المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الأثر القانوني المترتب على الحكم بعدم الدستورية في قضاء المحكمة الدستورية العليا في مصر  
  
14575   01:57 صباحاً   التاريخ: 21-10-2015
المؤلف : مها بهجت يونس الصالحي
الكتاب أو المصدر : الحكم بعدم دستورية نص تشريعي ودورة في تعزيز دولة القانون
الجزء والصفحة : ص80-87
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

 يثار التساؤل عما إذا كان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في قانون او لائحة يؤدي إلى إلغاء قوة هذا النص ، فيغدو معدوماً من الناحية القانونية ويسقط التشريع من تشريعات الدولة ، ام ان الحكم بعدم الدستورية يؤدي فقط إلى الامتناع عن تطبيق هذا النص الذي تبين عدم دستوريته على النزاع المعروض على المحكمة ؟ للاجابة عن هذا التساؤل ينبغي التعرف على موقف الفقه والقضاء الدستوريين في مصر في هذا الشأن ، ويتم ذلك على النحو الأتي:

أولاً: موقف الفقه الدستوري في مصر :

يلاحظ أن الفقه الدستوري في مصر قد انقسم إلى ثلاثة اتجاهات بصدد اجابته على هذا التساؤل:  الاتجاه الأول من الفقه ذهب إلى ان الحكم بعدم الدستورية يؤدي إلى الامتناع عن تطبيق النص من دون إلغائه . ومن انصار هذا الاتجاه الدكتور رمزي الشاعر ، وقد ذهب إلى أنه لا يستفاد مما ورد في المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا ، وفي المذكرة الإيضاحية له أن المشرع قد رتب على الحكم بعدم الدستورية إلغاء القانون او اللائحة ، وإنما يقتصر أثر هذا الحكم على عدم جواز تطبيق النص على الوقائع والمراكز القانونية التي يحكمها ، فالمحكمة الدستورية العليا ليست لها سلطة إلغاء القانون (أو اللائحة ) المخالف للدستور وإنما لها مجرد تقرير ما شابه من عيب عدم الدستورية فقط (1). ويضيف الدكتور رمزي الشاعر إلى أن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بتقرير عدم دستورية قانون أو لائحة معينة يلزم محكمة الموضوع بالامتناع عن تطبيق هذا القانون أو تلك اللائحة . وإذا كان القانون أو القرار بقانون يبقى من الناحية النظرية المجردة قائماً حتى يلغيه المشرع ، وتبقى اللائحة حتى تلغيها جهة الإدارة ، فإن النص غير الدستوري يفقد قيمته من الناحية التطبيقية ، لأن جميع المحاكم سوف تمتنع عن تطبيقه إذا ما دفع امامها بعدم دستوريته في قضية أخرى ، إعمالاً للحجية المطلقة للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون أو اللائحة  (2). كما ذهب الدكتور طعيمة الجرف إلى أن النص الذي تقرر عدم دستوريته سوف يبقى قائماً من الناحية النظرية ، لأن المحكمة الدستورية العليا لا تملك ولاية النطق بإلغائه ، إلا أنه بسبب الحجية المطلقة التي يتمتع بها الحكم ، فإن هذا النص سوف يفقد كل قيمته القانونية ، إذ يلزم جميع جهات القضاء بالامتناع عن تطبيقه (3). هذا وقد ذهب الدكتور محمد حسنين عبد العال (4). في الاتجاه نفسه إذ يقول : ان أثر الحكم الصادر بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ، ينحصر بصريح نص المادة 49 من قانون تلك المحكمة في عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، ومن ثم فان النص يفقد قوته العملية في التطبيق، ولكن ذلك لا يعني بحال ، ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية العليا في أحد أحكامها – الحكم الصادر في 19 مايو 1990 – (5)، الذي أثار جدلاً واسعاً من أن الحكم بعدم دستورية نص " يترتب عليه انعدام هذا النص" ، فهذا الرأي الذي ضمنته المحكمة حيثيات حكمها ، لا يجد له أي سند من الدستور أو القانون ، بل ويخالف صراحة أحكام القانون رقم 48 لسنة 1979 بانشاء المحكمة الدستورية العليا ، فضلاً عن أن مسايرة هذا المنطق من شأنه أن يؤدي إلى الاخلال بأحكام الدستور.ومن ناحية أولى ، وطبقاً لصريح نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، يقتصر أثر الحكم بعدم دستورية نص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ، ولو اراد المشرع ترتيب الانعدام ، وهي نتيجة قانونية خطيرة ، لنص على ذلك صراحة . ومما يعزز الرأي في عدم صحة ما ذهبت اليه المحكمة الدستورية العليا ، أن المشرع ذاته في المادة 49 من قانون المحكمة بعد أن قرر الأثر العام المترتب على الحكم بعدم دستورية النص ، عالج في الفقرة الاخيرة من تلك المادة الأثر المترتب على الحكم بعدم دستورية نص جنائي ، فقرر صراحة أن الأحكام التي صدرت بالادانة استناداً إلى ذلك النص تعد كانها لم تكن ، فهذا الحكم الصريح انما يجد تبريره في أن المشرع قد قصر أثر الحكم بعدم دستورية النص على عدم جواز تطبيقه ، ولكنه لم يقرر انعدامه ، بحيث يصبح قانوناً كأنه لم يكن ويفقد كل آثاره القانونية.