المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحجاب
15-5-2018
إدارة السودان.
2024-05-29
معالجات تمهيدية
11-12-2019
قواعد وشروط ينبغي الاهتمام بها عند اخراج العناوين
16-8-2021
الدودة القارضة السوداء Agrotis ipsilon
22-1-2016
ماهي الوسائل لتشخيص وتمييز الادغال والاعشاب؟
31-12-2021


الانتظار، فلسفته وآثاره  
  
1369   02:41 صباحاً   التاريخ: 2023-09-13
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الحكومة العالمية للإمام المهدي (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص75-92
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن الحسن المهدي / الغيبة الكبرى / تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى /

مفهوم الانتظار :

يطلق « الانتظار » أو « التطلع إلى المستقبل » على الإنسان الذي يسأم الوضع القائم ويسعى إلى وضع أفضل . على سبيل المثال ، المريض الذي ينتظر الشفاء أو الأب الذي ينتظر قدوم ولده من السفر ، إنّما يأنان من المرض والفراق ، ويسعيان إلى نيل وضع أحسن .

وكما أنّ التاجر الذي يعيش الامتعاظ من السوق المتقلبة ويترقب جلاء الأزمة الاقتصادية ، ينطوي على هاتين الحالتين :

« عدم التكيف مع الوضع القائم » و « السعي لوضع أحسن » .

وعليه فإنّ مسألة انتظار حكومة الحقّ والعدل وقيام المصلح العالمي « المهدي » تتركب في الواقع من عنصرين ؛ عنصر « النفي » وعنصر « الاثبات » . وعنصر النفي هو عدم التكيف مع الوضع الموجود ، وعنصر الاثبات هو السعي إلى الوضع الأفضل .

الانتظار في عمق الفطرة الإنسانية :

خلافاً لاعتقاد البعض بأنّ المحور الرئيسي لانتظار ظهور المصلح المطلق يكمن في الاحباطات والارباكات على مستوى الأفكار ، فإن عشق هذا الأمر إنّما يرتبط بأعماق الإنسان ؛ بصورة مركزة أحياناً وخفيفة أحياناً أخرى ، بعبارة أخرى أنّ الإنسان يتعامل بطريقين - العقل والعاطفة - مع هذه المسألة ، ويسمع نغمة هذا الظهور عن طريق لسانين هما « العقل والفطرة » .

وبعبارة أوضح فإنّ الإيمان بظهور المصلح العالمي جانب من « عشق المعرفة » و « عشق الجمال » و « عشق الخير والفضيلة » ( ثلاثة أبعاد من أبعاد الروح الإنسانية الأربعة ) ، حيث تؤول صنوف العشق هذه إلى الذبول والموت دون ذلك الظهور .

ولعلّ هذا الكلام يحتاج إلى توضيح أكثر ، ذلك إننا نعلم أنّ « عشق التكامل » شعلة خالدة تضيئ أنحاء وجود الإنسان ، فهو يريد العلم بالمزيد ، ويرى المزيد من الجمال ، وينفتح على الكثير من الفضائل ، والخلاصة ، يسعى لتوفير كلّ ما يقوده إلى الرقي والازدهار .

لا يمكن ربط ظهور هذه الدوافع بالعوامل الاجتماعية والنفسية . ورغم أنّ لهذه العوامل دوراً مهماً في إضعافها أو إثارتها ، غير أنّ وجودها هو جزء من الأبعاد الأصلية لروح الإنسان وتركيبته النفسية ، بدليل عدم افتقار أية أمّة لمثل هذه الدوافع . وزبدة القول فإن حبّ الإنسان للرقي والتكامل وانفتاحه على العلم والمعرفة والجمال والخير والفضيلة والعدل تمثل رغبة أصيلة ودائمية خالدة ، وانتظاره لظهور مصلح عالمي مطلق هو ذروة هذه الرغبة والحبّ . « ينبغي التأمل في هذا الموضوع ! » .

