المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

Charles Babbage
17-7-2016
موارد الصحيفة ومصادر تمويلها- أولا- التوزيع والاشتراكات
28-5-2022
قانون أور نمو
14-6-2022
خميس بن علي
24-06-2015
الكافرون لا يؤمنون إلا بمشيئة الله إلجاءَ
3-12-2015
القلويدات Alkaloids
25-11-2020


سنة ولادة فاطمة الزهراء ( عليها السلام )  
  
201   03:40 مساءً   التاريخ: 2024-09-13
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج1، ص358-366
القسم : سيرة الرسول وآله / السيدة فاطمة الزهراء / الولادة والنشأة /

وُلدت فاطمة الزهراء « عليها السلام » بعد معراج النبي ( صلى الله عليه وآله ) . « والقول الحق هو ما عليه شيعة أهل البيت تبعاً لأئمتهم « عليهم السلام » وأهل البيت أدرى بما فيه ، وتابعهم عليه جماعة من غيرهم ، وهو أنها قد ولدت في السنة الخامسة من البعثة ، وتوفيت وعمرها ثمانية عشر عاماً » . الصحيح من السيرة : 2 / 177 .

وقد اتفق معنا على ولادتها بعد البعثة عدد من رواة السلطة ، بينما قال أكثرهم إنها ولدت قبل البعثة باثنتي عشرة سنة ، وقال بعضهم بسبع سنين ، وقال بعضهم في سنة البعثة ، وقال بعضهم بعد البعثة بسنة .

ومن أقوى الأحاديث الدالة على مذهبنا ما رويناه بسند صحيح ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) دخل الجنة في المعراج وأكل من ثمارها ، فتكونت نطفة فاطمة « عليها السلام » .

قال الصدوق « رحمه الله » في التوحيد / 118 : « قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته ، فتحول ذلك نطفة في صلبي ، فلما أهبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء إنسية ، وكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة » . والأمالي / 546 ، العيون : 2 / 107 ، العلل : 1 / 183 ، الإحتجاج : 2 / 191 ، مناقب ابن سليمان : 2 / 191 . ومعاني الأخبار / 396 .

وروته مصادر غيرنا : « عن ابن عباس ، وسعد بن مالك ، وسعد بن أبي وقاص ، والإمام الصادق ، وعمر بن الخطاب ، وعائشة ، قالت إنه ( صلى الله عليه وآله ) قال لها حينما سألته عن تقبيله ابنته فاطمة « عليها السلام » : « نعم يا عائشة ، لما أسري بي إلى السماء أدخلني جبرئيل الجنة فناولني منها تفاحة فأكلتها فصارت نطفة في صلبي ، فلما نزلت واقعت خديجة ، ففاطمة من تلك النطفة . ففاطمة حوراء إنسية ، وكلما اشتقت إلى الجنة قبلتها » . الصحيح من السيرة : 3 / 10 ، في مصادره : تاريخ بغداد : 5 / 87 ، المواهب اللدنية : 2 / 29 ، مقتل الحسين للخوارزمي / 63 ، ذخائر العقبي / 36 ، ميزان الإعتدال : 2 / 297 و 160 ، مستدرك الحاكم : 3 / 165 ، تلخيصه للذهبي ، مجمع الزوائد : 9 / 202 ، ينابيع المودة / 97 ، نزهة المجالس : 2 / 179 ، مناقب المغازلي / 358 ، البحار : 18 / 315 و 350 ، 364 ونور الأبصار / 44 و 45 .

وتدل الأحاديث على تعدد تناوله ( صلى الله عليه وآله ) من ثمار الجنة ، وفي بعضها أن جبرئيل ( عليه السلام ) أتاه بها وأمره أن يجتنب خديجة أربعين يوماً . مأساة الزهراء 2 / 316 .

