المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

ماهي الانواع الحقيقية من الحشرات والحيوانات الأخرى المتوقع وجودها في مجتمع ما؟
8-1-2021
إحتجاج فاطمة الصغرى على أهل الكوفة
27-10-2019
Heinz Hopf
18-7-2017
أخطاء شائعة في مقابلة العمل
2024-04-28
الله تعالى حي
5-4-2018
الاَمثال القرآنية
11-10-2014


النقائض .. نشأتها وقيمتها  
  
25727   02:33 صباحاً   التاريخ: 25-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص363-366
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاسلامي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015 2448
التاريخ: 22-03-2015 3300
التاريخ: 25-12-2015 35936
التاريخ: 22-03-2015 2236

كانت النقائض في العصر الأمويّ استمرارا للهجاء القبليّ في الجاهلية؛ وكان يبعثها عادة خلاف بين قبيلتين أو أسرتين فينتصر شاعر لقومه أو لأحلاف قومه، فيرد عليه شاعر من هؤلاء، فيعود الأول إلى الرد عليه؛ ثم يلتحم الهجاء ويستطير. ولقد أذكى هذه النزعة في الشعراء قيام الاحزاب وتقرّب هؤلاء الشعراء إلى الخلفاء والأمراء بهجاء خصومهم تكسبا للمال.

وكانت النقائض تمثل جانبا من العصر الأمويّ، ذلك الجانب المضطرب بالتنازع على الخلافة مع ما يستتبعه ذلك التنازع من الأحوال: لقد دلّت على ان الحميّة الجاهلية ظلّت ذات أثر في النفوس حتى بعد أن انتشر الإسلام. ولكنّ أثر الإسلام وأثر الحياة الجديدة كانا بارزين ظاهرين يزدادان مع الايام اتّساعا ونفوذا إلى النفوس. ويمكننا أن نرى لقيمة النقائض خمسة أوجه نوجز وصفها في ما يلي:

1-الوجه السياسي:

لقد صوّرت النقائض النزاع السياسي على الخلافة بين الامويين وبين خصومهم. ومع ان الأمويين قد انتصروا في هذا النزاع انتصارا حاسما بيّنا، ومع أنّ الأحزاب السياسية الأخرى قد فقدت قوتها الفعّالة، فان تلك القوة قد تمثّلت في الشعور القبلي الذي بعث من جديد. ان القيسيين (أنصار عبد اللّه بن الزبير) قد وقفوا موقف المناوئ لليمانيين (أنصار بني أميّة) في القلاقل المحلية التي امتلأ بها العراق والشام، ثم في تعيين الولاة والعمّال على الأمصار، ثم في الشعر.

إلاّ أن شعراء النقائض لم ينسوا-في غمرة نزاعهم القبليّ المحلي-أن يشيدوا بعظمة العرب القومية وان يشيروا إلى اتّساع الفتوح الاسلامية، وخصوصا في المشرق: في فارس والهند والصين.

والشعراء الذين دخلوا في هذا النزاع لم يدخلوه وهم يحملون عقيدة أموية أو زبيرية أو علويّة، وإنما دخلوه للتكسّب في الدرجة الأولى. حتى إن الشعراء الزبيريين انقلبوا بعد ذلك أمويين. وكذلك لم يتحوّب الفرزدق-وكان يمثّل العلويين-من ان يعرّض بآل البيت ويمدح بني أمية. وكذلك الأخطل النصراني مدح الخلفاء مدائح إسلامية الطابع تناقض عقيدته الدينية. على ان نفرا قليلين من الشعراء لم يفعلوا ذلك، فقد ظل الكميت العلوي على وفائه لآل البيت ولكنّه مدح الأمويّين تكسّبا لمّا اضطرّ إلى التكسّب منهم. وأمّا عمر بن أبي ربيعة فانّه لم يمدح أحدا ولا قال في المناقضات قط.

2-الوجه الاجتماعي:

إن مجموع الشعر الأمويّ يدلنا على ان البداوة ظلّت غالبة على المجتمع الأموي. ان الشعر الأمويّ مملوء بالمفاخر الجاهلية والبدوية كالفخر بالأنساب وبأيام العرب (معاركهم الجاهلية) وبالكلام على الثأر.

وظل شعراء المناقضات حتى أواخر العصر الأمويّ يعدّون الحياة الحضرية في باب المعائب القومية، فالأخطل قد هجا الأنصار لأنهم زرّاعون، وجرير ظلّ إلى آخر حياته يهجو بني مجاشع لأنهم قيون (حدادون)، ذلك لأنّ القيانة (الحدادة) وسائر الصناعات إنما كان يقوم بها العبيد (1).

