أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-8-2017
![]()
التاريخ: 26-3-2017
![]()
التاريخ: 29-3-2017
![]()
التاريخ: 29-3-2017
![]() |
فضلاً عن قاعدة الاشتراك في الدولة الاتحادية ، تتمتع الوحدات الداخلة في الاتحاد بعنصر الاستقلال في تنظيمها الدستوري الخاص بها.
اولاً: التعريف بقاعدة الاستقلال الذاتي :
ويراد بها أن وحدات الدولة الاتحادية تتمتع كل واحدة منها باستقلال ذاتي لا تخضع فيه لرقابة من السلطة الاتحادية ، وبهذا الاختصاص تتميز الوحدات الاتحادية عن الهياة اللامركزية في ظل الدولة الموحدة (1) .
إذ ان الدولة الاتحادية تهدف التوفيق بين عاملين متضادين ، أولهما الوحدة، وثانيهما عامل الاستقلال، ونجاح الدولة الاتحادية يكون من خلال التوفيق بين هذين العاملين ، أي بين المصالح العامة التي تتعلق بكيان الدولة الاتحادية بمجملها ، والرغبات المحلية لوحداتها الاتحادية ، لأن الدولة الاتحادية لا تسلب من وحداتها سيادتها الداخلية بل تبقى تلك الوحدات محتفظة ببعض مظاهر هذه السيادة (2) .
ومن مظاهر الاستقلال الذاتي للوحدات الاتحادية ، وجود وثيقة دستورية خاصة بها تتميز عن الوثيقة الدستورية الاتحادية ، وتعد تلك الوثيقة مجسدة للأفكار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السائدة لدى رعايا تلك الوحدات ، ولكن يشترط فيها ان تكون متسقة مع الفكرة القانونية للدولة الاتحادية ، حتى يتحقق التوافق والانسجام في انحائها (3) ، فعلى سبيل المثال ، نجد أن الدستور السويسري يعطي لكل ولاية الحق في وضع دستور خاص بها، إذ ينص على أن (1- يكون لكل كانتون دستور ديمقراطي، ويشترط في هذا الدستور موافقة الشعب عليه وامكانية مراجعته اذا ما طلب ذلك غالبية الذين لهم حق التصويت 2- تتطلب دساتير المقاطعات موافقة الاتحاد التي تُعطى لها اذا لم تتعارض هذه الدساتير مع الدستور الاتحادي (4) ، كذلك يوجد لدى كل ولاية من الولايات الالمانية دستور خاص بها يتطابق مع المبادئ الجمهورية والديمقراطية والاجتماعية الواردة في القانون الاساسي لجمهورية المانيا الاتحادية (5) ، ويمنح دستور الامارات العربية المتحدة الامارات الاستقلالية في وضع دستورها الخاص بها دون قيد ماعدا ما يتعلق بعدم مخالفة الدستور الفيدرالي (6) ، وفي هذا المعنى ورد نص صريح في دستور العراق الدائم في المادة (120) على أن (يقوم الاقليم بوضع دستور له . على ان لا يتعارض مع هذا الدستور ) .
كذلك يظهر الاستقلال الذاتي للوحدات الاتحادية من خلال الهيآت الدستورية ، فلكل وحدة سلطتها التشريعية والتنفيذية والقضائية الخاصة بها ، ويحق لها التشريع في المسائل الداخلة في اختصاصها (7) ، كما ان لها سلطتها التنفيذية التي تكون مهمتها تنفيذ القوانين داخل الوحدات الاتحادية ، فضلاً عن وجود الهيئات
القضائية التي تنظر في المنازعات ذات الطابع المحلي ، ولكن يشترط في التركيبة القانونية لتلك الوحدات ان تتوافق مع التنظيم القانوني للسلطات الاتحادية ، وإلا عدت جميع الاجراءات المتخذة من قبل الوحدات باطلة (8) .