كيف لا يكون للإنسان مثل هذا الانتظار وشعلة حبّ التكامل تتوقد في جميع أحشائه ! وهل يتكامل المجتمع البشري دون ذلك !

وبناءً على هذا فإنّ هذا الشعور يساور باطن كلّ من لم يعِش حالة الاحباط والانكسار في حياته . . . هذا من جانب . ومن جانب آخر ، كما تساعد الإنسان أعضاؤه في السمو والتكامل ، ولا يسعنا أن نظفر بعضو يغيب دوره بصورة مطلقة في هذه الحركة التكاملية ، فإن خصائص الإنسان النفسية كذلك ؛ أي لكلّ منها دور مهم في تقدّم مشاريعه الأصيلة . مثلًا « الخوف من العوامل الخطيرة » الكامن في وجود كلّ إنسان درع يحفظه من تلك المخاطر .

و « الغضب » الذي يستشعره الإنسان حين يرى خطراً يهدد مصالحه ، وسيله لمضاعفة القدرة الدفاعية وتعبئة كافة طاقاته البدنية والروحية بغية إنقاذ مصالحه من الخطر . وعليه فإن حبّ التكامل وحبّ السلام والعدل وسيلة لبلوغ هذا الهدف العظيم ، وبمثابة ماكنة قوية تحرك عجلات وجود الإنسان في هذا الطريق ، وتساعده في الوصول إلى عالم مليئ بالعدل والسلام .

من جانب آخر فإنّه لا يمكن للأحاسيس والأجهزة في جسم الإنسان وروحه أن لا تنسجم مع عالم الوجود ؛ لأن عالم الوجود برمته وحدة واحدة متصلة ، ولا يمكن لوجودنا أن ينفصل عن سائر العالم . ويمكننا أن نستنتج من هذا الاتصال أنّ كلّ حبّ وعشق أصيل في جودنا دليل على وجود « معشوقه » و « هدفه » في عالم الوجود ، وهذا العشق وسيلة تقربنا منه . أي إن عطشنا ورغبنا بالماء فإن ذلك دليلٌ على وجود « الماء » ، وقد أودع عالم الخليقة العطش في وجودنا .

وإن ملنا للجنس الآخر فإنّ ذلك دليلٌ على وجود هذا الجنس في الخارج ، كما أنّ عشقنا للجمال والمعرفة دليل على وجود العشق والجمال في عالم الوجود .

ونخلص من هذا أنّ انتظار الناس للمصلح العالمي الذي يملأ العالم بالعدل والسلام ، دليل على امكانية وعملية ذروة هذا التكامل في المجتمع البشري ، فعشقه وانتظاره في أعماق أرواحنا وأنفسنا . وعمومية هذا الاعتقاد في كافة المذاهب والمدارس علامة أخرى على أصالته وواقعيته ؛ لأن الشيء إن كان وليد الشرائط المعينة والمحدودة ، لا يمكنه أن يحظى بهذه الشمولية ، فليست هنالك من شمولية سوى للقضايا الفطرية ؛ وكلّ هذه الأمور دليل على أنّ هذه النغمات تعزف في روح الإنسان عن طريق لسان عاطفته وفطرته في أنّ الأمر سيؤول إلى إرساء العدل والسلام في حكومة العدل العالمية من جانب المصلح العالمي .

فلسفة الانتظار :

لعلّ هذا السؤال يطرح نفسه :

ما النتيجة المتوخاة اليوم من الحديث عن مستقبل العالم البشري ؟

لدينا اليوم آلاف المشاكل والأزمات وينبغي لنا التفكير في معالجتها والتغلب عليها ، فما علاقتنا بالمستقبل ؟

إنّ الغد سيأتي خيراً كان أم شراً ، ومن سيبقى يشهد ذلك ، ومن يموت فاللَّه يرحمه ! على كلّ حال هذه قضية بعيدة وليس لها من آثار ايجابية على حياتنا الراهنة !

