المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

أسس التنظيم الداخلي في العلاقات العامة
9/9/2022
الوصيـة للوارث في القانـون
6-2-2016
الإستدلال بالأخبار على حجية الإستصحاب‏
20-5-2020
أنماط خدمات النقل- القطارات
14-3-2021
حكم الإنزال نهارا عمدا.
19-1-2016
السماد العضوي : لماذا يعتبر أفضل ؟
17-2-2018


قيمة وخصائص الأسرة المنظمة  
  
6966   01:19 مساءً   التاريخ: 27-3-2017
المؤلف : د. علي قائمي
الكتاب أو المصدر : علم النفس وتربية الايتام
الجزء والصفحة : ص 12- 16
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الزوج و الزوجة /

يقدم الفرد على الزواج وتشكيل الاسرة من خلال مسيرة الرشد والتكامل الانساني، ومن الطبيعي ان تكون حصيلة وثمرة تشكيل الاسرة هي الاستقرار والراحة والاستثمار المناسب. والاستفادة الصحيحة من مواهب الحياة، وضمان بقاء النوع الانساني في ظل التعاون والايثار والمحبة والمشاركة. وبشكل عام ليس هناك صلة قرابة اهم من القرابة الموجودة داخل الاسرة بين الوالدين والابناء وفي ظل هذه الصلة يتجسد العمق الحقيقي للرغبة في التناسل ولا يمكن ان نبين معنى المشاركة والتعاون الحقيقي إلا من خلال ذلك القالب.

تتجلى لذة الحياة ومتعتها في المحبة والصداقة وفي التضحية والايثار، وفي الاخلاق والآداب العائلية الكريمة، وفي تفكير الزوجين والابناء النقي والصافي، وهذا الامر لا يمكن مشاهدته في أي كيان آخر.

ـ قيمة الأسرة المنظمة :

ما ذكرناه سابقاً كان جزءاً من خصائص الاسرة المنظمة والمتوازنة، حيث يمكن التمييز بين نوعين من الاسر في المجتمع، الاسرة المنظمة، والاسرة غير المنظمة.

فنقول عن اسرة ما: انها منظمة إذا تم فيها مراعاة الالتزامات المتبادلة، وتم عقد الزواج والتوافق المقدس بين الزوجين بناءً على تفاهم خاص وبالاستناد الى الدين او المذهب المتوافق عليه، وهكذا يعيش كل من المرأة والرجل في حدوده الخاصة وفقاً للحقوق المتفق عليها، وهكذا فإنه من الطبيعي ان نصف الاسرة التي لا تراعى فيها مثل هذه المقررات بأنها غير منظمة،...

وعن قيمة الاسرة المنظمة علينا القول: بأن ما يدور فيها هو تجسد ومظهر من تجليات الحياة في الجنة.

الزوج والزوجة فيها كملكين سماويين احتضنا ابناءهما، وعقدا العزم على تربيتهم وتنشئتهم والقيام بوظائفهما على اكمل وجه، وفي اسرة كهذه تسطع شمس الرحمة والعناية الاهلية، وتلقي المحبة بظلالها، وتصبح الاسرة مركز الرشد والصفاء الانساني.

وأما عن الابناء الذين سيكونون جيلاً جديداً ينبثق وينبعث عن هذه الاسرة، فهم سفراء رحمة، لا عقارب لاسعة تنشر الاذى وتسبب المصائب للآخرين.

ـ خصائص الاسرة المنظمة :

لإدراك اهمية وقيمة الاسرة المنظمة بشكل اكبر، سنشير هنا الى بعض خصائصها التي اكد عليها الاسلام واولاها اهمية بالغة، كما ندعو القراء الاعزاء هنا إلى الالتزام بالأسس والمعايير التي اوصى بها ديننا الحنيف.

من ناحية تشكيل الاسرة: لقد قَبِل كل من الزوجة والزوج العقد الزوجي والتزما به، ليس لإرضاء الغريزة والهوى فقط ، بل من اجل التكامل وتكميل كل منهما للآخر، والاستجابة لنداء الفطرة السليمة والسنة السمحة، وبلوغ اعلى درجات الصداقة والمودة، والتوصل الى الراحة والاستقرار الذي يبني الانسان الحقيقي، كما اخذ كل من الزوجين المعايير الاسلامية بعين الاعتبار عند اختياره للآخر، والتفت الى الاخلاق والايمان لا للثروة والجمال، وكان الله حاضراً في اعتبارهما عند تكوين هذه الخلية، وليس القصد والغرض من ذلك بلوغ مقام، او منزلة، او

شهرة ما.

من ناحية الهدف والقصد: تدور حياة الاسرة المتوازنة والمنظمة في فلك تحقيق الهدف والغاية التي تعهد الزوجان بتحقيقها ومراعاتها، وهي كسب رضى الله تعالى، والسير والحركة في المسير الذي عينه للإنسان، وفي الحقيقة لا يليق بالإنسان المتمسك بفكر ما ان يكون بلا هدف او مقصد ينشده، ولقد ورد في الاحكام الاسلامية خصوصاً التأكيد على النية والقصد في جميع شؤون الحياة، حتى في الاكل والشرب.

ولا شك في ان المراد هنا، هو الالتفات الى الهدف، وعدم التفريط به تحت اي ظرف كان.

