المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Wigner 3j-Symbol
16-4-2019
الغاية من إرسال الرسل في التصور العقلي‏
10-12-2015
تواؤم للظلام (dark adaptation (adaption
25-7-2018
التلقيح Pollination والاخصاب Fertilization
5-8-2021
النظام الاجتماعي في عصر الرشيد
29-11-2018
The Origin of Group Frequencies
6-8-2019


كيفية تنفيذ الحكم بعدم الدستورية بالنسبة للمراكز القانونية المستقبلية في مواجهة السلطات العامة  
  
4110   10:17 صباحاً   التاريخ: 26-10-2015
المؤلف : مها بهجت يونس الصالحي
الكتاب أو المصدر : الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودورة في تعزيز دولة القانون
الجزء والصفحة : ص122_ 137
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

 ان السلطات العامة في الدولة هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية ، وسوف نبين الواجبات والمهام الملقاة على عاتق هذه السلطات العامة في الدولة لتنفيذ الحكم بعدم الدستورية فيما يخص العلاقات والمراكز القانونية المستقبلية أي اللاحقة لصدور الحكم .

الفرع الأول : السلطة التشريعية .

السلطة التشريعية هي إحدى السلطات الثلاث في الدولة ، وعلى عاتقها تقع مسؤولية التشريع فهي التي تسن القوانين اللازمة لسير الحياة في الدولة ، وهي تمارس سلطتها في التشريع تحت مظلة الدستور وفي حمايته ، وهي تلتزم باحترام الدستور الذي أقامها ورسم مهمتها ، فإذا خرجت على حدودها في التشريع ، وخالفت الدستور إتسمت أعمالها بعدم الدستورية ، وإذا ما قضت المحكمة المختصة بالرقابة على دستورية القوانين ، بعدم دستورية هذا القانون او ذاك لمخالفته للدستور ، فالسؤال الذي يثار بهذا الصدد هو : ما واجب السلطة التشريعية إزاء تنفيذ هذا الحكم ؟ في مصر ، نصت المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا على الكيفية التي يتم بها علم المؤسسات الحاكمة والأفراد والمحاكم الأخرى بالحكم الصادر في الدعاوى الدستورية حيث تطلبت ضرورة نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية للدولة ، ولاشك أن نشر الحكم وأسبابه هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن عن طريقها افتراض علم الكافة وجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة التشريعية بمضمون الحكم على نحو يكفل استقرار المعاملات والأحكام القضائية(1). وان علم السلطة التشريعية بالحكم الصادر بعدم الدستورية يلقي عليها مهمة التدخل لإلغاء القانون المحكوم بعدم دستوريته من ناحية ، واصدار قانون جديد ينظم ذات المجال الذي كان ينظمه القانون الذي قضي بعدم دستوريته ، من ناحية أخرى . فالحكم بعدم الدستورية يخلق – عادةً – فراغاً تشريعياً يجب على البرلمان ملئه . وإذا كان البرلمان ملزماً بان يخرج من حلبة القانون الوضعي للدولة القانون المحكوم بعدم دستوريته من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية ، فانه غير ملزم بميعاد محدد يتعين عليه أن يصدر خلاله القانون الجديد . إذ يتعين منحه مدة معقولة حتى يتدبر أمره ويتخذ من الإجراءات ما يكفل عدم وقوعه في حومة عدم الدستورية مرة اخرى . إلا أنه يجب الا يتراخى البرلمان في إصدار هذا القانون الجديد (2). ان سكوت المشرع عن تنظيم المسألة بعد الحكم بعدم دستورية القانون المنظم لها يولد فراغاً تشريعياً ، وهذا يدفعنا الى استدعاء القواعد الخاصة بالرقابة على الامتناع – امتناع المشرع عن إصدار تشريع يكفل تطبيق أحكام الدستور - ، حيث تلجأ المحكمة الدستورية العليا تارة إلى دعوة المشرع لاستيفاء النقص التشريعي ، وتارة أخرى تلجأ إلى رقابة امتناع المشرع عن طريق غير مباشر . ففي حكمها الصادر في 4 مايو 1985 تقول : " وحيث أن إعمال المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها – على ما تقدم بيانه – وان كان مؤداه إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لما يضعه من تشريعات بعد التاريخ الذي فرض فيه هذا الإلتزام بما يترتب عليه من اعتباره مخالفاً للدستور إذا لم يلتزم بذلك القيد – إلا أن قصر هذا الإلزام على تلك التشريعات لا يعني إعفاء المشرع من تبعة الإبقاء على التشريعات السابقة رغم ما قد يشوبها من تعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية ، وانما يلقي على عاتقه من الناحية السياسية مسؤولية المبادرة إلى تنقية نصوص هذه التشريعات من أية مخالفة ، تحقيقاً للاتساق بينها وبين التشريعات اللاحقة في وجوب اتفاقها جميعاً مع هذه المبادئ، وعدم الخروج عليها" (3). مفاد هذا الحكم أن هناك جزاء أو مسؤولية من طبيعة خاصة تتناسب مع امتناع المشرع عن اتخاذ القوانين اللازمة لجعل التشريعات في الدولة تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية ، وهذا الجزاء يتمثل في المسؤولية السياسية للمشرع مما يدفعه إلى المبادرة إلى تنقية وتنقيح النصوص القائمة حتى تتفق مع أحكام المادة الثانية من الدستور القاضية بان مبادئ الشريعة الإسلامية تعد المصدر الرئيسي للتشريع (4). وبجانب هذه الآلية ، نجد ان أغلب الأحكام التي تتعلق بالرقابة على امتناع المشرع تقر الرقابة غير المباشرة ، وذلك عن طريق رقابة النص المطعون فيه ، بحيث يصل القاضي من وراء حكمه بعدم الدستورية إلى لفت انتباه المشرع إلى ضرورة سد النقص التشريعي . ولعل أبرز مثال يمكن إيراده بهذا الصدد ، والذي يجسد سلطة القاضي الدستوري في مد رقابته على امتناع المشرع ، أن المادة (88) من الدستور المصري النافذ لسنة 1971 تقضي بان " يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب . ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء، على ان يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية " ، ظلت هذه المادة لمدة طويلة من دون تطبيق ، إذ كان العمل يجري على أن يتولى القضاة رئاسة اللجان العامة من دون اللجان الفرعية ، بحجة عدم كفاية أعداد القضاة للإشراف على لجان الانتخابات الفرعية والعامة في الوقت نفسه.  وإزاء هذا الوضع سيقت الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم (73) لسنة 1956 الخاص بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في مدى دستورية ما تضمنه من جواز تعيين رؤوساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية (5). فأصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها في 8 يوليو 2000 ، الذي قضت فيه : " إن الأهداف التي رمى الدستور إلى بلوغها بما تطلبه في المادة 88 من أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية تتحصل بجلاء - … - في أن تكون السيادة للشعب باعتباره وحده مصدر السلطات ، وهي بالتالي ضمان لحق الترشيح الذي يتكامل مع حق الانتخاب وبهما معاً تتحقق ديمقراطية النظام . وإذ يقوم النص الدستوري سالف الذكر على ضوابط محددة لا تنفلت بها متطلبات إنفاذه ومقتضيات إعماله ، فقد تعني على المشرع عند تنظيمه حق الانتخاب أن ينزل عليها والا يخرج عنها بما مؤداه ضرورة أن يكفل هذا التنظيم لأعضاء الهيئات القضائية الوسائل اللازمة والكافية لبسطهم إشرافاً حقيقياً وفعالاً على الاقتراع ، ولا محاجة في القول بتعذر رئاسة أعضاء الهيئات القضائية للجان الفرعية لعدم كفاية عددهم ، ذلك انه إذا ما تطلب الدستور أمراً فلا يجوز التذرع بالاعتبارات العملية لتعطيل حكمه بزعم استحالة تطبيقه ، سيما وانه لم يستلزم اجراء الانتخاب في يوم واحد ، والا غدا الدستور بتقريره هذه الضمانة عابثاً ، ولانحلت القيود التي يضعها سراباً " . وفي نهاية الحكم أعلنت المحكمة الدستورية العليا : " انه وان استوجب النص الطعين عقد رئاسة اللجان العامة في جميع الاحوال لاعضاء من هيئة قضائية ، إلا انه يسمح برئاسة اللجان الفرعية التي يجري الاقتراع أمامها لغيرهم ، فاصبح الاقتراع يتم بمنأى عن اللجنة العامة ، دون أن يكفل المشرع لهذه اللجنة – التي يرأسها عضو الهيئة القضائية – الوسيلة اللازمة والكافية لتحقيق الإشراف الحقيقي على الاقتراع ، ومن ثم ، يضحى النص المطعون عليه ، قاصراً عن الوفاء بما تطلبه الدستور من إشراف أعضاء من هيئات قضائية على الاقتراع ، مهدراً بذلك ضمانة رئيسية تتعلق بحقي الترشيح والانتخاب . وبالتالي يكون مخالفاً لأحكام المواد 3 و 62 و 64 و 88 من الدستور " (6). غمن هذا الحكم يتضح ان المادة (88) من الدستور لم تكن محل تطبيق من قبل من بيدهم مقاليد الأمر في الدولة ، بحيث اقتصرت رقابة القضاة على اللجان العامة من دون اللجان الفرعية التي كان يترأسها أفراد من غير أعضاء الهيئات القضائية ، مما يمثل مخالفة للمادة (88) التي تفرض الإشراف القضائي على عملية الاقتراع سواء باللجان العامة أم باللجان الفرعية .  ولما كان الوضع القائم لم يكن كافياً لبث الطمأنينة في نفوس الناخبين ، فان القاضي الدستوري من خلال الحكم السابق فرض على البرلمان عند تنظيمه لحق الانتخاب أن يكفل لأعضاء الهيئات القضائية الوسائل اللازمة والكافية لبسطهم إشرافاً حقيقياً وفعالا على الاقتراع ، وان رقابة المحكمة الدستورية العليا للفقرة الثانية من المادة (24) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية هو الذي سمح لها بان تراقب بطريقة غير مباشرة امتناع المشرع عن إخراج المادة (88) من الدستور إلى حيز التطبيق (7).