ولكنّ الشعر الأموي امتلأ أيضا بالألفاظ الاسلامية والآراء الاسلامية، حتى الاخطل النصراني لم يشذّ عن ذلك:

نفسي فداء أمير المؤمنين إذا... أبدى النواجذ يوم عارم ذكر

الخائض الغمر والميمون طائره...خليفة اللّه يستسقى به المطر

أما ذكر جرير والفرزدق وغيرهما للصلاة والحج واقتباسهم كلهم من القرآن الكريم فظاهر. وقد يكون الفرزدق وجرير قد شربا الخمر فعلا ولكنهما لم يصفاها، بل ان جريرا كان يعيّر الفرزدق أحيانا بشربها.

3-الوجه اللغوي:

وللنقائض قيمة لغوية لا شك في ذلك، فشعراء المناقضات قد حفظوا اللغة العربية صافية كما كانت في الجاهلية:

أ-لقد حفظوا العدد الأوفر من الألفاظ حتى قيل: لو لا الفرزدق لذهب ثلث اللغة، وقيل بل ثلثاها.

ب-وكذلك حفظوا لهذه الألفاظ جزالتها، فان شعراء النقائض قد استعملوا هذه الالفاظ لتدل على معانيها الصحيحة التي لم تكن قد شوهت بعد بالاختلاط بالأعاجم (2).

فالألفاظ التي حفظت لنا، في النقائض، إذن كانت كثيرة، وكان أكثرها غريبا متصلا بالمعاني الجاهلية القديمة. بل لعل قسما من ألفاظ النقائض كان أكثر غرابة من ألفاظ المعلقات.

وكذلك إذا نظرنا في التراكيب رأيناها تراكيب متينة تجري على الأسلوب العربي القديم. وهكذا نستطيع أن نقول: إنّ النقائض كانت مزيجا من معان قديمة وجديدة ولكن في لغة قديمة.

4-الوجه الأدبي:

كانت النقائض تقليدا واضحا للمعلقات خاصة: تقليدا في شكل القصيدة وفي كثرة أغراضها وطول نفسها وفي كثيرة من خصائصها الأخرى كالفخر بالأنساب والهجاء القبلي والنسيب في مطالع القصائد وكالغزل البدوي، عفيفا وصريحا.

ومع اننا لا نعجب بالنقائض من الناحية الخلقية والاجتماعية فإننا لا ننكر أنّ شعراء المناقضات قد أضافوا إلى الشعر العربي فنا جديدا هو فن الشعر السياسي، أو انهم على الأصح قد وسّعوا هذا الفن-الذي ظهرت طلائعه منذ الجاهلية عند النابغة خاصة-توسيعا جعله فنا جديدا.

والنقائض قد قامت على «التكسّب»، بخلاف أكثر الشعر الجاهلي. ان شعراء النقائض عموما لم يميلوا إلى حزب دون حزب بدافع المبدأ والعقيدة، بل مالوا إلى كل حزب كان يفيض عليهم العطايا.

أما الخصائص الفنية في النقائض فيحسن أن تراجع في أماكنها الخاصة عند الاخطل والفرزدق وجرير.

ويحسن أن نشير إشارة خاصة إلى أن الآراء الإسلامية والآيات الكريمة قد سادت المناقضات. لقد كانت النقائض قديمة بلغتها وأغراضها الممهدة، ثم كانت اسلامية بمعانيها الجديدة وفي بعض أغراضها.

5-الناحية الفكرية:

عاصر شعراء النقائض نشأة «علم الكلام» (3)، وتوفّي الفرزدق وجرير بعد الحسن البصري (توفي سنة 110 ه‍-728 م) ببضع سنوات. ولكننا لم نجد مسائل الجدال الديني ولا قضايا البحث العقلي ولا بوادر الاتجاه العلمي قد اتخذت طريقا إلى المناقضات على الرّغم من أن البصرة-وهي مركز الحركة الفلسفية الأولى-كانت سوقا عظيمة لهذه النقائض.

من أجل ذلك، ومن أجل غيره أيضا، نستطيع أن نقول: إن النقائض كانت تمثّل جانبا من الحياة الأمويّة: الجانب السياسيّ والجانب اللغوي في الدرجة الأولى. أما الناحية الاجتماعية الحضرية الجديدة فكانت لا تزال مشوبة بقدر من البداوة ومن احترام البداوة. وكذلك الناحية الأدبية فإنها كانت أكثر لصوقا بالجاهلية، ذلك لأنّ الشعراء أنفسهم كانوا معجبين بالشعراء الجاهلين يتّخذونهم أئمة وهداة ويحتذون أشعارهم ويحاكون خصائصهم. وأما الحركة الفكرية الجديدة فان أثرها لم يظهر في النقائض.

________________________

1) راجع تاج العروس 9:316، السطر 19.

2) مما يلفت النظر ان الفرزدق استعمل كلمة «استلم» في قوله في زين العابدين (ت 94 ه‍): يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم بمعنى «لمس، مس». والصواب: لثم، قبل. ولعل ذلك مما يدل على ان القصيدة ليست للفرزدق.

3) راجع فوق، ص 356-355.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.