المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



عائشة الباعونية  
  
4767   11:56 صباحاً   التاريخ: 18-3-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص926-930
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2015 4399
التاريخ: 29-12-2015 2819
التاريخ: 28-12-2015 5495
التاريخ: 29-12-2015 3707

هي الشيخة أم عبد الوهّاب بنت يوسف بن أحمد بن ناصر الدين بن خليفة الباعونية الدمشقيّة الصالحيّة الصوفية، ولدت في دمشق و حفظت القرآن الكريم و لها من العمر ثماني سنوات.
تلقّت عائشة الباعونية النسك و التصوف على إسماعيل الخوارزميّ ثمّ على يحيى الأرموي. بعدئذ حملت إلى القاهرة و نالت فيها حظّا وافرا من العلوم و أجيزت بالإفتاء و التدريس.
يبدو أنّ عائشة الباعونية كانت حريصة على أن تجعل لولد لها جاها في الدولة، فمدحت أبا الثناء محمود بن أجا الحلبيّ صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية. ثم اتّفق أن كان أبو الثناء في الشام فصحبته، و معها ابنها، إلى مصر و قابلت السلطان قانصوه الغوري، و لكنّ مأربها من رحلتها إلى مصر لم يتحقّق-فان قانصوه الغوري كان مشغولا بالخطر المطلّ على ملكه من الدولة العثمانية. و عادت عائشة الباعونية الى دمشق. و لمّا وصل قانصوه الغوريّ إلى حلب، في رجب 922 ه‍ (آب-أغسطس 1516 م) في محاولة لصدّ الجيوش العثمانية عن الشام، انتهزت عائشة الباعونية الفرصة و سارت لمقابلته، و لكنّ قانصوه الغوريّ سقط قتيلا في معركة مرج دابق قبل أن تصل إليه عائشة؛ ثم بدأ السلطان سليم العثماني يستولي على المدن الشامية واحدة واحدة.
عادت عائشة الباعونية إلى دمشق ثم توفّيت فيها وشيكا، في السنة نفسها )922 ه‍-1516 م) .
كانت عائشة الباعونية عالمة فاضلة و أديبة بارعة و شاعرة مجيدة، و كان أكثر شعرها بديعيّات تتّكئ فيها على ابن الفارض من حيث المعنى و على البوصيريّ من حيث اللفظ و المعنى معا. و لها شيء من المديح و قصائد إخوانية في عدد من الأغراض الوجدانية. و كذلك كانت مصنّفة لها: الفتح الحنفيّ (أقوال صوفية) -الملامح الشريفة و الآثار المنيفة (قصائد صوفية) - در الغائص في المعجزات و الخصائص (قصيدة رائية: بديعية) ، الخ.
مختارات من آثارها:
- قالت عائشة الباعونية تصف دمشق:
نزّه الطرف في دمشق ففيها... كلّ ما تشتهي و ما تختار 
هي في الأرض جنّة، فتأمّل... كيف تجري من تحتها الأنهار 
كم سما في ربوعها كلّ قصرٍ... أشرقت من وجوهها  الأقمار
و تناغيك بينها صادحات... خرست عند نطقها الأوتار (1) 
-من الفتح المبين في مدح الأمين )بديعيّة: في مدح محمّد رسول اللّه) :
في حسن مطلع أقماري بذي سلم ٍ... أصبحت في زمرة العشّاق كالعلم (2) 
أقول و الدمع جارٍ جارح مقلي... و الجار جار بعذل فيه متّهم (3) 
يا سعد، ان أبصرت عيناك كاظمة... و جئت سلعا فسل عن أهلها القدم 
أحبّة لم يزالوا منتهى أملي... و إن هم بالتنائي أوجبوا ندمي 
كيف السلوّ و نار الحبّ موقدة... وسط الحشا و عيون الدمع كالديم (4) 
و لي جفون بغير السهد ما اكتحلت... و لي رسوم بغير السقم لم تسم (5) 
تهابني الأسد في آجامها، و ظبا... تلك الظبا قد أذلّتني لعزّهم (6) 
بلغت في العشق مرمى ليس يدركهُ... الاّ خليع صبا مثلي الى العدم (7) 
قالوا: ارعوي؛ قلت: قلبي ما يطاوعني... قالوا: انثني؛ قلت: عهدي غير منفصم 
يا عاذلي، أنت معذور؛ فلست ترى ... اذا بدا الصبح ما غطّى غشى الظلم (8)
عن ذمّ مثلك تبياني أنزّهه... إذ أنت عندي معدود من النعم (9) 
أتعبت نفسك في عذلي؛ و معذرةً... منّي إليك فسمعي عنك في صمم ِ
لُم، يا عذولي، و شاهد حسنهم؛ فإذا... شاهدته و استطعت اللّوم-بعد- لُمِ
