أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-1-2021
1786
التاريخ: 27-12-2020
1562
التاريخ: 5-1-2022
1543
التاريخ: 2023-02-24
1071
|
إن العراق كان قد سبق الدول المجاورة في إقامة مشاريع الري للاستفادة من دجلة والفرات والروافد، ولاسيما بعد توفر المبالغ اللازمة نتيجة التوسع في إنتاج النفط، وإنشاء مجلس الإعمار، في الخمسينيات من القرن الماضي. وبالرغم من إقامة مشاريع لخزن المياه، وتوليد الطاقة الكهربائية، وتوسيع رقعة الأراضي الزراعية، ولكن الهم الأكبر كان في التخلص من آثار الفيضانات، إذ لم تكن هناك مشكلة إمكان عدم توفر المياه ظاهرة للعيان، إلى أن وضعت الخطة الطموحة للاكتفاء الذاتي في الدراسة السوفيتية التي أشرنا إليها سابقاً. ولكن لم يتحقق من هذه الخطة شيء، وإنما رجعنا إلى الوراء، لمراحل عديدة، وذلك بسبب السياسات الطائشة والقاتلة لطموحات تطوير العراق ومنذ ثمانينات القرن الماضي لحد هذا اليوم، وكما أوضحنا في الصفحات السابقة.
وهنا يجب أن أوضح أنه بالرغم من أن الهم الأساسي للعراق في النصف الأول من اقرن الماضي كان التخلص من الفيضانات، ولكن هذا لا يعني عدم وجود سنوات جفاف حاد في العراق. وحسب الإحصائيات المتوفرة، فإن معدلات مياه دجلة (عند الموصل)، كانت عموماً تزيد عن (30)كم3/السنة، ولكنها انخفضت في سنة (1925) إلى أقل من (20)كم3، واستمرت بالانخفاض إلى سنة (1930) والتي كانت أقل من (16)كم3، وثم رجعت بعد ذلك إلى الصعود إلى المعدلات السابقة. كذلك الأمر في الفرات حيث انخفض في سنة (1925) في هيت إلى (12)كم3.
في نفس الوقت، وخصوصاً بدءاً من سبعينيات القرن الماضي نشطت جميع دول الجوار في تطوير مشاريع الري والزراعة وأصبح العراق سوقاً لمنتجاتها، على غير المخطط له في العراق في السبعينيات. ولما كان حديثنا هو على "الموازنة المائية في العراق"، لذا سيكون اهتمامنا هنا بدول الجوار المؤثرة في هذه الموازنة، وهنا سنركز على تركيا بالدرجة الأولى، وإيران بالدرجة الثانية، وبما يتعلق بمشاريعهما للري والزراعة والتي أثرت وتؤثر في الموازنة المائية في العراق. في هذا القسم من الدراسة، سنعرض ما تم وما هو مخطط له، وضمن الخطط الاقتصادية لهاتين الدولتين لتطوير اقتصادهما، وسنناقش في فصل لاحق أحقية العراق وهاتين الدولتين في مياه المشاريع المقامة فيهما، والحلول اللازم اتخاذها لتدارك المخاطر المحدقة بالعراق.
اعتمد في كتابة هذا القسم على ما هو منشور عالمياً وموجود على الإنترنت والويكيبيديا والمواقع المهتمة بالماء والبيئة والصراعات الدولية والمؤشرة في المصادر ،والأهم هو اعتمادنا على بعض الدراسات العراقية المهمة جداً والمنشورة، وأود أن أخص بالذات كتاب الدكتور سليمان عبد الله إسماعيل: "السياسة المائية لدول حوضي دجلة والفرات وانعكاساتها على القضية الكردية"، وهو بالأصل أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، والمتضمنة معلومات كثيرة أفادتنا هنا، وكذلك في الفصل القادم المتعلق بالنزاعات مع دول الجوار والأحقية في المياه. كذلك كتاب "الأمن المائي العراقي" للدكتور محمد عبد المجيد حسون الزبيدي ، وبما يتعلق بأهمية المشكلة كمسألة تخص "أمن العراق" واستقراره، وتتضمن الدراسات العراقية المذكورة أسماء المصادر التي اعتمدتها في إعدادها.
أ- تركيا : ان "تقرير عام عن الموارد المائية/الواقع والآفاق" والمعد من قبل السيد وزير الموارد المائية في شباط 2007، وعند التحدث عن "أولاً: الموارد المائية السطحية الحالية، من أن 56% من مياه دجلة، وروافده ضمن الأراضي العراقية، تأتي من تركيا، وأن 12% منها تأتي من إيران والباقي 32% تأتي من داخل الأراضي العراقية". أما بالنسبة للفرات فإن 88% من مياهه الداخلة للعراق تأتي من تركيا و9% من سوريا و3% من داخل العراق. هناك مصادر أخرى قد تعطي أرقاماً مختلفة، ولكن الاختلاف قليل جداً، ولذا سنعتمد هذه الأرقام.
مما ورد في أعلاه نرى أن المشكلة الكبيرة تأتي من المشاريع التركية، لأن معظم مياه دجلة وروافده، وتقريباً كل مياه الفرات تأتي من تركيا، مما يعطي أهمية قصوى لما يحدث حالياً في تركيا.
أولاً: معلومات مائية عامة عن تركيا :
بلغ عدد نفوس تركيا في عام 2005 حوالي (73.2) مليون نسمة ، وفي حسابات خطط التنمية التركية، وبزيادة سنوية قدرها 1.4%، فإن عدد نفوس تركيا في سنة 2030، سوف يتجاوز (103) مليون نسمة، ولو أن الحكومة التركية تأمل في خططها المخصصة إلى تلك السنة أن تقل نسبة النمو السكاني عن 1.4% كلما تطور النمو الاقتصادي والاجتماعي في تركيا، ولهذا تفترض بأن عدد سكان تركيا سيصل إلى (90) مليون نسمة في عام 2030.
