أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-3-2022
1554
التاريخ: 3/11/2022
1353
التاريخ: 13-1-2016
1964
التاريخ: 25-7-2016
2012
|
«يقول «جورج لوندبرغ» في كتابه «البطالة» :
إن أيام البطالة هي عبارة عن أيام نكون فيها أحراراً من أهم الواجبات التي نتقاضى عليها أجراً أو تلك المفروضة علينا ، وجاءت البطالة نتيجة تطور الإختراعات التي قللت من عمل الإنسان».
«في العام 1840 بلغت ساعات العمل الاسبوعي للفرد حوالي 84 ساعة ، وتم في العام 1930 تقليصها إلى 50 ساعة وأقل ، وها هي ساعات العمل الأسبوعي تخفض في الكثير من بلدان العالم إلى 40 ساعة، ويحتمل أن يتم تخفيضها إلى أقل من ذلك»(1).
لقد كان الناس في العصور الماضية يعتبرون أن العمل هو المحور الأساسي والهدف الرئيسي للحياة الإجتماعية ، أما الترفيه فكان أمراً ثانوياً برأيهم ليس بالضرورة القيام به ، ذلك أن الأعمال يومذاك كانت تنجز باليد وبطاقة الإنسان المحدودة ، وبالنتيجة لم يكن مستوى الإنتاج وفيراً مما يحتم على الإنسان بذل المزيد من العطاء للحصول على مزيد من الإنتاج .
وقد انعكس الأمر تماماً في عصرنا الحاضر، حيث أصبح الترفيه والتسلية والسياحة محوراً أساسياً وهدفاً رئيسياً للحياة ، وباتت ساعات العمل مجرد فترة بسيطة تفصل العامل عن وقت فراغه وترفيهه وتسليته. فالأعمال باتت تنجز بواسطة الآلات والماكنات، وهذا ما ساهم في رفع مستوى الإنتاج إلى الحد الذي بات فيه إنتاج بعض الحاجيات يفوق الطلب بأضعاف مضاعفة .
«لقد كان الإنسان في الماضي مضطراً للقيام بأكثر الأعمال صعوبة ومشقة من أجل تأمين متطلبات الحياة ، وكان يعمل على الدوام ، وبالتالي كان ينظر إلى العمل نظرة احترام وإلى البطالة نظرة اشمئزاز ، إلا ان الأوضاع قد تغيرت اليوم كلياً ، حيث لم يعد الإنسان ينظر باحترام كما في السابق إلى العمل نتيجة ارتفاع سقف إنتاجه إلى ما يفوق استهلاكه وذلك بوقت أقل من السابق وجهد أيسر. ومن هنا فإنه بات على إله العمل أن يهبط من عرش جلاله وجبروته ويتخلى عن العرش لإله الترفيه. وعلينا نحن أن ندرك ان ايام البطالة اي الأيام التي يجب أن تقضى بالترفيه والراحة والاستجمام هي تلك الفترة التي تجعل الحياة تستحق العيش فيها، وما طاقتنا وتحملنا للأيام الأخرى إلا لأنها تؤثر في قيمة أيام البطالة وأهميتها»(2).
لقد ساهم المهندسون منذ أمد بعيد في إيجاد تحول كبير في مجال الصناعات الآلية كان له أثره على حياة شعوب الدول الصناعية ، فمن ناحية أصبحت الآلات والماكنات بمعظمها تعمل بشكل آلي ولم يعد هناك مجال لعمل الأيدي العاملة ، وبنتيجة هذا التحول أصبح العامل لا يستنفد خلال ساعات عمله من قواه شيئاً ، وعندما يحين وقت الإنصراف من العمل ، يترك العامل محيط عمله بشغف باحثاً عما يسلي به نفسه ، ويحرر قواه التي لم ينقص منها شيء فيما يجلب له اللذة والاستمتاع. ومن ناحية ثانية، فإن التغييرات التي خضعت لها الصناعات قد ساهمت في سرعة عمل الآلة وارتفاع مستوى انتاجها، وكانت نتيجة ذلك أن تقلصت ساعات عمل الأيدي العاملة وازدادت ساعات فراغها.
