أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-10
![]()
التاريخ: 2024-11-30
![]()
التاريخ: 11-1-2017
![]()
التاريخ: 11-1-2017
![]() |
ومعبد «وادي مياه»، أو معبد «وادي عباد» طرازه بسيط جدًّا، فقد كانت واجهته المبنية من الأحجار والمستندة على واجهة الصخر مرتكزة على أربعة عمد بردية الشكل، وجدرانه الخارجية كانت في الأصل عارية عن كل زينة أو نقش، ولكن نُقش عليها بعد ذلك نقش أو نقشان، واحد منهما باسم «رعمسيس الرابع»، وقد زُينت الواجهة الداخلية بمناظر تمثل «سيتي الأول»، يدوس تحت قدميه رؤساء «كوش» الخاسئين، ورؤساء كل الممالك في حضرة الإلهين؛ «آمون رع»، و«حور بحدَّت» اللذين يقدمان له سيفًا، ويقبضان على حبال غُل فيها البلاد المغلوبة على أمرها بصورة رمزية. ويشاهد على كل من عارضتي الباب المؤدي إلى القاعة الرئيسية صورة ضخمة للملك في صورة الإله «أوزير»، ويحتمل أن هذا كان رمزًا لعلاقة المعبد ببيت «من ماعت رع» في «العرابة»؛ حيث كان يعبد الفرعون في صورة «أوزير» هذا البلد المقدس. وأبعاد القاعة الكبرى تبلغ حوالي ثمانية عشر قدمًا في نحو عشرين قدمًا، وسقفها يرتكز على أربعة عمد مقطوعة في الصخر، ويشاهد على جدرانها وعمدها الفرعون «سيتي الأول» ممثلًا يقدم القربان للآلهة المحلية «مين-آمون» و«حور بحدت»، «ونخبت» وثالوث طيبة: «آمون رع» و«موت» و«خنسو»، والآلهة الشمسية: «آتوم»، و«حور اختي»، و«رع حور اختي»، والآلهة المنفية: «بتاح»، و«أوزير»، و«إزيس»، و«حتحور». وقد انفردت «إزيس» من بين كل هذه الآلهة بقولها للفرعون: «لقد منحتك بلاد الذهب والتلال تعطيك ما في جوفها الذهب النضار، واللازورد، والفيروزج». ويوجد ثلاث كوات في جدار هذه القاعة في نهايتها القصوى، في كل واحدة منها ثلاثة تماثيل جالسة مقطوعة في أصل الصخر، وتمثل التماثيل التي في الكوة الغربية: «سيتي الأول»، و«أوزير»، والإله «بتاح»، أما التي في الكوة الوسطى فتمثل: «آمون رع»، و«حور اختي»، و«سيتي الأول»، وتمثل التي في الكوة الأخيرة: «سيتي الأول»، و«إزيس»، و«حور بحدت». وهؤلاء الآلهة جميعًا يمثلون التاسوع الإلهي الذي أُهدي إليه المعبد بخاصة. والواقع أنه لا يوجد إلا سبعة آلهة؛ أما باقي التاسوع فقد كمل بتكرار الملك «سيتي» ثلاث مرات في ثلاثة المجاميع التي في الكوات. ولا يدهشنا وجود الملك «سيتي» بين أولئك الآلهة؛ لأنه قد ذكر صراحة في أحد النقوش الطويلة أن الفرعون قد عُد ضمن التاسوع الإلهي، وهؤلاء الآلهة قد وُصفوا — كما سنرى — في نقش آخر بأنهم تاسوع هذا المعبد. وسنجد في النقوش أن «آمون»، و«رع» قد ذكرا كل عن حدته في حين أن شكلي «حور»، وهما «حور بحدت»، و«حور اختي» لم يميزا في الرسم. والنقوش الطويلة الهامة التي في القاعة الرئيسية مدونة على عارضتي الباب، وعلى جدرانها، وهذه النقوش لها أهمية خاصة، وأقدم متن بينها هو الذي نُقش على الجدار الشمالي، وقد أُرخ بالسنة التاسعة من حكم «سيتي»؛ أي حوالي عام 1304ق.م وهو يقص علينا في أربعة عشر سطرًا عموديًّا حفر بئر، وبناء معبد، وينتهي بصلوات يدعو بها الفرعون للآلهة لتخليد اسمه، وأعماله العظيمة، ويشاهد بجانب هذا المتن صورة الفرعون واقفًا يواجه في خضوع وخشوع وتضرع النقش، وهاك المتن فاستمع لما جاء فيه:
السنة التاسعة من الشهر الثالث من فصل الصيف اليوم العشرين من الشهر في عهد جلالة حور الثور المنتصر، الظاهر في طيبة ومنعش الأرضين، والمنتسب للإلهتين، ومجدد الولادة، وصاحب السيف الجبار، قامع الأقواس التسعة، حور الذهبي مجدد المظاهر عظيم الأقواس في كل الأراضي، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «من ماعت رع» ابن الشمس «سيتي مرنبتاح» معطي الحياة إلى الأبد السرمدي في هذا اليوم، كان جلالته يفحص الأراضي الصحراوية تجاه التلال؛ لأن لبه كان يرغب في رؤية المناجم التي يُجلب منها النضار. ولما كان جلالته يسير مصعدًا في هذه التلال، وهو عالم بالكثير من مجاري المياه وقف في الطريق ليتبادل المشورة مع قلبه، فقال: ما أيئس الطريق التي لا ماء فيها! وفي الحق ماذا يفعل المسافرون ليطفئوا حناجرهم الملتهبة، فمن ذا الذي يطفئ ظمأهم وأرض الوطن بعيدة، وهم في الصحراء الشاسعة، فما أتعسه من رجل يصيبه الظمأ في القفار الموحشة، تعال الآن، دعني أفكر في خير هؤلاء، سأعمل على ما يحفظ حياتهم حتى يترحموا على اسمي في السنين المقبلة، وحتى تفخر بي الأجيال التي ستأتي بعدي من أجل نشاطي؛ لأني في الحق رحيم، وممتلئ حزنًا من أجل السابلة. وبعد أن نطق جلالته بهذه الكلمات لقلبه جال حول الصحراء باحثًا عن مكان يتخذه محطًّا للسقاية — وقد كان الإله وقتئذ يرشده حتى يمنحه طلبته التي كان يرغب فيها — وقد عين عمال قطع أحجار لحفر بئر على التلال ليستطيع الملك إغاثة من أضناه التعب، وينعش القلب الذي يتحرَّق عطشًا وقت القيظ. وقد أنجز العمل في هذا المكان، وسمي بالاسم العظيم «من ماعت رع»، وقد غمرته المياه بوفرة عظيمة، مثل: كهف منبعي النيل في «إلفنتين». وقال جلالته: تأمل، لقد استجاب الآلهة لدعوتي، فجعلوا الماء ينبع لي من الصخور، وقد مهدت الطريق في حكمي، وكانت منذ زمن الآلهة مشئومة، وأصبحت أراضي المراعي مفيدة للرعاة، وكل البلاد تصبح سعيدة عندما يكون مليكها نشيطًا، فكل عمل عظيم مجهول أصبح معلومًا في زمني، وقد تملك لبي عمل صالح آخر بأمر الإله، وهو تأسيس بلدة يكون فيها مأوى، والمكان الذي يشتمل معبدًا لا شك يكون رفيع القدر، وسأقيم مأوى في هذا المكان يحمل اسم آبائي العظام (الآلهة)؛ وبذلك سيجعلون أعمالي تبقى، واسمي ينتشر ويُذاع في الخارج في الأراضي الأجنبية، وعندئذ أمر جلالته أن تُعْطَى التعليمات رؤساء العمال الذين كانوا معه بوصفهم قاطعي أحجار، وقد عملت حفائر في هذا التل لتكون معبدًا لهؤلاء الآلهة؛ فكان فيه «آمون». و«رع» كان في داخله كما كان «بتاح»، و«أوزير» في قاعته الرئيسية، و«حور»، و«إزيس»، و«من ماعت رع»، وهم جماعة الآلهة الذين كانوا يأوون إلى هذا المعبد، وبعد أن تم الأثر، وزُين، وعملت صوره ونقوشه أتى جلالته ليتعبد لآبائه كل الآلهة فقال: مرحبًا بكم يأيها الآلهة العظام، يا من أسستم السماء والأرض على حسب رغبتكم الطيبة! إنكم سترونني عطفكم مدى الأبدية، وستخلدون اسمي سرمديًّا، بقدر ما أنا خادم ونافع لكم، ويقظ للشئون التي ترغبون فيها. ومن أجل ذلك ستخبرون أولئك الذين سيأتون، سواء أكانوا ملوكًا أم موظفين، أم أناسًا عاديين أن يثبتوا لي أعمالي تحت مراقبة بيتي في «العرابة»، وإن من يعمل على حسب كلمة