فضلاً عما تقدم ، لا يتحقق الاستقلال الذاتي فعليا مالم يوجد للوحدات الاتحادية استقلال مالي خاص بها ، إذ تكمن أهمية توزيع الموارد المالية في الدولة الاتحادية بضرورة تمكين الحكومات في الوحدات الاتحادية من ممارسة مسؤولياتها التنفيذية والتشريعية والقضائية كما نص عليها الدستور ، وكذلك ان سلطات فرض الضرائب والانفاق هي بحد ذاتها ادوات مهمة لضبط الاقتصاد (9) ، لأن جميع النفقات الحكومية سواء كانت النفقات الاتحادية أو المحلية ، توفر معيارا مهما لقياس نطاق المركزية او اللامركزية المالية ( النفقات وإدارة البرامج وتقديم الخدمات ) ، ومن ثم قياس درجة الاستقلال المالي لكل مستوى من مستويات الحكم (10).
ويعد الاستقلال المالي للوحدات المكونة للدولة الاتحادية ، استقلالا نسبيا وليس مطلقا ، وذلك لما يرد عليه من قيود عديدة ، منها ما يأتي (11) :-
أ- عندما تقوم الوحدات المكونة للدولة الاتحادية بإعداد وتنظيم موازناتها المالية ، فهي ملزمة بالالتزام بالقواعد الدستورية ، وعدم مخالفة المبادئ العامة التي قررتها التشريعات المركزية ، وذلك لأنّ تلك الوحدات ماهي الا تنظيم ذاتي في ضمن الحدود القانونية والاقتصادية والسياسة للدولة .
ب- فيما يخص فرض الرسوم الجمركية على دخول البضائع او خروجها تلك التي تمر في حدود الوحدات المكونة للدولة الاتحادية، ما يوجب الامتناع عن فرضها ، والالتزام بتنظيم الدستور والقانون لهذا الاختصاص .
ج- فيما يخص فرض الضرائب يجب على الوحدات المكونة للدولة الاتحادية الامتناع عن فرضها ، أو الالتزام بتنظيم الدستور والقانون لهذا الاختصاص، الذي قد يشركها في ادارة موارد الضرائب وتحديدها وتحصيلها ، أو قد يمنحها سلطة فرض رسوم وضرائب اقليمية أو خفضها ، مع تخويلها حق اصدار تشريعات و أوامر لازمة لتحصيل الاموال العامة في حدود اقليم تلك الوحدات.
وقد اثار الاستقلال الذاتي لوحدات الدولة الاتحادية جدلاً عند الفقهاء، وقام الخلاف بينهم حول الاعتراف للوحدات الاتحادية بوصف الدولة نتيجة هذا الاستقلال إذ ذهب بعض من الفقه الى انكار صفة الدولة عنها باعتبار ان الوحدات الاتحادية لا تتمتع بسيادة كاملة (12) ، في حين يرى بعض آخر من الفقه انه يمكن الاعتراف للوحدات الاتحادية بصفة الدولة، نظراً لما تتمتع به من استقلال في ادارة شؤونها وفي ت حديد نظامها القانوني ووضع القواعد القانونية التي تحكمها (13).
ويذهب الدكتور ثروت بدوي الى ان الوحدات الاتحادية تكون لها صفة الدولة ضمن القواعد الدستورية، إذ لها وجودها المستقل عن الدولة الاتحادية ، ولها جميع السلطات المعترف بها للدولة ، فالوحدات الاتحادية لها سلطة التشريع والادارة والقضاء ، وتخضع تلك السلطات للدستور الخاص بالوحدات الاتحادية ، ومن هذا المنطلق تظهر الوحدات بمظهر الدولة في اطار القانون الدستوري ولا تتميز عن الدولة إلا من ناحية نطاق ما تتمتع به كل منهما من سلطات، لأن الوحدات لا تتمتع باستقلال مطلق كما هو الحال في الدول (14) .