وكان لمكننة الآلة وازدياد ساعات الفراغ والبطالة دورهما في ارتفاع نسبة الجرائم وبروز عقبات ومشاكل كثيرة جداً بوجه البلدان الصناعية المتطورة. وما زال علماء الاجتماع يبحثون ويفكرون بما يمكن أن يملأ ساعات الفراغ عند الناس ، وكيف يقضون أوقات بطالتهم ، وما هي السبل الكفيلة بعدم انحراف الناس وفسادهم وبالتالي بؤسهم وشقائهم نتيجة أوقات الفراغ .
الجرائم فيما يسمى بالبلدان المتطورة :
«يقول رئيس وزراء الهند الراحل «نهرو» : إن من أهم المسائل التي نواجهها اليوم وستواجهها الولايات المتحدة الأمريكية وسائر البلدان المتطورة اقتصادياً خلال السنوات القليلة القادمة ، هي مسألة ساعات الفراغ والبطالة . وهذه المسألة تبدو في البلدان النامية كالهند مثلا من الأهمية أقل منها في الولايات المتحدة وأوروبا لا سيما في الدول الاسكندنافية ، وهي في أمريكا أشد من أي بلد آخر، ويبدو أنها متجهة نحو مزيد من التفاقم في المستقبل. كلنا نقرأ في الصحف العالمية مقالات وموضوعات حول الفساد والجرائم في جيل الشباب وتدهور مبادئ الأخلاق في الدول الغنية والمجتمعات المترفة ، ولكي نواجه هذه الحالة الناجمة عن ازدياد ساعات الفراغ لدى الإنسان، ماذا علينا أن نفعل؟. والجواب على مثل هذا السؤال يحظى بأهمية بالغة ، ذلك أننا إن لم نعالجها بشكل دقيق وسليم ، فإن نوعاً من التفسخ الخلقي سيسود المدنية بحد ذاتها»(3).
«عندما تجدون مخرجاً لقضية البطالة سترون أنفسكم أمام قضية أصعب وهي كيفية استغلال أوقات الفراغ . فما دام الإنسان يعمل ويسعى من اجل البقاء سواء كان هذا العمل شاقاً كما هو عليه في بلداننا او يسيراً كما هو في بعض البلدان المتطورة ، فإنه مشغول. ولكن عندما تحل قضاياه الاجتماعية والاقتصادية ويساهم تطور الصناعات في رفع أعباء كبيرة عن كاهله ، فإننا سنواجه دون شك مشاكل جديدة لم يسبق لنا أن واجهناها ، مثل جرائم الشباب وعمليات الاغتصاب وازدياد القتل وتفشي الادمان على تعاطي المسكرات وتمرد القوى الهدامة والفوضى ومئات الجراثيم والميكروبات الأخرى التي تسبب كل منها امراضاً نفسية وانحطاطاً خلقياً)).
«يقول «صاموئيل كينغ»: جعل انخفاض ساعات عمل الإنسان خلال السنوات الأخيرة ، من مسألة الترفيه أو ما يقوم به الإنسان خلال ساعات فراغه من نشاط ، قضية اجتماعية حياتية استأثرت باهتمام معظم الباحثين والمحققين الاجتماعيين. وتفيد الدراسات التي أجراها هؤلاء الباحثون والمحققون أن اختلالات ستطرأ على حياة الإنسان وشخصيته طالما أنه لم يستطع استغلال وقت فراغه المتزايد بشكل عقلاني . فالإنسان كان بطبعه يميل لأن يكون له وقت فراغ أطول ، لكنه اليوم شعر بالخطر الناجم عن عدم استيعابه لأوقات فراغه المتزايدة ، وهو يخشى من أن يؤدي عدم قدرته على استغلال هذه الأوقات بشكل سليم إلى بروز أخطار تتهدده ومجتمعه، ومن هنا أصبحت مسألة إملاء ساعات الفراغ والبطالة أكثر المسائل تعقيداً بالنسبة لمعظم دول العالم لا سيما الغربية منها"(4).
_____________________
(1) علم الإجتماع، ص 299 .
(2) نفس المصدر، ص301.
(3) أفكار نهرو، ص219 ،223 .
(4) علم الاجتماع، ص299.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|