المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ قُولِكَ بأَرضاه ، وَكُلُّ قَولِكَ رَضِيٌّ ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِقَولِكَ كلِّهِ اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ عِلمِكَ بأَنْفَذِهِ ، وَكُلُّ عِلْمِكَ نافِذٌ ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِعِلْمِكَ كُلِّهِ اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ قُدرتِكَ بِالقُدرَةِ الَّتي استطَلْتَ بِها عَلَى كُلِّ شَيءٍ ، وَكُلُّ قُدرَتِكَ مستَطيلَةٌ ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِقُدرتِكَ كلّهَا معرفة المنكر من الحديث معرفة الشاذ معرفة التدليس وحكم المدلّس مقابر خيل الملك (شبكا) أسرة الملك (شبكا) النهضة في العهد الكوشي (الدراما المنفية أو تمثيلية بدء الخليقة) (1) الفراغات الكونية اكتشاف بنية كونية ذات أبعاد مروّعة العناقيد المجرية مدن عملاقة في قلب الكون ازدواج سمعي ACOUSTIC COUPLING معنى قوله تعالى وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ازدواج (اقتران) COUPLING

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6452 موضوعاً
علم الحديث
علم الرجال

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الفعل الجامد
12-5-2022
Common-drain circuit
13-5-2021
ويمشورست جايمس
8-12-2015
آثار الكاب.
2024-07-17
أنواع التدريب
1-7-2016
Stellar dynamics near a black hole
6-2-2017


معرفة التدليس وحكم المدلّس  
  
60   02:54 صباحاً   التاريخ: 2025-03-09
المؤلف : عثمان بن عبد الرحمن المعروف بـ(ابن الصلاح)
الكتاب أو المصدر : معرفة أنواع علوم الحديث ويُعرَف بـ(مقدّمة ابن الصلاح)
الجزء والصفحة : ص 156 ـ 162
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الحديث / علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-26 99
التاريخ: 2025-02-25 122
التاريخ: 2025-02-26 121
التاريخ: 2025-03-03 137

مَعْرِفَةُ التَّدْلِيْسِ وحُكْمِ الْمُدَلَّسِ (1).

التدليسُ (2) قِسمانِ (3):

أحدُهُما: تدليسُ الإسنادِ: وهوَ أنْ يرويَ عَمَّنْ لَقِيَهُ ما لَمْ يَسْمَعْهُ منهُ، مُوهِماً أنَّهُ سَمِعَهُ منهُ (4)، أو عَمَّنْ عاصَرَهُ ولَمْ يَلْقَهُ، مُوهِماً أنَّهُ قَدْ لَقِيَهُ وَسَمِعَهُ منهُ. ثُمَّ قدْ يكونُ بينَهُما واحِدٌ وقدْ يكونُ أكثرُ. ومِنْ شَأنِهِ أنْ لا يقولَ في ذلكَ: ((أخبرنا فلانٌ))، ولا ((حدَّثنا))، وما أشبَهَهُما. وإنَّما يقولُ: ((قالَ فلانٌ أو عَنْ فلانٍ))، ونحوَ ذلكَ (5). مثالُ ذلكَ: ((ما رُوِّيْنا عَنْ عليِّ بنِ خَشْرَمٍ (6) قالَ: كُنَّا عندَ ابنِ عُيينةَ، فقالَ: ((الزهريُّ))، فقيلَ لهُ: ((حَدَّثَكُمُ الزهريُّ؟))، فسَكَتَ، ثُمَّ قالَ: ((الزهريُّ))، فقيلَ لهُ: ((سَمِعْتَهُ مِنَ الزهريِّ؟))، فقالَ: ((لا، لَمْ أسمعْهُ مِنَ الزهريِّ، ولا ممَّنْ سَمِعَهُ مِنَ الزهريِّ، حدَّثَني عبدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزهريِّ)) (7).

القسمُ الثاني: تدليسُ الشيوخِ، وهوَ أنْ يرويَ عَنْ شيخٍ حديثاً سَمِعَهُ مِنْهُ، فيُسَمِّيَهُ، أو يَكْنِيَهُ أو يَنْسُبَهُ، أو يَصِفَهُ بما لا يُعْرَفُ بهِ كيْ لا (8) يُعرَفُ (9)، مِثالُهُ: ما رُويَ لنا عَنْ أبي بكرِ بنِ مجاهِدٍ الإمامِ المقرئِ أنَّهُ رَوَى عَنْ أبي بكرٍ عبدِ اللهِ بنِ أبي داودَ السِّجِسْتانيِّ، فقالَ: حدَّثَنا عبدُ اللهِ بنُ أبي عبدِ اللهِ، وروى عَنْ أبي بكرٍ محمدِ بنِ الحسنِ النَّقَّاشِ(10) الْمُفَسِّرِ المُقرئِ فقالَ: ((حدَّثَنا محمدُ بنُ سَنَدٍ، نسبَهُ إلى جدٍّ لهُ))(11)، واللهُ أعلمُ.