ومن ناحية اخرى ، فان وصف العمل التشريعي بالانعدام أمر ينبغي التحوط في شأنه . فاذا كانت فكرة الانعدام يطبقها القضاء الاداري بحذر شديد في مجال رقابته على قرارات الإدارة ، فان وصف التشريع الذي يصدر عن السلطة التشريعية بالانعدام يمثل افتئاتاً من المحكمة الدستورية العليا على السلطة التشريعية ، يخرج المحكمة الدستورية العليا عن نطاق الصلاحيات التي حددها لها القانون الصادر بشانها من هذه السلطة التشريعية ذاتها (6). في حين ذهب الاتجاه الثاني من الفقه إلى أن الحكم بعدم الدستورية يلغي النص التشريعي ويبطله . ومن أنصار هذا الاتجاه الدكتورة عزيزة الشريف إذ ترى أن الحكم بعدم دستورية النص التشريعي يبطله ويلغيه ويفقد النص قوته التشريعية ، وبالتالي لا يمكن للمحاكم أن تطبقه ، فالحكم يهدر القاعدة القانونية في كل ما نشأ عن تطبيقها من آثار (7) ، ومن انصار هذا الاتجاه ايضاً الدكتور محسن خليل الذي يرى أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون معين هو في حقيقته إلغاء لهذا القانون استناداً إلى الحجية المطلقة لحكم المحكمة ، والتزام السلطات العامة والكافة بهذا الحكم ، وعدم جواز تطبيق نص القانون غير الدستوري من اليوم الثاني لنشر الحكم (8). اما الاتجاه الثالث من الفقه فيذهب إلى أن الحكم بعدم الدستورية يلغي قوة نفاذ النص التشريعي . ومن انصار هذا الاتجاه الدكتورة نبيلة عبد الحليم كامل إذ ترى أن الحكم الصادر بعدم الدستورية لا يؤدي بذاته إلى إلغاء النص ، وإنما يقتصر أثره على إلغاء قوة نفاذ النص المقضي بعدم دستوريته (9). كما يرى الدكتور عادل عمر شريف أن ما يترتب على الحكم الصادر بعدم الدستورية ، ونشره طبقاً لما أوجبه الدستور في المادة 178 منه ، وبينته المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا ، وما استقر عليه قضاء المحكمة هو الغاء قوة نفاذ النص المقضى بعدم دستوريته ، وهذا الأثر يتساوى عملاً مع الالغاء بعد أن سقط هذا النص من مجال التطبيق وفقاً للتحديد الذي رسمه المشرع ، بحيث لا يكون بوسع أية جهة تطبيقه خلافاً لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بعدم دستوريته (10). ويؤكد ذلك الدكتور يحيى الجمل إذ يذهب إلى أن إلغاء قوة نفاذ النص يعني من الناحية العملية إلغاء النص نفسه ذلك ان النص المحكوم بعدم دستوريته سيفقد كل قيمة عملية تطبيقية مما يبرر أنه يصبح وكأنه غير موجود (11). ونعتقد رجحان رأي الاتجاه الثالث من الفقه في أن الحكم بعدم دستورية نص تشريعي لا يلغي النص ، وانما يلغي قوة نفاذه . وذلك حتى لا نصطدم بمبدأ الفصل بين السلطات ولأن القول بخلاف ذلك يعد اعتداءً واضحاً من المحكمة الدستورية العليا على السلطة التشريعية ، كما أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع من درجته نفسها إعمالاً للقاعدة الخاصة بتقابل الاجراءات. ومن الناحية العملية فانه لا فارق بين إلغاء النص أو إلغاء قوة نفاذه ، ذلك ان انهاء قوة نفاذ النص تعني فقدان النص لقيمته القانونية وصفته الإلزامية وبالتالي يغدو من الناحية التطبيقية أو العملية ملغياً أو معدوماً ذلك أن على جميع السلطات العامة بما فيها المحاكم الامتناع عن تطبيقه مما يعني ان الأمر واحد في النهاية . وهو ما يفسر استخدام العديد من الفقهاء المصريين والمحكمة الدستورية العليا ذاتها تعبير " إنهاء قوة نفاذ النص" و " إلغاء او انعدام النص" كمترادفات للدلالة على ما يرتبه حكم عدم الدستورية من أثر . وإن كان الامر يقتضي تدخل السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية – بحسب نوع التشريع – لإلغاء أو تعديل النص القانوني او اللائحي المحكوم بعدم دستوريته إعمالاً للحجية المطلقة لحكم المحكمة الدستورية العليا . ولأن ذلك هو من صميم عملها وفقا لأحكام الدستور.