والحقيقة ان الدساتير الاتحادية لا تترك المجال رحبا أمام الوحدات الاتحادية لتنظيم نفسها ، بل تفرض عليها بعض القيود على حرية التنظيم الذاتي للوحدات الاتحادية ، وهذه القيود اما ان ترجع الى السلطة التأسيسية للوحدات ، إذ تلزمها باتباع نظام سياسي او شكل حكومة معينة ، كأن يتطلب ان يكون شكل الحكومة في كل وحدة من الوحدات الاتحادية جمهورياً، وهذا ما نص عليه دستور الولايات المتحدة الامريكية (15)، والمانيا الاتحادية (16) ، فضلاً عن بعض القيود التي تفرض على السلطة التنفيذية ، ومن امثلة ذلك قيام السلطات الاتحادية بتعيين حاكم الولاية كما هو الحال في كندا والهند ، كذلك هناك بعض القيود التي تفرض على السلطة القضائية لوحدات الدولة الاتحادية ، فلا يحق لها مثلا في الولايات المتحدة الامريكية واستراليا النظر في المنازعات التي يكون اطرافها من دويلات مختلفة ، بغية تجنب المحاكم المحلية التحيز لبعض الولايات ضد أُخرى (17).
وعلى أساس ما تقدم، إن القيود التي تفرضها الدولة الاتحادية على وحداتها لا تنبئ بأن تلك الوحدات لها وجودها المستقل في ظل الدولة الاتحادية فينتج عنها عدها دولاً من الناحية الدستورية ، فالتنظيمات الدستورية الخاصة بالوحدات ، لا تخضع فقط للدستور الخاص بتلك الوحدات ، وانما تلتزم بالبناء الدستوري للدولة الاتحادية كلها ، لذا يمكن القول : ان تلك الوحدات هي وحدات دستورية داخل الدولة الاتحادية ، ولا يمكن ان نطلق عليها وصف الدولة في اطار القواعد الدستوري .
ثانياً:- قاعدة الاستقلال وتوزيع الاختصاصات في الدولة الاتحادية :
القاعدة العامة ، هو ان لا يكون هناك اية استقلال للوحدات الاتحادية إلا اذا كانت الاخيرة تمتلك اختصاصات مفرزة ، والقول بخلاف ذلك يجعل كلمة الفصل بيد السلطة الاتحادية ، ومن ثم لا تكون جدوى لمبدأ الاستقلال الذاتي من اساسها .
وبطبيعة الحال ، ان الاختصاصات المتعلقة بالشؤون الخارجية كأصل عام ، تكون من صلاحية الدولة الاتحادية ، لما تتمتع به الاخيرة من شخصية قانونية على الصعيد الدولي ، و يمثل هذا الوضع نتيجة طبيعية للدولة الاتحادية ، إذ تفقد الوحدات شخصيتها القانونية المستقلة داخل الدولة وتبقى مجرد اقسام دستورية
محتفظة بجزء من سيادتها الداخلية في اطار القواعد الدستورية (18) ، وعلى اساس ما تقدم فإن الاختصاصات في الدولة الاتحادية على المستوى الداخلي تتحدد بإحدى الطرق الأتية :-
1 - حصر اختصاصات الطرفين : - في مثل هذه الطريقة يقوم الدستور الاتحادي بتحديد اختصاصات كل من السلطة الاتحادية والوحدات الاتحادية على سبيل الحصر، إذ يتم تحديد المسائل في صلب الوثيقة الدستورية بشكل حصري للطرفين، إلا أن هذا الاسلوب عُرض لانتقادات جمة، لكونه يخلق العديد من المشاكل والصعوبات مهما كان التحديد وافياً في صلب الوثيقة الدستورية، لأنه لابد ان تستجد بعض الحالات غير المنصوص عليها ، ومن ثم يثار التساؤل ، من الذي يمارس هذا الاختصاص أهي السلطة الاتحادية ام الوحدات ، مما يثير العديد من المشاكل ما بين الطرفين (19) .
