أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-21
1382
التاريخ: 2024-07-27
433
التاريخ: 2024-03-31
924
التاريخ: 2023-12-14
997
|
لا نزاع في أن مهندس البناء «سنموت» يُعَدُّ أهمَّ شخصية في عهد الملكة «حتشبسوت»، وقد تكلَّمنا عن حياته الحكومية على وجه الإجمال فيما سبق. وقد كان هذا الرجل العظيم يحمل ألقابًا عدة متنوعة، غير أنه يشار إليه في النقوش في معظم الأحيان بوصفه مديرَ بيتِ الإله «آمون»؛ لأن هذه الوظيفة كانت على ما يظهر عمله الأصلي، وقد أقام لنفسه قبرين الأول في «جبانة شيخ عبد القرنة»، وقد خرب تخريبًا مريعًا على يد رجال «تحتمس الثالث» (راجع: Gardiner & Weigall, “Catalogue” No. 71)، ولا بد أنه كان من أجمل المقابر في هذه الجبانة إذا حكمنا بما تبقى لنا من رسوم سقفه الملون؛ إذ قد بقيت لنا قطعة من منظر استقبال الجزية الأجنبية، نشاهد فيها ثلاثة من أهل «كريت» يحملون أواني مزخرفة بأشكال تنمُّ عن الطراز المنواني الذي يضمُّ أشكالًا حلزونية ورؤوس ثيران وزهيرات، ويتميَّز الرجال بخصرهم النحيل، وأحزمتهم العريضة، وحللهم المزركشة إلى حدٍّ بعيد، كما نشاهد في رسوم قصر «مينوس» في «كريت» مثل ذلك (Wreszinski “Atlas” Pl. 235)؛ وهذا شاهد عدل على مهارة الرسام المصري وحسن إبرازه للصورة الصادقة التعبير، وقد خلف «سنموت» عدة آثار، وهاك ألقابه كما نجدها على هذه الآثار التالية:
(1) يوجد له نقش على صخور أسوان دُوِّن عليه قطع مسلتين للملكة «حتشبسوت» وعليه الألقاب التالية: حامل خاتم الوجه البحري، والسمير العظيم الحب، ومدير البيت العظيم، والأمير الوراثي، وصاحب الحظوة العظيمة عند زوج الإله، ومدير البيت العظيم للابنة الملكية «نفرو رع» (Urk. IV. Pp. 396-7).
(2) وله محراب حفر في الصخر في السلسلة الغربية، ويلحظ هنا أن «سنموت» قد مثل في حضرة الآلهة، غير أنه مثل بنفس حجمهم، وهذا حق كان يتمتع به الملوك وحدهم، ونجد له غير ما ذكر من الألقاب ما يأتي: المشرف على مخازن غلال «آمون»، والمشرف على القصر الخاص، ومدير كل وظيفة مقدسة (راجع: Ibid, p. 398).
(3) أما النقوش التي على جدران قبره في «جبانة شيخ عبد القرنة» فقد هشمت كلها تقريبًا، وما بقي من ألقابه غير ما ذكرنا هي: «مدير أعمال … والمشرف على أعمال الفرعون، ومدير بيت «آمون»، والمشرف على حقول «آمون»».
(4) وعلى عتب من قبره نجد: المشرف على حقول «آمون»، ومدير بيت زوج الإله «حتشبسوت»، والمشرف على إدارة الحكومة (Ibid. p. 400).
(5) وعلى مخروط من الفخار نجد الألقاب التالية: كاهن «آمون» وسرحات (وهو اسم لقارب «آمون» المقدَّس)، والمشرف على ماشية «آمون» (راجع: Ibid, p. 403).
(6) تمثال من الجرانيت الأسود «لسنموت» يُشاهَد فيه وهو محتضن الأميرة «نفرو رع»، وهو الآن في «برلين» (No. 2296)، وعليه الألقاب التالية غير ما ذكرنا: «النائب … جب، العظيم الحظوة عند رب الأرضين، والذي يمدحه الإله الطيب المشرف على مستأجري حقول «آمون»، والمشرف على عمال حقول «آمون»، ورئيس عمال «آمون»، والمشرف على إدارة الحكومة المزدوجة، فم كل بوتي (أي: من أهالي بوتو) الرئيس العظيم في بيت «نيت» مدير القاعة الواسعة في بيت الأمير (أي: عين شمس) (أي: قاعة العدل)» (راجع: Urk. IV. Pp. 404–406).
