أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-10
![]()
التاريخ: 2024-12-02
![]()
التاريخ: 2023-07-02
![]()
التاريخ: 3-10-2016
![]() |
دَلَّتِ الآثار التي كُشِفَتْ حتى الآن على أن أوَّل نائب ملك معروف لدينا في بلاد النوبة هو «ثوري». والظاهر أن «ثوري» هذا كان في بادئ الأمر قائد حصن «بهين» في عهد الملك «أحمس الأوَّل» (1)، وفي عهد «أمنحتب الأوَّل» عُيِّنَ نائب الفرعون وكان يحمل لقب ابن الملك صاحب الأقاليم الجنوبية، وكان تعيينه في السنة السابعة من حكم هذا الفرعون (2)، وفي السنة الثامنة من حكم نفس الملك نجده يحمل ألقابًا أخرى (3) نذكرها هنا وهي «الأمير الوراثي والحاكم وحامل الخاتم الملكي في الأراضي الجنوبية …» وابن الملك.
وقد استمرت ولايته حتى عهد الملك «تحتمس الأوَّل»، وكان يحمل لقبًا آخر وهو المشرف على البلاد الجنوبية (4). والظاهر أنه كان في خدمة الملكة «حتشبسوت» ويحمل نفس الألقاب السالفة (5) . ويحتمل أنه لم يكن يقوم بمهام وظيفته وقتئذٍ على الرغم من حمله ألقابها (6).
وقد أضاف «جوتييه» إلى المصادر السالفة الذكر التي جاء فيها ذكر هذا العظيم أربعة مصادر أخرى نذكرها على الترتيب (7):
(1) أولًا وُجِدَ له متن منقوش على صخرة في «أبو سمبل» في الشمال من المعبد الصغير الذي نقل نقوشه «لبسيوس» (8)، وهاك النص: «عمله كاتب المعبد ووالد الإله والمشرف على الماشية والأمير والكاهن الأول «أحمس» الملقب باسم «ثوري» صادق القول». وتدل النقوش على أن الاسم «ثوري» الحقيقي هو «أحمس» وذلك من آثار أخرى، وأن اسم «ثوري» لم يكن إلا لقبًا يُنَادَى به كثيرًا في أوائل الأسرة الثامنة عشرة.
(2) أما المصدر الثاني فهو تمثال هام جدًّا من حجر الكوارتسيت الأحمر محفوظ الآن بالمتحف البريطاني (9). وهذا التمثال يمثِّل شخصًا يدعى «تيتي» وعلى ظهر التمثال تحت النقش الأفقي الخاص بتيتي ذُكِرَ ثلاثة أشخاص في ثلاثة أسطر عمودية يسبق لقب كل منهم كلمة «ابن»، وهؤلاء الأشخاص الثلاثة قد ذُكِرُوا على التوالي كما يأتي:
(1) كاتب الموائد المقدسة «لآمون» أحمس باتنا (؟) صادق القول (المرحوم).
(2) ابن الملك والمشرف على البلاد الأجنبية الجنوبية «أحمس»-«ثوري» صادق القول (المرحوم).
(3) ابن الملك المشرف على البلاد الأجنبية الجنوبية «أحمس ساتنيت» (؟) صادق القول (المرحوم).
ومن الواضح أن ثاني هؤلاء الأسماء هو نفس الكاهن «أحمس» «ثوري» الذي ذُكِرَ في نقوش «أبو سمبل» السالفة. ومن المحتمل أن النقش الأخير لم يكن قد نُقِشَ بعدُ إلا في عصر لم يكن فيه نائب الملك المستقبل لبلاد كوش قد عُيِّنَ قائد حصن «بهين» بل كان فقط يحمل لقبي كاهن ومشرف على الماشية في منطقة «بهين» و«أبو سمبل». ومن ثَمَّ يكون لدينا خطوة قديمة جدًّا ويحتمل أنها الأولى في مجال تاريخ «ثوري» المدهش.