أمَّا القسمُ الأوَّلُ فمكروهٌ جدّاً، ذمَّهُ أكثَرُ العلماءِ (12)، وكانَ شُعبةُ مِنْ أشدِّهِم ذَمّاً لهُ، فرُوِّيْنا عَنِ الشافعيِّ، عنهُ (13) أنَّهُ قالَ: ((التدليسُ أخو الكَذِبِ)) (14). ورُوِّيْنا عنهُ أنَّهُ قالَ: ((لأنْ أزنيَ أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أُدَلِّسَ)) (15)، وهذا مِنْ شُعبَةَ إفراطٌ محمولٌ على المبالغةِ في الزَّجْرِ عنهُ والتَّنْفِيرِ (16).

ثُمَّ اختلفُوا في قَبولِ روايةِ مَنْ عُرِفَ بهذا التدليسِ فجعلَهُ فريقٌ مِنْ أهلِ الحديثِ والفقهاءِ مجروحاً بذلكَ، وقالوا: لا تُقبَلُ روايتُهُ بحالٍ، بَيَّنَ السَّمَاعَ أوْ لَمْ يُبَيِّنْ (17).

والصحيحُ التفصيلُ: وأنَّ ما رواهُ المدلِّسُ بلفظٍ مُحتَملٍ لَمْ يُبَيِّنْ فيهِ السماعَ والاتِّصالَ، حُكْمُهُ حُكْمُ المرسَلِ وأنواعِهِ (18)، وما رواهُ بلفظٍ مُبيِّنٍ للاتِّصالِ (19)، نحوُ: ((سَمِعْتُ، وحدَّثَنا، وأخبَرَنا)) وأشباهِها، فهو مقبولٌ محتجٌّ بهِ.

وفي "الصحيحينِ" وغيرِهِما مِنَ الكُتُبِ المعتمدةِ مِنْ حديثِ هذا الضَّرْبِ كثيرٌ جدّاً، كقتادةَ، والأعمشِ، والسُّفيَانَيْنِ، وهُشَيْمِ (20) بنِ بَشِيْرٍ، وغيرِهِمْ (21).

وهذا؛ لأنَّ التدليسَ ليسَ كَذِباً، وإنَّما هوَ ضَرْبٌ مِنَ الإيْهامِ بلفظٍ مُحْتَملٍ، والْحُكْمُ بأنَّهُ لا يُقْبَلُ مِنَ المدلِّسِ حَتَّى يُبَيِّنَ، قدْ أجراهُ الشافِعِيُّ فيمَنْ عَرَفناهُ دلَّسَ مرَّةً (22)، واللهُ أعلمُ.

وأمَّا القسمُ الثاني فأمرُهُ أخفُّ، وفيهِ تضْييعٌ للمَرْوِيِّ عنهُ، وتَوعِيرٌ لطريقِ معرفِتِهِ على مَنْ يطلُبُ الوقوفَ على حالِهِ وأهليَّتِهِ (23). ويختلِفُ الحالُ في كراهَةِ ذلكَ بحسَبِ الغرضِ الحاملِ عليهِ، فقدْ يحمِلُهُ على ذلكَ كونُ شيخِهِ الذي غَيَّرَ سِمَتَهُ غيرَ ثقةٍ (24)، أو كونُهُ متأخِّرَ الوفاةِ قدْ شاركَهُ في السماعِ منهُ جماعةٌ دُونَهُ، أو كونُهُ أصغرَ سِنّاً مِنَ الراوي عَنْهُ، أو كونُهُ كثيرَ الروايةِ عنهُ، فلا يُحِبُّ الإكثارَ مِنْ ذِكْرِ شَخْصٍ واحدٍ على صورةٍ واحدةٍ (25).