الإله يكون سعيدًا لأن خططه لن تخيب، فتكلموا أنتم وكلمتكم ستنفذ لأنكم أنتم الأرباب، ولقد مضيت حياتي وأنا أمين لكم، أبحث عن تحسين حالي معكم، فاجعلوا آثاري تخلد لي، واسمي يبقى دائمًا عليها. وتدل الأحوال على أنه لم يبقَ أي أثر من البلدة أو المستعمرة التي تكلم عنها «سيتي» في هذا النقش؛ إذ كان المنتظَر في مثل هذا المكان المهجور البعيد عن السكان أن يبقى بعض الدمن من المباني؛ ولذلك يحتمل أن هذا الجزء من المشروع الذي كان قد أخذ في تنفيذه لم يتم، وكذلك من الجائز أنه قد غُطي بالرمال، ولم يزل محفوظًا تحتها ينتظر معول الحفار للكشف عنه، ومكان البئر ليس معروفًا على وجه التأكيد، غير أن الأثري العظيم «جولنيشف» رأى مباني في عام 1889 ميلادية في الوادي قريبة جدًّا مقابلة للمعبد، ويعتقد أن في هذه البقعة حُفرت البئر، ولكنا لسنا على يقين مع كل ما ذكرنا من أن «سيتي» قد عاش حتى افتتح هذا المعبد. ولدينا متن مؤلف من خمسة أسطر نقش على عارضة الباب المؤدي إلى القاعة الرئيسية على الجهة اليسرى من المدخل، وهذا المتن في تركيبه العام غير عادي، حقًّا إنه يبتدئ بصيغة الإهداء العادية، ولكن مؤلفه ينتقل بعد ذلك إلى سرد قصيدة كلها مديح في الفرعون، وأعماله العظيمة، وينشدها الشعب المعترف له بالجميل، وهاك المتن فاستمع لما جاء فيه:
حور الثور المنتصر، الظاهر في طيبة، منعش الأرضين ملك الوجه القبلي والوجه البحري «من ماعت رع». لقد أقامه — يقصد المعبد — أثرًا لوالده «آمون رع» مع تاسوع الآلهة، فبنى لهم معبدًا جديدًا كله يرتاح فيه الآلهة، وقد حفرت بئرًا أمامه، ولم يعمل مثله قط على يد أي ملك غير الملك البار ابن «رع» «سيتي مرنبتاح»، الراعي الطيب الذي يحمي حياة جيشه، ووالد بني الإنسان وأمه. وأنهم يتناقلون من فم لفم:
أعطه يا آمون كل الأبدية
ضاعف له الأبدية ضعفين
وأنتم يأيها الآلهة الذين في البئر
امنحوه مدة حياتكم
لأنه فتح هذه الطريق أمامنا
بعد أن كانت مغلقة في وجوهنا
وعلى ذلك أصبحنا نسير عليها آمنين
ونصل إلى آخرها على قيد الحياة
والطريق التي كنا نحسبها في صدورنا وعرة
أصبحت الآن طريقًا معبدة
وقد صار نقل الذهب بسرعة نظر الصقر
وكل الأجيال الآتية سيصلون لينال الخلود
وليحتفل بأعياد ثلاثينية مثل «آتوم»
وليستطيع تجديد شبابه مثل «حور بحدت»
وذلك منذ أن أقام أثرًا في الأراضي الصحراوية لكل الآلهة
وجلب المياه على التلال التي كانت بعيدة عن الناس
فيا رجال كل حملة تطأ الصحاري نادوا بحياة وثبات وحظ
ملك الوجه القبلي والوجه البحري «من ماعت رع» محبوب «آمون رع» ملك الآلهة
النقش الثالث
ولدينا نقش ثالث في وادي مياه، أو وادي عباد (1)، ويعد على الرغم مما فيه من غموض في بعض معانيه، وما أصابه من تهشيم أهم نقش في المعبد، وهاك الترجمة الحرفية:
ملك الوجه القبلي والوجه البحري «من ماعت رع»؛ ابن الشمس «سيتي مرنبتاح» يقول أمام آبائه كل ملوك الوجه القبلي وملوك الوجه البحري حكام الشعب:
أصغوا إلي يا ضباط مصر
وعلى ذلك سيعي لكلامكم آخرون
وستكونون في سرور كما أحب لكم
وستكافأ أعمالكم على حسب ذلك
وعلى ذلك ستكونون مثل الآلهة
وسيسعد الفرعون بين تاسوع الآلهة.
وقد قلت ذلك عندما عينت عمال تنظيف الذهب لمعبدي لأجعلهم يمدون بيتي … معبدي.