إن معدل سقوط الأمطار في تركيا عموماً يبلغ 643 ملمتر مم/السنة، ولا يأتي المطر في موسم الزراعة. كما وأن معدلات سقوط الأمطار تختلف من منطقة إلى أخرى، إذ يصل معدل سقوط المطر في السواحل الشمالية إلى (1260ـ 2500) ملم/السنة، وفي السواحل الغربية والجنوبية إلى (800 ـ 1000) ملم/السنة، ولكن ينخفض المعدل إلى 200 ـ 600ملم/السنة في مناطق أواسط الأناضول. وما يزيد من مشكلة المياه في الأناضول هو ارتفاع درجة الحرارة، وارتفاع معدلات التبخر، علماً أن الثلوج موجودة على مدار السنة في الجبال العالية في شرق الأناضول. علماً أن معدل التساقط المطري والثلجي في حوض دجلة في تركيا عال ويبلغ حوالي (850)ملم/السنة، وهو السبب في أن وارد نهر دجلة يزيد في تركيا عن وارد نهر الفرات بمقدار 60%، رغم أن مساحة حوض الفرات تزيد عن حوض دجلة بأكثر من 35%.
يوجد في تركيا (120) بحيرة طبيعية، و(579) بحيرة اصطناعية. ويبلغ مجموع المياه المتجددة (227) كم3/السنة، منها (186) كم3/السنة مياه سطحية، و(69) كم3/السنة من المياه الجوفية، (منها 28 كم3/السنة مياه مشتركة بين الجوفية والسطحية).
إن حوالي خمس حدود تركيا مع الدول الأخرى والبالغة (2950) كم، أي حوالي ( 615كم)، هي أنهار "مشتركة" مع الدول الأخرى، منها (238) كم مع بلغاريا واليونان، و(243) كم مع أرمينيا وجورجيا. ولما كانت تركيا تعتبر "الأنهر الدولية المشتركة" هي فقط تلك التي تشكل الحدود المشتركة، لهذا وقعت مع الاتحاد السوفيتي في سنة 1927 معاهدة لتقاسم المياه المشتركة، واستمرت هذه المعاهدة مع الدول التي خلفت الاتحاد السوفيتي بعد حله في التسعينيات من القرن الماضي، كما وقعت الدولتان في سنة 1973 اتفاقية أخرى لبناء سد/خزان مائي مشترك. كذلك، وبعد اتفاقية لوزان في سنة 1923، وقعت تركيا مع اليونان عدداً من البروتوكولات لإدارة وتقاسم مياه نهر ميريك Meric river المشترك بينهما. أما ما يتعلق بنهري دجلة والفرات فسنتطرق إليهما في فصل قادم، إذ لا تعتبرهما تركيا أنهاراً مشتركة.
نظراً لأن موسم الأمطار في تركيا لا ينسجم، على العموم، مع مواسم الزراعة، ولأن الزراعة المروية تعطي حاصلاً أعلى من الزراعة الديمية، ولتطوير نهضتها الزراعية، فإن تركيا اهتمت بتجميع المياه في سدود/خزانات وفي البحيرات العذبة. وبسبب عدم توفر النفط والغاز لديها، لذا فإنها اهتمت أيضاً بتشييد المحطات الهيد وكهربائية لإنتاج الكهرباء واعتبرت ذلك من أولويات مشاريعها. ولو ننظر إلى الإحصائيات المتوفرة إلى نهاية عام 2006، نجد أن تركيا شيدت (759) سداً، منها (208) سد كبير، كما وأن هناك (210) سد تحت الإنشاء والتخطيط والدراسة. إن الطاقة الخزنية للسدود الكبيرة البالغ عددها (208) سد تبلغ (157) كم3 (كيلومتر مكعب)، والطاقة الخزنية لجميع السدود تبلغ (651)كم3.
لهذا لا يمكن اعتبار تركيا كسائر الدول المفتقرة للمياه، ولكن منطقة الأناضول بالذات، تعتبر منطقة حارة ذات نسب أمطار قليلة، وهي بنفس الوقت مصدر مياه دجلة والفرات وروافدهما، ولهذا وبدون النظر إلى العواقب لما سيحل بالدول الموجودة أسفل هذين النهرين، ولأسباب سياسية تتعلق بمحاولة السيطرة على المنطقة الكردية/التركية، وإنهاء الانتفاضات القومية للكرد عن طريق تطوير المنطقة لجعلها مستقرة، خططت الحكومات التركية ونفذت ولا تزال مستمرة بتنفيذ "مشروع جنوب شرق الأناضول"، والذي سنتحدث عنه في الفقرة اللاحقة.
ثانياً: مشروع جنوب شرق الأناضول (كاب):
يسمى مشروع جنوب شرق الأناضول كاب GAP، من التسمية التركية للمشروع وهي "Guneydogu Anadolu Projesi"، ويطلق عليه باللغة الإنكليزية "مشروع تطوير جنوب شرق الأناضولThe Southeastern Anatolia Development Project".
يعتبر هذا المشروع أحد أكبر المشاريع طموحاً في العالم، وهو بالتأكيد أكبر المشاريع وأكثرها طموحاً في تركيا. يعتبر المشروع حوضي الفرات ودجلة، حوضاً موحداً، ونظراً لأن المنطقة جبلية، لذا يتضمن المشروع انفاقاً هائلة لتوصيل المياه إلى سهل حران Harran، حيث يتوفر ما يقرب من (1.7) مليون هكتار من الأراضي المنبسطة نسبياً والتي تحتاج إلى الماء بصورة ماسة لتطويرها.
لقد كانت نتائج هذا المشروع وخيمة على العراق وسوريا، وتمت معارضته بشدة من قبل هاتين الدولتين وبالأخص من العراق، ولهذا السبب تعتبر منطقة هذا الحوض (دجلة والفرات) من أكثر المناطق غير المستقرة سياسياً، والماء يلعب دوراً أساسياً في عدم الاستقرار، وتعتبر نموذجاً كلاسيكياً لنزاعات المياه واحتمال وصول هذه النزاعات إلى حروب، في حالة عدم الحل.