2- حصر اختصاص طرف واحد هذه الطريقة تتخذ اسلوبين أولهما ، ان يحدد الدستور الاتحادي صلاحيات الوحدات بشكل حصري ويترك ما عداها للسلطة الاتحادية، إذ تعد الاخيرة ذات اختصاص عام وشامل ، في حين يكون اختصاص الوحدات ذا طبيعة استثنائية ، إلا ان هذا الاسلوب يؤدي الى تقوية سلطات المركز على حساب الوحدات الاتحادية ، ومن الدول التي اخذت بهذا الاسلوب الهند (20)، اما الاسلوب الثاني فيكون على العكس من ذلك ، إذ ان الدستور الاتحادي يحدد اختصاصات السلطة الاتحادية على سبيل الحصر ويترك ما عداها الى الوحدات الاتحادية ، ومن ثم يكون اختصاص الأخيرة هو الاصل وذو اختصاص عام ، في حين يغلب الطابع الاستثنائي على اختصاص السلطة الاتحادية ، وهذا الأسلوب اتبع في دستور سويسرا لسنة 1874 (الملغي) ودستورها النافذ الصادر سنة 1999، إذ نص الأخير في المادة (3) على ان ( تتمتع المقاطعات بالسيادة طالما بان الدستور الاتحادي لم يحد من هذه السيادة، كما تمارس المقاطعات كافة السلطات التي لم تفوض الى الاتحاد) ، وكذلك في دستور الولايات المتحدة الامريكية بموجب التعديل العاشر في سنة 1791 الذي يقضي بأن السلطات التي لم يفوضها الدستور إلى الولايات المتحدة أو التي لم يحظرها على الولايات تحفظ للولايات أو الشعب (21) ، وسار على النهج ذاته دستور الامارات العربية المتحدة ، اذ حدد الاختصاصات الحصرية للاتحاد (22)، وترك ما عداها الى الامارات (23) ، وتبنى قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية هذا هذا الاسلوب من خلال تحديد اختصاصات الحكومة العراقية الانتقالية على سبيل الحصر وترك ما عداها الحكومة الاقاليم والمحافظات لممارستها (24).
ويلاحظ على هذه الطريقة ، انها تقيل الى تقوية سلطات الحكومة الاتحادية على حساب الوحدات الاتحادية عندما يتم حصر اختصاصات الوحدات على سبيل الحصر ، او عن طريق التوسع في التفسير إذ في الولايات المتحدة الامريكية يتمتع الكونغرس الأمريكي بصلاحيات واسعة ، وقد أدت المحكمة الاتحادية في الكونغرس الولايات المتحدة الامريكية أدواراً واسعة في هذا المجال مستخدمة التفسير الضمني لسلطات الأمريكي من دون ان يكون لها تحديد في اطار القواعد الدستورية (25).
3- حصر الاختصاص المانع مع بيان اختصاصات مشتركة واخرى اختيارية : - يتلخص هذا الاسلوب في توزيع الاختصاصات داخل الدولة الاتحادية ، بأن الدستور الاتحادي يحدد اختصاصات مانعة وحصرية تعود اما الى السلطة الاتحادية ، أو الى الوحدات الاتحادية ، ويضع الى جانبها مجموعة من الاختصاصات المشتركة تعود للطرفين : ، وعادة يقع هذا الاسلوب في توزيع الاختصاصات بأن يحدد الدستور الاتحادي الاسس او الأطر العامة التي تعود إلى السلطة الاتحادية ، ويترك ما عداها من تفصيلات الى الوحدات الاتحادية ، أو يترك للأخيرة الحق في التصرف مع الخضوع لرقابة السلطة الاتحادية قبل الاقدام على اتيان التصرف، وقد تأخذ بعض الدساتير بالاختصاصات الاختيارية التي تمارسها الوحدات ، طالما ان السلطة الاتحادية لم تمارس هذا الاختصاص، وهذاما اخذ به القانون الاساسي لجمهورية المانيا الاتحادية لعام 1949 ،إذ حدد اختصاصات حصرية تعود للحكومة الاتحادية (26) ، وترك مالم ينص عليه لاختصاص اللاند رات ، ثم بين الدستور المسائل المشتركة للطرفين (27) .
