أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-21
899
التاريخ: 2024-08-21
301
التاريخ: 2024-02-07
837
التاريخ: 2024-08-23
389
|
وقد كانت الصورة التي اتخذها نظام الحكم والإدارة في عهد الأسرة الثامنة عشرة هي نفس الصورة التي كانت تحكم بمقتضاها البلاد منذ القِدَم بصرف النظر عن بعض التغيرات التي كانت تستلزمها الأحوال وتُحتِّمها نظرية النشوء والتطور والارتقاء. فنجد أن أرض الكنانة كانت مقسَّمة نظريًّا قسمين وهما القطران اللذان تتألف منهما البلاد منذ أقدم العهود — الوجه القبلي والوجه البحري — وبقي كل منهما يحمل لقبه الأصلي، ولكن في الواقع نجد الوجه القبلي الذي يُنسب إليه أمراء «طيبة» كان يمتد من «إلفنتين» حتى «أسيوط» و«القوصية»، وقد كان الفرعون «تاعا» وكذلك ابنه «كامس» يحكمان هذا الإقليم، وكان هذا الإقليم بعينه مقسمًا قسمين، شمالي «طيبة» وجنوبها، وقد كان الوزير وحاكم العاصمة هو المشرف على الإدارة فيهما. أما الجزء الشمالي من البلاد الذي كان يمتد من الأشمونين حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو الجزء الذي كان يسيطر عليه الهكسوس، فكان تحت إدارة وزير آخر يقطن «منف» (راجع ج4، رخ مي رع). وهذا النظام الحكومي الذي اتخذتْه البلاد في عهد الدولة الحديثة كان في ظاهره غريبًا، فقد كانت عاصمة الملك تقع بعيدًا عن وسط المملكة على مسافة سبعمائة كيلومتر من «منف» التي تُعَدُّ نقطة الوسط، وعلى مسافة مائتي كيلومتر من «أسوان» من آخر حدود مصر الجنوبية عند الشلال الأول. وهذا الوضع يَظهَر لأول وهلة مخالفًا لما تقتضيه طبيعة البلاد، ولكن السبب الذي دعا إلى اتخاذ العاصمة في هذه الجهة، هو أن «طيبة» كانت مسقط رأس ملوك الأسرة الثامنة عشرة، وعاصمة ملكهم منذ نشأتهم، ولذلك لم يغادروها عندما استولَوْا على البلاد جميعًا، ومن ثَمَّ نجد أمامنا من جديد عاملًا هامًّا في سير حوادث التاريخ المصري، وهو أن تتبع كل الحوادث السياسية التي كانت بمقتضاها تسير الأحوال في البلاد ويتوقف عليها تكييف النظام لمدة قرون، يضرب بأعراقه في الوجه القبلي. ولا أدل على ذلك من أن توحيد البلاد في بادئ الأمر، وضم الوجه القبلي إلى الوجه البحري كان من عمل الملوك الحوريين الذين نشئوا في «الكاب»، وأخلافهم الذين ترعرعوا في مقاطعة «طينة»، وعندما كان الملك «مينا» قد أتمَّ حصن «منف» الذي كان يُطلَق عليه «الجدار الأبيض» كان قبره وقبور رجال بلاطه مع ذلك في مقاطعة «طينة»، هذا فضلًا عن أن مقر ملكه كان في منطقة «العرابة»، ولم تصبح «منف» عاصمة الملك ومقر الحكم إلا في عهد الأسرة الثالثة، ومن ثم صار الملوك يُدفَنون في منطقتها. ولما سقطت الدولة القديمة لم يفلح ملوك «إهناسية المدينة» طويلًا في استمرار إبقاء عاصمة ملكهم في مصر الوسطى «إهناسية المدينة الحالية»؛ إذ بعد نضال طويل خضعوا لملوك الأسرة الحادية عشرة الذين كانوا يسيطرون على إقليم «طيبة» وما جاوره، وفي عهد الأسرة الثانية عشرة أصبح لمدينة «طيبة» وإلهها «آمون» مكانة عظيمة، غير أن ملوك هذه الأسرة قد اتخذوا عاصمة ملكهم في الشمال ثانية، فكان مقرهم أحيانًا في «اللشت» وأحيانًا في «الفيوم» (راجع ج3). ولما تأسَّستِ الأسرة الثامنة عشرة نُقلت العاصمة إلى «طيبة»، وقد بقي مقر الحكم في هذه المرة في الوجه القبلي في هذه المدينة، وأصبح الإله «آمون» إله الدولة يغطي على كل الآلهة الكبرى. وقد كان إقليم الجنوب أو كما يُسمَّى «إقليم رأس الجنوب» من الوجهة الاقتصادية والزراعية في المؤخرة بالنسبة لإقليم مصر الوسطى، وبالنسبة لأرض «الدلتا» التي كانت ذات شهرة عظيمة من حيث الخصب والإنتاج، وفي الحق كانت هذه البقاع الأخيرة الزراعية مسكونة بقوم عاملين يعيشون عيشة هدوء لا يميلون للحروب، وكان في استطاعة كل حاكم قوي أن يسيطر عليهم دون مشقة أو مقاومة تذكر، في حين أن سكان الوجه القبلي كانوا قومًا ميَّالين للحروب أقوياء البنية مما أهَّلَهم لتحمُّل أعباء الحروب، ونخص بالذكر منهم أشراف مدينة «الكاب»، والدور الحاسم الذي قاموا به في محاربة أعداء البلاد. وقد كان يساعدهم في ذلك قبائل البدو النوبيون الذين اتخذهم الفراعنة حينئذٍ موردًا لتغذية جيشهم العامل، كما كان يُتَّخَذ منهم أحيانًا رجال الشرطة الذين يحافظون على الأمن في مشارف البلاد. ولقد كان السبب في بقاء النظام الذي سارت عليه البلاد في عهد الدولة الحديثة نحو مائتي عام يرجع إلى المحافظة على تنفيذ النُّظُم بِيَدٍ من حديد؛ مما لم يُعطِ مجالًا لقيام أي عصيان أو محاولة لنقض أسس الحكم.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|