إن نضوج فكرة المشروع كانت في نهاية السبعينيات، رغم أن خطة إنشاء سد "كيبان" على الفرات (في تركيا) بدأت قبل ذلك بكثير، إذ وجهت ـ في حينه ـ السفارة التركية في بغداد مذكرة إلى الحكومة العراقية في تشرين الأول 1957، (يوم كان العراق وتركيا وإيران أعضاء في حلف بغداد الذي أسقطته ثورة 14 تموز 1958)، تضمنت إشعاراً برغبة تركيا إنشاء سد "كيبان"، ولما طلب العراق تأليف لجنة فنية لدراسة المشروع ومدى تأثيره في الموارد المائية العراقية، وذلك وفقاً لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة في 29/3/1946، رفض الجانب التركي المقترح العراقي ولم يبدأ العمل بإنشاء السد إلاّ في سنة 1965، وقبيل الانتهاء منه تم في كانون الثاني 1971 توقيع بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني، وتقول المادة الثالثة منه: "تجري تركيا أثناء وضع برنامج إملاء السد جميع المشاورات المفيدة مع العراق بغية تأمين حاجات العراق وتركيا للمياه...".
ولكن حدثت مشكلة مائية كبيرة في العراق وسوريا في سنة 1974 عند ملء سد كيبان، وتفاقمت المشكلة في العراق سنة 1975، وذلك عندما قامت سوريا بملء سد "الطبقة". إن هذا الأمر أعاد نفسه في سنة 1992 عندما بدأ ملء "سد أتاتورك"، حيث أطلق ما يعادل فقط (15.7)كم3 لكلا البلدين سوريا والعراق، ولقد أغلق النهر كلياً لمدة شهر، وذلك عند تحويل النهر إلى السد. أعلن كل من العراق وسوريا أن تركيا أغلقت الفرات دون إعلامهما، وأجابت تركيا بأنها أعلمت الجانبين في وقت متقدم بأن "مجرى النهر سيقطع لمدة شهر لظروف فنية قاهرة".
يقع مشروع "كاب GAP" في جنوب شرق تركيا وفي الأقسام المحاذية للحدود التركية مع سوريا والعراق، ويغطي جميع أراضي مقاطعتي أورفه وماردين، فضلاً عن أقسام كبيرة من المقاطعات الأخرى في المنطقة وبمساحة تقارب (75.4) ألف كيلومتر مربع، أي بما يزيد عن 9.6% من مساحة تركيا كلها.
يتألف مشروع كاب من (13) مشروعاً رئيسياً، سبعة منها على حوض الفرات وستة منها على حوض دجلة، (علماً أن المشروع يعتبر دجلة والفرات حوضاً واحداً). وكل مشروع رئيسي يتضمن عدداً كبيراً من المشاريع الثانوية والثلاثية، وجميع هذه المشاريع تعتمد على السدود التي تمثل الركن الأساسي من مشروع كاب.
يبلغ عدد السدود في مشروع كاب (22) سداً، وعدد المحطات الكهرومائية (19) محطة، ويذكر الدكتور سليمان عبد الله سليمان في كتابه المشار إليه سابقاً تفاصيل كثيرة عن المشروع والتي اعتمدت عليها في كتابة قسم كبير عن هذا المشروع، ولكن يذكر أن عدد السدود يبلغ (21) سداً، منها (17) على الفرات وروافده، و(4) على دجلة وروافده. كما يشير إلى أن الخطة تعمل على إرواء (1.64) مليون هكتار، وإلى إنتاج 25 مليار كيلووات/ساعة سنوياً، ومجموع سعة المحطات الكهرومائية (7560) ميكاوات، وخزن ما يزيد عن (128) كم3 من المياه، واحتلت المبالغ المطلوبة لهذا المشروع الأولوية في مجموع الميزانيات العامة التركية، حيث أن حصة المشروع كانت 6 ـ 9% منها. علماً أن الحكومة التركية قد اعتمدت أيضاً على القروض الأجنبية والمحلية، وبدرجة كبيرة، في تمويل المشروع.
من أعلاه نرى أن المشاريع تتركز بشكل أساسي في حوض الفرات أكثر من حوض دجلة، وتعتمد على مياه الفرات بنسبة 80%، ومياه دجلة بنسبة 20%، وذلك لعدة أسباب، منها أن مساحة حوض الفرات في تركيا تعادل ضعف مساحة حوض دجلة، كما وأن إمكانية الاستفادة من الموارد المائية من الفرات أسهل من دجلة، إضافة إلى وجود أراض سهلية واسعة في الأجزاء الجنوبية والشرقية مقارنة بحوض دجلة الجبلي والهضاب الوعرة العالية.
وفيما يلي موجز بأهم فقرات المشروع:
1-المشاريع المائية في حوض الفرات:
* سد وخزان كيبان : بالرغم من أن هذا السد لا يقع ضمن "مشروع كاب"، ولكن آثرنا ذكره هنا ، لأنه يقع في نفس مناطق مشروع كاب، على الامتدادات الشمالية لنهر الفرات، عند قرية كيبان، في شرق تركيا.
لقد بدأت الدراسات الأولية لمشروع سد كيبان منذ 1936، ولكن بدأ العمل به في سنة 1965وانتهى إكماله عام 1974. تبلغ الطاقة الخزنية للسد (30.7) كم3، منها (14.4) كم3 خزن ميت. وتبلغ سعة محطته الكهرومائية (1360) ميكاوات. ولقد تم لاحقاً إقامة عدد من السدود أسفل كيبان لتنظيم المياه المصرفة، وذلك ضمن مشروع كاب.
* سد قره قايا : يقع هذا السد على المجرى الرئيسي لنهر الفرات، وعلى بعد (166) كم من سد كيبان في مقاطعتي آمد وأورفه. تبلغ كمية الخزن الكلي (9.54) كم3، منها (5.54) كم3 خزن حي. وتبلغ سعة محطته الكهرومائية (1700) ميكاوات، وتم إكماله في سنة 1986. وضمن مشروع السد مشاريع إروائية لسهل اورفه ـ حران وسهل ماردين، والجزيرة وغيرها، وذلك لتوسيع الرقعة الزراعية. لقد أسهم في تمويل المشروع البنك الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير واتحاد البنوك السويسرية والألمانية والبريطانية.
* سد وخزان أتاتورك : إن هذا السد، وأعماله التكميلية المبينة أدناه، جزء من مشروع الفرات الأسفل (ضمن مشروع كاب)، ويعتبر واحداً من أكبر (4) سدود في العالم، وأكبر المشاريع التي نفذت في تركيا، ويقع على الفرات جنوب سد قره قايا بحوالي (200) كيلومتر، قرب مدينة أورفه.