من ناحية الوسط والمحيط : تسعى الاسرة المنظمة دائماً الى جعل المحيط الاسري مفعماً بالاعتدال والصفاء والمودة، من خلال قيام كل فرد من افرادها بواجباته على اكمل وجه، وبذلك تنشأ الشروط المناسبة للرشد، والنمو، والتربية، والسعادة، وإضفاء روح المحبة. وفهم الواجب وتقديسه، وإفساح المجال امام الصلاح والتقوى والطمأنينة والسكينة، وبذلك يشعر اعضاء الاسرة بالمحبة والامان، ويصبحون في مأمن من الاضطراب، والقلق، والاحساس بالإرهاق، والانفعال العشوائي، وعدم الاستقرار.

علاقات الزوجين : يسعى كل من الزوج والزوجة في الاسر المتوازنة والمنظمة الى التكامل فيما بينهما وتكميل بعضهما البعض لخلق الظروف المناسبة للرشد والتكامل، جسمان منفصلان بروح واحدة، متكاتفان ومتحدان، متطابقان بالفكر والرأي، يعيشان معاً ويخفق قلب كل منهما للآخر، وإذا اصاب احدهما الم تألم الآخر لألمه، ولو فرح احدهما ابتهج الآخر واعتبر نفسه شريكاً في سعادة الاولى وبهجته، قلبهما واحد وروحهما واحدة، وكل منهما بلسم حياة الآخر، يخفق قلبه له، ويدخل السرور الى قلبه، ويعتبر كل منهما نفسه أنيس الآخر والمفرج عنه كربه وغمه، ويسعى كل منهما لتوفير الشروط المناسبة لتقرب الآخر من الله عز وجل، وتقوم الزوجة بتهيئة الظروف الكفيلة بمساندة الزوج في كسب العلم والجهاد، ومن جهة أخرى يحرص الزوج على توفير عوامل الرشد المادي والمعنوي لزوجته.

فيما يتعلق بالأبناء: غالباً ما يبني الوالدان والابناء في الاسر المتوازنة حالة من الانسجام يكون فيها اساس العلاقات مع الابناء مبنياً على قبولهم دون تمييز بين الابن والبنت، وعلى احترامهم ورعاية حقوقهم، وتربيتهم بشكل صحيح ولائق، وإغراقهم بحب خالص، والاهتمام والعناية بوضعهم الاخلاقي والسلوكي، وعادة ما يكون للوالدين دور هام في الاشراف على بنائهم والحفاظ عليهم من الاخطار المحدقة المختلفة، كما يسعيان بكل إخلاص وصفاء الى وقايتهم والحافظ عليهم مقابل الكثير من الاضطرابات والمطبات.

وفي هذا المجال يقول الخواجة نصير الدين الطوسي: (كانت الام منذ بدء الوجود هي المشارك والمساند للأب في السببية، فتقبل الام كل أثر أو عمل يقوم به الاب) وكذلك يحافظ كل منهما على منهما على صفاتهما المساهمة في تربية الطفل والاشراف عليه، فالأب مظهر للعدالة والأم مظهر للرأفة والرحمة.

الحضور والتواجد في المكان المناسب: ليست الاسرة المتوازنة والمنظمة هي تلك التي تكتفي بتوفير الملابس والطعام للأطفال، والعمل على مواساة الاطفال والتخفيف عنهم، بل يجب على الاب والام في هذه الاسر أن يتواجدا بشكل كافٍ وضروري في الاسرة، وان يتواصلا مع ابنائهم عن قرب، وان يعملا على الاجابة عن تساؤلاتهم وإشاعة جو من التفاهم والأنس في المحيط الاسري، فيشعر الابن بجانب ابويه بالأمان والفخار، والثقة، والعزة، وأنه يجانب والديه في غبطة وسعادة عارمة حتى ان امنية الابناء تتلخص في حضور الوالدين الى جوارهم، والابتعاد عن الضجيج والمشاكل والمنازعات، ويشعر الابناء كذلك بالسعادة والهناء لرؤية والديهم في انسجام وتفاهم واتحاد تام، بينما يكتئبون ويحزنون بنفس الدرجة، عندما تكون الخصومة والنزاع هما الحاكمان في حياة والديهم.

ولا بد لنا هنا من الاشارة الى مسألة مهمة، وهي ان مجرد تواجد الوالدين في الاسرة امر غير كافٍ، بل المهم هنا هو تقوية الصلة والعلاقة بالأبناء من خلال هذا التواجد.

التعاون والمشاركة: يتعهد اعضاء الاسرة المتوازنة والمنظمة بوظائف وواجبات مشتركة، ويسعى الجميع الى المشاركة والمساهمة في حمل اعباء الحياة وصولاً الى الهدف المرجو، وعادة ما يتمتع هنا الكيان بأمور من قبيل:ـ الصداقة، والعناية، والاهتمام بالآخر، وصدق العلاقة وخلوصها، والتعاون في امور الخير، والاهتمام بسلامة الآخر النفسية والجسدية، وتوفير الشروط المناسبة للرشد والتكامل، ويرى كل واحد منهم خيره وصلاحه في خير وصلاح الآخر، فيرتبطون بصداقة راسخة وخالصة ونقية، وسعيهم وعملهم بعيد عن المظاهر والمجاملات الزائفة، يظهر كل منهما مودته للآخر في منتهى الاخلاص ودون اي قصد آخر، وترتكز حياتهم على التعاون، وتقوم على التعاضد والمساعدة والاحترام المتبادل، ولا يبخل أي منهم في تقديم وبذل ما في وسعه للآخرين وكذلك يسعيان الى تعويد اطفالهم على هذا الامر منذ نعومة اظافرهم، واحترامهم له.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.