وتَسَمَّحَ بذلكَ جماعةٌ مِنَ الرواةِ المصنِّفينَ، منهم: الخطيبُ أبو بكرٍ، فقدْ كانَ لَهِجاً(26) بهِ في تصانِيْفِهِ (27)، واللهُ أعلمُ.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر في التدليس:

معرفة علوم الحديث: 103، والمدخل إلى الإكليل: 20، والكفاية: (508 ت، 355 هـ‍)، والتمهيد 1/ 15، وجامع الأصول 1/ 167، والإرشاد 1/ 205، والتقريب: 63، والاقتراح: 209، والمنهل الروي: 72، والخلاصة: 74، والموقظة: 47، وجامع التحصيل: 97، واختصار علوم الحديث: 53، والمقنع: 1/ 154، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 303، ونزهة النظر: 113، ومقدمة طبقات المدلسين: 13، والمختصر: 132، وفتح المغيث 1/ 169، وألفية السيوطي: 33، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 173، وفتح الباقي 1/ 179، وتوضيح الأفكار 1/ 346، وظفر الأماني: 373، وقواعد التحديث: 132.

(2) التدليس: مأخوذ من الدَّلَس - بالتحريك - وهو اختلاط الظلام الذي هو سبب لتغطية الأشياء عن البصر. قال ابن حجر: وكأنّه أظلم أمره على الناظر لتغطية وجه الصواب فيه. ومنه التدليس في البيع، يقال: دلَّس فلان على فلان، أي: ستر عنه العيب الذي في متاعه كأنّه أظلم عليه الأمر، وأصله ممّا ذكرنا - من الدَّلَس -.

وهو في الاصطلاح راجع إلى ذلك من حيث إن مَن أسقط مِنَ الإسناد شيئاً فقد غطّى ذلك الذي أسقطه، وزاد في التغطية في إتيانه بعبارة موهمة، وكذا تدليس الشيوخ فإنّ الراوي يغطّي الوصف الذي يُعرف به الشيخ أو يغطّي الشيخ بوصفه بغير ما يشتهر به. انظر: نكت ابن حجر 2/ 614، والنكت الوفية 137 / أ، وتاج العروس 16/ 84.

(3) ليس الأمر كما ذكر المصنّف هنا، بل هناك أقسام أُخر أغفل المصنّف ذكرها، منها: تدليس التسوية، وتدليس القطع، وتدليس العطف، وغيرها. انظر في هذا وفي تفصيل هذه الأنواع: نكت الزركشي 2/ 98 و 101 وما بعدها، والتقييد والإيضاح: 95، ونكت ابن حجر 2/ 616، وقارن بـ: النكت الوفية 137 / أ.

(4) هذا ليس من التدليس في شيء، على قول ابن حجر، بل هو من باب المرسل الخفي، وحاصل كلامهم أنّ في هذا الباب صوراً هي:

1 - الاتّصال: وهو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما قد سمعه منه.

2 - الانقطاع: وهو الرواية عمَّن لَم يعاصره أصلاً.

3 - الإرسال الخفي: وهو الرواية عمَّن عاصره ولم يسمع منه.

4 - التدليس: هو الرواية عمّن عاصره وسمع منه، ما لم يسمعه منه.

وانظر: نكت الزركشي 2/ 68، والتقييد والإيضاح 97، ونكت ابن حجر 2/ 614، وأثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء: 60 وما بعدها.

(5) قال الزركشي 2/ 70: ((أي: أنّ ((فلاناً)) ومثله، إن أسقط ذلك ويُسمّي الشيخ فقط، فيقول: ((فلان)) كما تراه في حكاية ابن عيينة)).

(6) بمعجمتين، وزن: جَعْفَر. التقريب (4729).

(7) أسند هذه القصة الحاكم في المدخل إلى الإكليل: 20 - 21، وفي معرفة علوم الحديث: 105، والخطيب في الكفاية: (512 ت، 359 هـ‍).

قال الزركشي 2/ 70: ((هكذا مثّل هذا القسم، ثم حكى الخلاف فيمن عرف به هل يرد حديثه مطلقاً، أو ما لم يصرّح فيه بالاتصال؟ وهو يقتضي جريانه في ابن عيينة، وهو مردود، فإنّ ابن عبد البر حكى عن أئمّة الحديث أنّهم قالوا: يقبل تدليس ابن عيينة؛ لأنّه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظرائهما.

وقال الكرابيسي: دلّس ابن عيينة عن مثل معمر ومسعر بن كدام ومالك بن مغول. وقال الحاكم في سؤالاته للدارقطني: سُئِل عن تدليس ابن جريج، فقال: يتجنّب تدليسه، فإنّه وحش التدليس لا يدلّس إلاّ فيما سمعه من مجروح، فأمّا ابن عيينة فإنّه يدلّس عن الثقات. وقال ابن حبّان في ديباجة كتابه الصحيح: وهذا شيء ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة وحده، فإنّه كان يدلّس ولا يدلّس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لابن عيينة خبر دلّس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد تبيّن سماعه عن ثقة)).