بدأ العمل به في أواخر 1983، وتم إكماله بصورة نهائية في تموز 1992، يبلغ استيعاب السد (48.7)كم3، منها (12.7) كم3 خزن حي، وبارتفاع (180) متر، ويضم السد محطة كهرومائية بسعة (2520) ميكاوات.
تستخدم مياه السد لري أكثر من (870) ألف هكتار من أراضي سهول ماردين، منها (157) ألف هكتار في سهل حران (هران) وبموازاة الحدود السورية.
* نفق أورفه : وهو من الأعمال التكميلية لسد أتاتورك، ويتكون من قناتين، (نفقين)، متوازيتين، بطول (26.4) كيلومتر وبقطر (7.6) متر، وإمكانية نقل ماء تعادل (328) م3/الثانية، إضافة إلى قناة رئيسية بطول (283) كم، وأخرى فرعية بطول (150) كم، وقناة أخرى بطول (200)كم. تعتبر منظومة الأنفاق أكبر نظام نقل للماء في العالم بطريقة الأنفاق، وذلك بسبب طول الأنفاق ومعدلات الجريان العالية فيها.
إن هذه الأنفاق تعمل على تحويل مياه الفرات من مجراها الطبيعي، إلى مجرى صناعي لإرواء ما يزيد ع ن(141) ألف هكتار. بنفس الوقت فإن في هذه الأنفاق محطة كهرومائية بسعة (48) ميكاوات.
* مشاريع الري ضمن الفرات الأسفل : وتتضمن ثلاثة مشاريع ري كبيرة لإحياء أراض زراعية كبيرة تقدر بـ (565) ألف هكتار. يتضمن المشروع الأول إرواء حوالي (335) ألف هكتار بمرحلتين، والمشروع الثاني لإرواء (160) ألف هكتار، والثالث لإرواء (70) ألف هكتار. والسقي إما سيحاً أو بالمضخات.
* مشروع الفرات الحدودي : ويقع المشروع بين سد أتاتورك والحدود التركية/السورية، ويتألف من سدين ومحطة كهرومائية، الأولى بسعة (1800) ميكاوات والثانية بسعة (470) ميكاوات، وإرواء مساحة قدرها (23) ألف هكتار، وتم إكمال تنفيذ هذا المشروع في عام 1987.
* مشروع سروج ـ بازكي :يقع المشروع في محافظة أورفه وذلك لإرواء ما يزيد عن (146) ألف هكتار. يتألف المشروع من ثلاثة خزانات صغيرة وبسعة خزن حي قدرها (23) مليون متر مكعب، وإنشاء تسع محطات ضخ، وأربع محطات لتوليد الكهرباء. لقد انتهى من تنفيذ المشروع في سنة (1999).
* مشروع أديامان ـ كاهته : لقد خطط المشروع لتطوير المصادر المائية للجانب الأيمن من سد أتاتورك، ويتكون من (5) مشاريع ري، و(5) محطات كهرومائية لتوليد الكهرباء، وإرواء مساحة أراضي تتجاوز (77) ألف هكتار في محافظة أديامان.
كما أن هناك مشروعاً آخر تم إكماله في عام 1996، يسمى مشروع أديامان جوك صو ـ أرابان، يهدف إلى إرواء مساحة تقارب من (72) ألف هكتار، في محافظتي غازي عنتاب وأديامان.
كذلك هناك مشروع غازي عنتاب، والذي يتكون من ثلاثة سدود، أنجز الأول منها في سنة 1988 وبطاقة خزنية قدرها (100) مليون م3. ويهدف المشروع إلى إرواء (82) ألف هكتار من أراضي محافظتي غازي عنتاب.
من مجمل أعلاه، فإن مجموع الأراضي الزراعية المروية في حوض الفرات ضمن مشروع كاب تبلغ (1.083) مليون هكتار، وإن مجمل سعات المحطات الكهرومائية (5350) ميكاوات.
2-المشاريع المائية في حوض دجلة :
قد يلاحظ القارئ أن هناك بطء من الجانب التركي في تنفيذ مشاريعه على حوض دجلة وروافده في تركيا، ولقد سبق وأن ذكرنا أسباب البدء بالفرات قبل دجلة. ولكن وكما يظهر من تصريحات بعض المسؤولين الأتراك فإنهم لا يزالون مستمرون بإكمال تنفيذ هذا الجزء من مشروع كاب، علماً أن تصريحات الوزارة الإسلامية الحالية هي أقل حدة وأهدأ من تصريحات الوزارات التركية القومية وبما يخص، وهناك عدة أسباب منها سياسية لمحاولة تركيا الانفتاح على العالم العربي، لوجود ظروف طبيعية طوبوغرافية صعبة في منطقة حوض دجلة تحتاج إلى جهد وتمويل عالي، كما وأن مياه دجلة تمثل القسم الأصغر من مشروع "كاب" مقارنة بالفرات، ولهذا بُدء بالمناطق السهلة.
لقد جابه الجانب التركي مشاكل مالية في تنفيذ سد إيليو (على دجلة)، وانسحاب الممولين الأجانب نتيجة ضغوط مجموعات البيئة وتحركات الحكومة العراقية. وهنا يجب الاستمرار في الضغط ورفع مستواه، وإدخال مجلس الأمن والمحاكم الدولية لإيقاف العمل بهذا الجزء من "مشروع كاب".
على الرغم من إنجاز القليل في مشاريع دجلة ولكن نرى توضيحها للقارئ العراقي ليطلع على حجم المشكلة. وهنا أيضاً اعتمدت في معلوماتي على كتاب الدكتور سليمان عبد الله إسماعيل في توضيح حجم المشكلة، وكذلك على التقرير الذي أعده السيد وزير الموارد المائية إلى رئاسة الوزراء والمشار إليه سابقاً.
وفيما يلي أهم المشاريع المائية الداخلة ضمن هذا الجزء من "مشروع كاب GAP":
* مشروع دجلة ـ كيرال كيزي : يضم هذا المشروع الذي يقع في ديار بكر، سدا كيرال كيزي ودجلة ومحطتيهما الكهرومائيتين. تبلغ السعة التخزينية لسد كيرال كيزي (1.9)كم3 وسعة محطته الكهرومائية (94) ميكاوات، بينما تبلغ السعة التخزينية لسد دجلة (0.6)كم3 ومحطته (110) ميكاوات. إن هذا المشروع منفذ، ويعمل لري (126) ألف هكتار من أراضي الضفة اليمنى من دجلة، منها (74) ألف هكتار من خلال المضخات والباقي سيحاً.