ثانياً: موقف المحكمة الدستورية العليا.

نصت المادة (49/3) من قانون المحكمة الدستورية العليا على انه "ويترتب على الحكم بعدم الدستورية عدم جواز تطبيق النص من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم". وكما هو واضح من صياغة النص فان حكم المحكمة الدستورية العليا لا يلغي نص القانون او اللائحة المقضي بعدم دستوريته وإنما يوقف نفاذه أو يفقده  قوته الإلزامية. وتطبيقاً لحكم نص المادة (49) ، جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن الأثر المترتب على الحكم بعدم الدستورية هو الغاء قوة نفاذ النص المقضي بعدم دستوريته (12)، مما يعني أن النص المحكوم بعدم دستوريته وإن كان يمتنع على الكافة تطبيقه لمخالفته للدستور إلا أنه ومع ذلك يظل من الناحية النظرية قائماً إلى أن تلغيه السلطة المختصة بذلك ، فإعدام النص او الغائه ليس من سلطة المحكمة الدستورية العليا ، وفي هذا تقول المحكمة في حكمها الصادر في 30 نوفمبر 1996 ".. أن كل ما قصد إليه هذا القانون بنص المادة 49 ،لا يعدو تجريد النصوص القانونية التي قضي بعدم دستوريتها من قوة نفاذها ، لتفقد بالتالي خاصية الإلزام التي تتسم بها القواعد القانونية جميعاً فلا يقوم من بعد ثمة مجال لتطبيقها" (13). وبما ان إلغاء قوة نفاذ النص يتساوى حكمه من الناحية العملية مع إلغاء النص ذاته ، لذا فان المحكمة الدستورية العليا دأبت على استخدام هذه التعابير " إنهاء قوة نفاذ النص" و " إلغاء او انعدام النص " كمترادفات للدلالة على ما يرتبه حكم عدم الدستورية من اثر ، بل واحياناً تستخدم المحكمة هذه التعبيرات في العبارة الواحدة نفسها، من ذلك حكمها الصادر في 19 مايو 1990 حيث تقول فيه : " لما كان ذلك وكان القضاء بعدم دستورية نص المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 38 لسنة 1972 …  يترتب عليه إنعدام هذا النص وإبطال العمل به فيما قرره من أن... ، ومن ثم يكون النعي على نص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون المشار إليه قد أضحى غير مجد وبالتالي غير مقبول ، إذ لم يعد له مجال في التطبيق بعد أن ألغى نفاذ النص على كيفية توزيع المقاعد النيابية.." (14). كما قضت في حكمها الصادر في 3 مايو 1995 بان " إبطال المحكمة الدستورية العليا لنص الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب السياسية الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 ، مؤداه تجريدها من قوة نفاذها ، وزوال الآثار القانونية المترتبة عليها منذ إقرارها وإمتناع متابعة الإتهام الجنائي بمناسبة تطبيقها " (15). وفي حكم اخر تقرر " أن إبطال هذه المحكمة للنصوص القانونية المخالفة للدستور ، يعتبر تقريراً لزوالها نافياً وجودها منذ ميلادها " (16). بل ان المحكمة الدستورية العليا قد ذهبت في أحد أحكامها إلى أبعد من ذلك مقررة "أن الحكم بعدم دستورية نص يترتب عليه انعدام هذا النص ، وزوال الاثار القانونية لهذا النص لتؤول عدماً ، فلا تولد حقاً ولا يقوم بها مركز قانوني لا للمدعي ولا لغيره " (17). إلا أن لجوء المحكمة إلى مثل هذه التعبيرات المترادفة قد يثير مشكلة في حالة ما إذا كان النص او النصوص المحكوم بعدم دستوريتها كانت معدلة او أعادت تنظيم ما كانت تنظمه النصوص السابقة على صدورها ، ذلك أن القول بانعدام النص المقضي بعدم دستوريته أو زواله قد يفهم منه أن ذلك يعني إحياء النص القديم بحيث يصبح حكمه هو الواجب التطبيق وهو بالفعل ما اتجهت إليه بعض المحاكم من ذلك محكمة