(7) تمثال من حجر الكوارتسيت (الحجر الرملي الأحمر) وُجِد في معبد الإله «موت» بالكرنك، وهو الآن بالمتحف المصري (رقم 579)، ويشمل الألقاب التالية الجديدة غير ما ذكرنا (1) محبوب الملكة (الصقرة) صاحبة الأرواح القوية، ومَن في قلب «حور» الظاهر في «طيبة»، والمشرف على البقرات الجميلة ملك «آمون»، ومدير البيت العظيم للملك، والسمير الوحيد، ومدير بيت النسيج للإله «آمون». ومن نقوش هذا التمثال نعلم أن «سنموت» كان موكلًا بكل المباني في «طيبة» و«أرمنت» و«الدير البحري» ومعبد «موت». ثم يقول لنا إنه عظيم العظماء في كل الأرض قاطبةً، والذي يسمع له بين الناس، والرسول الحقيقي، ومهدي الأرضين بلسانه، وكاهن «ماعت» (إلهة العدل)، ومدير القصر، والسمير، ومدير أعياد كل الآلهة، ومدير المديرين، ومدير أعمال بيت الفرعون، ومدير الصناع، والمشرف على كل كهنة «منتو» صاحب «أرمنت» ومرشد الناس، ورئيس الأرض قاطبةً، ورئيس طائفة الكهنة، والمشرف على بيوت الإلهة «نيت»، وحاجب ملك الوجه البحري لكل السمار، والمرافق للفرعون في كل البلاد الأجنبية، في الجنوب والشمال والشرق والغرب.
(8) نقوش الدير البحري (Urk. IV. p. 416).
(9) قطعة من تمثال من الجرانيت الرمادي عُثِر عليها في «إدفو» (A. S. Vol. IX. p. 106).
(10) ثلاثة أوانٍ من الحجر المصقول (Urk. IV. p. 416-7).
(11) قطعة من الحجر مزخرفة من طيبة وعليها اسم موظف يُدعَى «توسي» Tws، ويحمل لقب المشرف على خضر آمون (؟) وقد كتب عليه لقب «سنموت» بوصفه مدير بيت «آمون» (راجع: Urk. IV. 417).
(12) تمثال من الجرانيت الرمادي «لسنموت» وهو ممسك بالأميرة «نفرو رع»، عُثِر عليه في خبيئة «الكرنك»، ويحمل لقب الأمير الوراثي، وحامل خاتم الوجه البحري، والسمير الوحيد، وكاتم السر في بيت «آمون» (معبد آمون)، ومرشد بلاد الشمال (الوجه البحري) وعماد القوم، والمشرف على مخازن غلال «آمون» في المدينة الجنوبية «طيبة»، والمشرف على عمال حقول «آمون» في … والمشرف على عبيد «آمون»، ونائب الفرعون في بيت «جب»، والمشرف على ثيران «آمون» في «الكرنك»، ومدير بيت «آمون».
(13) تمثال من الجرانيت الأحمر «لسنموت» والأميرة «نفرو رع» من خبيئة الكرنك، وهو الآن بالمتحف المصري رقم (No. 42115).
(14) تمثال آخَر من الجرانيت الأسود من نفس المكان له وللأميرة «نفرو رع» (No. 42116)، وعلى ذلك يمكن تلخيص ألقابه قبل اعتلاء حتشبسوت الملك وبعده ممَّا ذكرنا من الآثار وغيرها فيما يلي:
ألقاب سنموت قبل اعتلاء حتشبسوت العرش
(1) مدير البيت العظيم. (2) مدير البيت العظيم للزوجة الملكية. (3) مدير بيت رب الأرضين. (4) مدير البيت العظيم للزوجة الملكية «حتشبسوت». (5) مدير القصر الخاص. (6) مدير البيت العظيم للابنة الملكية «نفرو رع». (7) مربي الابنة الملكية (نفرو رع). (8) مدير كل المباني الملكية. (8) المشرف على بيتي الفضة، والمشرف على بيتي الذهب، والمشرف على الأختام. (10) المشرف على مخازن غلال «آمون». (11) المشرف على حقول «آمون». (12) المشرف على أراضي «آمون». (13) المشرف على ثيران «آمون». (14) رئيس عبيد «آمون». (15) المشرف على بيت «آمون» وسرحات (المركب المقدسة). (16) المشرف على مخازن غلال «آمون» (وسرحات). (17) … آمون وسرحات. (18) الأمير الوراثي المشرف على كهنة «منتو» في «أرمنت».
