أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-28
910
التاريخ: 2023-10-04
1083
التاريخ: 15-5-2018
2513
التاريخ: 25/12/2022
1302
|
من الشخصيات الربانية التي نهضت ضد الآداب والعادات والتقاليد الذميمة معتمدة على نور العقل والوحي ، وساهمت في حدوث تغير كبير في المجتمع، وأنقذت الناس من حضيض الجهالة لتحفظ لهم عزتهم وكرامتهم.
وكان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد بعث نبيا في مجتمع جاهل يسوده الشرك وعبادة الأصنام ، وتتفشى فيه الجرائم والرذائل ، حيث كان الجور والظلم ووأد البنات وتحقير النساء والنهب والسرقة وهتك الأعراض وشرب الخمر ولعب الميسر وما إلى ذلك من صفات رذيلة ، كل ذلك كان يعتبر من الآداب والعادات والتقاليد التي كانت سائدة آنذاك بين الناس الذين لم يكونوا يشعرون لا بخجل ولا بندم.
فثار الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بتوجيه من الباري سبحانه وتعالى وبإلهام من عقله الكامل ضد كل تلك العادات والتقاليد المذمومة بعزم راسخ وإرادة لا تلين . ولم يكن هدف الرسول (صلى الله عليه وآله) ينحصر في إطار مخالفته الشخصية لهذه الآداب والعادات المرفوضة فحسب، بل كان هدفه (صلى الله عليه وآله) أسمى من ذلك بكثير وأكبر من أن ينحصر في هذا الإطار، لقد كان النبي (صلى الله عليه وآله) يسعى إلى تطهير الناس من أدران الذل والعار والهوان ، وذلك بالقضاء على العادات والتقاليد الرذيلة ، وبناء بيئة جديدة تقوم على أساس العقل والمنطق والعدل والإنصاف والإرادة الإلهية ، وبناء الشخصية التي تكون قادرة على التآلف مع هذه البيئة ، وفعلاً استطاع الرسول (صلى الله عليه وآله) تحقيق إنجازات عظيمة ونجاحات باهرة في هذا المجال. إن ما نريد أن نبينه هنا هو أن الرسول (صلى الله عليه وآله) ليس فقط لم يتبع الناس الجهلة لبناء شخصيته وتطبيق نفسه مع الآداب والعادات والتقاليد الضالة والفاسدة ، وإنما سعى بإرادته القوية إلى جعل الناس يتكيفون مع أفكاره ويتبعون منهجه لتحقيق أهدافه الأخلاقية والإنسانية السامية.
قال علي (عليه السلام): بَعَثَهُ والناس ضلال في حيرة وخابطون في فتنة. قد استهوتهم الاهواء واستزلتهم الكبرياء واستخفتهم الجاهلية الجهلاء حيارى في زلزال من الأمر وبلاء من الجهل(1).
لقد نفذت كلمات الرسول (صلى الله عليه وآله) وخطبه الحكيمة إلى أعماق الناس ، وأحدث منطقه السليم حركة إصلاحية عظيمة خلال فترة وجيزة ، مما أدى إلى حدوث تغييرات جذرية في ذلك المحيط الجاهل والفاسد.
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : قد صُرفَت نحوه أفئدة الأبرار وثنيت إليه أزمة الأبصار. دفن الله به الضغائن وأطفأ به النوائر ، ألف به إخواناً وفرق به اقراناً ، أعز به الذلة وأذل به العزة(2).
«يقول نهرو : لقد كان محمد (صلى الله عليه وآله) كقادة العديد من المذاهب الأخرى رجلاً ثورياً حارب الكثير من العادات والنظم الإجتماعية التي كانت سائدة آنذاك.
لقد جذب الدين الذي دعا إليه محمد (صلى الله عليه وآله) الكثير من شعوب وقبائل المناطق المجاورة لبساطته وصراحته والأسلوب الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) ، فتلك الشعوب كانت قد رزحت سنين طويلة تحت سلطة القدرة المطلقة للملوك المتجبرين والقادة الروحانيين المستبدين من وعاظ السلاطين . لقد كانت تلك الشعوب قد نبذت النظم القديمة وكانت مهيأة لاستقبال أي جديد ، جاء الإسلام بهذا الجديد ، فاستقبلته الشعوب بحفاوة ، لأنه حمل إليها ما يحسن من أوضاعها وينهي الكثير من المفاسد القديمة، حتى بات كل مسلم يشعر أنه عضو في مجتمع كبير تربطه الأخوة»(3).