* مشروع باتمان (باطمان) : يقع المشروع على رافد باتمان في ديار بكر وسيرت، ويضم سدا بسعة خزنية قدرها (1.18) كم3 ومحطة كهرومائية بسعة (198) ميكاوات، ومشاريع ري فرعية لسقي حوالي (38) ألف هكتار سيحاً وضخاً على ضفتي رافد باتمان، مع قناة رئيسية بطول (205) كم. لقد بوشر بالمشروع في سنة 1986 وتم إنجازه في سنة 1992.
* مشروع باتمان ـ سلوان، ومشروع كارزان : يقع المشروع في محافظة آمد، ويهدف إل إرواء (213) ألف هكتار من الأراضي الواقعة يسار نهر دجلة وبعدة مراحل، مع محطة كهرومائية سعتها (300) ميكاوات. كان من المفروض أن ينتهي العمل في سنة 2001، ولكن كما يظهر لم ينفذ المشروع إذ أن إرواء المساحات أعلاه يحتاج إلى كميات مياه عالية تؤثر جداً في مياه دجلة، ولكن كما رأينا في سياق الدراسة، فإن مياه دجلة الداخلة للعراق لم تتأثر كثيراً.
كذلك الحال بالنسبة لمشروع حوض كارزان قرب باتمان، والذي يوفر المياه لري حوالي (64) ألف هكتار من الأراضي الزراعية في هذا الحوض، حيث من المخطط له بناء سد بطاقة خزنية قدرها (0.5) كم3، وبارتفاع (170) م مع محطة كهرومائية بسعة (90) ميكاوات.
* مشروع سد إيليسو: وهو من المشاريع الضخمة جداً على نهر دجلة، في ولايتي ماردين وسيرت، حيث يتكون من سد إيليسو ذو السعة الخزنية (10.4) كم3، وبارتفاع (138) م، ومحطة كهربائية ضخمة بسعة (1200) ميكاوات، ويقع على بعد (50) كم من مدينة سيرت و(70) كم من الحدود العراقية التركية. ولم ينفذ هذا السد كما ذكرنا سابقاً، ولكن لا تزال الحكومة التركية تصر على تنفيذه.
* مشروع الجزيرة : وهو مشروع متعدد الأغراض، ويتألف من سد الجزيرة بسعة خزنية قدرها (0.36) كم3 ومحطة كهربائية بسعة (240) ميكاوات. يقع هذا السد جنوب سد إيليسو بحوالي (35) كم، وحوالي (4) كم عن مدينة الجزيرة قرب الحدود التركية السورية.
يتضمن المشروع أيضاً على سدود صغيرة أخرى، ومشاريع إروائية (مشروع ري سلوبي، ومشروع ري نسيبين ـ جزيرة)، وبمساحة تصل إلى (102) ألف هكتار.
وبهذا وفيما لو تم إكمال تنفيذ مشاريع دجلة، ضمن مشروع كاب، لبلغت الأراضي الزراعية المروية في حوض دجلة حوالي (558) ألف هكتار، وسعات محطات الكهرباء (2215) ميكاوات، والسعات الخزنية لجميع السدود (23.85)كم3، (والمُنفذ منها لحد الآن بمجموع سعات خزنية قدرها 3.9كم3).
* مشاريع رافد الزاب الكبير :إضافة لما ذكر أعلاه حول دجلة، فإن الحكومات التركية المتعاقبة أعدت خطة متكاملة أخرى، وضمن "مشروع كاب GAP"، لإقامة عدد من السدود والمحطات الكهرومائية على رافد الزاب الكبير ضمن الأراضي التركية. ومنها، مشاريع سدود "أعالي الزاب"، و"سولون"، و"جالديران"، و"الهضبة العالية"، و"هكاري"، وذلك لإرواء ما يزيد عن (5000) هكتار، بالإضافة إلى إنشاء (5) محطات كهرومائية.
وبهذا يصل مجموع الأراضي المروية ضمن "مشروع كاب" في حوضي دجلة والفرات وروافدهما في تركيا إلى (1.641) مليون هكتار (66% الفرات و34% دجلة). مع ما يتبع ذلك من الكمية الهائلة للمياه المسحوبة من نهري دجلة والفرات، مما يسبب وسيسبب في حال إكمال المشروع كله إلى كارثة للعراق لا
يمكن تصورها، ويكون فيها التدمير الذي تم للعراق خلال العقود الخمسة الماضية أمراً تافهاً لا يمكن مقارنته بما سيحدث، خصوصاً إذا ما تم خلق نزاع دموي مع تركيا وتتخذ تركيا خطوات رعناء غير مسبوقة بسد الأنهر، إذ تستطيع وبالسعات الخزنية الموجودة لديها أن تغلق دجلة والفرات عن العراق لمدة تقارب العامين.
نود أن نضيف بأنه، وإلى نهاية سنة 2005، فإن 75% من الاستثمارات المخصصة لمشروع كاب ذهبت إلى إنشاء السدود والمحطات الكهرومائية، و12% من الاستثمارات ذهبت إلى المشاريع الإروائية بحيث أصبح هناك (213) ألف هكتار فقط من الأراضي الإروائية الجديدة، وزيدت في السنوات اللاحقة بـ (160) ألف هكتار من الأراضي المروية الجديدة. ولقد خططت الحكومة التركية، في سنة 1998، أن تكمل جميع الاستثمارات اللازمة للمشاريع الإروائية في سنة 2010، ولكن هناك تأخيرات بسبب نقص الاستثمارات. علماً أن في معظم الأراضي المروية يعتمد على المرشّات والتنقيط في السقي، أما السقي السطحي المفتوح فيسمح له فقط في الأراضي المفتوحة وفي الحدود الجنوبية لتركيا.
ثالثاً: التطور الزراعي في تركيا :
إن الغاية من كتابة هذا الجزء من الدراسة، هو لإطلاع القارئ العراقي على مدى التطور الزراعي الذي وصلت إليه الزراعة في تركيا خلال العقدين السابقين، وطريقة إدارة المياه فيها لتقليل الضياعات والهدر في المياه، والعوائد الاقتصادية المتأتية من ذلك، بالإضافة إلى العوائد الاجتماعية من تقليل البطالة وزيادة الاستقرار والتطور العلمي والاجتماعي والخدمي والسياحي نتيجة هذا التطور، بالإضافة إلى ذكر الخطط المقبلة للتوسع في هذا القطاع، ومدى تأثير ذلك على العراق.
