفرة عسجديّة فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن أو تبلغه قرائح العقول أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين! وأقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه والألسنة أن تصفه! فسبحان الّذي بهر العقول عن وصف خلق جلاّه للعيون وألمّ هذا الوصف الرائع بخلقة الطاوس وما فيه من العجائب التي يذهل الفكر البشري من إدراكها فسبحان المصوّر الذي خلق الطاوس بهذه الكيفيّة التي يقصر الوصف عن بيانها إلاّ أنّ باب مدينة علم النبيّ (صلى الله عليه واله) أحاط بذكر عجائب هذا الطائر الغريب في شكله والعجيب في خلقته .
ووصف الإمام (عليه السلام) الخفّاش وصفا دقيقا وملمّا بجميع خواصّه وصفاته قال (عليه السلام) : ومن لطائف صنعته وعجائب خلقته ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش الّتي يقبضها الضّياء الباسط لكلّ شيء ويبسطها الظّلام القابض لكلّ حيّ ؛ وكيف عشيت أعينها عن أن تستمدّ من الشّمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها وتتّصل بعلانية برهان الشّمس إلى معارفها وردعها بتلألؤ ضيائها عن المضيّ في سبحات إشراقها وأكنّها في مكامنها عن الذّهاب فى بلج ائتلاقها فهي مسدلة الجفون بالنّهار على أحداقها وجاعلة اللّيل سراجا تستدلّ به في التماس أرزاقها ؛ فلا يردّ أبصارها إسداف ظلمته ولا تمتنع من المضيّ فيه لغسق دجنّته فإذا ألقت الشّمس قناعها وبدت أوضاح نهارها ودخل من إشراق نورها على الضّباب في وجارها أطبقت الأجفان على مآقيها وتبلّغت بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها , فسبحان من جعل اللّيل لها نهارا ومعاشا والنّهار سكنا وقرارا! وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطّيران كأنّها شظايا الاذان غير ذوات ريش ولا قصب إلاّ أنّك ترى مواضع العروق بيّنة أعلاما لها جناحان لمّا يرقّا فينشقّا ولم يغلظا فيثقلا تطير وولدها لاصق بها لاجئ إليها يقع إذا وقعت ويرتفع إذا ارتفعت لا يفارقها حتّى تشتدّ أركانه ويحمله للنّهوض جناحه ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه , فسبحان الباريء لكلّ شيء على غير مثال خلا من غيره!
أرأيتم هذا الوصف الدقيق للخفّاش الذي تفرّد عن بقيّة الطيور بخصائصه ومميزاته ولم يحط علما بهذه الأوصاف إلاّ باب مدينة علم النبيّ (صلى الله عليه واله) الذي غذّاه النبي بعلومه ومعارفه.
ووصف (عليه السلام) خلقة الجراد بقوله : وإن شئت قلت في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين وأسرج لها حدقتين قمراوين وجعل لها السّمع الخفيّ وفتح لها الفم السّويّ وجعل لها الحسّ القويّ ونابين بهما تقرض ومنجلين بهما تقبض يرهبها الزّرّاع في زرعهم ولا يستطيعون ذبّها ولو أجلبوا بجمعهم حتّى ترد الحرث في نزواتها وتقضي منه شهواتها .
أرأيتم هذا الوصف الرائع الدقيق الذي أحاط بكنه هذا المخلوق وبصفاته وخواصّه.
وانظروا إلى وصف الإمام للنملة وما فيها من عجائب الإبداع وجمال الاسلوب قال (عليه السلام) : ولو فكّروا في عظيم القدرة وجسيم النّعمة لرجعوا إلى الطّريق وخافوا عذاب الحريق ولكن القلوب عليلة والبصائر مدخولة! ألا ينظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه وأتقن تركيبه وفلق له السّمع والبصر وسوّى له العظم والبشر! انظروا إلى النّملة في صغر جثّتها ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر كيف دبّت على أرضها وصبّت على رزقها تنقل الحبّة إلى جحرها ؛ وتعدّها في مستقرّها , تجمع في حرّها لبردها وفي وردها لصدرها ؛ مكفول برزقها مرزوقة بوفقها ؛ لا يغفلها المنّان ولا يحرمها الدّيّان ولو في الصّفا اليابس والحجر الجامس أي الجامد! ولو فكّرت في مجاري أكلها في علوها وسفلها وما في الجوف من شراسيف بطنها وما في الرّأس من عينها وأذنها لقضيت من خلقها عجبا ولقيت من وصفها تعبا! فتعالى الّذي أقامها على قوائمها وبناها على دعائمها! لم يشركه في فطرتها فاطر ولم يعنه على خلقها قادر , ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ما دلّتك الدّلالة إلاّ على أنّ فاطر النّملة هو فاطر النّخلة لدقيق تفصيل كلّ شيء وغامض اختلاف كلّ حيّ وما الجليل واللّطيف والثّقيل والخفيف والقويّ والضّعيف في خلقه إلاّ سواء .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل معتمد المرجعية الدينية العليا وعدد من طلبة العلم والوجهاء وشيوخ العشائر في قضاء التاجي
|
|
|