المداخل الأساسية لنظريات الإعلام- المدخل اللغوي والإدراكي: نظريات الإدراك واللغة

يعرف الإدراك بأنه العملية التي تترجم بها البيانات الحسية التي تأتي إلينا عبر حواسنا الخمسة. ولقد حدد الباحثون نمطين من التأثيرات على الإدراك هما: التأثير الهيكلي والتأثير الوظيفي. ومن بين نظريات هذا المدخل نجد ما يأتي:

النظرية الإدراكية

إن الفكرة الأساسية التي تقوم عليها النظرية الإدراكية في تغيير الاتجاه هي أن التكيف لا يشمل فقط تغيير الفرد لذاته لتتوافق مع متطلبات البيئة، ولكن أيضا يشمل تغيير إدراكه للمتطلبات البيئية لتتلاءم مع احتياجاته، وتركز النظرية على أهمية المعنى الذي يعطيه المتلقي للرسالة، ومن ثم فإن التنبؤ بتأثير رسالة ما على اتجاه فرد معين، يتطلب معرفة كيف يدرك هذا الفرد الرسالة.

إدراك ومعالجة الصور

كثيراً ما توظف وسائل الإعلام الصور كجزء من الرسائل الاتصالية. وقد أكدت الأبحاث الحاجة إلى نظرية في البلاغة البصرية تساعد في فهم كيفية معالجة الناس للصور. أن اغلب الأبحاث التي اهتمت بالصور في الإعلان تناولتها على أنها إما تمثيل حقيقي للواقع أو ناقلة لإستمالات عاطفية. ورأت أن الصور يمكن أن تقوم بدور ثالث وهو أن تعمل كرموز، ويمكن استخدامها لتكوين الحجج. البلاغية وأشارت إلى أن العناصر البصرية قادرة على تمثيل المفاهيم والافعال والاستعارات والمتغيرات، وأنه يمكن أن تتألف منها براهين معقدة. وبناءً على ذلك فإن الصور تحتاج إلى معالجة معرفية كغيرها من أشكال المعلومات الأخرى. وعلى هذا الأساس فإن هناك ثلاثة طرق لتحليل الصور التي تقدمها وسائل الإعلام الجماهيري هي (1).

أ- تحليلها باعتبارها تمثيل شفاف للواقع.

ب- أو معبرة عن استمالات عاطفية أو وجدانية

ج- أو باعتبارها حجج بلاغية مكونة من رموز معقدة.

النظريات الوظيفية

وهي تركز على العلاقة بين الموقف الذي تتبناه الرسالة ودوافع الفرد واحتياجاته، فإذا كانت الرسالة تركز على احتياجات مختلفة عن تلك المرتبطة بالفرد فإنها قد تفشل في تغيير الاتجاه، لأن التغيير يعتمد على مدى تلبية الرسالة لإحدى الحاجات الشخصية والاجتماعية والمعرفية لدى الفرد، وتفترض هذه النظريات أنَّ الأفراد يحملون اتجاهات تتناسب وحاجاتهم النفسية والاجتماعية، فالإنسان له اتجاهاته نحو موضوعات توجد في عالمه النفسي والتي تشكل عناصر هامة في حياته، وتؤدي أدواراً مهمةً في المواقف الاجتماعية التي يتفاعل فيها الفرد مع الآخرين، وتؤثر على مستوى رضاه عن علاقته بهم ومدى تكيفه معهم، وتُعدُّ اتجاهات الفرد نحو موضوع معين مؤشراً على سلوكه نحو هذا الموضوع (2).

______________

(1) أ.د حسني محمد نصر: نظريات الإعلام دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية اللبنانية، دار الكتاب الجامعي، 2015، ص91.

(2) جودة بن جابر: علم النفس الاجتماعي، عمان، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2004، ص265.