ولكن يوجد أمامنا سؤال كذلك ينجم عما جاء في أربعة الأسطر التي على تمثال المتحف البريطاني السالف، وأعنى بذلك صلة القرابة التي بين أربعة الأشخاص الذين ذُكِرُوا عليه فهل «أحمس باتنا» و«أحمس» «ثوري» و«أحمس ساتنيت» كان ثلاثتهم أولاد صاحب التمثال؟
والواقع أن «تيتي» صاحب التمثال كان يُسَمَّى «تيتي» بن «باتنا» بن «أحمس» «ثوري» بن «أحمس ساتنيت» وبذلك كان المقصود أنه يشير إلى أربعة أجيال متتابعة، غير أن الجواب المؤكد على هذا السؤال ليس من السهل الإدلاء به. وذلك أنه لو كان هذا الوضع صحيحًا لوضع الكاتب ضمير الغائب بعد كلمة ابن في كل حالة وذكر كلمة «ابنه». ومن المحتمل جدًّا — ولكن ليس مؤكدًا — أن ضمير الغائب (هـ) كان لا بد أن يُكْتَبَ إذا كان الحفار قد أراد أن يميز أن هؤلاء الأشخاص الثلاثة هم أولاد «تيتي». ولكن من جهة أخرى نجد على وجه التمثال الداخلي اسم ولد «لتيتي» مميز بكلمة «ابنه» بدلًا من «ابن». وهذا الاسم مُهَشَّمٌ غير أن ما بقي منه يدل على أنه لا بد كان واحدًا من ثلاث الشخصيات التي ذُكِرَتْ في الأسطر العمودية التي على ظهرت التمثال السالف الذكر. فإذا كانت القراءة السالفة هي الصحيحة كان لدينا الجدول الصغير التالي لشجرة نسب هذه الأسرة:
وعلى ذلك فإن هذا التمثال يرجع تأريخه في هذه الحالة إلى بداية الأسرة الثامنة عشرة أو بعد ما يقرب من ثلاثة أجيال من عهد مؤسس هذه الأسرة «أحمس»، وعلى الأخص لن يكون «ثوري» بعد هو الأول في هذه الأسرة الذي كان يحمل من الوجهة التاريخية لقب «ابن الملك» و«المشرف على البلاد الأجنبية في الجنوب» كما هو الرأي السائد بصفة عامة حتى الآن عند الأثريين، بل الواقع أنه كان يسبقه في حمل هذه الوظيفة والده الْمُسَمَّى «أحمس ساتنيت». وهذا يجعلنا في وضع جديد على أية حال بالنسبة للحقائق التاريخية التي في متناولنا عن هذا العهد. فإذا وافقنا على التاريخ الذي حدده «ڤيل» (10)، فهمنا أن «أمنحتب الأول» كان قبل العام السابع من حكمه وهو العام الذي نشاهد فيه أن «ثوري» كان فعلًا يقوم بأعباء وظيفته قد حكم من 1555–1534ق.م. وعلى ذلك فإن الدكتور «ريزنر» قد جعل تنصيبه في هذه الوظيفة حوالي سنة 1550ق.م. كما ذكرنا من قبل. ومن ثَمَّ فإن والد «ثوري» كان في إمكانه أن يقوم بأعباء وظيفة إدارة بلاد النوبة لأوَّل مرة منذ خمس عشرة أو عشرين سنة قبل «ثوري» أي حوالي 1568–1563ق.م. أي في خلال حكم «أحمس الأول» (1577-1557ق.م.). وعلى ذلك فإن الفضل يرجع كذلك إلى معيد نظام المملكة المصرية وقاهر الهكسوس ومؤسس الإمبراطورية الطيبية الثانية في وضع الفكرة الأولى التي أصبحت فيما بعدُ في عهد أخلافه تُعْرَفُ في نظام الحكم «النيابة الملكية لبلاد كوش» أو بعبارة أخرى نائب الملك في السودان. وقد وكل «أحمس» لابنه «أحمس ساتنيت» مأمورية تهدئة وإدارة بلاد النوبة. وكان على خلفه «أمنحتب الأول» بطبيعة الحال أن يعين ابن الحاكم السابق وهو «أحمس ثوري» وهو ابن أخيه، وهو الذي كان قد شغل وظيفة قائد حصن «بهين» في عهد الملك «أحمس الأول».