ونتيجة لهذا الحكم أصدر رئيس الجمهورية قراراً بقانون يحمل رقم 167 لسنة 2000 يقضي بتولي أعضاء الهيئات القضائية أمر اللجان الفرعية (8). ويشير الواقع العملي الى ان السلطة التشريعية تلتزم بتنفيذ الحكم بعدم الدستورية بكل همة ونشاط إذا كان النص المقضي بعدم دستوريته يتعلق بعلاقات خاصة بين الأفراد ، اما اذا كان النص المقضي بعدم دستوريته يتعلق بسلطة عامة وخصوصاً السلطة التشريعية فانها أي السلطة التشريعية ، تماطل في تنفيذ الحكم وتفعل كل ما تستطيع في سبيل إفراغه من مضمونه ، ولقد اعتنقت السلطة التشريعية هذا الاتجاه حين أطلقت مبدأ أن " المجلس سيد قراره " أي انه صاحب الكلمة النهائية في كل ما يخص شؤونه ، وهذا المبدأ فسر خطأ ليستر الرغبة الملحة لدى السلطة التشريعية في تحجيم دور المحكمة الدستورية العليا بصفة خاصة والقضاء بصفة عامة (9). إن اطلاق هذا المبدأ " المجلس سيد قراره " على عواهنه شيء خطير ويهدد الحياة الدستورية وهذا ما جعل رئيس الجمهورية يلجأ احياناً الى التدخل وحل المجلس (مجلس الشعب) ذاته ، حتى يتيح للحياة الدستورية الاستمرار ، إذ ان ما يضمن سلامة الحياة الدستورية هو أن تنفذ كل سلطة التزاماتها بحسن نية ، وليس مما ينقص من قدر أي سلطة أن تنفذ إلتزاماتها التي ألزمها بها الدستور ، بل إن ذلك أدعى أن تحترمها السلطات الاخرى وأن لا تتدخل في شؤونها (10). ولعل أبرز مثال يمكن ايراده بهذا الصدد هو ما حدث اثر صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في 19 مايو 1990 ، فقد حكمت المحكمة في هذا التاريخ بعدم دستورية المادة (5) مكرراً من القانون رقم (38) لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم (188) لسنة 1986 فيما تضمنه من النص على أن يكون لكل دائرة عضو واحد ينتخب عن طريق الانتخاب الفردي ، ويكون انتخاب باقي الاعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية (11). فمع تداعي الأحداث وتباين الجدل بين فئات المجتمع ، وبلبلة الخواطر بشأن ما قد ينتج عن هذا الحكم – من بطلان تشكيل مجلس الشعب منذ انتخابه بناء على عدم دستورية المادة التي تنظم انتخابات أعضاء مجلس الشعب - ، لاسيما وأن السلطة التشريعية سبق وانها لم تنفذ الكثير من أحكام القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا في أحكام نهائية ، استنادا الى مبدأ " المجلس سيد قراره " ، مما أثر في ثقة المواطنين والمعنيين بالأمور السياسية في نظام الدولة ومبدأ سيادة القانون وتعطيل نفاذة . لذلك فقد وجه رئيس الجمهورية بياناً إلى الشعب بتاريخ 26/9/1990 ضمنه قراره بوقف جلسات مجلس الشعب ، وتحديد يوم 11 أكتوبر 1990 موعداً للاستفتاء على حله ، مع إفصاحه عن عزمه خلال ايام إصدار قرارات بقوانين (لغيبة مجلس الشعب عملا بالمادة 147 من الدستور) بتعديل القانون رقم (38) لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم (188) لسنة 1986 بشأن إنتخابات مجلس الشعب والعودة إلى نظام الانتخاب الفردي وكذا قانون مباشرة الحقوق السياسية . وهذا ما عد تنفيذاً دقيقاً لمنطوق حكم المحكمة الدستورية العليا (12). وفي الولايات المتحدة الأمريكية يشير الواقع العملي إلى مجموعة متنوعة من ردود الأفعال التي يبديها الكونكرس تجاه أحكام المحكمة الاتحادية العليا بعدم الدستورية . فهو قد يساعد في عملية تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا ، أو قد يعوق هذا التنفيذ وتوجد طريقتان يمكن للكونكرس أن يستخدمهما لإعاقة تنفيذ حكم المحكمة الاتحادية العليا وقلب أو تغيير الآثار المترتبة عليه . اما الطريقة الاولى ، فهي أن الكونكرس يمكن أن يقوم بتقديم تشريع آخر جديد يتفق في مضمونه وروحه مع التشريع القديم الذي قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريته . ففي 21 يونيو 1989 ألغت المحكمة العليا ، في قضية Texas v. Johnson(13).، تشريعاً لولاية تكساس يتعلق بتدنيس العلم والذي كان يقضي بعدم قانونية " إسباغ الازدراء" على العلم من خلال " تمزيقه أو طمس معالمه أو حرقه أو وطئه بالأقدام علناً " . ولقد أدين جريجوري لي جونسون بانتهاك هذا القانون عندما قام بحرق علم أمريكا في اثناء المؤتمر القومي الجمهوري المنعقد في دالاس عام 1984 . وبالرغم من أن الرئيس جورج بوش وبعضاً من المشرعين كانوا في صف إصدار تعديل دستوري لإلغاء قرار المحكمة ، إلا أن آخرين فضلوا الا يقوموا بعمل ترميمي في الدستور . بدلا من ذلك ، سن الكونكرس تشريعاً صمم بطريقة يتم بها تجنب المشاكل الدستورية لقانون تكساس من خلال إزالة أي اشارة لدوافع الشخص الذي يقوم بالإضرار بالعلم الأمريكي . ولقد أصدر الكونكرس قانون حماية العلم لعام 1989 في 12 أكتوبر 1989 وأصبح القانون ساري المفعول في 28 أكتوبر 1989 عندما سمح الرئيس بوش بان تصبح اللائحة قانوناً من دون توقيعه . ولقد تم تحدي القانون الجديد مباشرة في عدد من استعراضات حرق العلم والتي عقدت في أماكن متعددة من الدولة في المدة من 28-30 أكتوبر . وفي أحد هذه العروض التي حدثت على سلالم مبنى البرلمان في 30 أكتوبر 1989 اشترك جريجوري لي جونسون مع آخرين في إشعال النيران في العلم الأمريكي . ولكنه لم يكن ضمن هؤلاء الذين اتهموا بانتهاك التشريع الفيدرالي الجديد . وفي عام 1990 أعلنت المحكمة عدم دستورية لائحة حماية العلم في قضية United States v. Eichman (14). اما الطريقة الثانية التي يلجأ اليها الكونكرس لإعاقة تنفيذ حكم المحكمة الاتحادية العليا بعدم الدستورية فهي إلغاء قرار المحكمة الاتحادية العليا مباشرة من خلال تعديل يدخله على دستور الولايات المتحدة ، إلا انه ليس من السهل الحصول على نسبة ثلثي الأصوات داخل مجلس الكونكرس وهي النسبة اللازمة لاقتراح التعديل ثم عقب ذلك الحصول على تصديق ثلاثة أرباع مجالس الولايات التشريعية لإقرار هذا التعديل (15). وتمدنا المحاولة السابقة لا لغاء قرار المحكمة العليا لعام 1989 والخاص