القضاء الاداري في حكمها الصادر في 7 سبتمبر 2000 (18)، على إثر قيام المحكمة الدستورية العليا بالحكم بعدم دستورية قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر بالقانون رقم 153 لسنة 1999 (19) ، والذي كان قد حل محل القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة حيث نجدها تقرر صراحة بأن "مؤدى ذلك الحكم هو إعمال أحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة رقم 32 لسنة 1964 على النزاع الماثل بحسبان أن الحكم بعدم دستورية قانون الجمعيات والمؤسسات الاهلية الصادر بالقانون رقم 153 لسنة 1999 قد بعث الروح من جديد في قانون الجمعيات والمؤسسات الصادر بالقانون رقم 32 لسنة 1964 وهو القانون الواجب التطبيق على النزاع المعروض". ويرى الدكتور محمد عبد الواحد الجميلي ان اتجاه محكمة القضاء الإداري كان يمكن قبوله وبأثر رجعي لو أن المشرع كان قد رتب على الحكم بعدم الدستورية إلغاء أو إعدام التشريع المخالف ولكنه لم يرتب هذا الإلغاء أو الإعدام وكل ما رتبه على نشر الحكم في الجريدة الرسمية "عدم جواز تطبيقه" أي الامتناع عن تطبيق النص ، مما يعني أن التشريع أو النص المخالف يظل باقياً إلى أن تلغيه أو تعدله السلطة التشريعية أو التنفيذية حسب طبيعة النص وهي ملزمة بذلك لما يتمتع به حكم الدستورية من حجية مطلقة. إن بقاء النص على الرغم من فقدانه لقوة نفاذه يقف حائلاً يمنع من إعادة النص القديم إلى الحياة مرة اخرى . باعتباره هو القانون الواجب التطبيق (20). ونحن نعتقد – وبتواضع – ان اتجاه محكمة القضاء الإداري لا يمكن قبوله باي حال من الاحوال سواء أكان المشرع قد رتب على الحكم بعدم الدستورية إلغاء القانون المخالف للدستور أم مجرد إلغاء قوة نفاذه أم الامتناع عن تطبيقه . ففي كل الاحوال لا يمكن ترتيب إعادة النص القانوني القديم إلى الحياة مرة اخرى باعتباره هو الواجب التطبيق بعد الحكم بعدم دستورية القانون الذي طبق بعده ، الا اذا تدخلت السلطة التشريعية في إعادة إحياء هذا القانون وذلك اذا ارتأت صحته ومطابقته للدستور، ويكون ذلك عن طريق سن قانون جديد يعمل على احياء العمل بالقانون القديم، اما القول بان هذا القانون القديم يعود من تلقاء نفسه إلى الحياة ويطبق من جديد بمجرد إصدار المحكمة الدستورية لحكمها بعدم دستورية القانون الذي طبق بعده ، فهذا قول منافٍ للمنطق القانوني ولا أساس له من الصحة. ومن جانب اخر نحن لا نؤيد مسلك المحكمة الدستورية العليا في استعمالها لتعابير مثل إلغاء قوة نفاذ النص وإلغاء أو إبطال النص أو انعدامه كتعابير مترادفة ، لأن ذلك يثير نوعاً من الالتباس والغموض ويوقعها في مثل القضية السابقة الشائكة. هذا ومما يمكن اثارته بصدد موضوع الأثر القانوني المترتب على الحكم الصادر بعدم دستورية نص تشريعي ، فرض خاص يتعلق بحالة إذا ما انتهت المحكمة الدستورية العليا إلى أن نصاً واحداً فقط من نصوص التشريع المطعون بعدم دستوريته هو المشوب بهذا العيب من دون بقية النصوص الاخرى ، أو أن جزءاً فقط من النص هو المعيب من دون بقية الاجزاء . فما هو قضاء المحكمة الدستورية العليا في مثل هذه الحالة ؟ القاعدة التي أرستها المحكمة الدستورية العليا بهذا الصدد هي أن الحكم الصادر بعدم الدستورية يقتصر أثره على إبطال أثر النص الذي قضي بعدم دستوريته من دون بقية النصوص الاخرى للقانون أو اللائحة الذي اشتمل على هذا النص غير الدستوري ، والتي تبقى صحيحة ونافذة قانوناً (21)، ومع ذلك يرد على هذه النتيجة استثناءان هما :