ويمكن استخلاص حقائق أخرى هامة من تمثال «تيتي» هذا المحفوظ بالمتحف البريطاني فنجد أن الشخصيات الثلاث «أحمس ساتنيت» و«أحمس ثوري» و«أحمس باتنا» يشمل العنصر الأول من أسمائهم المركبة تركيبًا مزجيًّا اسم «أحمس» وهو الاسم الذي يحمله مؤسس الأسرة الثامنة عشرة. وقد خَوَّلَ لنا تفسير أصل الأسماء العدة التي على هذا النسق القول بأن هؤلاء الأشخاص الذي يحملون هذا الاسم قد وُلِدُوا في عهد الملك الفرعون «أحمس الأول» وهذا الاسم يُعَدُّ في نظرهم حاميًا لهم. وهذه المحاولة لتفسير هذه التسمية مُحْتَمَلَةٌ كما نشاهد ذلك في عصرنا، إذ نجد أن معظم الذكور الذين وُلِدُوا في عهد محمد علي قد سُمُّوا بهذا الاسم. ولكن نجد أنه من المؤكد من جهة أخرى أن هناك أسبابًا أسرية قد لعبت هنا دورًا في هذا التوزيع في الأسماء، ويمكن أن يكون ذلك وهو اسم الملك، وأن كثيرًا من بين عشرة الأشخاص الذين تبتدئ أسماؤهم المركبة باسم «أحمس» كانت توجد بينهم روابط دم أي إنهم كانوا أولاده أو أحفاده، والغالب أن «أحمس ساتنيت» هو ابن فرعون، وعلى ذلك فإن «أحمس ثوري» يُعَدُّ حفيدًا للأخير، وعلى ذلك فإن لقب «ابن الملك» الذي كان يُنْسَبُ بنظام لكل نُوَّابِ الملك في كوش من أولهم إلى آخرهم — وقد كان موضع حيرة وارتباك في تفسيره — يرجع للمرة الأولى على الأقل لأصل ملكي أي إن «أحمس ساتنيت» كان ابن الملك المباشر الذي أنشئت في عهده وظيفة المشرف على البلاد الأجنبية الجنوبية، ومن المحتمل أنه كان قد وُلِدَ قبل تولية والده عرش الفراعنة، ومن المحتمل أن والدته «تائيت» ماتت قبل تولية زوجها عرش الملك، ولذلك لم تصبح قط ملكة على أرض الكنانة. وابن أول نائب ملك في الواقع يحمل هذا اللقب وهو «أحمس ثوري» كان حفيد الملك وكان كذلك يحمل لقب «ابن الملك» ومن ثَمَّ بحكم العادة والتقليد قد حُشِرَتْ عبارة «ابن الملك» مع ألقابه الرسمية.
(3) وثالثًا لدينا الجزء الأسفل من تمثال آخر مُهَشَّمٌ مصنوع من الحجر الرملي وُجِدَ بالقرب من «كرمة» في السودان وهو محفوظ الآن بالمتحف البريطاني (11) ويحمل اسم «أحمس» الذي يُدْعَى «ثوري» والذي يحمل لقب المشرف على البلاد الأجنبية الجنوبية. وقد ظن ناشر دليل المتحف البريطاني أن هذا الموظف قد عاش على ما يظن في عهد الأسرة التاسعة عشرة، فلم يعرف شخصيته أنه «ثوري» نائب الملك في كوش المعروف، والمتن المحفور على التمثال يحتوي على صلوات للإله «حور محب» صاحب «بهين» وهذه الخاصية مضافة إلى أن «ثوري» كان في أول الأمر كاهنًا في إقليم «أبو سمبل» ثم قائدًا لحصن «بهين» قبل أن يصبح نائب ملك لكوش قد يسمح لنا أن نستخلص أن أوَّل مقر للمشرف على البلاد الأجنبية في الجنوب كان في منطقة «أبو سمبل» — و«وادي حلفا» بالقرب من الشلال الثاني ولم يكن الفرعون بعدُ قد تخطت سلطته هذه النقطة.