وكذلك تبنى الدستور العراقي النافذ هذه الطريقة في توزيع الاختصاصات بين السلطة الاتحادية والاقاليم اذ حدد في المادة (110) من الدستور الاختصاصات الحصرية التي تعود الى السلطة الاتحادية مع تحديد بعض الاختصاصات التي تقع ضمن الاختصاص المشترك في المادة (114) من الدستور ، وما تبقى من ذلك من اختصاصات تعود للأقاليم (28) إلا ان المشرع الدستوري اتجه اتجاها غير مألوف في النظم الفيدرالية بترجيحه في الصلاحيات المشتركة لقانون الاقليم أو المحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف مع القانون الاتحادي ، هذا ما بينته المادة (115) من الدستور النافذ، إذ كيف يرجح قانون الاقليم على القانون الاتحادي . لذا ندعو مشرعنا الدستوري إلى إعادة النظر في المادة (115) من الدستور بما يكفل اعطاء الأولوية للقوانين الاتحادية على قوانين الاقاليم ، مع استبعاد المحافظات غير المنتظمة في اقليم من الاختصاصات المشتركة ، بسب الاختلاف بين الاقليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم ، لأن الأخيرة تدار على وفق نظام اللامركزية الادارية .
ثالثاً : اثر نشأة الدولة الاتحادية على توزيع الاختصاصات :
ان طريقة نشوء الدولة الاتحادية لها اثر ملموس في توزيع الاختصاصات الدستورية بين السلطة الاتحادية وحكومات الوحدات الاتحادية، فالاتحاد الناشئ عن اندماج دول مستقلة في دولة واحدة التي تفنى فيها الشخصية القانونية للدول المنضمة للاتحاد ، يتجه الدستور الاتحادي على وفق هذه الطريقة ، الى تقوية اختصاصات حكومات الوحدات الاتحادية على حساب السلطة الاتحادية ، نتيجة لحرصها على استقلالها الذاتي وعدم التنازل إلا عن القدر اللازم من سيادتها لقيام الدولة (29) ، بمعنى ان الاختصاصات الممنوحة للسلطة الاتحادية تكون اضيق نطاق ، لأن الوحدات الاتحادية تحرص على الاحتفاظ بأكبر قدر من استقلالها الذاتي ، ومن امثلة الدول الاتحادية التي اخذت بذلك كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمانيا الاتحادية وسويسرا واستراليا والهند.
أما الدول التي نشأت عن طريق تفكك دولة موحدة الى عدة دول ، يتجه الدستور الاتحادي على وفق نشوء الدولة الاتحادية بهذه الطريقة الى توسيع اختصاصات السلطة الاتحادية على حساب الوحدات الاتحادية ، بحكم ان الدولة كانت تجمع في يدها جميع الاختصاصات قبل تحولها الى دولة اتحادية ، ومرجع ذلك ، إنها تحاول الاحتفاظ بقدر أكبر من الاختصاصات التي تمكنها من السيطرة على وحداتها الاتحادية ، باعتبار ان السلطة الاتحادية هي التي تتخلى عن بعض اختصاصاتها لصالح الوحدات الاتحادية، ومن بين الدول التي نشأت واخذت بهذه الطريقة الاتحاد السوفيتي ( السابق ) والمكسيك والارجنتين (30).
أما في العراق ، فعلى الرغم من أن الدولة الاتحادية نتجت عن طريق تفكك دولة بسيطة ، إلا أن المشرع الدستوري اتجه إلى توسيع صلاحيات الأقاليم على حساب صلاحيات السلطة الاتحادية في المادة ( 115) من الدستور، خلافا لما هو معمول به في النظم الفيدرالية التي تتحول من دولة بسيطة إلى دولة اتحادية (فيدرالية) ، لذا كان الأولى بالمشرع ان لا يأخذ بهذه الطريقة في توزيع الاختصاصات، لأنها تعزز النزعة الاستقلالية للأقاليم ، إذ كان من المحبذ اعتماد الطريقة التي تعزز النزعة الاتحادية ، وذلك لأن الفدرالية في العراق نتجت عن طريق تفكك دولة بسيطة .