أ.  اذا كانت نصوص القانون او اللائحة يرتبط بعضها ببعض ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة، فإن عدم دستورية أحد هذه النصوص او إبطال أثره يستتبع بحكم هذا الارتباط إبطال باقي نصوص هذا القانون أو اللائحة ولو لم تتضمنها صحيفة الدعوى الدستورية مما يستوجب الحكم بعدم دستورية القانون برمته. وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في 2 يناير 1999 بانه "وحيث ان العوار الدستوري الذي يضم الفقرة الاولى من المادة الاولى من القانون الطعين، يهدم بنيان هذه الضريبة من أساسه ، ذلك أن تصحيح نطاقها ليشمل كل من يتوافر فيه مناط استحقاقها ، ينعكس تأثيره حتماً على سائر نصوصه ، وعلى الأخص تلك المتضمنة تعيين وعائها وتحديد سعرها وشرائحها وحدود وأحوال الاعفاء منها وبيان طرائق وإجراءات تحصيلها. وحيث ان القضاء بعدم دستورية الفقرة الأولى المشار إليها ، يؤدي - بحكم اللزوم العقلي – إلى سقوط نصوص القانون رقم 208 لسنة 1994 برمتها ، ودون حاجة إلى بيان المثالب الدستورية الأخرى التي اعتورتها – وذلك لارتباط هذه النصوص بالفقرة الاولى ارتباطاً لا يقبل التجزئة بحيث تكون معها كلاً واحداً لا يتجزأ مما لا يتصور معه أن تقوم لهذه النصوص قائمة بغير تلك الفقرة ، أو إمكان إعمال أحكامها في غيبتها " (22). وترتيباً على ما تقدم ، اذا كان النص الذي قضي بعدم دستوريته يرتبط ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة بنصوص اخرى ، فإنه يترتب لزوماً على القضاء بعدم دستورية هذا النص سقوط النصوص الاخرى المرتبطة به. وبذلك قضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في 2 أغسطس 1997 " فلهذه الأسباب حكمت المحكمة أولاً : بعدم دستورية ما تضمنته المواد 37 و 38 و 117 من قانون الكمارك الصادر بقانون رقم 66 لسنة 1963 .. ، ثانياً : بعدم دستورية ما تضمنته المادة 119 من ذلك القانون ، من تخويل مدير الكمارك الاختصاص بفرض الغرامة .. ، ثالثا : بسقوط الأحكام الاخرى التي تضمنتها النصوص المطعون عليها ، والتي ترتبط باجزائها المحكوم بعدم دستوريتها ارتباطاً لا يقبل التجزئة " (23).