ولدت ( عليها السلام ) في العشرين من جمادى الثانية

استفاضت الرواية أنها « عليها السلام » ولدت في العشرين من جمادى الثانية سنة خمس للبعثة . ففي دلائل الإمامة / 79 ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : « ولدت فاطمة « عليها السلام »

في جمادى الآخرة يوم العشرين منه ، سنة خمس وأربعين من مولد النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأقامت بمكة ثمان سنين ، وبالمدينة عشر سنين وبعد وفاة أبيها خمسة وتسعين يوماً ، وقبضت في جمادى الآخرة ، يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة » .

وفي أمالي الصدوق / 690 ، عن المفضل بن عمر : « قلت لأبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) : كيف كانت ولادة فاطمة « عليها السلام » ؟ فقال : نعم ، إن خديجة « عليها السلام » لما تزوج بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هجرتها نسوة مكة فكنَّ لا يدخلن عليها ولا يسلمن عليها ، ولا يتركن امرأة تدخل عليها ، فاستوحشت خديجة لذلك ، وكان جزعها وغمها حذراً عليه ( صلى الله عليه وآله ) فلما حملت بفاطمة كانت تحدثها من بطنها وتصبرها ، وكانت تكتم ذلك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فدخل رسول الله يوماً فسمع خديجة تحدث فاطمة « عليها السلام » فقال لها : يا خديجة من تحدثين ؟ قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني . قال : يا خديجة ، هذا جبرئيل يخبرني أنها أنثى ، وأنها النسلة الطاهرة الميمونة ، وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها ، وسيجعل من نسلها أئمة ، ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه . فلم تزل خديجة « عليهم السلام » على ذلك إلى أن حضرت ولادتها ، فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم : أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء ، فأرسلن إليها : أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا ، وتزوجت محمداً يتيم أبي طالب فقيراً لا مال له ، فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئاً .

فاغتمت خديجة لذلك فبينا هي كذلك ، إذ دخل عليها أربع نسوة سُمْرٌ طِوال كأنهن من نساء بني هاشم ، ففزعت منهن لما رأتهن ، فقالت إحداهن : لا تحزني يا خديجة ، فإنا رسل ربك إليك ونحن أخواتك : أنا سارة ، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة ، وهذه مريم بنت عمران ، وهذه كلثوم أخت موسى بن عمران ، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء ، فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها ، والثالثة بين يديها ، والرابعة من خلفها ، فوضعت فاطمة « عليها السلام » طاهرة مطهرة ، فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ، ولم يبق في شرق الأرض ولاغربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور . ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة ، وفي الإبريق ماء من الكوثر ، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها ، فغسلتها بماء الكوثر ، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضاً من اللبن وأطيب ريحاً من المسك والعنبر ، فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية ، ثم استنطقتها فنطقت فاطمة بالشهادتين ، وقالت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء ، وأن بعلي سيد الأوصياء ، وولدي سادة الأسباط ، ثم سلمت عليهن ، وسمت كل واحدة منهن باسمها ، وأقبلن يضحكن إليها ، وتباشرت الحور العين ، وبشر أهل السماء بعضهم بعضاً بولادة فاطمة « عليها السلام » ، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك ، وقالت النسوة : خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة ، بورك فيها وفي نسلها ، فتناولتها فرحة مستبشرة ، وألقمتها ثديها فدر عليها ، فكانت فاطمة « عليها السلام » تنمو في اليوم كما ينمو الصبي في الشهر ، وتنمو في الشهر كما ينمو الصبي في السنة » .

وفي تاريخ دمشق : 12 / 128 ، وفيه : « وكانت خديجة إذا ولدت ولداً دفعته لمن ترضعه ، فلما ولدت فاطمة « عليها السلام » لم تُرضعها أحداً غيرها » .

وفي علل الشرائع : 1 / 181 : « عن جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن فاطمة « عليها السلام » لم سميت الزهراء ؟ فقال : لأنها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء ، كما تزهر نور الكواكب لأهل الأرض » .

وفي روضة الواعظين / 148 : « قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : لفاطمة « عليها السلام » تسعة أسماء عند الله عز وجل : فاطمة ، والصديقة ، والمباركة ، والطاهرة ، والزكية ، والراضية ، والمرضية ، والمحدَّثة ، والزهراء » .