أما عن الذهب، وهو لحم الآلهة فإنه ليس من ضرورياتكم؛ فتجنبوا ذكر ما قاله «رع» عند بداية كلماته؛ إذ يقول: إن جلدي من خالص النضار؛ لأن «آمون» معبدي سوف … وعيناه على أشيائه، وإنهم لا يحبون سوء استعمال أمتعتهم، وعليكم ألا تضايقوا أناسيهم؛ لأنهم — أي الآلهة — مثل التماسيح (؟)، فلا تفرحوا … أما من يشين عمل إنسان آخر فسينال بالمثل في النهاية، وأن الله سيتلف آثار المتلف؛ وأن عمل الكذابين لا يمكث … الملك … وأجعلكم تعلمون أني قد عزمت من بعيد أن أخبركم (؟)، ولقد عينت طائفة من عمال الذهب، وقد قدمتهم كلهم إلى … لأجلي وحدي، وجعلتهم كلهم موظفين جددًا لأجل أن يستمروا معي، ولم آخذهم من موظفين آخرين لأضيفهم … وسيصيرون أولاد بيتي، وتابعين لمعبدي. وأي ملك سيأتي بعدي، ويمتحن أعمالي ليجعلها باقية … مقدمًا ما ينتجونه — أي العمال — لبيت «من ماعت رع» لتمويه كل تماثيلهم بالذهب أي «آمون»، و«حور اختي»، و«بتاح تنن»، و«وننفر» … سيستيقظون … وسيجعلونهم سعداء، وليحكموا البلاد في نعيم، وليذبحوا الأرض الحمراء (الصحراء)، وأرض النوبة، وروحهم سيبقى وتستمر مؤنتهم الغزيرة، وسيشبع أولئك الذين على الأرض، وسيصغي «رع» لصلواتهم حتى لا يقول واحد: إني أحتاج. وأي ملك سيأتي بعدي ويقلب خطتي، أو يقول: إن الأراضي تحت تصرفي، وإنها متاعي فذلك عمل آثم في قلوب الآلهة! ولا شك في أن أمثال هذا سيجاب عليه في «هليوبوليس»، وإن هم القضاة … وسيقدمون جوابًا على حسب متاعهم، وأنهم سيكونون حمرًا مثل لهيب النار، وسيطبخون لحوم أولئك الذين لا يصغون إلي، وسيمحون من يتلف خطتي، وسيلقى به في قاعة عذاب العالم السفلي، لقد قلت (؟) … دع إنسانًا بريئًا من إثمه يخلصك، ولماذا إذن؟ فإنه سيكون إنسانًا آخر ضال القلب يتهمه تاسوع الآلهة، وأي موظف يتطاول على سيده بإبداء هذه الرغبة، وهي أن يستولي على عمال، ويستخدمهم في ضيعة أخرى بشهادة زور، فإن مصيره نار تصلي لحمه، ولهيب يلتهم أعضاءه لأن جلالتي قد عمل كل هذه الأشياء لروح أرباب بيتي. وإن الإله يمقت من يتدخل في شئون قومه، وإنه لن يتوانى عن خذلان المتلف، ولكن عمال تنظيف الذهب الذين ألفتهم لبيت «من ماعت رع» سيُستثنون ويُميزون، ولن يعتدي عليهم إنسان في الأرض قاطبة على يد أي ضابط من ضباط أي مراقب صحراء، وأي شخص يتدخل في شئونهم ينقلهم إلى مكان آخر يجعل الآلهة والإلهات أعداء له؛ لأن كل متاعي إرث لهم تحت أقدامهم أبد الآبدين، وضابط طائفة عمال غسل الذهب الخاص ببيت «من ماعت رع» سيكون مستقلًا في توريد ما ينتجونه من الذهب لبيت «من ماعت رع». وأي شخص يتجاهل هذا المنشور فإن الإله «أوزير» سيتأثره، وسيحاسبه كذلك زوجه «إزيس»، وابنه «ماحور»، والآلهة العظام أرباب الأرض المقدسة.
تعليق على هذا المتن
إذا ألقينا نظرة فاحصة على هذا المتن وجدنا أنه خطاب من الفرعون «سيتي الأول» إلى الملوك الذين سيخلفونه؛ يحضهم فيه على احترام مؤسسات الذهب التي وضعها لبيته في «العرابة المدفونة»، وهذا الذهب كان مخصصًا لأولئك الآلهة الذين أُهديت لهم تلك المؤسسة، ونراه يعدهم، أنهم إذا حفظوا العهود احترم رغباتهم بالمثل، وكافأ أعمالهم العظيمة، والظاهر أنه كان يرمي إلى صرفهم عن عدم التفريط في الذهب الذي لا يحتاجون إليه، وأنه لا يصلح إلا للآلهة فقط. ويلمح إلى أن استعمال الملوك «لحم الآلهة» — أي الذهب — لأغراضهم الشخصية كفر وجحود وطغيان، ومن الطريف أن «سيتي الأول» قد اقتبس بعض قصة هلاك الإنسانية (راجع كتاب الأدب ج1 ص71)، وفيها يقص عن إله الشمس: «والآن قد أصبح جلالته متقدمًا في السن، وكانت عظامه من فضة، ولحمه من ذهب، وشعره من اللازورد.» وكأنه بذلك يحض ملوك المستقبل على أنه ينبغي ألا يتدخل إنسان مع عمال الذهب في المستقبل؛ لأنه لم يخرج على أي نظام كان قائمًا في عصره خاصًّا بتأليف طائفة عمال تنقية الذهب، بل أنشأ طائفة عمال جدد لم يؤخذوا من عمال طائفة أخرى. ثم يذكر لنا بتحفظ أن الذهب كان لازمًا لتمويه صور الآلهة؛ ومن أجل ذلك يطلب الرحمة لكل فرعون يحافظ على مؤسسته، ويستنزل النقمة على كل من أراد أن يستغلها لمنفعته الشخصية. وكذلك نراه يطلب الخير لكل وزير يجعله مليكه يسير في طريق الصلاح، كما يطلب لكل وزير يهيئ سبيل الشر لمليكه عقابًا وخسرانًا مبينًا، ويلاحظ هناك أن اللعنات التي وردت في المتن كانت على وجه خاص شنيعة وقاسية. والظاهر أن «سيتي» كان يهدد الآثم بأن آلهة المعبد هم الذين سيتولون حسابه، وقد كانوا ضمن أعضاء تاسوع «عين شمس»، وهم — كما نعرف — كانوا يؤلفون قضاة يوم الحساب، وبعد تحذيرات أخرى، وعرض حقوق طائفة عمال الذهب، وضباطهم يختتم الخطاب باللعنات الشنيعة، على كل من لا يرعوي لقوله. على أنه ليس في طبيعة الشره البشرية أن يتعظ الإنسان بأصوات الموتى، وتحذيراتهم، وبخاصة عندما يكون الذهب هو الحافز على إيقاظها؛ إذ يظهر لنا من نقش الإهداء الذي صاغه «رعمسيس الثاني» بألفاظ بديعة منمقة في بيت «من ماعت رع» «بالعرابة» أنه عند موت «سيتي» هجر هذا المعبد الفخم الذي لم يكن قد أتمه بعد، واستولى على دخله؛ مما اضطر «رعمسيس» إلى إعادة نظام المؤسسة كلها، وحبس الأموال عليها من جديد، على أننا لا نُبرئ «رعمسيس الثاني» نفسه من أنه في أواخر أيامه قد استغل مؤسسة «وادي مياه»، أو «وادي عباد» لمنفعته الشخصية؛ إذ قد ترك لنا كاتب لم يهبه الله شيئًا من حُسن البصيرة الكلمات التالية على أحد عُمُد هذا المعبد: «إحضار الذهب للعيد الثلاثيني الحادي عشر للفرعون «وسر ماعت رع ستب أن رع» (رعمسيس الثاني).» وإذا تسامحنا في تفسير هذا المتن، فقد نفرض أنه يشير إلى الذهب الذي كان يقدمه الكهنة قرابين اختيارية لبيت «سيتي» في «العرابة» في مناسبة عيد «رعمسيس الثاني» الثلاثيني الحادي عشر. وأخيرًا، نعود مرة أخرى إلى موضوع البئر التي حفرها «سيتي الأول» في وادي مياه، أو «وادي عباد»، فنذكر برهانًا قويًّا على إنجاز هذا العمل في عهد «سيتي الأول»، إذ يدل على ذلك إحدى اللوحات التي نُحتت في الصخر المجاور للمعبد، ومما يؤسف له أن اسم مقدم اللوحة قد مُحي، ولكن جاء في النقش ما يأتي: «عملها البحار … الذي كان مكلفًا بحفر بئر «سيتي مرنبتاح».» وهكذا أصبح لدينا وثيقة من أحد الرجال الذين اشتركوا فعلًا في إنجاز هذا العمل العظيم، ويدل تعبد هذا البحار للإله «بتاح»، والإلهة «سخمت» على أنه كان من أصل منفي.
...................................................
1- راجع: Rec. Trav. XIII, pl. 2..
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|