ب.  إذا كان متعذراً بعد إبطال المحكمة الدستورية العليا للنصوص المخالفة للدستور ، أن تكفل النصوص المتبقية الوفاء بمقاصد التشريع وغاياته ، فانه يترتب على ذلك بطلان التشريع برمته قانوناً كان ام لائحة. وبذلك قضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في 2 يناير 1993 والذي تقول فيه " النصوص التي ينتظمها العمل التشريعي لا تعتبر من زاوية العيوب الموضوعية – مهدرة بتمامها إلا في احدى حالتين:-

اولهما: إذا كان فصل النصوص التي أبطلتها المحكمة عما سواها متعذراً ، وكان ملحوظاً عند إقرار المشرع للنصوص جميعها ما بينها من صلة حتمية تجعل ترابطها معاً واتصال أجزائها ببعض ، حقيقة قانونية لامراء فيها.

ثانيهما: إذا كان متعذراً بعد إبطال المحكمة للنصوص المخالفة للدستور أن تكفل النصوص المتبقية الوفاء بمقاصد  التشريع ، وغاياته " (24).

_________________________

1-   انظر د. رمزي الشاعر ، النظرية العامة للقانون الدستوري ، مرجع سابق ، ص613

2-  انظر د. رمزي الشاعر ، القضاء الدستوري في مملكة البحرين ، مرجع سابق ، ص ص 192-193

3- انظر د. طعيمة الجرف ، القضاء الدستوري ، مرجع سابق ، ص271

4- انظر د. محمد حسنين عبد العال ، القانون الدستوري ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1992 ، ص161

5- القضية رقم 37 لسنة 9 قضائية "دستورية" ، جلسة 19 مايو 1990 ، مجموعة أحكام م.د.ع، الجزء الرابع، ص256 وما بعدها ، راجع ما ورد في هذا الحكم ص ص 66-67 من الأطروحة .

6- انظر د. محمد حسنين عبد العال ، القانون الدستوري ، مرجع سابق ، ص ص162-163

7-   انظر د. عزيزة الشريف ، القضاء الدستوري المصري ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1990، ص117 نقلاً عن د. شعبان احمد رمضان ، ضوابط واثار الرقابة على دستورية القوانين ، مرجع سابق ، ص61

8-  انظر د. محسن خليل ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، الجزء الاول ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، سنة النشر (بدون) ، ص477

9- انظر د. نبيلة عبد الحليم كامل ، الرقابة القضائية على دستورية القوانين – القضاء الدستوري - ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1993 ، ص240

