أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2015
![]()
التاريخ: 4-5-2016
![]()
التاريخ: 5-5-2016
![]()
التاريخ: 31-01-2015
![]() |
قبل أنْ يعلن الإمام (عليه السّلام) الحرب على غول الشام أوفد للقياه جرير بن عبد الله البجلي يدعوه إلى الطاعة والدخول فيما دخل فيه المسلمون من مبايعته وقد زوّده برسالة دعاه فيها إلى الحقّ مِنْ أقصر سبيله وبأوضح أساليبه وفيها الحكمة الهادية لمَنْ أراد الهداية وشرح الله صدره وفجّر في فؤاده ينبوع النور وانتهى جرير إلى معاوية فسلّمه رسالة الإمام (عليه السّلام) وألحّ عليه في الوعظ والنصيحة وكان معاوية يسمع منه ولا يقول له شيئاً وإنّما أخذ يطاوله ويسرف في مطاولته لا يجد لنفسه مهرباً سوى الإمهال والتسويف.
ورأى معاوية أنّه لن يستطيع التغلّب على الأحداث إلاّ إذا انضمّ إليه داهية العرب عمرو بن العاص فيستعين به على تدبير الحيل ووضع المخططات التي تؤدي إلى نجاحه في سياسته فراسله طالباً منه الحضور إلى دمشق وكان ابن العاص فيما يقول المؤرّخون : قد وجد على عثمان حينما عزله عن مصر فكان يؤلّب الناس عليه ويحرّضهم على الوقيعة به وهو ممّن مهّد للفتنة والثورة عليه ولمّا أيقن بحدوث الانقلاب عليه خرج إلى أرض كان يملكها بفلسطين فأقام فيها وجعل يتطلّع الأخبار عن قتله ؛ ولمّا انتهت رسالة معاوية إلى ابن العاص تحيّر في أمره فاستشار ولديه عبد الله ومُحمّداً ؛ أمّا عبد الله فكان رجل صدق وصلاح فأشار عليه أنْ يعتزل الناس ولا يجيب معاوية إلى شيء حتّى تجتمع الكلمة ويدخل فيما دخل فيه المسلمون ؛ وأمّا ابنه مُحمّد فقد طمع فيما يطمع فيه فتيان قريش مِن السعة والتقدّم وذيوع الاسم فقد أشار عليه بأنْ يلحق بمعاوية لينال من دنياه.
فقال عمرو لولده عبد الله : أمّا أنت فأمرتني بما هو خير لي في ديني , وقال لولده مُحمّد : أمّا أنت فأمرتني بما هو خير لي في دنياي , وأنفق ليله ساهراً يفكّر في الأمر هل يلتحق بعلي فيكون رجلاً كسائر المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم مِنْ دون أنْ ينال شيئاً مِنْ دنياه ولكنّه يضمن أمر آخرته أو يكون مع معاوية فيظفر بتحقيق ما يصبو إليه في الدنيا مِن الثراء العريض وهو لمْ ينسَ ولاية مصر فكان يحنّ إليها حنيناً متّصلاً وقد اُثر عنه تلك الليلة مِن الشعر ما يدلّ على الصراع النفسي الذي خامره تلك الليلة , ولمْ يسفر الصبح حتّى آثر الدنيا على الآخرة فاستقرّ رأيه على الالتحاق بمعاوية فارتحل إلى دمشق ومعه ابناه فلمّا بلغها جعل يبكي أمام أهل الشام كما تبكي المرأة وهو يقول : وا عثماناه! أنعى الحياء والدين .
قاتلك الله يابن العاص! أنت تبكي على عثمان وأنت الذي أوغرت عليه الصدور وأثرت عليه الأحقاد وكنت تلفي الراعي فتحرّضه عليه حتّى سُفك دمه! لقد بلغ التهالك على السلطة في ذلك العصر مبلغاً أنسى الناس دينهم فاقترفوا في سبيل ذلك كلّ ما حرّمه الله , ولمّا التقى ابن العاص بمعاوية فتح معه الحديث في حربه مع الإمام (عليه السّلام) فقال ابن العاص : أمّا علي فوالله لا تساوي العرب بينك وبينه في شيء مِن الأشياء وإنّ له في الحرب لحظاً ما هو لأحد مِنْ قريش إلاّ أنْ تظلمه , واندفع معاوية يبيّن دوافعه في حربه للإمام قائلاً : صدقت ولكنّا نقاتله على ما في أيدينا ونلزمه قتلة عثمان , واندفع ابن العاص ساخراً منه قائلاً : وا سوأتاه! إنّ أحق الناس أنْ لا يذكر عثمان أنت!
ـ ولِمَ ويحك؟!
ـ أمّا أنت فخذلته ومعك أهل الشام حتّى استغاث بيزيد بن أسد البجلي فسار إليه وأمّا أنا فتركته عياناً وهربت إلى فلسطين , واستيقن معاوية أنّ ابن العاص لا يخلص له ورأى أنّ مِن الحكمة أنْ يستخلصه ويعطيه جزاءه مِن الدنيا فصارحه قائلاً : أتحبّني يا عمرو؟
ـ لماذا؟ للآخرة فوالله ما معك آخرة أم للدنيا؟ فوالله لا كان حتّى أكون شريكك فيها.
ـ أنت شريكي فيها؟
ـ اكتب لي مصر وكورها.
ـ لك ما تريد.
فسجّل له ولاية مصر وجعلها ثمناً لانضمامه إليه في مناهضته لوصي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد ظفر بداهية مِنْ دواهي العرب وبشيخ مِنْ شيوخ قريش قد درس أحوال الناس وعرف كيف يتغلّب على الأحداث.
ولمّا اجتمع لمعاوية أمره وأحكم وضعه ردّ جرير وأرسل معه إلى الإمام (عليه السّلام) رسالة حمّله فيها المسؤولية في إراقة دم عثمان وعرّفه بإجماع أهل الشام على حربه إنْ لمْ يدفع له قتلة عثمان ويجعل الأمر شورى بين المسلمين , وارتحل جرير إلى الكوفة فأنبأ علياً (عليه السّلام) بامتناع معاوية عليه وعظم له أمر أهل الشام ورأى الإمام أنْ يقيم عليه الحجّة مرّة أخرى فبعث له سفراء آخرين يدعونه إلى الطاعة والدخول فيما دخل فيه المسلمون إلاّ أنّ ذلك لمْ يجدِ شيئاً فقد أصرّ معاوية على غيّه وعناده حينما أيقن أنّ له القدرة على مناجزة الإمام (عليه السّلام) ومناهضته.
وألهب معاوية بمكره وخداعه قلوب السذّج والبسطاء مِنْ أهل الشام حزناً وأسىً على عثمان فكان ينشر قميصه الملطخ بدمائه على المنبر فيضجون بالبكاء والعويل واستخدم الوعّاظ فجعلوا يهوّلون أمره ويدعون الناس إلى الأخذ بثأره وكان كلّما فتر حزنهم عليه يقول له ابن العاص بسخرية واستهزاء : حرّك لها حوارها تحنّ.
فيخرج إليهم قميص عثمان فيعود لهم حزنهم وقد أقسموا أنْ لا يمسّهم الماء إلاّ مِن الاحتلام ولا يأتون النساء ولا ينامون على الفراش حتى يقتلوا قتلة عثمان وكانت قلوبهم تتحرّق شوقاً إلى الحرب للأخذ بثأره وقد شحن معاوية أذهانهم بأنّ علياً هو المسؤول عن إراقة دمه وأنّه قد آوى قتلته وكانوا يستنهضون معاوية للحرب ويستعجلونه أكثر منه.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|