أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-03
1228
التاريخ: 3-7-2016
10486
التاريخ: 16-9-2020
1199
التاريخ: 2023-04-08
970
|
تقول الأسطورة الشعبية عن أصل الألماس الموجود في منطقة مناجم كمبرلي الشهيرة بجنوب أفريقيا: 27 «بعدما مرت أيام وليال طويلة على الناس وهم في حزن وكدر، هبطت من السماء الروح المعنية بتحقيق آمال الناس ورغباتهم على الأرض، وهي تحمل سلة ضخمة مليئة بالألماس. وأخذت الروح تغرف بيدها الألماس الموجود في السلة، وتنثره على البقاع التي تطير فوقها، بدءًا من وادي الفال، حيث مرت فوق ديلبورت هوب وبيركلي ويست وكليبدم. وبينما كانت تلقي بحفنة وراء حفنة من الألماس على البقاع التي تمر فوقها برتابة وانتظام؛ إذ تتعثر قدماها، وهي تحلق فوق منطقة كمبرلي، بأغصان أشجار الكاميلورن العالية، فانسكب كل الألماس الموجود في السلة فوق المنطقة، وبذلك أصبحت منطقة كمبرلي أغنى الأماكن بالألماس.» هكذا تعكس الأسطورة الشعبية رأي الناس في مصدر الألماس الموجود على الأرض. ولم يخذل البحث العلمي الأسطورة، فعكس بعض الباحثين فحواها في شكل مقالات وأبحاث علمية، ترى أن الألماس سماوي الأصل.
ويبقى السؤال: هل الألماس المعروف لنا من مصادر سماوية؟ قد يكون غريبا هذا السؤال، بعدما عرف الناس أن الألماس يوجد في صخور تأتي من أعماق كبيرة داخل باطن الأرض، لكن السؤال لن يكون غريبًا عندما نعرف أن الألماس لم يتكون مع تكون هذه الصخور، بل تشكّل قبل تكوُّنها بملايين السنين؛ ومن ثم فإن هذه الصخور ما هي إلا وسيط ناقل للألماس الكامن في باطن الأرض. فما هو مصدر هذا الألماس إذن؟! هناك تفسيران؛ الأول: هو أن الألماس كان موجودًا في الأصل ضمن المواد الأولية التي تشكلت منها الأرض أثناء مراحل تكونها الأولى، أي أنه سماوي الأصل؛ والثاني: هو أن الألماس يتكون في باطن الأرض من التئام ذرات عنصر الكربون مع بعضها البعض، تحت تأثير الضغوط العالية في باطن الأرض. ولا يمكن بأي حال من الأحوال ترجيح رأي على الآخر فكلاهما له أسانيده العلمية. ويهمنا هنا الرأي الذي يقول بسماوية الألماس، والذي يعتمد على وجود حبيبات دقيقة من الألماس في النيازك بجميع أنواعها تقريبًا؛ 28 إذ عندما تتحلل أجسام هذه النيازك بالعوامل الأرضية، تتحرّر حبيبات الألماس وتختلط بالرواسب الأرضية، وتنضوي ضمن المكونات الأرضية. كما أن الدراسات الفلكية أثبتت 29 أن الألماس يتكون في النجوم العملاقة، ثم يقذف في الفضاء، ليدخل بعد ذلك في مكونات السحب الغازية التي تتكون منها الأجرام السماوية، والتي من بينها كانت الأرض، فهذا يفسر الأصل السماوي للألماس الموجود في باطن الأرض أيضًا، والذي يخرج ضمن مكونات الصخور الناقلة له. وهناك أيضًا من يرى أن الألماس لا يوجد فقط في صورة حبيبات صغيرة ضمن مكونات النيازك، بل يوجد على هيئة أجرام سماوية كبيرة!
فهل توجد نيازك ألماسية كما توجد نيازك حديدية؟ يسأل الأكاديمي الروسي «ل. نيكولاييف» في كتابه الشيق «كيمياء الفضاء» هذا السؤال، وينفي إمكانية حدوث ذلك في الطبيعة، ويعرج أثناء الإجابة على هذا السؤال، على رواية «النيزك الذهبي» للروائي الفرنسي الشهير «جول جابرييل فيرن» (1825-1905م)؛ إذ يقول: 30 «هل من الممكن أن تسقط من الفضاء على سطح الأرض أجسام ألماسية ضخمة كالجبال، تلمع وتتلألأ ببريقها الجذاب؟ من بين أعمال الروائي الفرنسي الشهير «جول فيرن» رواية «النيزك الذهبي» التي يُذكر فيها مخترع استطاع أن يتوصَّل لوسيلة ما، يتحكم من خلالها في حركة النيازك العملاقة وهي في مداراتها خارج الأرض. ويستطيع هذا المخترع التحكُّم في مسار نيزكٍ ذهبي عملاق ويوجهه نحو الأرض، ولكن قبل إنزاله بدقيقة واحدة بسلام على سطح الأرض، يتذكر الصراع الذي سوف ينشأ بين الشعوب على امتلاك هذا النيزك الذهبي العملاق، ويُدرك أن هذا النيزك الذهبي سوف يكون سببًا في شقاء الناس وتعاستهم؛ ومن ثم يحرف مساره نحو المحيط.» ثم يكمل: «في الحقيقة لا توجد نيازك ذهبية ولا يُتوقع وجودها، وكذلك لا توجد جبال نيزكية من الألماس، ولا يُتوقع كذلك وجودها في الطبيعة.»
لكن – على عكس ما يرى الأكاديمي «ل. نيكولاييف» – يرى البعض أن النيازك الألماسية الضخمة موجودة في الفضاء، وأنها ربما تسقط على هيئة نيازك ألماسية براقة على سطح الأرض. فصخر «هيباتيا» قد يكون قطعة من بقايا نيزك ألماسي عملاق، سقط على الأرض في الماضي البعيد وشكل ارتطامه بسطح الأرض ما يُعرف بالزجاج الليبي. 31 وللصدمات النيزكية إسهام كبير في تكون الألماس؛ إذ لو تصادف ووجد عنصر الكربون (من الطبيعي أن تحتوي الصخور على الكربون في أي صورة كانت، سواء كان على هيئة فحم أو جرافيت أو ضمن المعادن والصخور الكربوناتية) ضمن الصخور التي تتعرض للصدمات النيزكية، فإن الحرارة العالية والضغط العالي المتولدين عن الصدمة يقودان إلى تحول الكربون إلى ألماس ومن أشهر المواقع التي يوجد فيها ألماس الصدمات النيزكية موقع «حوض بوبيجاي»، بشرق سيبريا، روسيا، وموقع «حوض ريس» ألمانيا، ومنطقة «كارا»، بالأورال القطبي. 32 ويوجد الألماس في هذه المواضع ضمن الصخور الزجاجية الناشئة عن الصدمات النيزكية، أو صخور البريشيا الناشئة عن التئام وتجمع شظايا وكسرات الصخور التي تهشمت من الصدمة. ويتحرّر الألماس من هذه الصخور بعوامل التجوية؛ ومن ثم يوجد ضمن الصخور المفككة على سطح الأرض، كما هو الحال في العينة التي عُثر عليها في منطقة زجاج السيلكا مؤخرًا وتتوقف كمية الألماس التي تتكون عن الصدمات النيزكية على كمية الكربون الموجودة ضمن الصخور التي تتعرض للصدمات، وعلى الحرارة والضغط الذي يتولد عن الصدمة، وهو ما يحدده حجم النيزك وسرعته، وطبيعة الصخور في موقع الصدمة ذاتها. ولا يُشترط أن يوجد الألماس في كل مواقع الصدمات النيزكية. وعادةً ما يكون الألماس الذي يتكون عن هذه العملية، دقيق الحجم، وملونا (غالبًا أسود اللون) ومن ثم يصعب الحصول من الرواسب التي تتكون عن طريق الصدمات النيزكية، على بلورات كبيرة الحجم من الألماس، تصلح في صناعة الأحجار الكريمة، لكن الألماس المنتج من هذه المواقع يستغل في عددٍ كبير من الأغراض الصناعية، منها أدوات الحفر العميقة في القشرة الأرضية. ويرى بعض الباحثين أن الصدمات النيزكية لا تسهم في تكون ألماس الصدمة فحسب، بل تمتد لتسهم في تكون رواسب ألماس الكمبرليت واللامبرويت المعروفة، ولكن بطريقة غير مباشرة. فمن وجهة النظر هذه، تسهم الطاقة الهائلة المتولدة عن الصدمات النيزكية الضخمة على الأرض في إحداث الشروخ العميقة التي تمتد من سطح الأرض لأعماق كبيرة داخلها، مما يسهم في فتح الطريق لاندفاع ماجما الكمبرليت واللامبرويت بسرعات كبيرة من الأعماق البعيدة حتى سطح الأرض، حاملة معها الألماس دون أن يتغير. كما يرى بعض الباحثين أن الصدمات النيزكية وراء كثير من العمليات الجيولوجية الداخلية بما تولد من طاقة كبيرة، تسهم في نشاط ما يعرف بـ «البقع الساخنة» داخل الأرض، والتي تسهم بدورها في العديد من العمليات الجيولوجية، بما في ذلك عمليات انشطار القارات 33 وانجرافها. وهي العملية التي تحدث ببطء شديد خلال الزمن الجيولوجي.
_____________________________________________
هوامش
(27) Beet, G and Terpend, T. L. (1917): Romance and reality of the Vaal diamond diggings. Kimberley: Diamond Fields Advertiser. South Africa, p. 47
(28) Huntington, O. W. (1893): Further observations upon the occurrence of diamonds in meteorites. Proceedings of the American Academy of Arts and Sciences, 29, p. 204–211
(29) Kwok, S. (2013): Star dust: the cosmic seeds of life. Springer. Verlag Berlin Heidelberg
(30) Nikolaev, L. (1976): Space chemistry. Translated to English by: Y. Nadler. Mir Publishers, Moscow-Russia, p. 48-49
(31) Barakat, A. A. (2019): Diamond meteorites between science and legends. 82nd Annual Meeting of the Meteoritical Society 2019, (LPI Contrib. No. 2157)
(32) Masaitis, V. L. (1998): Popigai crater: Origin and distribution of diamond-bearing impactites. Meteoritics Planet. Sci., 33, p. 349–359
(33)Oberbeck, V. R, Marshall, J. R., and Aggarwal, H. (1993): Impacts, tillites and the breakup of Gondwanaland. Journal of Geology, 101, p. 1–19
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|