بحرق العلم من خلال التعديل الدستوري بمثال حي على هذه الصعوبة . وبالرغم من أن التعديل كان يلقى تأييداً قوياً من الرئيس بوش . فإنه قد رفض في مجلس الشيوخ في 19 أكتوبر 1989 بنسبة 51 الى 48 صوتاً ، أي بخمسة عشر صوتا أقل من نسبة ثلثي الأعضاء الحاضرين والمصوتين المطلوبة (16). وفي الواقع ، فإنه على مدار تاريخ المحكمة الاتحادية العليا لم يلغى إلا أربعة من قراراتها بتعديلات دستورية . فلقد ألغى التعديل الحادي عشر القرار الذي اتخذ في قضية Chisolm v. Georgia عام 1793 (المتضمن إمكانية مقاضاة الولاية من قبل مواطني ولاية اخرى ) ، وألغى التعديل الثالث عشر القرار الصادر في قضية Dred Scott v. Sand Ford (المتضمن عدم امكانية حرمان الملاك من ملكية الرقيق) ، وألغى التعديل السادس عشر القرار المتخذ في قضية Poolock عام 1895 (المتضمن عدم دستورية تشريع ضرائبي بفرض ضريبة مباشرة على الولايات) . وألغى التعديل السادس والعشرين القرار الصادر في قضية Oregon v. Meetshil (المتضمن اعطاء الذين بلغوا سن الثامنة عشرة حق التصويت في انتخابات الولاية) (17). ولكن تجدر الاشارة إلى أن الكونكرس والمحكمة الاتحادية العليا ليسا خصمين بالطبع بالرغم من أن الأمر قد يبدو كذلك في بعض الأحيان ، بل على العكس إذ كثيراً ما يعمل الفرعان بتناسق نحو الاهداف السياسية المتشابهة . على سبيل المثال ، أدى الكونكرس دوراً محورياً في تنفيذ سياسية المحكمة الاتحادية العليا وقراراتها الخاصة بعدم الفصل بين الأجناس في المدارس ومنها قضية Brown v. Board of Education of Topica عام 1954 (18) ، وذلك من خلال سن لائحة الحقوق المدنية لعام 1964 والتي أعطت وزارة العدل سلطة رفع الدعاوى ضد المناطق التعليمية ووفرت الوثيقة رقم 6 من اللائحة سلاحاً فعالا في معركة عدم الفصل من خلال التهديد بمنع إعطاء تمويل فيدرالي للمدارس المدانة بإقامة الفصل فيما بين الأجناس . ولقد أعطيت وزارة الصحة والتعليم والتأمينات سلطة تجميع إرشادات عدم الفصل لتستخدم كأساس لتحديد ما إذا كانت المناطق تلتزم بالقانون . ولقد قامت تلك الوزارة بمسؤوليتها في ظل القانون من خلال تكليف أشخاص بزيارة المناطق التعليمية ليروا ما اذا كان التمييز قائماً . فاذا وجدوا أنه قائم ، فانهم كانوا يحاولون مناقشة خطط تهدف إلى عدم الفصل . فإذا استحال التفاوض حول هذه الخطة ، كان يتم البدء في تطبيق عمليات إدارية تتصاعد في حدتها إلى أن تصل إلى فقد الأموال الفيدرالية الموجهة لقطاع التعليم – بناءً على الوثيقة رقم 6 من اللائحة . وفي عام 1965 عضد الكونكرس أكثر من مساندته لسياسة وقرارات المحكمة الاتحادية العليا في عدم الفصل في المدارس الحكومية عن طريق إصدار لائحة التعليم الابتدائي والثانوي . ولقد أعطت هذه اللائحة للحكومة الفيدرالية دوراً أكبر في تمويل التعليم الحكومي ومن ثم جعلت التهديد بقطع التمويل الفيدرالي مشكلة من أخطر ما يمكن لعديد من المناطق التعليمية التي تمارس الفصل. ولقد كان هذا الدعم من الكونكرس لسياسة وقرارات المحكمة الاتحادية العليا مهماً لان احتمال الالتزام بسياسة ما يتزايد عندما يوجد اتفاق بين سلطات الدولة (19). وفي العراق تتفق جميع الدساتير التي أخذت بالرقابة القضائية اللاحقة على دستورية القوانين على أن الأحكام الصادرة بعدم الدستورية ملزمة لجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة التشريعية .  فالمادة (87) من القانون الأساسي العراقي لعام 1925 تفيد بكون الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بعدم الدستورية تعد ملزمة للكافة ويجب على جميع الدوائر الحكومية والمحاكم تطبيقها . ومع ان المشرع الدستوري لم يلزم صراحة السلطة التشريعية بتلك الأحكام الا ان الزامه للمحاكم (السلطة القضائية) ولدوائر الحكومة (السلطة التنفيذية) يفيد ضمناً الزامه لجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة التشريعية بتلك الأحكام الصادرة من المحكمة العليا ومنها الأحكام بعدم الدستورية . وكان الأجدر بالمشرع ان يجعل النص صريحاً بإلزام الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بعدم الدستورية لجميع السلطات العامة في الدول وللكافة . اما دستور 1968 المؤقت فقد نص في المادة (87) منه على ان " تشكل بقانون محكمة دستورية عليا .. ويكون قرارها ملزما " ، كما نصت المادة (7) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (159) لسنة 1968 على ان " يبلغ قرار المحكمة الدستورية العليا إلى ديوان مجلس الوزراء لنشره في الجريدة الرسمية وتبليغه إلى الوزارات والجهات المختصة للعمل بمقتضاه ". وعليه يكون الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا ملزماً للسلطة التشريعية وهذا ما يمكن الاستفادة منه في العبارة الأخيرة " وتبليغه إلى الوزارات والجهات المختصة للعمل بمقتضاه " فلا شك ان الجهات المختصة للعمل بمقتضى مثل هذه الأحكام هي السلطات العامة التشريعية والتنفيذية والقضائية .  وبالنسبة لقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 جعل من الأحكام الصادرة من المحكمة الاتحادية العليا ملزمة (المادة 44/د) والعبارة وردت مطلقة (.. وتكون ملزمة) بمعنى انها تكون ملزمة لجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة التشريعية وللكافة من الاشخاص الطبيعية والاعتبارية . اما دستور جمهورية العراق لسنة 2005 فقد نصت المادة (94) منه على ان " قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة " أي ان النص ورد صريحاً وواضحاً في الزام جميع السلطات في الدولة ومنها السلطة التشريعية بالأحكام الصادرة من المحكمة الاتحادية العليا ومنها الأحكام الصادرة بعدم الدستورية إذ يتوجب على السلطة التشريعية ان تقوم بإلغاء النص التشريعي المقضي بعدم دستوريته . كما يتوجب عليها ان تقوم بإصدار تشريع جديد اذا ما ترتب على إلغاء النص المقضي بعدم دستوريته فراغ تشريعي .