فاطمة استثنائية لا تقاس بها امرأة

لفاطمة الزهراء « عليها السلام » مقام عظيم في الإسلام بإجماع المسلمين ، فقد كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يحترمها احتراماً مميزاً مقصوداً ، ليفهم المسلمين مكانتها !

« كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ، ثم يثني بفاطمة ، ثم يأتي أزواجه . وفي لفظ : ثم بدأ ببيت فاطمة « عليها السلام » ، ثم أتى بيوت نسائه » . فتح الباري : 8 / 89 .

وكان يقف لها احتراماً ، ويجلسها في مجلسه ويقول : « فاطمة حوراء إنسية ، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة » . أمالي الصدوق / 546 .

وروت مصادر الفريقين فضائلها ومناقبها « عليها السلام » ، وألف العلماء كتباً خاصة فيها .

ومن فضائلها المدهشة ما رواه البخاري : 4 / 71 : « بينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ساجد وحوله ناس من قريش المشركين ، إذ جاءه عقبة بن أبي معيط بسلى جزور ، فقذفه على ظهر النبي فلم يرفع رأسه ، حتى جاءت فاطمة « عليها السلام » ، فأخذت من ظهره ، ودعت على من صنع ذلك ، فقال النبي : اللهم عليك الملأ من قريش ، اللهم عليك أبا جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وعقبة بن أبي معيط ، وأمية بن خلف ، أو أبي بن خلف . . » .

وكفى بذلك فضيلة : لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ، لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يَدْعُ على قومه حتى دعت عليهم فاطمة « عليها السلام » ، فكان دعاؤها عليهم وحياً له ( صلى الله عليه وآله ) من ربه ، وإذناً له بالدعاء عليهم ! فقد استعمل الله تعالى إلهامه لفاطمة « عليها السلام » بدل وحيه لجبرئيل ( عليه السلام ) ! واستعمل إبلاغ رسوله ( صلى الله عليه وآله ) بعمل فاطمة « عليها السلام » بدل إبلاغه بقول جبرئيل ( عليه السلام ) ! فأي مقام هذا لفاطمة صلوات الله عليها وعلى أبيها .

ومن فضائلها المدهشة أيضاً أنها أخبرت النبي ( صلى الله عليه وآله ) بمؤامرة قريش ليلة هجرته !

« عن ابن عباس قال : إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا باللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى وأساف ونائلة ، لو قد رأينا محمداً لقد قمنا إليه قيام رجل واحد ، فلم نفارقه حتى نقتله ، فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله عنها تبكي حتى دخلت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت : هذا الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك ، لو قد رأوك لقد قاموا إليك فيقتلوك ، فما منهم رجل إلا وقد عرف نصيبه من دمك ! قال : يا بنية أدِّ لي وضوءً ، فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد ، فلما رأوه قالوا هذا هو ! وخفضوا أبصارهم ، وسقطت أذقانهم في صدورهم ، وعُقروا في مجالسهم فلم يرفعوا إليه بصراً ، ولم يقم إليه رجل منهم ، فأقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى قام على رؤسهم فأخذ قبضة من التراب فقال : شاهت الوجوه ، ثم حصبهم بها ، فما أصاب رجلاً من ذلك الحصى حصاة إلا قتل يوم بدر كافراً » . مجمع الزوائد : 8 / 228 وصححه .

وقد كان تآمر المشركين لقتل النبي ( صلى الله عليه وآله ) في غاية السرية ، فمن أين جاءت هذه المعلومة السرية للغاية إلى فاطمة « عليها السلام » ، إلا من إلهام الله تعالى ؟ ! ومعناه أن الله تعالى جعلها مكان جبرئيل ( عليه السلام ) في إيصال الوحي إلى رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ! فأي مقام عظيم هذا لبنت في الثامنة من عمرها الشريف ، يوحي لها الله بتآمرهم عليه فتخبر به أباها سيد المرسلين ، ويوحي لها أن تدعو على فراعنة قريش فيدعو عليهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! فأي امرأة حول النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، أو في العظيمات والقديسات في كل التاريخ ، وصلت إلى هذا المقام الرباني العظيم ؟ !