(4) ورابعًا وأخيرًا يمكن أن ننسب إلى نائب الملك «ثوري» جعرانين وقد نُقِشَ على كل منهما المتن التالي: ابن الملك «ثوري» (12) . وقد قال «نيوبري» عن الجعران الأول إن صاحبه «ثوري» هو ابن الملك «تحتمس الأول» ويرتكز في رأيه هذا على نقش في جزيرة «سهيل» (13) حيث نجد «ثوري» هذا نفسه قد لُقِّبَ فقط بلقب «ابن الملك» وقد أُرِّخَ باليوم الثاني والعشرين من بشنس من السنة الثالثة من حكم «تحتمس الأول». ولكنا نعلم الآن أن «ثوري» هذا لا يمكن أن يكون ابن «تحتمس الأول» لأنه كان فعلًا في عهد «أمنحتب الأول» والد هذا الملك مُكَلَّفًا بإدارة بلاد الجنوب، والظاهر أنه كان ابن أخ «أمنحتب الأول» وابن عم «تحتمس الأول».
هذه هي كل الآثار التي نعرفها حتى الآن عن «ثوري» نائب الملك في بلاد النوبة.
أما عن اسم «ثوري» فَنَوَدُّ أن نثبت وجود وجه قرابة بين اسمه الصوتي وبين الاسم المؤنث «تورس» الذي تحمله ملكة، وهي كذلك كانت بنت «أحمس الأول» وهذا التقريب هو في رأيي برهان آخر يعضد قرابة «ثوري» هذا للفرعون الأول من ملوك الأسرة الثامنة عشرة.
وتدل شواهد الأحوال على أن «ريزنر» قد رصد مدة قصيرة لعهد ولاية «ثوري» لإدارة السودان فإذا كان يشغل وظيفته هذه منذ السنة السابعة من حكم «أمنحتب الأول» وهذا ما لا نشك فيه وإذا لم يكن قد ترك وظيفته في السنة الثالثة في عهد «تحتمس الأول» فإنه لا بد قد بقي يحمل هذه الألقاب على الأقل مدة ست عشرة سنة أو سبع عشرة سنة لا اثنتي عشرة كما يقول «ريزنر» أي إنه بقي في وظيفته أربع عشرة سنة في عهد «أمنحتب الأول» الذي نعرف أنه حكم على أقل تقدير واحدة وعشرين سنة، وسنتين أو ثلاثة في عهد «تحتمس الأول».
والواقع أننا لا نعرف شيئًا عن إدارة «ثوري» هذا، غير أنه كان مُتَوَّجًا بالنجاح في أعماله. ومما لا شك فيه أن «ثوري» قد تَخَلَّى عن عمله قبل موته، وإذا كنا نراه لا يزال على قيد الحياة قبل موت الوزير «وسر» (أو «وسر آمون») في عهد الملكة «حتشبسوت» (14). فمن المؤكد أنه في هذا العهد بل ومنذ زمن طويل فعلًا قد تخلى عن وظيفته التي تولاها من بعده ابن الملك «سني» أما لقبا ابن الملك والمشرف على الأراضي الأجنبية الجنوبية اللذان نشاهدهما مدوَّنَيْنِ في هذا القبر فكانا ذوي صبغة فخرية محضة وحسب.
.........................................
10_ راجع: Weill, La Fin Du Moyen Empire Egyptiene p. 569.
11- راجع: A Guide to the Egyptian Gallariss, 1909 Sculptures, p. 182 No. 651
12- راجع: El Arabat, PI, XXXV, No, E 270 et p. 16, 36 et 43; Newberry, Scarabs p. 157 No, 35, et PI, XXVI No 35, Tui-Re
13- راجع: Rec, Trav., XIII, P. 202.
14- راجع: L.D. III, 25 bis.
|
|
هل يمكن أن تكون الطماطم مفتاح الوقاية من السرطان؟
|
|
|
|
|
اكتشاف عرائس"غريبة" عمرها 2400 عام على قمة هرم بالسلفادور
|
|
|
|
|
رئيس هيأة التربية والتعليم يطَّلع على سير الأعمال في المبنى الجديد لجامعة العميد
|
|
|