مما تقدم يتضح ما يأتي :-
1- ان مظاهر الوحدة هي الغالبة في الدولة الاتحادية ، فعلى الصعيد الخارجي نجد ان ممارسة الاختصاصات ذات الطابع الدولي كقاعدة عامة تكون من اختصاصات السلطة الاتحادية ، اما على الصعيد الداخلي فإن مظاهر العلو والسمو لاختصاصات السلطة الاتحادية هي الغالبة، لأن تلك الاختصاصات تمارس بصفة الالزام على الوحدات الاتحادية ، فضلاً عن أن القوانين الاتحادية تجب كل ما يتعارض معها من القوانين الصادرة عن الوحدات الاتحادية باستثناء الدستور العراقي النافذ الذي اختلف عن بقية النظم الفيدرالية .
2- يتضح أن الدولة الاتحادية تؤلف دولة ثنائية المظاهر ، فهي تظهر دولة كاملة العناصر إسوة بالدولة البسيطة من جهة صلاحياتها الاتحادية ، ومن جهة ثانية نجدها تظهر دولة مركبة من جهة وجود الوحدات الاتحادية .
3- إن البناء القانوني للدولة الاتحادية يقوم على نظامين، الأول نظام قانوني عام وشامل لكل الدولة الاتحادية ، والثاني هو قانون الذاتية ، ويقصد به ان الوحدات الاتحادية تتمتع كل واحدة منها باختصاصات ذاتية تمارسها بمعزل عن السلطة الاتحادية وهذا ما يميزها عن اللامركزية الادارية الاقليمية في الدولة البسيطة .
_____________
1- د. اسماعيل مرزة: القانون الدستوري (دراسة مقارنة لدساتير الدول العربية ) ، ط3، دار الملاك ، بغداد ، 2004 ، ص.186. وايضا د. نزيه رعد ، القانون الدستوري العام ( المبادئ العامة والنظم السياسية ) ، المؤسسة الحديثة للكتاب ، لبنان ، 2008 ، ص 30 .
2- د. عادل الطبطبائي ، ( الاستقلال الذاتي لولايات الدولة الاتحادية )، بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة ، كلية الحقوق والشريعة ، جامعة الكويت ، العدد (1) ، السنة الرابعة ، 1980 ،ص94.
3- د. عادل الطبطبائي، مرجع سابق، ص 95
4- المادة (51) من دستور الاتحاد السويسري الصادر سنة 1999 والنافذ في 1/1/ 2000.
5- حافظ علوان حمادي الدليمي، النظم السياسية في اوربا الغربية والولايات المتحدة الامريكية ، ط 1 ، دار وائل ، عمان ، 2001 ، ص 221.
7- تنظر ، المادة (151) من دستور الامارات العربية المتحدة لسنة 1971 المعدل
8- على سبيل المثال ينص دستور ولاية كاليفورنيا الأمريكية لسنة 1848 في البند (1) من المادة (4) على ان ( عهدت السلطة التشريعية في هذه الولاية الى الهيئة التشريعية لولاية كاليفورنيا المكونة من مجلس الشيوخ ومجلس النواب الا ان الشعب يحتفظ بنفسه بسلطة اقتراح القوانين والاستفتاء).
9- د. ابراهيم ابو خزام ، الوسيط في القانون الدستوري ( الدساتير والدولة ونظم الحكم)، الكتاب الأول ، طرح ، دار الكتب الجديدة المتحدة ، بيروت لبنان ، 2002، ، ص42-43. رونالد ل. واتس ، الانظمة الفيدرالية، ترجمة غالي برهمة ومها بسطامي ومها تكلا ، منتدى الاتحادات الفيدرالية ، كندا ، 2006 ، ص.55. وايضاً أظين عمر احمد ، تقاسم الموارد المالية في الدولة الفيدرالية (دراسة تحليلية مقارنة ) ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون والسياسة ، جامعة صلاح الدين ، 2009 ،ص13
10- استاذنا د. إسماعيل صعصاع البديري ود. علاء عبد الحسن كريم العنزي و د. علي هادي حميدي الشكراوي (التنظيم القانوني للامركزية المالية في الدولة الفيدرالية دراسة مقارنة مع القانون العراقي ) ، بحث مقبول للنشر في مجلة المحقق الحلي ، كلية القانون ، جامعة بابل، 2013 ، ص 22 .
11- المرجع نفسه، ص 23-24.
