أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1744
التاريخ: 2024-04-18
674
التاريخ: 10-10-2014
1476
التاريخ: 2023-03-29
1371
|
اختلف الناس في أمر عيسى اختلافا شديدا . . اختلفوا في أصل وجوده ، واختلفوا في طبيعته ، واختلفوا في موته . . فمن قائل : لا وجود له إطلاقا ، وانما هو بطل أسطوري ، ظهر هذا القول في ألمانيا وفرنسا وانكلترا في القرن التاسع عشر ، وهو أسخف من السخف ، لأنه تماما كقول من ينفي الطوائف المسيحية والاسلامية التي تؤمن بالمسيح . . ومن قائل : انه إله ، وقائل : بل هو انسان ، وقائل : هو إله وانسان في وقت واحد ، وقالت اليهود فيه وفي أمه ما يهتز له العرش .
واختلف المسلمون فيما بينهم ، فقال أكثرهم : ان المسيح لم يمت ، وانه حي في السماء ، أو في مكان ما بجسمه وروحه ، وانه يخرج في آخر الزمان إلى الأرض ، ثم يتوفاه اللَّه بعد ذلك الوفاة الحقيقية . . وقال كثير من المسلمين : انه مات حقيقة ، وان الذي ارتفع إلى السماء روحه ، لا جسمه .
وسبب هذا الاختلاف بين المسلمين هو اختلاف ظاهر النص ، فالآية 158 من سورة النساء تقول : {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء : 157 ، 158]. وهذه الآية ظاهرة في انه حي ، بالإضافة إلى أحاديث نبوية في معناها . ولكن الآية 117 من سورة المائدة تقول :
{ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ }. . وقريب منها الآية التي نحن بصددها ، وهي : {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [آل عمران : 55] . فإن المتبادر من الوفاة هو الموت ، وان المعنى الظاهر أني مميتك وجاعلك بعد الموت في مكان رفيع ، كما قال في إدريس : {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم : 57]. وكما قال في الشهداء : { أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران : 169].
والذين قالوا : ان عيسى حي بجسمه وروحه أولوا ( توفيتني ، ومتوفيك ) بوجوه أرجحها - نسبيا - ان القصد هو التشبيه بالوفاة ، لا الوفاة الحقيقية ، لأنه إذا رفع إلى السماء فقد انقطعت علاقته بالأرض ، وصار كالميت .
أما الذين قالوا : انه مات حقيقة فقد أولوا ( وما قَتَلُوهُ وما صَلَبُوهُ ولكِنْ شُبِّهً لَهُمْ ) بأن اليهود لم يقتلوا مبادئ عيسى وتعاليمه بقتله وصلبه . . ولكن خيل إليهم انهم قد قضوا على تعاليمه بذلك ، مع انها ما زالت قائمة ، وستبقى إلى يوم يبعثون .
ونحن نميل إلى القول الأول ، وان عيسى حي رفعه اللَّه إليه بعد أن توفاه بنحو من الأنحاء - غير الموت - نميل إلى هذا بالنظر إلى ظاهر الآية ، والى ما روي عن الرسول الأعظم ( صلى الله عليه واله ) من طريق السنة والشيعة انه ما زال حيا . .
ومع هذا فلا نرى أية فائدة من التحقيق والتدقيق في هذا الموضوع ، لأن الايمان بكيفية وفاته ، ورفعه ليس من أصول الدين ، ولا المذهب ، ولا من فروعه في شيء وانما هو موضوع من الموضوعات الخارجية لا تتصل بحياتنا من قريب أو بعيد . . واللَّه سبحانه لا يسأل الناس غدا ، ويقول لهم : بيّنوا كيف توفيت عيسى ؟ وكيف رفعته ؟ . . ان ما يجب علينا الايمان به هو ان عيسى نبي مرسل من اللَّه ، وانه خلق بكلمة من اللَّه ، وان أمه قديسة . . هذا ، إلى ان البحث في هذا الموضوع لا ينتهي بالباحث إلى الجزم واليقين بكيفية وفاته ، ولا بكيفية رفعه . . فالأولى إيكال ذلك إلى اللَّه سبحانه.
( إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ورافِعُكَ إِلَيَّ ) . بعد أن صمم اليهود على قتل عيسى ، ودبروا الأمر لذلك بشّره اللَّه بنجاته منهم ، وإبطال مكرهم وكيدهم ، وانه لن يقتل ، ولن يصلب ، بل يتوفاه اللَّه حين انتهاء أجله وفاة طبيعية ، وانه تعالى سينقله إلى عالم لا يناله أحد فيه بأذى ، ولا سلطان فيه لأحد عليه سوى اللَّه . وهذا هو معنى قوله تعالى : ( ومُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) . أي أبعدك عن ارجاسهم ، ودنس معاشرتهم ، وعما يريدونه بك من الشر .
{وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران : 55]. المراد بالتفوق هنا التفوق نفسا وكمالا ، لا التفوق سلطانا ومالا . . وليس من شك ان الذين آمنوا بعيسى أفضل وأكمل من الذين كذبوه .
( ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) . لا يحتاج هذا إلى تفسير ، لأن المعنى الظاهر هو المراد . . أجل ، ان ضمير الخطاب هنا يشمل الغائبين في كل زمان ومكان من الذين اختلفوا في السيد المسيح ، أو في صفة من صفاته .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|