نرى أنّ هذه كلمات من ينظر بسذاجة وسطحية للأحداث ، ويتصور انفصال اليوم عن الأمس والغد ؛ ويعتقد بأن العالم يتركب من وحدات متباعدة ومتناثرة ومتفرقة .

ولكن بالنظر إلى أنّ جذور « أحداث اليوم » تمتد إلى الأمس ، وأنّ علينا أن نصنع الغد من اليوم ، وأنّ للالتفات إلى مستقبل « مظلم » أو « مشرق » انعكاس آني على حياتنا المعاصرة ومواقفنا إزاء الحوادث ، فإنّه تتضح ضرورة دراستنا للماضي والمستقبل من أجل اليوم والوقت الحاضر ، وسنرى عمّا قريب فاعلية هذا الانتظار العظيم .

إلّا أنّ العجيب في الأمر هو أنّ بعض الكتاب لم يتنكروا للجانب الايجابي لهذه القضية فحسب ، بل صرّحوا بأنّ لمثل هذا الانتظار جوانبه السلبية في شلّ القدرات الاجتماعية والقضاء عليها ! والأعجب من ذلك ما يراه البعض الآخر من أنّ الإيمان بمستقبل مشرق انعكاساً للحرمان الذي تعيشه الطبقة المسحوقة والذي يتخذ عادة صبغة دينية .

ولكن لا يمكن انكار هذه الحقيقة في أنّ هنالك بعض ضيقي الأفق الذين يسعون لاستغلال قضية الانتظار ، وقد تخلوا عن جميع مسؤولياتهم بذريعة الانتظار ، والاكتفاء بها على نطاق اللسان ! وأرى من الضروري - لإزالة إساءة الفهم من الجانبين - أن أُطلع الاخوة القرّاء على الرسالة التي كتبتها سابقاً بشأن هذا الموضوع :

الأحكام غير المدروسة :

رغم ما يعتقده بعض المستشرقين بأنّ الإيمان بالمصلح العالمي « رد فعل » لوضع المسلمين المأساوي طيلة الحقب التاريخية المظلمة ؛ ورغم تأثر بعض الباحثين الشرقيين والمسلمين بأفكار الغرب وإثارتهم لهذه القضية ؛ حتّى أنّهم يصرون على أنّ الإيمان بالمهدي عقيدة مستوردة من عقائد اليهود والنصارى ، وعلى الرغم من سعي جماعة من علماء الاجتماع من المدرسة المادية لبلورة قضية انتظار المهدي كدليل على أفكارهم ، في أنّ جذور هذه العقيدة اقتصادية تهدف تخدير أفكار الطبقة الكادحة والمحرومة ، رغم كلّ ذلك ، لابدّ من الالتفات إلى أنّ لهذه العقيدة جذوراً فطرية راسخة تمتد إلى أعماق عواطف الإنسان إلى جانب تجذرها في المصادر الإسلامية المهمة .

ولعلّ الدراسات المقتضبة لهؤلاء الباحثين من جانب ، والرغبة بالتوجيه المادي لكلّ فكر وعقيدة دينية من جانب آخر ، هي التي أفرزت مثل هذه الأفكار .

والغريب في الأمر أنّ بعض الباحثين الغربيين مثل « مارغلي يوت » قد أنكر الأحاديث الإسلامية الواردة في المهدي وقال :

« كيفما فسروا هذه الأحاديث فليس هنالك من دليل مقنع في أنّ نبي الإسلام صلى الله عليه وآله قال بضرورة وحتمية ظهور مهدي لاحياء الإسلام وتحقيق كماله ؛ إلّاأنّ نيران الحروب الأهلية بين أبناء الجيل الواحد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله واضطراب العالم الإسلامي إثر الاختلاف ، أدّى إلى اقتباس فكرة ظهور المنقذ من اليهود أو النصارى الذين ينتظرون عودة المسيح وظهوره » .