عائشة تشهد بأن فاطمة ( عليها السلام ) أصدق الناس لهجة

روى الحاكم وصححه بشرط مسلم : 3 / 160 عن عائشة أنها قالت في فاطمة « عليها السلام » : « ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها ، إلا أن يكون الذي ولدها » .

ومع ذلك لم يقبل أبو بكر قول فاطمة « عليها السلام » بأن فدكاً لها أعطاها إياها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : 16 / 284 : « سألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد فقلت له : أكانت فاطمة صادقة ؟ قال : نعم . قلت : فلمَ لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة ؟ فتبسم ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فدكاً بمجرد دعواها لجاءت إليه غداً وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشئ . لأنه يكون قد أسجل على نفسه أنها صادقة فيها تدعى كائناً ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود . وهذا كلام صحيح ، وإن كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل » .

كانت فاطمة ( عليها السلام ) تسكن مع أبيها في مكة والمدينة

ولدت فاطمة الزهراء في بيت أبيها ( صلى الله عليه وآله ) وأمها خديجة « عليهما السلام » الواقع بين شعب أبي طالب وسوق أبي سفيان ، في سوق الذهب ، ويعرف بمولد فاطمة « عليها السلام » . وقد ارتكب الوهابية جريمة ، فأزالوه وجعلوا مكانه مرافق ، غيضاً وعناداً !

وفي سنة ولادتها « عليها السلام » حاصرت قريش النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبني هاشم في شعب أبي طالب وهجَّرت عائلته من بيته ، ففتحت الزهراء « عليها السلام » عينيها وهي محاصرة في الشعب ، وأبوها ( صلى الله عليه وآله ) مستهدف بالقتل من قريش ، يحرسه بالليل والنهار جدها أبو طالب ، وابناه علي وجعفر ، وعمها حمزة . ولم ترتو الطفلة المباركة من حنان أمها ، فقد توفيت أمها قبل الهجرة بنحو سنة ، وكان عمرها سبع سنين ، حسب ترجيحنا .

وقد رووا حالتها المؤثرة عند وفاة أمها خديجة « عليهما السلام » ، ففي أمالي الطوسي / 175 : « عن بريد العجلي قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد « عليهما السلام » يقول : لما توفيت خديجة رضي الله عنها جعلت فاطمة صلوات الله عليها تلوذ برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتدور حوله وتقول : يا أبهْ أين أمي ؟ قال : فنزل جبرئيل ( عليه السلام ) فقال له : ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام وتقول لها : إن أمك في بيت [ من قصب ] كعابه من ذهب ، وعمده ياقوت أحمر ، بين آسية ومريم بنت عمران ، فقالت فاطمة « عليها السلام » : إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام » .

وجعلنا [ من قصب ] بين معقوفين لأنا نحتمل أنها تسربت من رواية الطبراني ، قال في الأوسط : 1 / 139 : « عن فاطمة أنها قالت للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : أين أمنا خديجة ؟ قال في بيت [ من قصب ] لا لغو فيه ولا نصب ، بين مريم وآسية امرأة فرعون . قالت مِن هذا القصب ؟ قال : لا بل من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت » .

ويدل هذ الحديث على أن المتبادر من القصب : القصب المعروف ، ولذلك سألته فاطمة حسب الرواية . لكنا نرى أن كلمة من قصب إضافة من عائشة وقد بررتها بأن خديجة لم تُصلِّ ، فلم تستحق أكثر من بيت القصب !

وقد حاول ابن حجر « فتح الباري : 7 / 104 » أن يصحح وصف القصب ويجعله مدحاً لبيت خديجة ، وأطال في ذلك بدون طائل .

غرفة فاطمة ( عليها السلام ) وبيتها في المدينة

عندما هاجر النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة انتظر وصول علي والفواطم خمسة عشر يوماً في قباء ، ثم دخل معهم المدينة ، ونزل في بيت أبي أيوب الأنصاري .