12- من اصحاب هذا الرأي الاستاذ لغير ، نقلاً عن د. ثروت بدوي، النظم السياسية، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1975 ، ص 79.
13- من اصحاب هذا الرأي الاستاذ بيردو وكاريه دي مالبرج ، نقلاً عن المرجع نفسه ص 79.
14- د. ثروت بدوي ، مرجع سابق، ص 79.
15- نصت الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من دستور الولايات المتحدة الامريكية لسنة 1787 على انه ( تضمن الولايات المتحدة لكل ولاية في هذا الاتحاد حكومة ذات نظام جمهوري ...... )
16- نصت الفقرة الأولى من المادة الثامنة والعشرون من القانون الاساسي لجمهورية المانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل (يجب ان يتوافق النظام الدستوري في الولايات مع القواعد الاساسية للنظام الجمهوري الديمقراطي ........ )
17- د. عادل الطبطبائي ، ( الاستقلال الذاتي لولايات الدولة الاتحادية )، بحث منشور في مجلة الحقوق والشريعة ، كلية الحقوق والشريعة ، جامعة الكويت ، العدد (1) ، السنة الرابعة ، 1980 ، ص 100.
18- د. مصطفى ابو زيد فهمي، مرجع سابق، ص.59 ود نعمان احمد الخطيب ، الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري ، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع ،، عمان ، 2009، ص 91
19- ينظر، د. عثمان خليل عثمان : المبادئ الدستورية العامة ، مكتبة عبد الله وهبه ، جامعة فؤاد الأول . 1943، ص53. وايضاً د. علي يوسف الشكري : مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية ، ايتراك للطباعة والنشر، بيروت ، 2002، ص49.
20- ينظر، محمد احمد الكزنجي : ( ضرورة العمل بالنظام الفيدرالي ) ، بحث منشور في مجلة القانون والسياسة ، كلية القانون والسياسة، جامعة صلاح الدين ، عدد خاص 2010 ص 17. و د. عصام الدبس : القانون الدستوري ، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2011، ص 218.
21- استاذنا د. علي هادي حميدي الشكراوي،( إضافة مادة الفيدرالية إلى مناهج القانون والسياسة في الجامعات العراقية) ، بحث منشور في مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية ، العدد (3) ، السنة الثانية ، 2010 ، ص65.
22- تنظر المادة (120) من دستور الامارات العربية المتحدة لسنة 1971 المعدل.
23- نصت المادة (122) من دستور الامارات العربية المتحدة لسنة 1971 المعدل على انه (تختص الامارات بكل ما لا تنفرد فيه السلطات الاتحادية...).
24- نصت الفقرة (1) من المادة (57) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 على ان ان جميع الصلاحيات التي لا تعود حصراً للحكومة العراقية الانتقالية يجوز ممارستها من قبل حكومات الاقاليم والمحافظات وذلك بأسرع ما يمكن وبعد تأسيس المؤسسات الحكومية المناسبة).
25- د. اسماعيل مرزة: القانون الدستوري (دراسة مقارنة لدساتير الدول العربية ) ، ط3، دار الملاك ، بغداد ، 2004 ، ص 191.
26- تنظر المادة (73) من القانون الاساسي لجمهورية المانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل.
27- تنظر المادة (74) من القانون الاساسي لجمهورية المانيا الاتحادية لسنة 1949 المعدل.
28- المادة (115) من الدستور العراقي لسنة 2005.
29- ينظر، د. طعيمه الجرف ، نظرية الدولة والمبادئ العامة للأنظمة السياسية ونظم الحكم (دراسة مقارنه ، مكتبة القاهرة الحديثة ، القاهرة ، من دون سنة طبع ، ص 185.
30- ينظر، سعدي ابراهيم حسن: الفيدرالية النظام الاتحادي والهوية الوطنية العراقية، دار الكتب العلمية للطباعة والنشر، بغداد ، من دون سنة طبع ، ص 15 - 16 و د. احسان حميد المفرجي وكطران زغير نعمة ورعد ناجي الجدة ، النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2009 ، ص 102.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|