(8) في (جـ): ((لئلاّ)).

(9) قال الزركشي 2/ 76: ((أي: لكونه ضعيفاً أو متأخّر الوفاة قد شارك الراوي عنه جماعة دونه في السماع منه، أو يكون أصغر من الراوي سنّاً، أو تكون أحاديثه التي عنده كثيرة فلا يحب تكرار الرواية عنه)). وانظر: محاسن الاصطلاح 167، ونكت ابن حجر 2/ 615.

(10) بفتح النون والقاف المشدّدة، هذه النسبة إلى من ينقش السقوف والحيطان وغيرهما، وكان أبو بكر المذكور في مبدأ أمره يتعاطى هذه الصنعة فعرف بها، ت (351 هـ‍).

ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 201، وتاريخ دمشق 52/ 320، ووفيات الأعيان 4/ 298، وسير أعلام النبلاء 15/ 573.

(11) قال الزركشي 2/ 81: ((يقتضي كراهة ذلك، ولهذا جعله تدليساً، وحكى ابن الموّاق في "بغية النقاد" خلافاً في نسبة الرجل إلى جده، واختار التفصيل بين المشهور به فيجوز ذلك، وإلاَّ فلا؛ لِما فيه من إبهام أمرهم وتعمية طريق معرفتهم)).

(12) قال الزركشي 2/ 81: ((أي: ومنهم من سهّله، قال أبو بكر البزّار في مسنده: التدليس ليس بكذب، وإنّما هو تحسين لظاهر الإسناد)).

(13) الضمير في قوله: ((عنه)) يعود على شعبة.

(14) رواه ابن عدي في كامله 1/ 107، والبيهقي في مناقب الشافعي 2/ 35، والخطيب في الكفاية: (508 ت، 355 هـ‍).

(15) رواه ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل 1/ 173، وابن عدي في الكامل 1/ 107، والخطيب في الكفاية: (508 ت، 356 هـ‍).

(16) قال البلقيني: ((وهذا الذي قاله شعبة ظاهر، فإنّ آفة التدليس لها ضرر كبير في الدين، وهي أضر من أكل الربا، وقد جاءت أحاديث محتجّ بها تدلّ على أنّ أكل درهم من رباً أشد من الزنا ... إلى آخر كلامه. محاسن الاصطلاح: 170، وانظر: النكت الوفية 142 / أ.

(17) انظر تعليقاً طويلاً مفيداً للزركشي في نكته 2/ 86.

(18) قال الزركشي 2/ 92: ((يستثنى من هذا ما إذا كان المدلِّس لا يدلِّس إلا عن ثقة، فإنّه تقبل روايته وإن لم يُبيِّن السماع، كسفيان بن عيينة)).

قال ابن حجر 2/ 624: ((وبذلك صرّح أبو الفتح الأزدي، وأشار إليه الفقيه أبو بكر الصيرفي في " شرح الرسالة ". وجزم بذلك أبو حاتم بن حبان وأبو عمر بن عبد البر وغيرهما في حق سفيان بن عيينة)).

(19) في (ب) و (ع): ((الاتصال)).

(20) بالتَّصغيرِ، والده بَشِيْر: بوزن (عَظِيْم). تقريب التهذيب (7312).

(21) قال الزركشي 2/ 92: ((هكذا ذكره محتجاً به على قبول رواية المدلس إذا صرّح بالاتصال، وليس هذا من موضع النزاع، قال النووي في مختصره: ((ما كان في الصحيحين وغيرهما من الكتب الصحيحة عن المدلسين بـ((عن)) فمحمول عَلَى ثبوت سماعه من جهة أخرى)).

وكذا قَالَ الحَافِظ الحلبي في القِدْح المُعَلَّى: ((إنّ المعنعنات الَّتِي في الصحيحين منزَّلة مَنْزِلة السماع)). وتوقف في ذلك من المتأخّرين الشيخ صدر الدين بن الوكيل، وقال في كتابه الإنصاف: ((لعمر الله إنّ في النفس لغصّة من استثناء أبي عمرو بن الصلاح وغيره من المتأخّرين عنعنة المدلّسين في الصحيحين من بين سائر معنعنات المدلسين))، وردّ مقالة النووي، وقال: ((وهي دعوى لا تقبل إلا بدليل لا سيما مع أنّ كثيراً من الحفّاظ يعلّلون أحاديث وقعت في الصحيحين أو أحدهما بتدليس رواتها، كما فعلوا في حديث الوليد بن مسلم في نفي قراءة البسملة في الصلاة وغيره)).