ألقابه بعد اعتلاء حتشبسوت العرش
(1) مدير بيت آمون. (2) مدير البيت. (3) المدير العظيم للبيت (الملكي). (4) المدير العظيم لبيت آمون. (5) المدير العظيم لبيت الملك. (6) الوالد المربي الكبير للبنت الملكية سيدة الأرضين والزوجة المقدسة «نفرو رع». (7) المشرف على إدارة الأرضين (؟). (8) مدير كل أعمال الفرعون. (9) المشرف على أراضي آمون. (10) المشرف على حقول آمون. (11) رئيس فلاحي آمون. (12) المشرف على الأرض المنزرعة للإله آمون. (13) المشرف على بقرات آمون. (14) المشرف على ثيران آمون. (15) المشرف على مخازن غلال آمون في المدينة الجنوبية (طيبة). (16) المشرف على مزارع آمون في «من إست». (17) المشرف على ثيران آمون في معبد الكرنك. (18) المشرف على أعمال الإله آمون. (19) المشرف على مخازن غلال الإله آمون. (20) كاهن الإله آمون للسفينة «وسرحات». (21) المشرف على كهنة الإله منتو في «أرمنت». (22) المشرف على إدارة آمون.
قطع الاستراكا المخطوطة التي وُجِدت في مقبرة سنموت وأهميتها التاريخية
كان من أعظم الكشوف الأثرية التي أماط اللثام عنها الأستاذ «ونلوك» أثناء تنظيف مقبرة «سنموت» مستشار الملكة «حتشبسوت»، وأكبر شخصية في عهدها كما ذكرنا؛ مجموعة قطع الفخار المكتوبة باللغة المصرية القديمة، وكلها خاصة بطوائف العمال والرسَّامين الذين وكل إليهم أمر حفر مقبرته وتزيينها؛ وقد دلَّ فحص نقوش هذه المجموعة على أنها تكشف لنا عن ناحيةٍ من نواحي الحياة الاجتماعية، وهي حياة طائفة العمال الذين عملوا في خدمة رجل من عظماء الدولة وأشهرها في خلال الأسرة الثامنة عشرة. وتشمل هذه المجموعة نحو خمسين ومائة قطعة من الخزف، يرى فيما دون عليها كل من المؤرخ والقارئ العادي على السواء كل البيانات الضرورية لسير العمل في هذه المقبرة، وسنورد هنا مقدمة قصيرة مفيدة تحدِّثنا عن ظروف هذا الكشف، وكذلك تُظهِر لنا كيف أن أنواع المجاميع التي كُشِف عنها من هذه «الاستراكا» المختلفة، يمكن ربطها بأوجه نشاط الصناع المكلَّفين بنحت المقبرة. فقد كان الكتَّاب المكلَّفون بالعمل يجمعون كلَّ يوم أثناء حفر المقبرة قِطَع «الاستراكا» المستوية السطح، ممَّا تراكم من الحفر، ويرسمون عليها تصميم الحجرات الجنازية التي لم تكن قد حُفِرت بعدُ، وكذلك كانوا يرسمون رسومات تخطيطية «كروكي» تمهيدًا للقيام بالعمل في نقوش القبر، فينظمون المتون الدينية والجنازية التي كان لا بد منها لتُحلَّى بها الحجرات، وكذلك كانوا يقدمون تقارير مختصرة عن حالة العمل، كما كانوا يدونون القوائم الخاصة بأسماء العمال، وأخرى للجرايات أو الأشياء التي تسلَّموها أو ورَّدوها. ويلفت النظر أن بعض هذه القطع من «الاستراكا» التي وُجِدت حول المقبرة كان قد استعملها التلاميذ الذين جاءوا ليدرسوا بأشراف الكتبة الذين نصبوا للقيام بالأعمال الكتابية في القبر، لكتابة تمارينهم التي كانت تنتخب من المتون الأدبية والدينية الشهيرة، كما نجد قطعًا نقشها أفراد لمجرد التسلية واللهو وقت ملاحظتهم سير العمل، فنشاهد من بينها من وقت لآخر رسمًا تخطيطيًّا لحيوان وأشياء أخرى على حسب مزاج الرسام وهوايته. هذه نظرة عامة على ما تحتوي هذه «الاستراكا»، والواقع أن هذه القطع يمكن تصنيفها عدة مجاميع، وهي: الاستراكا التي رُسِم عليها أشكال ليست من طراز ممتاز كلها، ويظهر أن رساميها كانوا بدائيين أو هواة وحسب، وتنحصر فائدة ما