1-الأراضي الزراعية تبلغ الأراضي المزروعة، (الديمية والمروية)، في تركيا حوالي (28) مليون هكتار (112 مليون دونم)، منها (26) مليون هكتار يمكن أن تصنف كأراض زراعية صالحة للإرواء حسب تقديرات المكتب الأميركي لاستصلاح الأراضي "USDA – Reclamation Bureau Method".
ولو أخذنا بنظر الاعتبار إمكان تواجد المياه، فإن الأراضي الصالحة للإرواء تتقلص إلى (12.5) مليون هكتار، (طبعاً بافتراض أن تركيا تستطيع أخذ ما تشاء من مياه دجلة والفرات). ولكن الظروف الاقتصادية التركية لم تساعد في إكمال مشاريع الري، (ويحتمل أيضاً استجابة الحكومة التركية الحالية للضغوط السياسية لسوريا والعراق، ومحاولة الحصول على مكاسب اقتصادية لقاء سد جزء من حاجة القطرين للمياه)، ويحتمل أيضاً أن القرار الصادر من الأمم المتحدة في سنة 1997 حول المياه الدولية لغير أغراض الملاحة - والذي سنتحدث عنه لاحقاً ـ كان له الأثر في تفكير تركيا مرتين قبل الاستمرار بتنفيذ مشاريعها كاملة. لذا فإن التخمينات الرسمية التركية تقدر الأراضي الزراعية الممكن إروائها في الوقت الحاضر بـ (8.5) مليون هكتار، منها 93% تسقى بمياه سطحية و7% بمياه جوفية.
لقد كانت مساحة الأراضي المروية في سنة 1965، حوالي (1.6) مليون هكتار، منها فقط، (0.5) مليون هكتار مشاريع حكومية متطورة، والباقي طورت بطريقة بدائية من قبل الفلاحين. ولكن في سنة 1994، قفز مجمل الأراضي الزراعية الإروائية إلى (4.2) مليون هكتار، منها (3.1) مليون هكتار من خلال المشاريع الحكومية، (أي كل التطوير بأكمله تم من خلال المشاريع الحكومية). في سنة 2006 وصل مجمل الأراضي الزراعية الإروائية إلى (4.97) مليون هكتار، منها (3.97) مليون هكتار أراض حكومية طورت من خلال مشاريع إرواء متكاملة.
2- مشاريع الإرواء : إن أنظمة الإرواء التي نفذت من خلال المشاريع الحكومية اعتمدت أنواع مختلفة من القنوات والأنابيب الإسمنتية والحديدية، 45% منها استخدمت قنوات شبه منحرفة trapezoidal، و48% منها في قنوات إهليليجية (بيضوية) ellipsoidal مفتوحة ومنصوبة فوق الأرض، وفي 7% منها أنابيب كونكريتية أو حديدية.
في سنة 2006، كان 92% من الأراضي المروية تسقى بالمياه السطحية (بضمنها التنقيط)، و6% تستعمل المرشّات sprinklers، علماً أن نسبة استعمال المرشّات ترتفع في مناطق مرمرة إلى (62%)، وأدرنه Edirna (14%)، والقيصرية (11%). أما في منطقة البحر المتوسط، وحوالي منطقة أدنه Adana، فإن 48% من السقي يتم من خلال التنقيط.
لقد شيدت الحكومة التركية، ضمن مشاريع الري، ما يزيد طوله عن (21) ألف كيلومتر من قنوات البزل والتصريف، منها (5133) كم قنوات رئيسية، و(6500) كم قنوات ثانوية، والباقي قنوات فرعية. وبنفس الوقت نفذت شبكة طرق تزيد عن (38) ألف كيلومتر لتسهيل الوصول إلى الأراضي الزراعية ونقل المنتجات والمحاصيل.
إن الأراضي التي استصلحتها وإدارتها الدولة، يتم نقلها تدريجياً إلى الفلاحين لإدارتها، ولكن ما تم ملاحظته، وكمثال أن في سنة 2002، لم يكن بالإمكان إرواء ما يقارب من (604) ألف هكتار من الأراضي " المستصلحة " المنقولة من الدولة إلى الفلاحين، وذلك لعدة أسباب، منها عدم توفر المياه أو عجز المشروع عن العمل لأسباب فنية. لقد ارتفع هذا الرقم بعد سنوات إلى (678) ألف هكتار، ووصل في سنة 2006 إلى (650) ألف هكتار. علماً أن جميع المدن والمساحات الخضراء والحدائق العامة يتم سقيها، والتي هي اعتيادياً تحت سيطرة الدولة الكاملة. إن هذا الأمر يدل على أن لا تزال توجد هناك مشاكل فنية واقتصادية وعدم توفر مياه كافية، أو أن عملية نقل إدارة قسم من الأراضي المستصلحة إلى المزارعين قد تمت رغم عدم استكمال المشروع، كما وأن قسماً من الفلاحين لم يكن جاهزاً أو مدرباً أو مهتماً لإدارة مثل هذه المشاريع. إن الواقع كان قد بيّن أن، في سنة 2002، تم إرواء (4.2) مليون هكتار (أي ما يمثل 86%) من الأراضي التي من المفروض أن تكون جاهزة للإرواء)، وأن هذه النسبة اختلفت بين عام وآخر، والمعدل العام حوالي كان حوالي 65% مما يبين على وجود مشاكل حقيقية، وتقول الحكومة أنها تعمل على حلها.
3- دور الإرواء في الإنتاج الزراعي : من الطبيعي أن تختلف إنتاجية الغلة من منطقة إلى أخرى، ولكن ما تمت ملاحظته أن القيمة المضافة التي تأتي من الأراضي المروية تكون بصورة عامة حوالي (2.6) مرة أكثر من الأرض المطرية/الديمية، وذلك في العديد من الغلاّت ، كما وأن الأراضي الزراعية المجهزة للإرواء تمثل أقل من 20% من الأراضي المزروعة، ولكنها تعطي أكثر من 34% من مجمل الحاصل الزراعي، ولهذا تتجه الحكومة التركية بصورة مستمرة إلى توسيع الرقعة الزراعية المروية.