ما بهجة الشمس في الآفاق مشرقة... يوما بأبهج من لألاء حسنهم 
لا مكّنتني المعالي من سيادتها... إن لم أكن لهم من جلمة الخدم 
لهم شمائل بالإحسان قد شملت... و علّمت كرم الأخلاق و الشيم (10) 
حلّوا بقلبي، فيا قلبي تهنّ بهم... و افرح و لا تلتفت عنهم لغيرهم 
فليت شعري، هل حالي بمنتظم... قبل الفوات، و هل شملي بملتئم 
نعم، نعم، حدّثتني-و هي صادقة-... ظنون سرّي حديثا غير متّهم 
سادوا فجودهم جمّ، و بذلهم... حتم، و موردهم غنم لكلّ ظمي (11) 
و منها في مدح الرسول:
كم أعقبت راحة باللمس راحته... و كم محا محنة ريق له بفم 
و ذكره كاد-لو لا سنّة سبقت-... إذا تكرّر يحيي بالي الرمم (12) 
قالوا: هو الغيث قلت: الغيث آونةً... يهمي، و غيث نداه لا يزال همي (13) 
جرّدت حجّي له من كلّ مفسدة... و لم تزل بالصفا تسعى له قدمي (14) 
طه الذي إن أخف ذنبي و لذت به... أمنت خوفي و نجّاني من النقم (15) 
- و قالت تذكر شيئا من ترجمتها:
و كان ممّا أنعم اللّه تعالى به عليّ أنّني بحمده لم أزل أتقلّب في أطوار الإيجاد في رفاهية لطائف البرّ الجواد إلى أن خرجت إلى هذا العالم المشحون بمظاهر تجلّياته الطافح بعجائب قدرته و بديع آياته. . . . . فربّاني اللطف الربّانيّ في مشهد النعمة و السلامة، و غذاني بلبان مدد التوفيق لسلوك سبيل الاستقامة. و في بلوغ درجة التمييز أهّلني الحق لقراءة كتابه العزيز و منّ عليّ بحفظه على التمام ولي من العمر ثمانية أعوام. . . . .
______________________
1) خرست (سكتت) عند نطقها الأوتار. . . : المقصود: أصوات الطيور أجمل من أصوات الآلات الموسيقية.
2) ذو سلم: موضع في الحجاز (ليس مقصودا لذاته) . أقماري: كناية عن المحبوب. اصبحت. . . . . . كالعلم (الجبل العالي، العلامة الظاهرة) : مشهورة.
3) . . . و الدمع جار (من جرى يجري: سال يسيل) جارح مقلي (عيوني) بكثرة البكاء. و الجار جار (ظلم) بعذل (لوم) متهم (ظالم، غير ناصح في لومه) .
4) السلو: النسيان، التسلي. الديمة: السحابة الممطرة.
5) السهد: ذهاب النوم، السهر. رسوم: أعضاء و صفات جسدية. السقم: المرض، النحول. لم تسم (الصواب: لم توسم) : لم تتصف.
6) الأجمة: مجتمع الأشجار (و يسكنها الأسد أحيانا) . ظبا (جمع ظبة بضم الظاء و فتح الباء بلا تشديد: حد السيف) تلك الظبا (بكسر الظاء-الظباء جمع ظبية: الغزال) .
7) خليع صبا (بكسر الصاد) : من خلع الحياء في التمتع بصباه (شبابه) . الى العدم: حتى لم يبق عندي شيء من الحياء.
8) غشى (كذا في الأصل، و لعلها عشا: سوء البصر في الليل. و لعلها: دجى) . -المقصود: اذا طلع الصبح (ظهرت الحقيقة، وصلت الى المعرفة الصوفية) ترى حينئذ كل ما كان ظلام الليل (الجهل بالحقيقة الالهية) قد حجبه عنك.
9) النعم: الأنعام، البهائم كالغنم و البقر.
10) شمائل جمع شمال (بكسر الشين) : طبع، خصلة، خلق. الشيمة: الخصلة الجميلة. قد شملت (عمّت الناس) .
11) جم: كثير. البذل: العطاء. حتم: مؤكد. المورد: مكان شرب الماء. غنم: غنيمة، ربح الظمي (الظمئ: الظامئ: العطشان) .
12) لو لا سنة سبقت: لو لا القانون (الذي يدل على أنه لا يحيي الأموات الا اللّه) . بالي الرمم: بقايا أجساد الموتى التي بليت (تهرأت و تفتتت) .
13) آونة: حينا. لا يزال همي-لا يزال هاميا (يهطل دائما) .
14) -جعلت حجي له (للّه) خالصا من كل غاية أخرى تفسده (التجارة مثلا تفسد الحج) . الصفا و المروة من مناسك الحج (موضعان في مكة يسعى الحاج بينهما سبع مرات) - و الصفاء: النقاء و سلامة النية (تورية) .
15) طه من أسماء الرسول. لاذ: التجأ.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.