قلت - القائل: الزركشي - : قد أزال الغصة الشيخ الإمام تقي الدين بن دقيق العيد، فأشار في كلام له إلى استشكال حول رواية المدلس في الصحيحين وردّ روايته في غيرهما، قال: ((ولا بدّ من الثبات على طريقة واحدة إمّا القبول أو الردّ، الممكن هنا من الأحوال الثلاثة: إمّا أن تردّ الأحاديث من المدلس مطلقاً في الصحيحين وغيرهما، وإمّا أن يفرق بين ما في الصحيح من ذلك وما خرج عنه، فأّما الأول فلا سبيل إليه؛ للاستقرار على ترك التعرّض لما في الصحيحين، وإن خالف في ذلك الظاهرية من المغاربة، فإنّي رأيتهم يجسرون على أشياء من أحاديث الصحيحين بسبب كلام قيل: في بعض الرواة، ولا يجعلون راويها في حمى من تخريج صاحب الصحيح لهم.

وأمّا الثاني: ففيه خروج عن المذهب المشهور في أنّ رواية المدلس محكوم عليها بالانقطاع حتّى يتبيّن السماع.

وأمّا الثالث: وهو التفصيل بين ما في الصحيحين من ذلك وبين غيره فلا يظهر فيه وجه صحيح في الفرق، وغاية ما يوجه به أحد أمرين:

أحدهما: أن يُدّعى أن تلك الأحاديث عرف صاحبا الصحيح صحة السماع فيها، وهذا إحالة على جهالة وإثبات للأمر بمجرد الاحتمال، وحكم على صاحب الصحيح بأنّه يرى هذا المذهب أعني: أنّ رواية المدلس محمولة على الانقطاع، وإلاّ فيجوز أن يرى أنّها محمولة على السماع حتّى يظهر الانقطاع، وإذا جاز وجاز فليس لنا الحكم عليه بأحد الجائزين مع الاحتمال.

والثاني: أن يُدّعى أنّ الإجماع على صحة ما في الكتابين دليل على وقوع السماع في هذه الأحاديث وإلا لكانت الأمة مجمعة على الخطأ، وهو ممتنع، وهذا يحتاج إلى إثبات الإجماع الذي يمتنع أن يقع في نفس الأمر خلاف مقتضاه، وهذا فيه عسر، ونحن ما ادّعيناه وإنما ادّعينا أن الظنّ الثابت سبب الإطباق على التصحيح لما في الكتابين أقوى من الظن المقابل له، ويلزم مَن سلك هذه الطريق ألا يستدل بما جاء في رواية المدلّس من غير الصحيح، ولا يقول: ((هذا شرط مسلم))، فلنحتج به؛ لأنّ الإجماع الذي يُدّعى ليس موجوداً فيما لم خرّج في غير هذا الطريق، أعني: طريق القدح بسبب التدليس)).

قال ابن حجر 2/ 636: ((وفي أسئلة الإمام تقي الدين السبكي للحافظ أبي الحجاج المزّي: ((وسألته عمّا وقع في الصحيحين من حديث المدلّس معنعناً هل تقول: أنّهما اطّلعا على اتّصالها؟ فقال: كذا يقولون وما فيه إلا تحسين الظن بهما، وإلاّ ففيهما أحاديث من رواية المدلّسين ما توجد من غير تلك الطريق التي في الصحيح)).

قلت: - القائل ابن حجر -: وليست الأحاديث التي في الصحيحين بالعنعنة عن المدلّسين كلّها في الاحتجاج، فيحمل كلامهم هنا على ما كان منها في الاحتجاج فقط. أمّا ما كان في المتابعات فيحتمل أن يكون حصل التسامح في تخريجها كغيرها. وكذلك المدلّسون الذين خرج حديثهم في الصحيحين ليسوا في مرتبة واحدة في ذلك بل هم على مراتب)).

وقال ابن الوزير: ((ويحتمل أنّهما لم يعرفا سماع ذلك المدلّس الذي رويا عنه، لكن عرفا لحديثه من التوابع ما يدلّ على صحّته، وممّا لو ذكراه لطال، فاختارا إسناد الحديث إلى المدلّس لجلالته وأمانته وانتفاء تهمة الضعف عن حديثه، ولم يكن في المتابعين الثقات الذين تابعوا المدلس من يماثله ولا يقاربه فضلاً وشهرة)).

قلنا: هذا كله تنظير بحسب المجوزات العقليّة وعدمها، أمّا من مارس هذا الفن وصار له ذوق فيه، علم صحّة ما رواه الشيخان عن المدلسين معنعنة، وأن ذلك راجع إلى جودة انتقائها، ولعلّنا نفرد بحثاً مستقلاً في ذلك - إن شاء الله تعالى -.

(22) ((قلت: يشير إلى أنّ العادة في التدليس يثبت بمرة؛ لأنّه نوع جرح. وقد رأيت نص الشافعي في الرسالة بذلك، فقال: ((ومن عرفناه دلّس مرّة فقد أبان لنا عورته في روايته، وليست تلك العورة بكذب فيرد بها حديثه، ولا نصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلناه من أهل النصيحة والصدق، فقلنا: لا يقبل من مدلّس حديثاً حتى يقول فيه: ((حدَّثَني))، و ((أخبرني)).

ومعناه: أنّه إذا قال المدلس بلفظ محتمل السماع وعدمه لا يقبل منه حتّى يبيّن أنّه سمعه منه أو سمعه ممّن سمعه منه، وقد حكم البيهقي بعدم قبول قول من دلّس مرة واحدة ... . ثمَّ إذا بيّن أنه سمعه ممّن أسند الخبر إليه قبل، وإن لم يبين أنه سمعه ممَّن سمعه منه فقد تأكّد فيه شيء فيه الخلاف)). قاله بحروفه الزركشي 2/ 97 - 98.

(23) ((توعير الطريق قد يكون لامتحان الأذهان في استخراج المدلسات واختبار الحفظ، وقد يكون لغير

ذلك، فتحصل المفسدة)). المحاسن: 171، وانظر: الاقتراح 214 - 215، ونكت الزركشي 2/ 98.

(24) كما فعل ذلك عطية العوفي إذ روى عن الكلبي -وهو ضعيف- كنَّاه أبا سعيد - وهو مشهور بأبي النضر -، يوهم أنه يروي عن أبي سعيد الخدري. انظر: الكفاية (521 ت، 366 هـ‍).

(25) الأسباب الحاملة للرواة على التدليس متعدّدة، ولكنّها تختلف بالنسبة للثقات عمّا هي عليه بالنسبة للضعفاء، فأمّا الأسباب الحاملة للثقات على التدليس فهي:

1 - الاختصار.

2 - العلو بذكر ذلك الشيخ دون من دونه؛ لصحّة روايته وجزمه بتحديث الثقات ذلك عنه.

3 - وقوع منافرة بين الراوي والمروي عنه.

وأمّا الأسباب الحاملة للضعفاء على التدليس فهي:

1 - تعمية الأمر على الباحث، كون المروي عنه ضعيفاً أو مجهولاً، فيتركون ذكره ويذكرون مَنْ فوقه.

2 - تعمية الأمر على الباحث، كون المروي عنه ضعيفاً مشهور الضعف وله أسماء ونعوت متعددة، فيسمّوه بغير ما شهر به.

3 - تعمية الأمر على الباحث، كون المروي عنه ضعيفاً قد اشترك مع آخر مقبول في الطبقة والكنية ورواية الراوي عن الاثنين. انظر: نكت الزركشي 2/ 130 - 132.

(26) لَهِجَ بالأمرِ لَهَجاً: أُولِعَ بهِ فثابر عليه واعتاده، فهو لَهِج ولاهِج. ويقال: فلان مُلْهَجٌ بهذا الأمر، أي: مُولَعٌ به، واللَّهَجُ بالشيءِ: الولوعُ به. انظر: لسان العرب 2/ 169، والمعجم الوسيط 2/ 841.

(27) قال ابن الصلاح ص: ((والخطيب الحافظ يروي في كتبه عن أبي القاسم الأزهري، وعن عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي، وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، والجميع شخص واحد من مشايخه. وكذلك يروي عن الحسن بن محمد الخلال، وعن الحسن بن أبي طالب، وعن أبي محمد الخلال، والجميع عبارة عن واحد. ويروي أيضاً عن أبي القاسم التنوخي، وعن علي بن المحسن، وعن القاضي أبي القاسم على بن المحسن التنوخي، وعن علي بن أبي علي المعدل، والجميع شخص واحد، وله من ذلك الكثير، والله أعلم)).

 

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)