ولا أدري ما هي الكتب التي رآها « مارغلي يوت » من المصادر الإسلامية بهذا الخصوص ، وكيف لم يعثر في تفاسيرها على دليل يقنعه ، والحال وردت عدّة أحاديث صريحة في مصادر الفريقين بشأن الظهور حتّى بلغت حدّ التواتر . أم كيف لا يكون لكلّ علماء الإسلام والمحققين دون استثناء ( سوى النادر منهم كابن خلدون الذي أعرب عن ترديده في أحاديث المهدي في مقدمته التاريخية ) من نقاش في صدور هذه الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله واقتصرت كلماتهم على القضايا الفرعية والجزئية ، بينما لم يقتنع « مارغلي يوت » ؟

ينبغي أن يجيب بنفسه عن هذا السؤال .

ويقول البعض الآخر :

« إننا ننظر إلى نتائج هذا الانتظار ، ولا يعنينا العمل به ودوافعه ، والتي تؤدي إلى احتمال المعاناة والصبر إزاء الإرباكات والاستسلام إلى الظلم والجور والتهرب من المسؤولية . إننا ننظر إلى هذا في أنّ هذا الانتظار يقذف بالطبقات المحرومة في عالم الخيال ويجعلهم يغفلون عمّا يدور من حولهم ، ويدعوهم إلى الكسل والهروب من الالتزامات الاجتماعية . وبعبارة أخرى ، فهو من الناحية الفردية عامل للركود والسكون ، ومن الناحية الاجتماعية فهو وسيلة لإخماد حركات الشعوب ضد الاستعمار ، وكيف كان فآثاره السلبية واضحة » .

إلّا أننا نعتقد أنّ الباحث الواعي الذي لا يريد اصدار الأحكام جزافاً ، بل يرى نفسه موظفاً بالتعرف على « الدوافع والنتائج » عن قرب وعدم الاكتفاء بالأحكام التي تصدر بصورة اعتباطية . والآن دعونا نتناول بحياد دوافع الانتظار ونتائجه ، لنرى هل كان عامل ظهوره الاحباطات أم سلسلة من الواقعيات الفطرية والعقلائية ، وهل نتائجه بناءة وايجابية أم هدامة وسلبية ؟

آثار الانتظار البناءة :

هل الإيمان بمثل هذا الظهور يجعل الإنسان غافلًا عن أوضاعه القائمة ومستسلماً لكافة الظروف والشرائط ؟

أم أنّ هذه العقيدة تستبطن الدعوة إلى القيام وبناء الفرد والمجتمع ؟

هل تدعو إلى الحركة أم السكون ؟

هل تؤدي إلى تحمل المسؤولية أم الهروب منها ؟

بالتالي هي أفيون أم منبه ؟

يبدو من الضروري الالتفات إلى نقطة مهمة قبل الإجابة عن هذه الأسئلة وهي أنّ أعظم المقررات وأسمى المفاهيم إن وقعت بأيدي أفراد ليسوا بأكفاء أو انتهازيين فلربما يمسخونها إلى درجة بحيث تعطي نتائج مخالفة لأهدافها الأصلية وتتحرك خلاف مسيرتها المرسومة ، وهنالك الكثير من هذه النماذج ، ومسألة الانتظار كما سنرى واحدة من هذه النماذج .

على كلّ حال ، وبغية التحرز من الخطأ في الحسابات في مثل هذه المباحث لابدّ من انتهال الماء من عينه الصافية بعيداً عن المياه الملوثة التي ربّما تفسده . ومن هنا فإننا نتجه في بحث الانتظار صوب المتون الإسلامية الأصيلة ، ونسلط الضوء على مختلف الروايات الواردة بشأن مسألة « الانتظار » لنقف على طبيعة الهدف الرئيسي .

نسلط الضوء هنا على هذه الروايات :

سئل الإمام الصادق عليه السلام عمن يقول بولاية الأئمّة وينتظر حكومتهم الحقّ ويموت على ذلك ؟ قال‌ الإمام عليه السلام :

« هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه - ثمّ سكت هنيئة - ثمّ قال : هو كمن كان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله » .

وقد ورد هذا المضمون في عدة روايات بعبارات مختلفة :

ففي بعضها « بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللَّه » . وفي البعض الآخر « كمن قارع مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بسيفه » .

وفي رواية « بمنزلة من كان قاعداً تحت لواء القائم » .

وفي رواية أخرى « بمنزلة المجاهد بين يدي رسول اللَّه » .

وفي رواية « بمنزلة من استشهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله » .

فالتشبيهات الواردة في هذه الروايات بشأن انتظار ظهور المهدي عليه السلام عميقة المعنى وتكشف عن هذه الحقيقة وهي أنّ هنالك نوعاً من الارتباط والتشابه بين مسألة « الانتظار » و « الجهاد » ومواجهة الأعداء . « لابدّ من تأمل هذا الموضوع » . كما صرّحت بعض الروايات بأن مثل هذا الانتظار يعد أعظم عبادة .

حيث ورد مثل هذا المضمون في أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وروايات الإمام علي عليه السلام . فقد قال صلى الله عليه وآله :

« أفضل أعمال امّتي انتظار الفرج من اللَّه عزّوجلّ » .

كما ورد عنه صلى الله عليه وآله أنّه قال :

« أفضل العبادة انتظار الفرج » .

ويكشف هذا الحديث عن أهمية الانتظار ، سواء الفرج بمعناه الواسع والشامل ، أو مفهومه الخاصّ ، أي انتظار ظهور المصلح العالمي .

وتشير كلّ هذه العبارات إلى أنّ انتظار تلك النهضة إنّما اقترن على الدوام بجهاد واسع ومقاومة تامة .

ولو استند الاعتقاد وانتظار حكومة العدل للمهدي إلى قاعدة رصينة لأفرز نوعين من الأعمال العظيمة ( لأن الاعتقاد السطحي قد لا يتجاوز أثره اللسان ، بينما الاعتقاد العملي يقتضي دائماً الآثار العملية ) . والنوعان هما :

الامتناع عن كافة أشكال التعاون والركون إلى عوامل الظلم والفساد إلى درجة مقاومتها من جانب ، ومن جانب آخر تزكية النفس وتوظيف الاستعدادات الجسمية والروحية والمادية والمعنوية بغية تبلور تلك الحكومة العالمية .

ولو تأملنا ذلك لرأينا كلا العملين بناءً ومدعاة للحركة والمعرفة والوعي واليقظة . وهكذا يفهم معنى الروايات الواردة في فضل المنتظرين من خلال الالتفات إلى مفهوم الانتظار الواقعي .

كما نفهم بعض الروايات التي صورت المنتظر الحقيقي وكأنّه في فسطاط المهدي أو تحت لوائه أو كمن جاهد بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله بسيفه .

أو ليست هذه المراحل المختلفة والدرجات المتفاوتة في الجهاد من أجل تحقيق العدل والحقّ إنّما تتناسب مع استعدادات الأفراد ودرجات انتظارهم ؟ أي كما يتفاوت مقدار تضحية المجاهدين في سبيل اللَّه ودورهم ، فإنّ انتظارهم واستعدادهم هو الآخر مختلف وعلى درجات .

طبعاً كلاهما جهاد ويحتاج إلى استعداد وتزكية . فالفرد الذي يكون في فسطاط زعيم تلك الحكومة والذي يمثل مركز القيادة والإمرة العسكرية لجميع العالم ، لا يمكن أن يكون شخصاً غافلًا وجاهلًا ، فليس كلّ فرد يلج ذلك الفساط ، سوى من استعد له . كما ينبغي أن ينطوي من حمل السلاح وقاتل إلى جانب ذلك الزعيم كلّ من يقف بوجه حكومة العدل والسلام ، على استعداد روحي غزير وتأهب فكري وعسكري كبير .

الانتظار يعني التأهب التام :

إن كنت ظالماً فكيف يسعني انتظار من يضع سيفه في أعناق الظلمة ؟

وإن كنت ملوثاً وفاسداً فكيف انتظر نهضة أوّل شرارتها تطيح بالملوثين المردة !

والجيش الذي ينتظر الجهاد الأكبر إنما يرفع القدرة القتالية لأفراده وينفخ فيهم روح الثورة ويصلح فيهم كلّ ضعف . وكيفية الانتظار تتناسب دائماً مع الهدف الذي يقف وراءه :

فانتظار قدوم مسافر عادي .

وانتظار عودة صديق عزيز .

وانتظار حلول فصل جني الثمار من الأشجار .

وانتظار حلول فصل افتتاح المدارس .

فكلّ نوع من هذه الإنتظارات ممزوج بنوع من الاستعداد . فلابدّ من اعداد الدار في أحدها وتوفير وسائل الضيافة ، بينما يستلزم الآخر اعداد المنجل والحاصودة ، كما يلزم الأخير القلم والكتاب والقرطاس وثياب المدرسة وما شاكل ذلك . ولكم أن تتصوروا الآن ذلك الذي ينتظر قيام المصلح العالمي ، فهو ينتظر في الواقع نهضة وثورة تعد أوسع وأعظم جميع النهضات البشرية طيلة التاريخ . النهضة التي تختلف عمّا سبقها من النهضات الاصلاحية ، فهي لا تنطوي على أية صبغة إقليمية ، كما لا تختص بأي جانب من جوانب الحياة المختلفة ؛ بل إضافة إلى كونها عامة ، فهي تشمل كافة جوانب حياة البشرية ؛ فهي نهضة سياسية وثقافية واقتصادية وأخلاقية .

طبعاً لسنا بصدد الدليل على تحقق هذه النهضة ، ونوكل ذلك إلى بحث آخر ، ذلك لأن هدفنا في هذا البحث الاقتصار على نتائج وآثار هذه العقيدة وذلك الانتظار ، وهل ينطوي هذا الانتظار على فكرة التخدير كما يزعم أصحاب المدارس المادية ، أم أنّه انتظار بناء واصلاحي يدعو إلى الانطلاق والحركة . ذكرنا سابقاً أنّ « الانتظار » يتألف من عنصرين ؛ « نفي » و « إثبات » ، الامتعاظ من الوضع الموجود والرغبة في وضع أفضل . ونضيف هنا أنّ لكلّ نهضة وحركة محورية بُعدين بُعداً سلبياً وبُعداً ايجابياً .

فالبعد الأوّل لهذه النهضة يتمثل في القضاء على عوامل الفساد والانحطاط وتطهير المجتمع من دنس العصاة . وما أن تنتهي هذه المرحلة حتّى يأتي دور البعد الايجابي ، أي إشاعة عوامل الاصلاح . كما أشرنا سابقاً إلى تركب مفهومي « الانتظار » و « النهضة العالمية » أي أنّ الآثار التالية إنما تتجلى في المنتظرين الواقعيين ( لا مجرد ادعاء الانتظار كذباً ) :

1 - التزكية الفردية

إن حكومة المهدي العالمية تتطلب قبل كلّ شيء العناصر الإنسانية على صعيد القيم والمثل لتتمكن من النهوض بأعباء الاصلاحات الكبيرة في العالم ؛ وهذا ما يقتضي بادئ الأمر الارتقاء بالمستوى الفكري والمعرفي والاستعداد الروحي والفكري بغية التعاضد لتطبيق ذلك المشروع العظيم ؛ فقصر النظر وضيق الأفق والضحالة الفكرية والحسد والفرقة وبالتالي كافة أشكال النفاق والتشتت لا تنسجم مع مكانة المنتظر الحقيقي .

ولعلّ القضية المهمّة تكمن هنا في أنّ المنتظر الواقعي لذلك المشروع العملاق لا يمكنه أن يتخذ موقفاً متفرجاً ، فهو جندي باسل في جبهة الإصلاح .

فالإيمان بنتائج النهضة ومصيرها لا تسمح له بأن يكون في الجبهة المقابلة ، كما أنّ التحاقه بجبهة الإصلاح يتطلب منه قدراً كافياً من الأعمال الصالحة والانطواء على الشجاعة واليقظة التامة . فكيف لي إن كنت ظالماً متمرداً أن انتظر نهضة تستهدفني ! وإن كنت فاسداً ومنحرفاً فأ نّى لي بانتظار قيام نظام لامكان فيه للافراد الفاسدين والمنحرفين ! أولا يكفي هذا الانتظار في تنقية روحي وتهذيب فكري من الزلل والدنس ! والجندي الذي يتطلع إلى جهاد التحرير إنّما يعيش قطعاً حالة التأهب القصوى ، والسلام الذي ينبغي له حمله في هذه المعركة إنّما يهدف إلى إصلاح الأسلحة السائدة ؛ ويقوم ببناء المواضع المحكمة ، كما يرفع معنويات رفاقه ويفجر في نفوسهم عشق المواجهة ، وإلّا فلا يسعه الانتظار ، وإن زعم ذلك فهو كاذب ، فانتظار المصلح العالمي يعني التأهب الفكري والأخلاقي والمادي والمعنوي التام من أجل إصلاح العالم بأجمعه .

ولك أن تقف على أهميّة مثل هذا التأهب ! فإصلاح كلّ ما على الأرض ووضع حدّ للظلم ليس بالعمل الهين ! والاستعداد لهذا الهدف العظيم ينبغي أن يتناسب معه ، أي لابدّ أن يناسبه سعة وعمقاً .

وعليه فإنّ تحقيق مثل هذه النهضة يتطلب رجالًا أشداء من ذوي القوة والطهر وسعة الأفق وبعد النظر والاستعداد التام ، كما أنّ التزكية اللازمة لتحقق هذا الهدف تستلزم توظيف وتفعيل البرامج الأخلاقية والفكرية والاجتماعية ، وهذا هو معنى الانتظار الواقعي ؛ فهل يسع فرد أن يزعم بأنّ هذا الانتظار ليس بناءً ؟ !

2 - التكافل الاجتماعي

إلى جانب الإصلاح الذاتي فإنّ وظيفة المنتظر الحقيقي تحتم عليه إصلاح الآخرين ؛ ذلك لأنّ المشروع العظيم والثقيل الذي ينتظره ليس بمشروع فردي ، بل مشروع يختزن كافة عناصر التغيير ، وعليه ينبغي أن تتم الأنشطة والفعاليات فيه بصيغة جماعية ، ولابدّ أن تتظافر جميع الجهود والمساعي ، وأن يتناسب عمقها وشموليتها مع عظمة مشروع النهضة العالمية المنتظرة . ليس لأي فرد أن يتجاهل الآخرين في ميدان المواجهة الشاملة ، وعليه أن يسعى لمعالجة نقاط الضعف أينما وجدت ، وتقوية مواطن الضعف ، ذلك لعدم إمكانية تطبيق ذلك المشروع دون المساهمة الفاعلة للجميع .

وعليه فإن المنتظر الحقيقي يشعر بتكليفه في السعي إلى إصلاح الآخرين فضلًا عن اصلاح نفسه .

وهذا هو الأثر البناء الآخر من آثار انتظار قيام المصلح العالمي . وهذه هي فلسفة كلّ تلك الفضائل والامتيازات الواردة بشأن المنتظرين .

3 - عدم الانصهار في بوتقة الفساد

إن عمّ الفساد فإنّه يشمل أكثرية الناس ، وهنا يشعر الطاهرون من الأفراد بأنّهم بلغوا موضعاً مغلقاً ، وهو الموضع الذي يفرزه اليأس من الاصلاح .

وربّما يعتقد البعض بأن الفرصة قد مضت ولم يعد هنالك من أمل في الاصلاح ، ومن العبث بذل الجهد في هذا المجال ؛ ومن شأن هذا اليأس والاحباط أن يدفع بهؤلاء الأفراد تدريجياً إلى الفساد والانسجام مع الوسط الملوث ، بحيث لا يسعه الابقاء على صلاحه تجاه الأكثرية الفاسدة ، وبالتالي فإنّ عدم الانسجام والجماعة يوجب فضيحته .

وبالطبع فإن العنصر الوحيد الذي يبعث فيهم روح الأمل ويدعوهم إلى المواجهة وضبط النفس ويحول دون انصهارهم في بوتقة الفساد يتمثل بالأمل في الإصلاح النهائي ؛ وهنا طبعاً يشعرون بضرورة السعي لحفظ صلاحهم وصلاح الآخرين . ولعلّ هذا هو السرّ في عدّ اليأس من رحمة اللَّه من الذنوب الكبيرة ومن أخبث الكبائر ، حيث لا يرى الفرد الذي يشعر باليأس من ضرورة لأن يتدارك ما فرط منه أو على الأقل الكفّ عن مواصلة معاصيه ، ومنطقه في ذلك « لقد أوغلت في المعصية وفاتني الندم والتوبة ولم تعد أمامي سوى نار جهنم ، فهل هناك شيء أخشاه كي أصد عن هذا الطريق » .

أمّا إن فتحت له نافذة الأمل ، فيشعر بتحول في حياته يدعوه إلى الأمل بعفو اللَّه ورحمته والأمل بتغيير الوضع القائم ؛ الأمر الذي يعدوه إلى الكفّ عن المعصية والعودة إلى الذات والطريق القويم .

ومن هنا يعد الأمل من العناصر التربوية المهمة في معالجة أوضاع الفرد الفاسد ؛ كما لا يسع الفرد الصالح حفظ نفسه في الوسط الفاسد دون الشعور بهذا الأمل .

والنتيجة هي أنّ انتظار ظهور المصلح مدعاة لمضاعفة الأمل بظهوره مها اتسعت رقعة الفساد ، والذي يلعب دوراً مهماً في بلورة العقيدة والاندفاع إلى العمل ، إلى جانب تحصين المنتظر من أمواج الفساد .

وهنا يشعرون بقرب بلوغ الهدف فيزداد سعيهم ويتواصل عزمهم في الوقوف بوجه الفساد والانحراف . ونستنتج من الأبحاث السابقة أنّ الانتظار الممسوخ والمشوه هو الذي ينطوي على عنصر التخدير - حيث حرفه بعض المخالفين ، بينما مسخه بعض الموافقين - أما إن طبق في المجتمع بصورته الحقيقية الناصعة فهو عامل مهم على مستوى الأمل والحركة والتربية والتزكية .

ولعلّ من بين الأدلة الواضحة التي تؤيد هذا الموضوع ما روي عن المعصوم عليه السلام بشأن الآية الشريفة : « وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ . . . »[1] أنّه قال : « هو القائم وأصحابه » .

وجاء في رواية أخرى : « نزلت في المهدي » والحال قد وصف المهدي وأصحابه في هذه الآية بهذا الوصف « الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات » .

وعليه يتعذر تحقق هذه النهضة العالمية دون إيمان راسخ يطرد كلّ ضعف وعجز وهوان ، ودون عمل صالح يمهد السبيل من أجل إصلاح العالم ، وينبغي لمن ينتظر أن يسعى لأن يرفع من مستوى معرفته وإيمانه وينشط في إصلاح نفسه وأعماله . وهؤلاء فقط من يسعهم التبشير بتلك الحياة في ظلّ حكومته ، لا الظلمة والفجرة ، ولا أُولئك البعيدون عن الإيمان والعمل الصالح ، ولا الأفراد الجبناء الذين جعلهم ضعف إيمانهم يخشون خيالهم .

ولا الضعفاء والكسالى والعاطلون الذين قبعوا هنا وهناك يتفرجون على الوسط الفاسد دون أن ينبسوا ببنت شفة ، ولم يكلفوا أنفسهم عناء أية حركة ومقاومة .

أجل هذا هو معنى الانتظار الحقيقي !

 

[1] سورة النور ، الآية 55 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.