10-  انظر د. عادل عمر شريف ، قضاء الدستورية ، مرجع سابق ، ص470

11- انظر د. يحيى الجمل ، القضاء الدستوري في مصر ، مرجع سابق ، ص217، وبنفس المعنى انظر د. محمد جمال عثمان جبريل ، أثر الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا ، مرجع سابق ، ص21

12-  انظر د. إبراهيم محمد حسنين ، اثر الحكم بعدم دستورية قانون الجمعيات الأهلية ، مرجع سابق ، ص219

13-  القضية رقم 22 لسنة 18 ق "دستورية" ، جلسة 30 نوفمبر 1996، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الثامن ، ص195 وما بعدها وبنفس المعنى القضية رقم 19 لسنة 14 ق "دستورية" ، جلسة 8 ابريل 1995 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء السادس،ص597 وما بعدها ، القضية رقم 10 لسنة 8 ق "دستورية" ، جلسة 5 أكتوبر 1991 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الخامس – المجلد الأول - ، ص15 وما بعدها

14- القضية رقم 37 لسنة 9 ق "دستورية" ، جلسة 19 مايو 1990 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الرابع ، ص256 وما بعدها

15-  القضية رقم 25 لسنة 16 ق "دستورية" ، جلسة 3 يوليو 1995 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء السابع ، ص45 وما بعدها

16-  القضية رقم 22 لسنة 18 ق "دستورية" ، جلسة 30 نوفمبر 1996 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الثامن ، ص195 وما بعدها

17-  القضية رقم 37 لسنة 9 ق "دستورية " ، جلسة 19 مايو 1990 ، مجموعة أحكام م.د.ع، الجزء الرابع ، ص256 وما بعدها ، وبنفس المعنى القضية رقم 19 لسنة 14 ق "دستورية" ، جلسة 8 أبريل 1995 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء السادس ،ص 597 وما بعدها

18- "دائرة المنوفية" الدعوى رقم 10447 لسنة 1 قضائية ، نقلاً عن د. محمد عبد الواحد الجميلي ، اثار الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا ، مرجع سابق ، ص50 هامش رقم (2)

19-حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 153 لسنة 21 ق "دستورية" ، جلسة 3 يونيو 2000 ، مجموعة أحكام م.د.ع، الجزء التاسع ، ص582 وما بعدها ، حيث عدت المحكمة هذا القانون من القوانين المكملة للدستور ومن ثم كان يتعين عرضه على مجلس شورى الدولة لاخذ رأيه فيه عملاً بنص المادة 195 من الدستور.

20-  انظر د. محمد عبد الواحد الجميلي ، آثار الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، مرجع سابق ، ص ص50-51

21- انظر د. محمد صلاح عبد البديع السيد ، قضاء الدستورية في مصر ، مرجع سابق ، ص ص374-375 ، د. صبري محمد السنوسي محمد ، آثار الحكم بعدم الدستورية ، مرجع سابق ، ص68

22- القضية رقم 43 لسنة 17 ق "دستورية" ، جلسة 2 يناير 1999 ، أحكام م.د.ع ، الجزء التاسع ، ص147 وما بعدها ، وفي المعنى نفسه انظر القضية رقم 16 لسنة 15 ق "دستورية" ، جلسة 14 يناير 1995 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء السادس ، ص494 وما بعدها

23-   القضية رقم 72 لسنة 18 ق "دستورية" ، جلسة 2 أغسطس 1997 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الثامن ، ص749 وما بعدها ، وانظر بنفس المعنى القضية رقم 3 لسنة 10 ق "دستورية" ، جلسة 2 يناير 1993 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الخامس – المجلد الثاني - ، ص114 وما بعدها ، القضية رقم 6 لسنة 15 ق "دستورية" جلسة 15 ابريل 1995 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء السادس ، ص637 وما بعدها

24-  القضية رقم 3 لسنة 10 ق "دستورية" ، جلسة 2 يناير 1993 ، مجموعة أحكام م.د.ع ، الجزء الخامس ، المجلد الثاني، ص114 وما بعدها

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .