أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
![]()
التاريخ: 26-04-2015
![]()
التاريخ: 26-04-2015
![]()
التاريخ: 11-10-2014
![]() |
لتوضيح ما بين المتشابه والمبهم من فرْق ، نذكر من عوامل التشابه الَّتي تختلف تماماً عن عوامل الإبهام .
يعود الفرْق بين تشابه الآية وإبهامها إلى ما بين عوامل الأمرَين من اختلاف ، حيث من أهمّ عوامل التشابه هو : دقَّة المعنى وسموّ مستواه عن المستوى العامّ ، مضافاً إلى رقّة التعبير وجزالة الأداء ، كما في قوله تعالى : {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] ، إذ لا يخفى لُطف هذا التعبير الرقيق عن مفهوم هو من أدقّ المفاهيم الإسلامية في الأمر بين الأمرين ( لا جبْر ولا تفويض ) ، ومن ثمّ خفيَ على غالبية الناس إدراك حقيقته الأصلية ، من عدا أولئك الراسخين في العِلم ، الَّذين استسهلوا الصعاب بفضْل جهودهم في سبيل اكتساب المعالي .
ومن هذا القبيل أيضاً قوله تعالى : {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] ، فقد وقع فيها تشبيه ذاته المقدَّسة بالنور ، وهو أدقّ تعبير في تقريب ذاته المقدّسة إلى أفهام العامّة ، إذ لو قيل للجمهور : أن لا ماهيّة له تعالى ، ولا هو جسم ، ولا فيه خواصّ الجسم ، لم يقتنعوا في الجواب عن موجود وقع الاعتراف به ، كيف لا ماهيَّة له ولا هو جسم ؟ فإذا قيل لهم : إنّه نور اقتنعوا ، في حين أنّ نفس الإجابة صحيحة يعرفها الراسخون في العِلم ، إذ كما أنَّ النور في المحسوس غير قابل للإدراك ذاتاً ، وإنّما يُحسّ به من قِبل إنارته للأشياء ، كذلك وجوده تعالى في غير المحسوس لا يُدرك هو ، وإنَّما يُدرك بإفاضته الوجود على الموجودات ، فالله تبارك وتعالى يتجلّى من خلال كلّ موجود وليس يُدرك ذاتاً ، كالنور سبب لإدراك الأشياء وتعجز الأبصار عن إدراكه بالذات (1) .
وأمّا عوامل الإبهام المحوجة إلى التفسير ، فتعود إلى جهات أُخَر :
منها : غرابة الكلمة عن المألوف العامّ ؛ نظراً لاختصاص استعمالها ببعض القبائل دون بعض ، فجاء القرآن ليوحِّد اللغة باستعمال جميع لغات العرب ، من ذلك : ( صَلداً ) بمعنى ( نقيّاً ) في لُغة هذَيل ، و( الإملاق ) بمعنى ( الجوع ) في لُغة لخْم ، و( المنسأة ) بمعنى ( العصا ) في لغة حضرموت ، و( الودق ) بمعنى ( المطر ) في لغة جَرْهُم ، و( بُسَّت ) بمعنى ( تفتَّتت ) في لغة كندة ، وهلمّ جرّاً ، الأمر الذي دُوّنت لأجْله كُتب غريب القرآن ، وهي كثيرة .
ومنها : إشارات عابرة جاءت في عَرْض الكلام ، بحيث يحتاج فهْمها إلى درس عادات ومراجعة تاريخ ، كالنسيء في سورة التوبة (2) ، والنهي عن إتيان البيوت من ظهورها في سورة البقرة (3) ، أو تعابير إجمالية يحتاج الوقوف على تفاصيلها إلى مراجعة السُنَّة وأقوال السلَف ، كقوله تعالى : { وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ } (4) ، و{ وَآتُواْ الزَّكَاةَ } (5) ، و {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] وأمثال ذلك .
ومنها : تعابير عامّة صالحة لمعانٍ لا يُعرَف المقصود منها إلاّ بمراجعة ذوي الاختصاص ، كالدابَّة من سورة النمل : { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ } [النمل: 82] ،
والبرهان في سورة يوسف : {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24] ، والكوثر في : {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] ، والروح في : { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ } [النبأ: 38] ، وأمثال ذلك .
ومنها : استعارات بعيدة الأغوار ، يحتاج البلوغ إليها إلى سبْرٍ وتعمّق كثير ، كقوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41] ، وقوله : {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ} [يس: 65] ، ونحو ذلك .
ومن ثمَّ قال الراغب (6) : التفسير إمّا أن يُستعمل في غريب الألفاظ ، نحو : البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة (7) ، أو في وجيز كلام مبيّن بشرح ، نحو : ( وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ) (8) ، وإمّا في كلام متضمّن لقصَّة لا يمكن تصويره إلاّ بمعرفتها ، كقوله تعالى : {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37] ، وقوله : {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا } [البقرة: 189].
هذه نماذج من عوامل الإبهام المحوجة إلى تفسير كاشف ، وقد تبيَّن أنّها تختلف تماماً عن عوامل التشابه المستدعية لتأويل مقبول ، وعليه فلا يشتبه مورد أحدهما بالآخر ، وإن كانا يشتركان في خفاء المراد بالنظر إلى ذات اللفظ .
______________________
(1) راجع الكشف عن مناهج الأدلّة لابن رشد : ص92 ـ 93 .
(2) آية 37 .
(3) آية 189 .
(4) وردت في اثنتي عشرة موضعاً من القرآن .
(5) وردت في سبعة مواضع من القرآن .
(6) بنقل الإتقان : ج2 ، ص173 الطبعة الأولى .
(7) المائدة : 103 .
(8) وردت في سبعة مواضع من القرآن .
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|