­الفرع الثاني : السلطة التنفيذية  .

ان الحكم الصادر بعدم دستورية نص تشريعي يعد ملزماً بطبيعة الحال إلى السلطة التنفيذية ، فإذا كان النص التشريعي المحكوم بعدم دستوريته من نصوص إحدى اللوائح التي تخضع للرقابة الدستورية ، فيتعين على السلطة التنفيذية عدم الاعتداد به وإحلال نص جديد يتفق مع نصوص الدستور بدلاً منه . اما إذا كان النص التشريعي المذكور من نصوص القانون ، فعليها الامتناع عن تنفيذه ويمكنها إعداد مشروع قانون يتفادى العيب الدستوري وتقدمه إلى السلطة التشريعية (20). وبناءاً عليه فان السلطة التنفيذية في مصر يتعين عليها أن تتقيد بالحكم الصادر في الدعوى الدستورية عندما تشرع في إصدار قراراتها الإدارية . فبصدور الحكم بعدم الدستورية على السلطة التنفيذية مراعاة ما قضي به في قراراتها الإدارية والا اتسمت أعمالها بعيب مخالفة قانون المحكمة الدستورية العليا .  اما ما سبق إصداره من قرارات إدارية مخالفة للحكم الصادر في الدعوى الدستورية فيتعين التفرقة بين حالتين :

الأولى : عدم انقضاء الطعن بالإلغاء : إذا كان ميعاد الطعن لا زال مفتوحاً فللإدارة أن تسحب قرارها الذي أضحى متصفاً بعدم المشروعية ، بسبب مخالفته للحكم الصادر في الدعوى الدستورية .

الثانية : انقضاء ميعاد الطعن بالإلغاء : الحكم بعدم دستورية نص قانوني ، يفضي إلى انفتاح ميعاد الطعن من جديد في القرارات الإدارية المستندة إليه وتحصنت قبل صدور الحكم . وبناء على ذلك للإدارة سحب القرار بعد صدور الحكم في الدعوى الدستورية ، فإذا تقاعست جاز الطعن على قرارها ، الصريح أو الضمني بالرفض ، بالإلغاء ، مع مراعاة الاستثناء الخاص بعدم المساس بالحقوق المكتسبة أو المراكز المستقرة بأحكام نهائية (21). ولبيان كيفية تنفيذ الحكم بعدم الدستورية بالنسبة للمراكز القانونية المستقبلية في مواجهة السلطات التنفيذية نورد على سبيل المثال حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 3 يناير 1981 حيث قضت المحكمة بالآتي :

" حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الاخيرة من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 98 لسنة 1957 المتعلقة ببعض الأحكام الخاصة بالتهريب – قبل إلغائه بالقانون رقم 97 لسنة 1976 فيما نصت عليه من أنه يجوز لوزير المالية والاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بمصادرة الاشياء موضوع المخالفة إدارياً – على ما سلف بيانه ، تشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة (34) من الدستور التي تنص على أن الملكية الخاصة مصونة والمادة (36) منه التي تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة الا بحكم قضائي ، لما كان ما تقدم وكان لا يحاج بان القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 والقانون رقم 69 لسنة 1974 المشار اليهما قد تضمنا تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم وممتلكاتهم ، وأن تقدير هذا التعويض من الملاءمات السياسية التي يشتغل بها المشرع، ذلك أن كلاً من هذين التشريعين قد تعرض للملكية الخاصة التي صانها الدستور ووضع لحمايتها ضوابط وقيود محددة ، الأمر الذي يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية وكان القانون رقم 69 لسنة 1974 اذ عدل من أحكام كل من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 التي كانت تقضي بتحديد مبلغ جزافي بحد أقصى مقداره ثلاثون الف جنيه يؤدى إلى جميع من فرضت عليهم الحراسة بسندات على الدولة لمدة خمسة عشر عاماً ، والقانون رقم 252 لسنة 1972 الذي نص على أيلولة هذه السندات إلى بنك ناصر الاجتماعي مقابل معاشات يحددها وزير المالية ويستحقها هؤلاء الخاضعون واستبدل بها أحكاما تسوى بها، اوضاعهم برد بعض أموالهم عيناً أو ثمن ما تم بيعه منها وذلك في حدود مبلغ ثلاثين الف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة ، فإنه يكون بما نص عليه من تعيين حد أقصى لما يرد من كافة الأموال والممتلكات التي فرضت عليها الحراسة قد أنطوى على مخالفته لاحكام دستور 1971م الذي لا يجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية طبقا للمادة (37) منه الأمر الذي يتضمن بدوره مساساً بالملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة (34) من الدستور سالف البيان ، وحيث أنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم دستورية المادتين المطعون عليهما " (22). ويمكن القول بأن تنفيذ السلطة التنفيذية لهذا الحكم يتمثل في رد الأموال والممتلكات التي استولت عليها تطبيقاً للمادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 ، كذلك عدم التوقف عند حد أقصى بالنسبة للتعويض عن الأموال والممتلكات التي يستحيل ردها ، وكذلك التوقف مستقبلاً عن مصادرة أية أموال أو ممتلكات بالتطبيق لنص المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 . ولاشك ان السلطة التنفيذية لو خالفت حكم المحكمة الدستورية العليا المشار اليه اعلاه فإن الافراد المتضررين سيحصلون على إمكانية رفع دعوى جنائية بهذا الخصوص ، وفقا لنص المادة (23) عقوبات .  ويتضح مما تقدم ان السلطة التنفيذية ملتزمة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا بعدم الدستورية في اليوم التالي من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية ومن دون توقف ذلك على قيام السلطة التشريعية بإلغاء النص الذي قضي بعدم دستوريته إذ أن النص المقضي بعدم دستوريته يبقى إلى أن يلغيه المشرع قائماً من الناحية النظرية فقط من دون أن يكون من الممكن تنفيذه ، أي انه يبقى موجودا غير نافذ ، والذي ينفذ هو حكم المحكمة الدستورية العليا والا فالمسؤولية الدستورية قائمة، فضلا عن المسائلة الجنائية (23). وفي ذلك تقول المحكمة الدستورية العليا " أن الامتناع عن تنفيذ أي حكم قضائي نهائي حائز لقوة الأمر المقضي يشكل في حد ذاته جريمة جنائية ، وذلك بنص الدستور في المادة 72 والتي جرى نصها على ان تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون ، وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة" (24). وفي الولايات المتحدة الأمريكية يشير الواقع العملي إلى أن حكم المحكمة الاتحادية العليا يكون اكثر جرأة واكثر تأثيراً من حيث تنفيذه إذا استطاع أن يحصل على التأييد الفعلي للسلطة التنفيذية بحيث يأتي متوافقاً مع سياستها . والمثال الصريح والواضح على ذلك هو موضوع التكامل في المدارس ، وذلك عندما بدأت المحاكم الفيدرالية تأمر بإلغاء الفصل العنصري في المدارس الحكومية بعد عام 1954 تيمناً بحكم المحكمة العليا في قضية Brown v. Board of Education of Topica ، حيث قوبلت بمعارضة لا يستهان بها ، ففي عام 1957 ، سعى اورفيل فوباس حاكم ولاية أركارنسو إلى منع تنفيذ حكم المحكمة بتحقيق التكامل في المدرسة الثانوية لبلدة ليتل روك . الأمر الذي اضطر الرئيس أيزنهاور في ذلك الوقت إلى إرسال قوات الحرس الوطني واستخدم بالفعل القوة الفيدرالية لتنفيذ حكم المحكمة (25). وبالمثل أستخدم الرئيس كنيدي القوة الفيدرالية لمساندة قرار المحكمة بقبول طالب أسود في جامعة مسيسبي وذلك في مواجهة مقاومة محلية طاغية للقرار . وبالتأكيد شجع تأييد السلطة التنفيذية للمحكمة الاتحادية العليا وللهيكل القضائي الأدنى على الاستمرار في جهودهم لإنهاء الفصل العنصري في المدارس ، من خلال مد يد المساعدة والعون لتنفيذ أحكام المحكمة الخاصة بهذا الموضوع (26). كما أن العديد من القرارات القضائية تنفذ بالفعل بواسطة الوزارات والهيئات والمكاتب واللجان المتعددة المشكلة للفرع التنفيذي . فقرار المحكمة الاتحادية العليا في قضية Frontiero v. Richardson دعت القوات الجوية الأمريكية للقيام بالدور الأكبر في عملية التنفيذ . فلقد تساءلت قضية Frontiero عن التشريعات البرلمانية التي وفرت مزايا للاعضاء في السلاح الجوي من الذكور المتزوجين في حين لم توفر المزايا نفسها للسيدات المتزوجات المنتميات إلى القوات الجوية. فوفقاً للقانون ، فإن عضو سلاح القوات الجوية المتزوج والذي يسكن خارج القاعدة الجوية يحصل على بدل سكن بغض النظر عما اذا كانت زوجته تعمل وبغض النظر عن الدخل الذي تكسبه . ولكن السيدات المتزوجات العضوات في سلاح القوات الجوية ، على الجانب الاخر ، لم يكن من حقهن الحصول على بدل السكن إلا إذا كان أزواجهن غير قادرين جسمانياً أو عقلياً على إعالة أنفسهم وكانوا معتمدين على زوجاتهم للحصول على أكثر من نصف ما يعولهم . ولقد أعترضت الملازم شارون فرونتيرو على هذه السياسية على أساس انها تشكل تمييزاً بسبب الجنس النوعي بما يعد انتهاكاً للتعديل الخامس على الدستور . ولقد سجلت دعوتها في محكمة جزئية فيدرالية في آلاباما في 23 ديسمبر 1970 . ولم تعلن المحكمة الجزئية ثلاثية القضاة قرارها الخاص بتأييد سياسة القوات الجوية حتى 5 أبريل 1972 . ولقد استأنفت الملازم فرونتيرو امام المحكمة الاتحادية العليا والتي قامت بإلغاء قرار المحكمة الأدنى في 14 مايو 1973 ، وأعتبرت التشريعات التي تشكل تمييزاً بسبب الجنس النوعي مخالفة للتعديل الخامس على الدستور . ولقد نفذ حكم المحكمة الاتحادية العليا وسياستها من قبل القوات الجوية باعتبارها أحد الأفرع التنفيذية(27). وفي العراق ذهب القانون الأساسي العراقي لعام 1925 في المادة (87) منه إلى اعتبار الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا ومنها الأحكام بعدم الدستورية ملزمة ويجب على جميع الدوائر الحكومية والمحاكم تطبيقها . ولاشك ان المقصود بالدوائر الحكومية هنا هي السلطة التنفيذية ، إذ يتوجب عليها تنفيذ أحكام المحكمة العليا بعدم الدستورية وذلك من خلال الامتناع عن تطبيق القانون أو الجزء المخالف منه الذي حكم بعدم دستوريته ، فالسلطة التنفيذية المتمثلة بمجلس الوزراء توجب عليها الامتناع عن تكليف شخص بان يكون تحت مراقبة الشرطة أو ان يقيم في أماكن من دون غيرها استناداً إلى المادة الرابعة والخامسة من قانون منع الدعايات المضرة رقم (20) لسنة 1938 وذلك بعد الحكم بعدم دستورية هاتين المادتين واعتبارهما ملغيتين من الأصل بموجب قرار المحكمة العليا الصادر في 11 أيلول 1939 والذي جاء فيه " عند ملاحظة القانون المشار اليه رأت أكثرية المحكمة بان المادة الرابعة منه قد أناطت بمجلس الوزراء حق منع أي شخص من الإقامة في مكان او أمكنة معينة داخل العراق . وجعل الشخص تحت مراقبة الشرطة. ولما كانت الأحكام الدستورية بمجموعها قد قسمت القوى في الدولة إلى ثلاثة أقسام : تشريعية . وتنفيذية . وقضائية . … وحيث ان تكليف الشخص بان يكون تحت مراقبة الشرطة أو تكليفه بالإقامة في أماكن دون غيرها يدخل ضمن سلطة القضاء بهذا الاعتبار وجدت أكثرية المحكمة ان المادة الرابعة من قانون منع الدعايات المضرة رقم (20) لسنة 1938 قد خولت مجلس الوزراء صلاحيات هي مناطة – بحكم القانون الأساسي – بالسلطة القضائية . ولما كانت المادة الخامسة من القانون موضوع البحث مرتبطة بالمادة الرابعة منه والمشار اليها آنفاً ترى اكثرية المحكمة بان المادتين المذكورتين مخالفتين للدستور . وبالنظر إلى المادة 86 فقد أصبحتا ملغيتين من الأصل " .

اما دستور 1968 المؤقت الذي جعل من قرارات المحكمة الدستورية العليا ملزمة (المادة 87) ، واستناداً إلى المادة السابعة من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (159)  لسنة 1968، تبلغ هذه القرارات إلى ديوان مجلس الوزراء لنشره في الجريدة الرسمية وتبليغها إلى الوزارات والجهات المختصة للعمل بمقتضاه . وهذا يعني ان السلطة التنفيذية ملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة الدستورية بعدم الدستورية من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية .  وذهبت المادة (44/د) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 إلى أن قرارات المحكمة الاتحادية العليا ومنها بالطبع قراراتها بعدم الدستورية ، تكون ملزمة ، والعبارة وردت مطلقة وعامة ، أي انها ملزمة للكافة ولجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة التنفيذية .  اما المادة (94) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 فقد نصت صراحة على اعتبار قرارات المحكمة الاتحادية العليا ملزمة للسلطات كافة أي لجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة التنفيذية بطبيعة الحال .

الفرع الثالث : السلطة القضائية .