لقد اختلفت المحاصيل التي تم زراعتها في الأراضي المروية، ففي سنة 2004 مثلاً، فإن الأراضي المروية التي تمت زراعتها فعلاً كانت (4.2) مليون هكتار، منها 40% لزراعة القطن والذرة وزهرة الشمس. ولقد زرع (1.6) مليون هكتار، أي 38% من الأراضي المروية بمنتجات مهمة أخرى مثل الحنطة والشعير والخضروات والعلف والبنجر السكري والبطاطا. إن معدل إنتاجية الحبوب (الحنطة والشعير) في الأراضي المروية كانت (4.3) طن/الهكتار، مقابل (2.3) طن/الهكتار في الأراضي الديمية.
إن الإنتاجية في الأراضي المروية كانت بصورة عامة عالية، وكأمثلة فإن إنتاجية الهكتار (أي طن/الهكتار)، كانت كما يلي للمحاصيل المبينة أدناه:
البنجر السكري (43)، البطاطا (26.8)، البقوليات (4.5)، القطن (3.8)، زهرة الشمس (1.6)، الذرة (5.5) طن/الهكتار.
إن المحاصيل المزروعة في الأراضي الديمية شملت الحنطة والشعير، وأشجار الزيتون واللوز والجوز والفستق والبندق والكستناء، وكذلك الخضروات الشتوية. وأن 42.5% من مجمل المحاصيل الديمية هي الحنطة والشعير.
4- بعض المؤشرات الاقتصادية : إن كلفة تطوير مشاريع الإرواء تتراوح في الوقت الحاضر بين (7000) دولار/الهكتار للمشاريع الصغيرة، (أقل من 1000 هكتار)، والتي تمثل 56% من الأراضي، إلى (15) ألف دولار/الهكتار الكبيرة، (أكثر من 1000 هكتار)، بضمنها المضخات. أما الكلف التشغيلية، فلقد كانت بين (100)دولار/الهكتار للمشاريع الصغيرة، و(60) دولار/الهكتار للمشاريع الكبيرة.
يجب أن نوضح بأن بعد الانحسار الاقتصادي الذي حدث في 2001 وشمل تركيا، ازدادت الأسعار فيها بحوالي (5 ـ 10) مرات، مما أدى إلى ارتفاع حاد بكلف الإرواء، مع قيام الحكومة بإبقاء سعر الماء المباع إلى المزارعين والمزارع الحكومية بدون تغيير لأسباب سياسية. إذ عند تطوير الري في أواسط التسعينيات، فإن كلف التطوير كانت (750) دولار/الهكتار للمشاريع الصغيرة، و(3000) دولار/الهكتار للمشاريع الكبيرة، (مقارنة بالكلف المبينة أعلاه لسنة 2006 والبالغة بين 7000 ـ 15 ألف دولار/الهكتار).
إن الماء، المتوفر من مشاريع الري التي نفذت تقريباً بالكامل من قبل الحكومة، يباع إل المستهلكين وبأسعار مختلفة اعتماداً على نوع المحصول وعلى الأرض الزراعية.
ولقد كانت معدلات كلفة المياه للمشاريع الكبيرة خلال سنوات 2001ـ 2005 حوالي (83) دولار/الهكتار.
لقد حصّل الاقتصاد التركي في سنة 2004، على حوالي (20.9) مليار دولار كقيمة للمحاصيل الزراعية، وبنفس السنة كانت كلفة الإدامة والتشغيل حوالي (416) مليون دولار (عدا كلفة الماء)، كما خصص ما يقارب 10% من العائد لأغراض التجديد والتحديث. كانت كلفة الماء التي تم تحصيلها في تلك السنة (406.7) مليون دولار، علماً أن هناك صعوبات في تجميع المبالغ المستخدمة للمياه، إذ أن معدل المبالغ المجمعة بين سنوات (1989ـ1994) كان فقط 38% من المبالغ المستحقة، وارتفعت النسبة في سنة 1997 إلى 97%، والآن حوالي 87%.
ورغم أن الزراعة هي أحد العوامل الرئيسة في تقليل البطالة، ولكن سكان المدن في تزايد، وأن القوى العاملة في القطاع الزراعي، (وهو القطاع الاقتصادي النشط)، في تناقص، إذ أن العمالة في هذا القطاع كانت حوالي 64% من مجمل العمالة في سنة 1970، وتناقصت إلى حوالي 40% في الوقت الحاضر، منها حوالي 64% من النساء. في الوقت نفسه فإن مشاريع الري تعتبر من أهم العوامل في "عدم" نزوح العمالة من الريف إلى المدينة، وكمثال على ذلك، وعند ما تصل المساحة المروية إلى (6.5) مليون هكتار، فإن ذلك سيوفر فرص عمل جديدة لحوالي (2) مليون عاطل عن العمل موجودين في حالياً في الريف. كذلك فإن مشاريع الري الحديثة تزيد من الدخل الزراعي، إذ أن الدخل الزراعي في الأراضي غير المروية من مشاريع الري تعادل (400) دولار/الهكتار، بينما وصلت في أراضي مشاريع الري الحديثة إلى (2000) دولار/الهكتار.
خطط مشاريع الري إلى سنة 2030 : تفترض الخطط التركية أن بحلول سنة 2030، سيكون مجمل مساحة الأراضي الزراعية المروية ضمن مشاريع الإرواء حوالي (8.5) مليون هكتار، وأن الماء اللازم سنوياً لإروائها (71.5)كم3. وأن هذه الخطط تفترض أن حصة ماء السقي للهكتار ستقلل إلى 65% مما عليه الآن، وذلك بتشجيع وإدخال وتطوير طرق ري تستهلك مياه أقل، مع إدارة للمياه أكفأ مما هي عليه الآن.
لقد افترضت الخطط أن عدد نفوس تركيا سوف يصل ي عام 2030 إلى (90) مليون نسمة. ولذا سيصل استهلاك المياه السنوي للأغراض المدنية إلى (25.3)كم3 من الماء، منها (5)كم3 للأغراض السياحية. كما افترضت أن التطور الصناعي سيكون بحدود 4% سنوياً، لذا فإن الماء المطلوب سنوياً للصناعة سيكون بحدود (13.2)كم3. وبهذا فإن مجمل الماء المطلوب لجميع الأغراض في سنة 2030 سيكون (110)كم3/السنة، وهو رقم عال إذ سيصل إلى ما يقارب (1220)م3/الفرد/السنة لجميع الأغراض الزراعية والصناعية والمدنية.