جاء عليها في أنها مسودات ورسم تمهيدي للوحات التي كانت تتألف منها نقوش مقصورة القبر الجنازية؛ فمثلًا نجد على أحدها رسمًا تخطيطيًّا لرؤوس رجال يمكن الإنسان أن يتعرف فيها ملامح «سنموت»، ومن بينها وُجِد رسم رأس بالحبر الأسود، ويُشاهَد فيه أنه رُسِم على حسب قانون النسب المتبع عند المصريين؛ وكذلك نجد رسومًا تخطيطية أخرى كثيرة لمناظر مركبة مثل منظر الأسرة ومناظر دينية وأكوامًا مكدَّسة من القرابين، ولا بد أنها كانت تُرسَم على الجدران بحجم أكبر، ويكفي أن نذكر هنا تصميمين مختصرين، وهما يدلان بلا شك على مشروع تنظيم جزء من دهاليز القبر وحجراته، فقد وجدت إشارات تدل على مقاييس الأبعاد لهذه المباني. وفي مجموعة ثانية نجد المتون ونشاهد طائفةً لا بأس بها تشمل رسومًا تحضيرية للنقوش العظيمة التي كان لا بد منها لكمال زينة القبر، ومعظم هذه النقوش قد دُوِّن بالهيروغليفية التخطيطية، وقد كُتِب في سطور عمودية أو أفقية على حسب ما تقتضيه طبيعة الرسوم التي معها، ويُلاحَظ هنا أحيانًا أن الرسم الأولي لا يقدِّم لنا إلا بداية السطور، ممَّا يدل على أن هذه القِطَع لم تكن إلا توجيهات مباشِرة لتزيين المزار الجنازي، والغرض منها رغبة الرسَّام في أن يحسب حسابه مقدَّمًا عن الطريقة التي يجب أن يُوزَّع بها المتن حتى يملأ به سطح الجدار الذي تحت تصرُّفه. وبجانب هذه الاستراكا المكتوبة بالخط الهيروغليفي وُجِدت أخرى خُطَّتْ بالهيراطيقية وتشمل متونًا دينية وجنازية، ونظن أنَّ كثيرًا من هذه الاستراكا كانت تحتوي على المسودات الابتدائية للمتون التي انتخبها الكتَّاب لنقشها على جدران المزار، فقد وجد فعلًا متن جنازي على الجدران وما يقابله على قطع «استراكا». ومن بين «الاستراكا» الغريبة المكتوبة بالهيروغليفة واحدة منها (رقم 57)، وتحتوي على المتن الذي يفسر عادةً في مناظر أخرى بلوحة الصيد في المستنقعات، أما الاستراكا الخاصة بالأعمال التي نُفِّذت في القبر فتُعَدُّ أكثر أهميةً أيضًا؛ إذ نجد الكَتَبَة الذين كانوا يديرون العمل يوميًّا يدوِّنون تقارير مختصرة عن سير العمل، وهي التي تُعَدُّ لتُكتَب في يوميات الأعمال بلا شك، وعلى الرغم من أن أعمال الحفر لم تنتج لنا إلا عددًا صغيرًا من هذه الوثائق، فقد كانت كافيةً لإعطائنا فكرةً عن تنظيم الأعمال ولتوضيح مدة سير العمليات، فنجد مثلًا على إحدى الاستراكا (رقم 62) أن حفر المقبرة قد بدأ في السنة السابعة من حكم تحتمس الثالث، وعلى قطعة أخرى (رقم 80) نعرف من المتن أن العمال كانوا ما زالوا مشتغلين فيه في السنة الحادية عشرة. وهاك ما جاء على الاستراكون الأولى (رقم 62): «السنة السابعة، الشهر الرابع من فصل الشتاء، اليوم الثاني، بداية العمل في المقبرة في هذا اليوم: أحد عشر بناءً حفروا عمقًا كبيرًا في ستة قضب عرضًا بجانب ذراع واحد في الداخل.» وفضلًا عن التقارير اليومية يوجد كذلك قوائم بأسماء المأكولات والمشروبات وتعدادها، والغريب أن مجاميع الوثائق المختلفة من هذه الاستراكا تقدِّم لنا معلومات يظهر أنها خاصة بطوائف كثيرة كانت تقوم بأعمال مميزة، فمثلًا نجد بعض الاستراكا تشير إلى أن بعض العمال قد انتخبوا من الرجال التابعين لموظفين كبار في وقت معين. وفي الاستراكون (رقم 83) نجد التكوين التالي: الرئيس الأعلى الملكي (ربما يكون هذا هو «سنموت») واحد وعشرون رجلًا، الوزير، سبعة رجال، مدينة