تلتزم السلطة القضائية بجميع محاكمها بالأحكام الصادرة بعدم الدستورية فتمتنع عن تطبيق القانون غير الدستوري في جميع الدعاوى المطروحة امامها (28). فالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في مصر بتقرير عدم دستورية قانون او لائحة معينة يلزم محكمة الموضوع بالامتناع عن تطبيق هذا القانون أو تلك اللائحة ، وإذا كان القانون او القرار بقانون يبقى من الناحية النظرية المجردة قائماً حتى يلغيه المشرع ، وتبقى اللائحة قائمة حتى تلغيها جهة الإدارة . فإن النص غير الدستوري يفقد قيمته من الناحية التطبيقية لأن جميع المحاكم سوف تمتنع عن تطبيقه إذا ما دفع امامها بعدم دستوريته في قضية اخرى إعمالا للحجية المطلقة للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون أو اللائحة (29). والحكم الصادر بعدم الدستورية يلزم سائر المحاكم بحيث لا يقتصر الالزام على المحكمة التي أثير امامها الدفع بعدم الدستورية ، أو التي أثارت الدفع بعدم الدستورية وقررت الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا بل يلزم جميع المحاكم على اختلاف درجاتها وأنواعها بحيث يمتنع عليها تطبيق النص المحكوم بعدم دستوريته . إلا أن المشرع المصري لم يتعرض تحديداً لحالة مخالفة احدى جهات القضاء لحكم المحكمة الدستورية العليا ، وتبدو خطورة الأمر إذا ما تعلق الأمر بحكم غير قابل للطعن (30). ويتمتع الحكم الصادر بعدم الدستورية بحجية في مواجهة المحكمة الدستورية ذاتها ، أي يتوجب على هذه الاخيرة الالتزام بهذه الأحكام مثل سائر المحاكم في الدولة ، ولا يقدح في ذلك أن هذه المحكمة هي التي أصدرت الحكم ، فالصيغة العامة التي جاءت بها المادة (49/1) من قانون المحكمة الدستورية العليا تفيد خضوع المحكمة الدستورية العليا مثلها في ذلك مثل سائر المحاكم للحكم الصادر بعدم الدستورية . ويترتب على التزام المحكمة الدستورية العليا بالحكم بعدم الدستورية انه لا يجوز لها ان تفصل في دعوى سبق لها وأن قالت كلمتها بشأنها . وإذا حدث وأقيمت دعوى امام هذه المحكمة تتعلق بنص سبق الفصل فيه ، فعلى المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها . علاوة على ذلك ، تلتزم المحكمة الدستورية العليا بالحكم الذي أصدرته بعدم الدستورية حال مباشرتها لاختصاصاتها الاخرى . إذ أن من المعروف ان المحكمة الدستورية العليا تقوم بجانب الرقابة على الدستورية ، بتفسير النصوص التشريعية ، والفصل في حالات التنازع ، لذلك فهي تلتزم بحكمها الصادر في الدعوى الدستورية عندما تشرع في ممارسة هذه الاختصاصات (31). واما عن تنفيذ المحاكم الدنيا لقرارات المحكمة الاتحادية العليا في الولايات المتحدة الأمريكية فان الأمريكيين كثيراً ما ينظرون إلى محاكم الاستئناف لاسيما المحكمة العليا للولايات المتحدة ، على انها من الأرجح لها دور في صنع السياسة ، اما محاكم الموضوع ، على الجانب الاخر ، عادة ما ينظر اليها على أنها تقوم بتنفيذ القواعد بدلا من كونها صانعة سياسة . فإذا ما أخذ في الاعتبار هذه الرؤية التقليدية ، فإن الصورة التي تظهر عادة هي صورة تكون فيها المحكمة الاتحادية العليا صانعة للقرار الذي تقوم بعد ذلك محكمة أدنى بتنفيذه . أي أن بعضهم يتخيل وجود بيروقراطية قضائية تتكون من مجموعة من المحاكم متدرجة هرمياً تشبه إلى حد كبير نظام الرؤساء المهيمنين والمرؤوسين التابعين . ولكن الدراسات الحديثة ألقت بظلال الشك على نظرية البيروقراطية ، إذ ان الواقع الحالي يشير إلى أن قضاة المحاكم الادنى يتمتعون بقدر كبير من الاستقلالية عن محاكم الاستئناف بصورة عامة والمحكمة الاتحادية العليا بصفة خاصة إذ انهم لا يتبعون قيادة المحاكم الأعلى إلا اذا كانت الظروف تحبذ القيام بهذا . وحرية التصرف التي يمارسها قاضي محكمة أدنى قد تكون نتاجاً كذلك لقرار المحكمة الاتحادية العليا ذاتها . ولعل المثال البارز الذي يضرب بهذا الصدد هو انه بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قوانين الفصل العنصري في المدارس وذلك عام 1954 . واجهت المحكمة سؤالين رئيسيين :

1- متى سيكون على المدارس الحكومية ان تبدأ تنفيذ عدم الفصل العنصري ؟ .