الرسول (صلى الله عليه وآله) والشباب :
لقد أحدثت كلمات الرسول (صلى الله عليه وآله) وخطبه الرنانة في بدايات الدعوة تحولاً روحياً عظيماً في جيل الشباب، ولما كان الشباب بفطرتهم إنقلابيين ويرغبون في التجدد والحداثة، إلتفوا حول الرسول (صلى الله عليه وآله) معلنين انضوائهم تحت راية الإسلام ، فبدأوا في ظل قيادته الرشيدة وتوجيهاته الحكيمة حملة ضد السنن الفاسدة والعادات والتقاليد المذمومة التي كانت سائدة آنذاك ، معلنين عن مخالفتهم للمعتقدات والأفكار الباطلة أينما حلوا في أسرتهم ومجتمعهم، أو في رحيلهم وترحالهم.
المواجهة الأولى بين الشباب والمشركين :
كان سعد بن مالك من الشباب النشيطين والمتحمسين في صدر الإسلام ، وقد اعتنق الإسلام على يد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وهو في سن الـ 17، وكان سعد قد أظهر وفاءه للإسلام ومخالفته للجاهلية في أكثر من مكان وزمان لا سيما في الظروف الحرجة التي مر بها المسلمون قبل الهجرة .
وكان أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله) إذا أرادوا الإتيان بالصلاة ينزلون إلى شعاب مكة ليتقوا شر المشركين ، فبينا سعد بن مالك في نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شعب من شعاب مكة ، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين ، فناكروهم وعابوا عليهم دينهم حتى قاتلوهم فاقتتلوا، فضرب سعد رجلا من المشركين بلحى جمل، فشجه فكان اول دم أريق في الإسلام .
وكان المشركون في تلك الأيام في ذروة قوتهم وجبروتهم ، بينما المسلمون في نهاية الضعف والعجز، وأي صدام بين الطرفين آنذاك كان يجر إلى أحداث خطيرة، ولكن الشباب الذين أعدوا أنفسهم لتحمل شتى أنواع التعذيب والأذى لم يخشوا عواقب الأمور أو المخاطر التي قد يواجهونها نتيجة دفاعهم عن حرمة الإسلام .
يقول سعد : كنت رجلا براً بأمي ، فلما أسلمت قالت : يا سعد ما هذا الدين الذي أحدثت، لتدعن دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، وعيرتني ، فقال : لا تفعلي يا امه ، فإني لا أدع ديني ، قال : فمكثت يوماً وليلة لا تأكل فأصبحت وقد جهدت وتصورت أن ابنها لو رآها على هذا الحال من الضعف سيترك دينه لبره بها وقد غاب عنها أن عطف الأم وبرها لا يمكنه أن يقف أمام الحب الإلهي لو تغلغل إلى النفس، ولهذا قال لها سعد في اليوم التالي : والله لو كانت لك ألف نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني. ولما رأت الأم التصميم القاطع لولدها ويئست من تغيير معتقده عدلت عن قرارها الإمساك عن الطعام(4).
وبخلاصة فإن السلوك الثوري للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والخطب الحماسية الرنانة كان لهما الأثر الكبير في بناء شخصية ثورية للشباب الذين ثاروا بالاتكال على الله وتوجيهات قائدهم العظيم ضد سنن الجاهلية الفاسدة ، فحطموا الأصنام وهدوا بيوتها واقتلعوا جذور الظلم والعدوان وقضوا على الآداب والتقاليد والعادات الباطلة والنظم الفاسدة وأقاموا مكانها نظاماً جديداً قائماً على أساس العلم والإيمان والعدل والحرية والأخلاق والفضيلة ، استطاع أن ينقذ البشرية من الجهل والضلالة.
____________________________
(1) نهج البلاغة ، الخطبة 94.
(2) نفس المصدر، الخطبة 95.
(3) نظرة إلى تاريخ العالم، 323.
(4) اسد الغابة2، ص290.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|