نفروس، ثلاثة وعشرون رجلًا. وكذلك ذُكِر على الاستراكون (رقم 85) أن الكاهن الأعظم لسفينة «وسرحات» المسمَّى «سني من» الذي يمكن أن يكون أخا «سنموت» قد قدم ثلاثة عشر بنَّاءً؛ ويظهر أنهم كانوا من المذنبين الذين يقومون بالعمل سخرةً. وعلى حسب ما جاء في مجموعة الاستراكا (رقم 63–74) (1) يُفهَم أن الجزء الأعظم من العمل في هذه المقبرة كان يقوم به طائفة من العمَّال مؤلَّفة من خمسة أو ستة أشخاص، منهم أربعة بنَّائين أو قاطعي أحجار، وهم: «تتي» Tety، و«حابي حرسا أف» Hapy-her Sa ef، و«سني نفر» Seny Nefer، و«بشاو» Beshaou، وقد كلفوا نحت المقبرة وصقل الجدران، وكذلك الكاتبان «أي أم حتب» Ii em Hetep و«أموتون»، وكانا يعملان في تلوين الجدران والزينة، وفضلًا عن ذلك كان هناك حاملون لحمل المياه وعجانون للجص (المونة). ويمكن الإنسان أن يذهب إلى أن هذه الطائفة من العمال كانت تحت إدارة موظف يقوم بوضع التقارير، على أن المعلومات التي يستقيها من قطع الاستراكا هذه تكون ذا فائدة عظمى لو وضع عليها تواريخها بصفة كاملة؛ ولكن مما يُؤسَف له جد الأسف أن الكاتب كان يكتب التاريخ مبينًا الفصل والشهر واليوم، مغفلًا ذِكْر السنة، ومن بين هذه القِطَع التي لها علاقة غير مباشرة بالصنف الأخير الذي ذكرناه قطعةٌ تثير الضحك، ويظهر أن كاتبها كان ميَّالًا للتنكيت (ورقهما 78)، وقد جاء عليها: لقد حضرتُ إلى هذه المقبرة لأجل أن أفتِّشَ على الذين يعملون في نحت الأحجار من جهة، وفي يدي شظية من الحجر الصلب لأكتب عليها أسماءهم، ولكن القطع التي تحت تصرُّفي عديدة جدًّا أكثر من ثمار شجر البرسا. ونعود بعدُ إلى الاستراكا المكتوب عليها بالخط الهيراطيقي، فنجد بعضها تحتوي على نقوش دينية (132–141)، وكانت كمتن تُنقَل منه المتون التي تُنقَش على جدران المقبرة كأنشودة الصل التي على الاستراكا (رقم 140)، وقد ذُكِر «سنموت» في عنوانها. أما البعض الآخَر فكانت أدبية (142–152)، وتتميز عن السالفة بأنها ليس لها غرض جنازي قط، بل كانت مجرد قطع من الشظيات كتب عليها التلاميذُ الذين كانوا يتلقَّون دروسهم على يد الكتَّاب المكلَّفين بتسيير العمل في المقبرة، كما كانت العادة المتبعة، وربما يُعزَى ذلك إلى كثرة قطع الاستراكا عند حفر مثل هذه المقبرة الضخمة؛ إذ كان الكاتب ينتهز هذه الفرصة ويدعو تلاميذه لتلقِّي الدروس في هذه الجهة، على أن هذه التمارين يمكن معرفتها ممَّا تحتويه من كتابات رديئة، وما عليها من محو وإثبات، وممَّا هو جدير بالذكر هنا أن المتون المصرية الكلاسيكية، أيْ متون العهد الإقطاعي الأول، كانت هي النماذج التي يسير القوم على هديها في عهد «تحتمس الثالث»، كما كانت نماذج احتذاها كتَّاب عهد الرعامسة في الأوساط العلمية، وأهمها قصة سنوهيت (140)، وذم الحرف (147-148)، وتعاليم «أمنمحاب الأول» (142-143)، وعلى الرغم من أن هذه قليلة، فإنه يجب علينا ألَّا نهملها، فهي أصح نقلًا وأجمل خطًّا بكثير من التي عُثِر عليها فيما بعدُ في عهد الرعامسة (راجع: W. C. HAYES, Ostraka und Name Stones from the Tomb of Sen-Mût (No. 71) at Thebes (The Metropolitan Museum Egyptian Expedition Vol. XV.) New York. 1942).
........................................................
1- الأرقام هنا تشري إلى مقال الأثري «هايس«.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|