2- كم من الوقت يجب أن يعطوا للانتهاء من التطبيق الكامل للعملية ؟

ولان القضاة الجزئيين الفيدراليين قد أعطوا مهمة تنفيذ حكم المحكمة الاتحادية العليا ، فلقد قيل لهم أن المدارس الحكومية عليها أن تقوم ببداية فورية ومعقولة ثم عليها بعد ذلك أن تتقدم بسرعة حازمة من أجل إحلال عدم الفصل العنصري . ولكن ما الذي يشكل بداية فورية ومعقولة ؟ وما هو قدر السرعة المطلوبة أن تتقدم به المناطق التعليمية حتى يعد تحركها بالسرعة المطلوبة ؟ وبما أن قضاة المحكمة العليا لم يقدموا إجابات محددة على هذه الاسئلة ، فان العديد من قضاة المحاكم الأدنى واجهوا مناطق تعليمية استمرت في التقدم ببطء شديد على طريق عدم الفصل العنصري ، في حين انهم كانوا يّدعون في ذات الوقت أنهم إنما يتصرفون في إطار التوجيهات الإرشادية للمحكمة الاتحادية العليا (32). من الواضح اعلاه أن القضاة الجزئيين الفيدراليين الذين اضطلعوا بتنفيذ سياسة وقرار المحكمة الاتحادية العليا في القضية اعلاه كان بامكانهم ممارسة قدر كبير من الحرية – المراوغة في تنفيذ قرار المحكمة – مع استمرار قولهم ، وبحق ، انهم ممتثلون لما فرضته المحكمة الاتحادية العليا . وتقوم المراوغة على التمسك بحرفية الحكم وليس بروحه ، وهو الامر الذي لجأت اليه بعض المحاكم الأدنى فيما يتعلق بحكم Brown v. Board of Education of Topica حيث ذهبت إلى أن هذا الحكم يتعلق بالتعليم فقط ، ومن ثم سمحت بصور من التمييز في غير التعليم كالمواصلات العامة وحمامات السباحة (33). وبالرغم من ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا لا تسمح كلها بمثل هذه الحرية في التصرف في تنفيذها ، الا ان عدداً كبيراً منها يتيح ذلك ، فالقرارات التي تتسم بالغموض أو نقص الوضوح الكافي تواجه بالتأكيد مشاكل في اثناء عملية التطبيق . وقد يكون قرار المحكمة الاتحادية العليا غير واضح لا كثر من سبب . فأحيانا يكون موضوع القضية معقداً للغاية إلى درجة تجعل من الصعوبة رسم سياسة واضحة . في قضايا الفحش على سبيل المثال ، واجهت المحكمة الاتحادية العليا قدراً لا يستهان به من الصعوبة في اتخاذ القرار بعدم دستورية المادة الحاثة على البغاء فمثل هذه المادة لا تستحق الحماية الدستورية ، ولكن تعريف الفحش يعد مسألة دقيقة ليس من السهولة حسمها . فعبارات مثل " مزعج دون مواربة " و " المعايير الحالية للجماعة " و " بدون التضحية بالقيم الاجتماعية " ، أصبحت معتادة في القرارات الخاصة بالفحش ، ولكن من الواضح أن هذه المصطلحات تترك مجالا واسعاً للتفسير الذاتي بعيداً عن الموضوعية ، وهذا بالطبع يثير مشاكل عديدة عند التنفيذ (34). واحياناً اخرى يفتقد قرار المحكمة الاتحادية العليا إلى الوضوح الكافي وذلك لأنه حتى يصدر القرار لابد ان تتفق أغلبية المحكمة على رأي ، ويحدث ان تكون المحكمة منقسمة انقساماً متكافئاً فتحدث مفاوضات وتنازلات لا صدار رأي الأغلبية والذي قد يصدر في النهاية بصورة غير واضحة ، مما يعطي ضوءاً خافتاً للمحاكم الأدنى لفهمه والإذعان إليه وتنفيذه ومثال ذلك ان المحكمة الاتحادية العليا أصدرت حكمها في قضية Fourman v. Gorgia سنة 1972 بأغلبية خمسة أصوات ضد أربعة بعدم دستورية عقوبة الإعدام كما تقررها القوانين القائمة في ولاية جورجيا ، وذلك انطلاقاً من ان القوانين قد تميز تمييزاً عنصرياً ضد الاقليات والفقراء باعتبار انه من المرجح أكثر أن تصدر ضد هذه الجماعات أحكاماً بالإعدام من قبل المحاكم ، ووصفت عقوبة الإعدام بانها عقوبة وحشية وقاسية مما يخالف التعديلين الثامن والرابع عشر (35). وكتب كل قاضٍ من القضاة الخمسة المشكلين للأغلبية رأياً منفصلاً مما أثار الخلاف . والخلط الذي نشأ نتيجة قرار 1972 أثر ليس فقط على قضاة المحاكم الأدنى ولكن كذلك على الهيئات التشريعية بالولايات . فلقد تدافعت الولايات لتجيز تشريعات خاصة بعقوبات الإعدام متفاوتة بشدة وأحدثت بذلك عدداً جديراً بالاعتبار من الخصومات القضائية الجديدة ، واكتشف بعضهم انهم أخطئوا لما أوضحت المحكمة الاتحادية العليا حقيقة موقفها من العقوبة بأحكامها الخمسة التي صدرت سنة 1976 (36). هذا وقد يعمد القضاة في محاكم الولايات المنفذون لأحكام المحكمة الاتحادية العليا إلى استراتيجيات فعلية محاولة منهم المراوغة في التنفيذ والالتفاف حول هذه الأحكام ، إذ كثيراً ما يعتمد هؤلاء القضاة الذين يواجهون بضرورة تفسير السياسات الخاصة بالحريات المدنية على ما يسمى بـ " الفيدرالية القضائية الجديدة " . ولقد برزت هذه الفكرة في بداية السبعينات أساساً كنتيجة لتعيين Burger رئيس قضاة المحكمة العليا للولايات المتحدة . فالعديد من أنصار الحريات المدنية والذين تخوفوا من أن محكمة Burger الجديدة سوف تدمر أو تلغي القرارات الكبرى لمحكمة Warren بدأوا يعودون إلى مواثيق الحقوق في الولايات بوصفها أساساً بديلاً لمطالبتهم ودعاواهم في المحاكم . ولقد شجعت محكمة Burger في الواقع العودة إلى دساتير الولايات من خلال الإشارة إلى ان الولايات يمكنها أن توفر قدراً اكبر من الحماية في ظل وثائقها للحقوق مقارنة بما هو متاح في ظل وثيقة الحقوق الفيدرالية . في البداية ، قامت دعاوى الحريات المدنية في الولايات بالتركيز بدرجة أكبر على حقوق المدعى عليه ، ولم تظهر الا محكمتا كاليفورنيا ونيوجرسي العليتان اهتماماً بالفيدرالية القضائية الجديدة ، وبداية ، لقد استخدمت المحاكم هذا المدخل لتراوغ في تنفيذ قرارات بعينها صادرة عن المحكمة الاتحادية العليا – محكمة Burger ولكن مع نهاية الثمانينات ، كانت قد بدأت حملة قومية لإعادة إحياء قوانين الحريات المدنية الخاصة بالولايات . فمنذ عام 1970 كان هناك اكثر من 300 قرار قامت محاكم الولايات فيها ، اما بتوفير حماية للحقوق في ظل دساتير الولاية اكبر مما منحته المحكمة الاتحادية العليا ، وإما أنها قد أسست قراراتها التي تدعم المطالبات بالحقوق على الأسس الدستورية للولاية . إذ أن قضاة الولايات على خلاف قضاة المحكمة الاتحادية العليا للولايات المتحدة ، ليسوا مقيدين باعتبارات الفيدرالية  من ثم ، يجوز لهم استخدام دساتير ولاياتهم وتخطي أحكام الفيدرالية التي قد لا توفر حماية كافية للحريات المدنية (37) . الا انه لا يمكن الأخذ بما سبق ذكره للاستدلال عليه كظاهرة لعدم خضوع المحاكم الأدنى وامتثالها لتنفيذ أحكام المحكمة الاتحادية العليا . فعادةً لا يعترض كل قضاة المحاكم الادنى على سياسة أعلنتها المحكمة الاتحادية العليا بل العكس هو صحيح ، فالقاضي الذي يكون متفقاً تماماً مع إحدى سياسات المحكمة الاتحادية العليا من الأرجح أنه سيطبق تلك السياسة بأوسع صورة ممكنة . وفي الواقع ، قد يتسع نطاق السابقة التي جاءت بها المحكمة الاتحادية العليا لتنطبق في مجالات اخرى. فعلى سبيل المثال في قضية Criswold v. Connecticut (38). قررت المحكمة العليا عدم دستورية أحد تشريعات ولاية كونتيكيت التي تحظر استخدام وسائل منع الحمل ، وقضت فيه " أن القرار باستخدام أو عدم استخدام وسائل منع الحمل هو قرار شخصي يتخذ دون تدخل الولاية "  . وبعد مرور خمس سنوات ، وسعت محكمة جزئية فيدرالية ثلاثية القضاة من نطاق سابقة Criswold وذلك لتبرر ما توصلت إليه من أن تشريع ولاية تكساس الخاص بالاجهاض غير دستوري (39). فلقد حكمت المحكمة " أن القانون يتعدى على حق الخصوصية للمرأة غير المتزوجة والمتعلق بقرارها ، على الأقل في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل ، بما إذا كانت ستجري عملية إجهاض"  ومن ثم ، فإن المحكمة الأدنى ذهبت بالفعل إلى ابعد مما ذهبت إليه المحكمة الاتحادية العليا في ضرب تدخل الولاية في مثل هذه الأمور (40). وفي العراق ذهب القانون الأساسي العراقي لسنة 1925 في المادة (87)  منه على وجوب تطبيق أحكام المحكمة العليا ومنها بطبيعة الحال الأحكام بعدم الدستورية ، من قبل جميع المحاكم الموجودة في النظام القضائي العراقي . كما ذهب دستور 1968 المؤقت في المادة (87) منه إلى اعتبار قرارات المحكمة الدستورية العليا ملزمة ، وجاء النص عاماً أي ملزمة لجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة القضائية . وأكد ذلك نص المادة (7)  من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم (159) لسنة 1968 حين أوجب تبليغ قرار المحكمة الدستورية العليا إلى الجهات المختصة للعمل بمقتضاه ، ومن هذه الجهات بطبيعة الحال السلطة القضائية . اما قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 فقد ورد في المادة (44/د) منه ، ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا ، والتي تعد منها القرارات بعدم الدستورية ، تكون ملزمة ، والعبارة وردت مطلقة فلابد أن المشرع الدستوري أراد بها ان تكون ملزمة لجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة القضائية . وبالنسبة لدستور جمهورية العراق لسنة 2005 فقد نصت المادة (94) منه على ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا ملزمة للسلطات كافة . أي انها ملزمة لجميع السلطات العامة في الدولة ومنها السلطة القضائية ، حيث يتوجب على جميع المحاكم في النظام القضائي العادي والإداري ان تلتزم بالامتناع عن تنفيذ التشريع المحكوم بعدم دستوريته إعمالا للحجية المطلقة لأحكام المحكمة الاتحادية العليا .