واشترى أرضاً كانت مربد تمر ، وبنى فيها مسجده وبيته ، وجعل له باباً يفتح على المسجد وباباً يفتح من جهة البقيع ، يفتح على غرفة استقبال كبيرة ولوازمها ، وغرفة لفاطمة « عليها السلام » ولوازمها ، ومن الجهة الثانية دار فيه غرفة خادم وتنور ، وبقية لوزم المنزل .

وتزوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) عدة زوجات بعد هجرته ، لكنه لم يُسكن أياً منهن في بيته ، بل كان يبني لكل واحدة منهن غرفةً من جهة البقيع شرقي المسجد ، في مكان بعيد نسبياً عن بيته .

وكان يخدمه في بيته أنس بن مالك وغيره ، وبنات أبي أيوب وغيرهن يخدمن فاطمة .

وبقيت فاطمة « عليها السلام » في بيته حتى تزوجت بعد نحو سنتين . وكانت تشرف عليها أم سلمة ، أو بعض نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) .

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « وخطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) النساء وتزوج سودة أول دخوله المدينة ، فنقل فاطمة « عليها السلام » إليها ، ثم تزوج أم سلمة بنت أبي أمية ، فقالت أم سلمة : تزوجني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفوض أمر ابنته إليَّ فكنت أدلها وأؤدبها ، وكانت والله آدب مني ، وأعرف بالأشياء كلها » . دلائل الإمامة / 81 .

أما علي ( عليه السلام ) فكان يسكن مع أمه فاطمة بنت أسد رضي الله عنها ، في مكان بعيد نسبياً عن المسجد . وعندما تزوج أخذ لهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) بيتاً أقرب اليه ، ثم بدله ببيت قريب يفتح على المسجد ، عاشت فيه فاطمة وعلي وأم علي « عليهم السلام » .

وقال ابن سعد في الطبقات : 8 / 22 : « لما قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) المدينة نزل على أبي أيوب سنة أو نحوها ، فلما تزوج علي فاطمة قال لعلي : أطلب منزلاً فطلب علي منزلاً فأصابه مستأخراً عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قليلاً فبنى بها فيه ، فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) إليها فقال : إني أريد أن أُحَوِّلَك إليَّ ، فقالت لرسول الله : فكلم حارثة بن نعمان أن يتحول عني . فقال رسول الله : قد تحول حارثة عنا حتى استحييت منه ، فبلغ ذلك حارثة فتحول وجاء إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله إنه بلغني أنك تحول فاطمة إليك ، وهذه منازلي وهي أسقب بيوت بني النجار بك ، وإنما أنا ومالي لله ولرسوله ! والله يا رسول الله المال الذي تأخذ مني أحب إليَّ من الذي تدع ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : صدقت ، بارك الله عليك ، فحولها رسول الله إلى بيت حارثة » .

وبعد زواج فاطمة « عليها السلام » بقيت غرفتها في بيت أبيها ( صلى الله عليه وآله ) ، وهي من جهة الصُّفَّة شمالي المسجد . وقد شرحنا جغرافية بيت النبي وبيوت نسائه وقبره الشريف في سيرة الإمام الحسن ( عليه السلام ) من جواهر التاريخ ، وفي كتيب : مصادرة قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) .

« وقد أخبرني الثقة الشيخ محمد التبريزي أنه دخل إلى سرداب قبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) فوجد من جهة الصفة رخامة يظهر أنها مكان غرفة فاطمة « عليها السلام »

وأنها القبر الرمزي ، وقد كتب عليها الحديث النبوي ، وهو : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :

فاطمة مهجة قلبي ، وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أمناء ربي حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، من اعتصم بهم نجا ، ومن تخلف عنهم هوى » . رواه الزمخشري في المناقب ص : 213 ، وابن أبي الفوارس في الأربعين حديثاً ، والحمويني في فرائد السمطين ، والفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص 144 وغيرهم .

هذا ، وسيأتي تفصيل خبر تزويج فاطمة بعلي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) في المدينة المنورة .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.