إن المخطط التركي أدرك الرقم العالي لاستهلاك المياه في سنة 2030، لذا أكد على طرق الإرواء التي تستهلك مياه قليلة، كذلك على ضرورة إنشاء وحدات معالجة المياه للأغراض المدنية أو الصناعية، وذلك في كل معمل ومدينة وقرية، مع إيصال الماء إلى جميع القرى التركية.
إيران : ذكر "تقرير عام عن الموارد المائية / الواقع والآفاق" (الفقرة 3ب من هذه الدراسة)، أن 12% من مياه دجلة وروافده تأتي من إيران، ولم يحدد نسب حصة إيران في كل روافد. كما ونجد أن التقرير يتحدث عن الأنهر المشتركة مع إيران، والتي تتضمن (24) نهراً وجدولاً، ولكن لا يتحدث عن نهر الكرخه (الذي يصب في الجانب الإيراني من هور الحويزة)، أو كارون الذي يصب في شط العرب (والخليج العربي)، ولا عن الجداول الصغيرة، وإنما يتحدث فقط عن المصادر الأساسية وهي الروافد الرئيسية، الزاب الكبير والزاب الصغير باعتبارهما مصدران لمياه دجلة وروافده، (حيث لا تغير في الإيراد كما جاء في التقرير)، وكذلك يتحدث عن نهر ديالى حيث هناك جريان أقل بكمية قدرها (0.36)كم3/السنة (أي 360 مليون متر مكعب/السنة) عن المعدلات السابقة. بنفس الوقت تحدث التقرير عن سدود على نهر الوند، ونهر سيروان (حيث يتوقع أن يسبب ذلك تقليل الماء عن سد دربندخان)، وذكر أيضاً أنه لا تتوفر لديه معلومات كافية عن مشاريع الري في الجانب الإيراني بما يتعلق بالمياه الحدودية. على أية حال سنناقش موضوع الخلافات المائية مع تركيا وإيران في الفصل القادم.
ولقد شرح كتاب الدكتور سليمان عبد الله إسماعيل موضوع نسبة الحصص المائية الآتية من الأراضي الإيرانية إلى الروافد العراقية. فذكر أن نسبة صغيرة من الزاب الكبير تأتي من الجبال الإيرانية (لم يستطع تحديدها)، ولكن ذكر أن 35.4% من إيراد الزاب الصغير يأتي من إيران، كما وأن هذا النهر يشكل حدود مشتركة مع إيران بطول (32) كم. أما ما يتعلق بنهر ديالى فإن 57% من موارده المائية تأتي من إيران، وهو أيضاً يشكل جزءاً من الحدود العراقية الإيرانية وبطول (25) كم. وفيما يتعلق بالروافد والجداول العراقية الحدودية الصغيرة جداً والتي تصب موسمياً في دجلة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فتبلغ تصاريفها السنوية بين (2 ـ 18) م3/الثانية، (أي بين 63 ـ 560) مليون متر مكعب/السنة.
سنتحدث عن نهر كارون في فقرة خاصة أدناه، وهو موضوع مهم جداً. وفيما يتعلق بنهر الكرخة الذي يصب في هور الحويزة، وبالنتيجة يصب في شط العرب ويساعد في تحلية شط العرب، فإن تأثيره كبير، ولكنه أحد الأنهر الموجودة بالكامل في إيران ويصب في الجانب الإيراني من الحويزة الذي يمثل فقط 15 ـ 20% من مساحة هور الحويزة. لقد قام الجانب العراقي، أثناء الحرب مع إيران في الثمانينات بتجفيف غالبية الهور، وفي أوائل التسعينيات ثم قطع ماء دجلة عن الهور، وتشيد سدوداً داخل الهور، وحسب المعلومات المتوفرة عن الجانب الإيراني فإنه قام بعمل مشابه أيضاً في جانبه من الهور. إن ما قام به الجانب العراقي أفاد بالنتيجة المخططات الإيرانية كثيراً، وكما سنرى السبب في ذلك.
لقد تقلص الجانب العراقي من هور الحويزة إلى مساحة صغيرة شبه جافة لا تتجاوز (700) كم2 على إثر قيام النظام السابق بالتجفيف وقطع المياه. ولقد قام أهالي المنطقة في 2003 بكسر السدود التي تمنع مياه دجلة من الوصول إلى الهور، وتم إعادة الحياة في سنة 2004 إلى ما يقارب من 900كم2 من الحويزة، ولكن وعندما أريد التوسع في إحياء هذا الهور ظهرت مشكلة شحة المياه من الجانب العراقي، وانقطاع شبه كامل للمياه من الجانب الإيراني.
لقد شيد الجانب الإيراني على نهر الكرخه في هذه الفترة ما يسمى "سد الكرخه"، فلقد تم البدء به في سنة 1992 وتم افتتاحه في سنة 2001، وكان بكلفة (700) مليون دولار، علماً أن فكرة إنشاء هذا السد قديمة تعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي. إن السد من النوع الركامي (الصخري/الترابي)، بطول (3030)م، وبارتفاع (203)م، (127م من فوق الأساس)، قاعدته بعرض (1100)م، وقمته بعرض (12)م. وشيدت معه محطة كهرومائية بسعة (400) ميكاوات. الطاقة الخزنية للسد (5.9)كم3، وهو مصمم لإرواء (320) ألف هكتار، وهو رقم عال ويحتاج إلى كمية مياه عالية، ويعمل السد أيضاً على التخلص من الفيضانات في المناطق التي تقع في مجرى نهر الكرخه بعد موقع السد. إن هذا يعني من الناحية العملية عدم وصول أية كمية من المياه إلى هور الحويزة، وإن وصلت فستكون كميات قليلة جداً لا تساعد في إحياء الهور وتحلية مياه شط العرب.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
نقابة تمريض كربلاء تشيد بمستشفى الكفيل وتؤكّد أنّها بيئة تدريبية تمتلك معايير النجاح
|
|
|