____________________

1- انظر د. ابراهيم محمد حسنين ، أثر الحكم بعدم دستورية قانون الجمعيات الأهلية ، مرجع سابق ، ص231

2- انظر د. رفعت عيد سيد ، الوجيز في الدعوى الدستورية ، مرجع سابق ، ص 420

3- القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية " دستورية " ، جلسة 4 مايو 1985 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الثالث ، ص 209 وما بعدها .

4-  انظر د. رفعت عيد سيد ، الوجيز في الدعوى الدستورية ، مرجع سابق ، ص 407

5- انظر د. رفعت عيد سيد ، الوجيز في الدعوى الدستورية ، مرجع سابق ، ص ص 407 - 408

6-  القضية رقم 11 لسنة 13 قضائية " دستورية " ، جلسة 8 يوليو 2000 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء التاسع، المجلد الاول ، ص 668 وما بعدها

7- انظر د. رفعت عبد سيد ، الوجيز في الدعوى الدستورية ، مرجع سابق ، ص 409

8- القرار بقانون رقم (167) لسنة 2000 ، الجريدة الرسمية ، العدد 27 مكرر ، 12 يوليو 2000 ، ص3

9- انظر د. محمود أحمد زكي ، الحكم الصادر في الدعوى الدستورية ، مرجع سابق، ص 680

10-  انظر د. إبراهيم حسنين ، الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الفقه والقضاء ، مرجع سابق ، ص597

11-  القضية رقم 37 لسنة 9 قضائية " دستورية " ، جلسة 19 مايو 1990 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الرابع، ص 256 وما بعدها

12-  انظر د. عبد الحميد حسن محمد ، حماية الحقوق والحريات في أحكام المحكمة الدستورية العليا ، مرجع سابق، ص ص458 – 459

13-Texas v. Johnson , 109 S.ct . 2533 (1989)

نقلا عن روبرت أ. كارب ورونالد ستيدهام ، الاجراءات القضائية في أمريكا ، ترجمة علا ابو زيد ، ط1، الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية ، القاهرة ، 1997 ، ص439

14-United States v. Eichman , 110 S.ct . 2404 (1990)                      

نقلا عن روبرت أ. كارب و رونالد ستيدهام ، الاجراءات القضائية في امريكا ، ص 439.

15- د. وودرو ولسن ، الحكومة الدستورية في الولايات المتحدة ، تعريب وديع الضبع ، 1924 ، ص193

16- انظر روبرت أ. كارب ورونالد ستيدهام ، الاجراءات القضائية في امريكا ، مرجع سابق ، ص 440

17-Heatchoock and Claude; the U.S. Constituition in Perspective, 1est. Ed, The Curtis Publishing Company , U.S.A., 1962, PP.265-266

18-Brown v. Board of Education of Topica, 374. U.S. 483 (1954)

نقلاً عن د. محمد فرج محمد الفقي ، الرقابة على دستورية القوانين في ليبيا ، مرجع سابق ، ص 221 هامش (3)

19-  انظر روبرت أ. كارب ورونالد ستيدهام ، الإجراءات القضائية في أمريكا ، مرجع سابق ، ص ص 441 - 442

20- انظر د. احمد فتحي سرور ، الحماية الدستورية للحقوق والحريات ، مرجع سابق ، ص 310

21- انظر د. رفعت عيد سيد ، الوجيز في الدعوى الدستورية ، مرجع سابق ، ص ص 421 – 422 ، د. صبري محمد السنوسي محمد ، آثار الحكم بعدم الدستورية ، مرجع سابق ، ص ص 66 - 67

22- القضية رقم 38 ل1 قضائية " دستورية " ، جلسة 3 يناير 1981 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الثالث ، ص102

23- انظر د. إبراهيم حسين ، الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الفقه والقضاء ، مرجع سابق ، ص 617، ولنفس المؤلف ، اثر الحكم بعدم دستورية قانون الجمعيات الأهلية ، مرجع سابق ، ص 245

24- القضية رقم 7 لسنة 14 قضائية " منازعة تنفيذ " ، جلسة 19 يونيو 1993 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الخامس، المجلد الثاني ، ص 523 وما بعدها

25- انظر د. هشام محمد فوزي ، رقابة دستورية القوانين ، مرجع سابق ، ص 312

26- انظر  روبرت أ. كارب و رونالد ستيدهام ، الاجراءات القضائية في امريكا ، مرجع سابق ، ص 373

27- انظر روبرت أ. كارب و رونالد ستيدهام ، الاجراءات القضائية في امريكا ، مرجع السابق ، ص ص 445 – 446، جيروم أ. بارون و س. توماس دينيس ، الوجيز في القانون الدستوري ، مرجع سابق ، ص ص 215 - 216

28- انظر د. وجدي ثابت غبريال ، حماية الحرية في مواجهة التشريع ، مرجع سابق ، ص 179

29- انظر د. ابراهيم محمد حسنين ، أثر الحكم بعد دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون مباشرة الحقوق السياسية ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2000 ، ص  261 ، وللمؤلف نفسه ، أثر الحكم بعدم دستورية قانون الجمعيات الاهلية ، مرجع سابق ، ص 239 ، و د. محمود أحمد زكي ، الحكم الصادر في الدعوى الدستورية، مرجع سابق ، ص  680

30- انظر د. صبري محمد السنوسي ، آثار الحكم بعدم الدستورية ، مرجع سابق ، ص 66

31- انظر د. رفعت عيد سيد ، الوجيز في الدعوى الدستورية ، مرجع سابق ، ص ص 422 - 423

32- انظر  روبرت أ. كارب و رونالد ستيدهام ، الاجراءات القضائية في امريكا ، مرجع سابق ، ص 431

33- انظر  د. هشام محمد فوزي ، رقابة دستورية القوانين ، مرجع سابق ، ص 311

34- انظر  روبرت أ. كارب و رونالد ستيدهام ، الاجراءات القضائية في امريكا ، مرجع سابق ، ص 432

35- انظر  د. ياسين محمد حمد العيثاوي ، دور المؤسسات الدستورية والقوى السياسية في صنع القرار السياسي الأمريكي ، رسالة دكتوراه  مقدمة الى كلية العلوم السياسية – جامعة بغداد - ، 2005 ، ص 46 ، وانظر لاري الويتز ، نظام الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية ، ترجمة جابر سعيد عوض ، ط 1 ، الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية ، القاهرة ، 1996 ، ص 228

36- انظر  د. هشام محمد فوزي ، رقابة دستورية القوانين ، مرجع سابق ، ص 312

37- انظر  روبرت أ. كارب و رونالد ستيدهام ، الاجراءات القضائية في امريكا ، مرجع سابق ، ص ص 436 – 437.

38-Criswold v. Connecticut, 381 U.S. 479 (1965)

نقلا عن روبرت أ. كارب و رونالد ستيدهام ، المرجع السابق نفسه ، ص 459 هامش (24).

39-Roe V. Wade ، 314 F. supp. 1217 (1970)

نقلا عن المرجع السابق نفسه ، ص 459 هامش (25).

40- انظر د. هشام محمد فوزي ، رقابة دستورية القوانين ، مرجع سابق ، ص 311.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .