المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

تقنية النانو والصناعات النفطية (Nano and Petroleum)
2023-07-31
Naum Il.ich Akhiezer
26-9-2017
عام الوفود
4-4-2022
The Bakhshali manuscript
14-10-2015
الأيض الأولي Primary Metabolism
20-9-2019
أنواع الطعون الانتخابية الواردة على تصويت ناخبي الخارج
2023-05-09


ابن الْمُعْتَز  
  
2923   04:41 مساءاً   التاريخ: 5-10-2015
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : الفن و مذاهبه في الشعر العربي
الجزء والصفحة : ص 262-266
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2016 2626
التاريخ: 25-12-2015 3315
التاريخ: 22-2-2018 1910
التاريخ: 10-04-2015 1920

هو عبد الله ابن الخليفة المعتز بالله 252- 255هـ، وقد ولد في عام 247 للهجرة ونُشِّئ في الحلية والزينة، وعاش معيشة مترفة ناعمة، وأكبَّ منذ حداثته على الأدب واللغة يأخذهما عن أعلام عصره مثل: المبرد وثعلب وأحمد بن سعيد الدمشقي. ويظهر أنه لم يُعْنَ بالثقافات الأجنبية إلا قليلًا، وقد ذكر لنا مواد ثقافته في شعر يخاطب به مؤدبه ابن سعيد؛ إذ يقول(1):
أصبحتَ يابن سعيدٍ حُزتَ مكرمةً ... عنها يقصر من يحفى وينتعلُ
سربلتني حكمةً قد هذبت شيمي ... وأججت غرب ذهني فهو مشتعل
أكون إن شئت قُسًّا في خطابته ... أو حارثًا وهو يوم الفخر مرتجل
وإن أشأ فكزيدٍ في فرائضه ... أو مثل نعمان ما ضاقت بي الحيل
أو الخليل عروضيًّا أخا فطن ... أو الكسائي نحويًّا له علل
تغلي بداهة ذهني في مركَّبها ... كمثل ما عرفت آبائي الأول
وفي فمي صارم ما سلَّه أحدٌ ... من غمده فدرى ما العيش والجذل
عقباك شكرٌ طويل لا نفاد له ... تبقى معالمه ما أطَّت الإبل(2)
فهو يقول: إنه تلقَّن عن أبي سعيد ما به يكون خطيبًا كقس إياد، وشاعرًا كالحارث بن حلِّزة، وماهرًا في علم الميراث كزيد بن ثابت، وفي علم الفقه كأبي حنيفة، وبارعًا في العروض كالخليل، وفي النحو كالكسائي. ولا نراه يذكر في أثناء ذلك ثقافة بالفلسفة، حقًّا ذكر كلمة الحكمة؛ ولكنه فسَّرها بهذه المعارف السابقة، ونحن لا نجزم بأنه لم يكن يلم بشيء من الفلسفة، ففي شعره بعض إشارات لها (3)، وأيضًا فإنه يشير إلى الفلك والتنجيم(4) وروى له الصولي في كتابه الأوراق فصولًا من النثر أخرجها مخرج الحكمة، وتعلق بفن الشعر التعليمي POESIE DIDCTIQUE الذي يذهب فيه الشعراء مذهب التعليم؛ ففي ديوانه مزدوجة ألفها في تاريخ الخليفة المعتضد. وقد ترك كثيرًا من المؤلفات في الأدب والشعر لعل أهمها كتابه: طبقات الشعراء المحدثين وكتاب البديع.
ويظهر من مجموع أخباره أنه لم يكن ينغمس في مؤامرات البلاط العباسي، وأنه اختار لنفسه عيشه المرفه الناعم مصاحبًا للأدباء والعلماء، ولو أنه مضى على ذلك لكان خيرًا له؛ غير أن النفس أمَّارة بالسوء، لذلك نراه حين يتوفى الخليفة المكتفي ويتولّى المقتدر سنة 295 للهجرة وتصبح أمه بمن حولها من النساء والخصيان هي التي تدير دفّة الحكم ترنو عينه إلى الخلافة، ويدبر مؤامرة مع بعض الرؤساء والكتاب في ربيع الأول سنة 296، فيخلع المقتدر ويتولى باسم المرتضي؛ غير أن ذلك لم يدم له سوى يوم وليلة، إذ تغلب على حزبه أصحاب المقتدر وأعادوه إلى كرسي الخلافة، واختفى ابن المعتز عند ابن الجصَّاص، غير أن أنصار المقتدر عرفوا مخبأه، فأخذوه وقتلوه في أول ربيع الثاني.
وإذا أخذنا نبحث في شعره وجدناه يدور حول ما كان ينعم به من رَافِهِ العيش، وعني خاصة بالغزل والخمريات ومجالس الشراب، ولم ينس خصوم أسرته من العلويين، فوجَّه إليهم تهديدات شديدة اللهجة، لكن ذلك يأتي عارضًا في شعره، ومثله مثل المزدوجة التاريخية. وله منظومة في ذم الصبوح، وهي أقرب إلى الهزل منها إلى الجد. وبونٌ بعيد بين نسيج الصياغة عنده وعند أبي تمام، وإن كان يطالعنا أحيانًا بشعر جزل رصين، ولكنا نحكم بالكثرة من عمله، وقد دافع عنه أبو الفرج الأصبهاني فقال:
وشعره وإن كان فيه رقة الملوكية وغزل الظرفاء وهلهلة المحدثين فإن فيه أشياء كثيرة تجري في أسلوب المجيدين ولا تقصُر عن مدى السابقين، وأشياء ظريفة من أشعار الملوك في جنس ما هم بسبيله، ليس عليه أن يتشبَّه فيها بفحول الجاهلية؛ فليس يمكن واصفًا لصبوح في مجلس شكل ظريف بين ندامى وقيان، وعلى ميادين من النَّور والبنفسج والنرجس ومنضود من أمثال ذلك، وفاخر الفرش ومختار الآلات ورقة الخدم أن يعدل بذلك عما يشبهه من الكلام السَّبْط السهل الرقيق الذي يفهمه كل من حضر إلى جَعْد الكلام ووحشيه وإلى وصف البيد و المهامه والظبي والظليم والناقة والجمل والديار والقفار والمنازل الخالية المهجورة، ولا إذا عدل عن ذلك، وأحسن قيل له مسيء ولا أن يغمط حقُّه كله إذا أحسن الكثير وتوسَّط في البعض وقصَّر في اليسير، وينسب إلى التقصير في الجميع، لنشر المقابح وطيِّ المحاسن؛ فلو شاء أن يفعل هذا كل أحد بمن تقدم لوجد مساغًا(5).
ونحن لا نشارك في الحملة على ابن المعتز؛ بل نحن نضعه في موضوعه الصحيح، فقد كان شاعرًا محسنًا؛ غير أنه كان أميرًا مترفًا، ولم يُتِحْ له ترفه أن يتعمق الثقافة والفلسفة على نحو ما تعمقهما أبو تمام، وهو كذلك لم يتعمق وسائل التصنيع الحديثة، فإنه لم يعرف العمق في شيء؛ إنما عرف اللهو والنعيم، وعبر عن ذلك أجمل تعبير بقوله:
شربنا بالكبيرِ وبالصغيرِ ... ولم نحفِل بأحداث الدهورِ
لقد ركضتْ بنا خيلُ الملاهي ... وقد طِرنا بأجنحة السرورِ
فحياته كانت مترفة ترفًا خالصًا، ومثل هذه الحياة لا تؤهل لتفكير عميق ولا لتعقيد في التفكير؛ إذ تقوم على الأشياء القريبة، وقلما تعب صاحبها في حياته العقلية والمادية.
وليس معنى ذلك أن ابن المعتز كان من ذوق الصانعين؛ فقد كان من ذوق المصنِّعين، فالتصنيع والزخرف أساسيان في حياته، وهما كذلك أساسيان في فنه. ويحدثنا صاحب الأغاني أنه بدت فيه منذ نشأته نزعة إلى الغناء والموسيقى ضاعفت حسه بالجمال كما ضاعفها ترفه ونعيمه، وذكر له كتبًا في الغناء(6)، كما ذكر له أدوارًا غنَّى فيها. وليس من شك في أن من يعيش مثل هذه المعيشة لا يمكن أن يكون ذوقه بسيطًا، فالترف لا يتيح بساطة في الحياة؛ بل هو يتيح ضربًا معقدًا من التصنيع في شئونها. والحق أن التصنيع كان مادة أصلية في حياته، وسرى منها إلى فنه؛ فهو يعيش في شعره كما يعيش في حياته معيشة تعتمد على التأنق والتنميق.
كان ابن المعتز شاعرًا مصنعًا من أصحاب مذهب التصنيع، وكان يعجب بهذا المذهب إعجابًا شديدًا دعاه إلى أن يكتب في أدواته وزخرفه كتابه البديع وهو يشهد له بأنه كان فنانًا عالِمًا يحسن وضع المصطلحات الفنية، ولكن ينبغي أن نعود فنقيِّد هذا الكلام؛ ذلك أن ابن المعتز لم يتعمق في فهم جوانب التصنيع وزخرفه عند أبي تمام، فهِمَ الزخرف الحسي: زخرف الجناس والطباق والتصوير والمشاكلة، ولكنه لم يفهم الزخرف العقلي، ولذلك لم يسقط في كتابه أي تعريف بلون من ألوانه سوى ما سماه بالمذهب الكلامي. و قد نقله عن الجاحظ دون فهم واضح له، وعابه بما فيه من تكلف(7) ولو أن ابن المعتز كان متعمقًا في فهم وسائل التصنيع وزخارفه، كما انتهت إليه عند أبي تمام لأغنانا عن بيانها ووصفها.
ولعلنا لا نبعد إذا قلنا: إن ابن المعتز هو الذي انحاز بالبديع العربي إلى الزخرف المادي، وجعله لا يهتم اهتمامًا واسعًا بالزخرف العقلي أو المعنوي الذي رأيناه عند أبي تمام؛ إذ لم يعرض في كتابه لدرس ألوان التصنيع القاتمة عنده، تلك التي كان يستنبطها من الفلسفة والثقافة ويحولها إلى ألوان زاهية مضيئة. كان ابن المعتز مختلفًا في ثقافته، وهو كذلك كان متخلفًا في فهم التصنيع الجديد الذي أحدثه أبو تمام، ومن ثَمَّ لم يستطع تفسيره في كتابه عن البديع، كما أنه لم يستطع تطبيقه في ديوانه؛ فقد وقف بعمله عند الزخارف الحسية.
واضطرب في موقفه من أبي تمام اضطرابًا شديدًا، فهو تارة يرفعه إلى الأفق الأعلى كما مرّ بنا في حديثنا عنه حين وازن بينه وبين البحتري، وتارة يتلومه لإسرافه في البديع، وقد ألف في محاسنه ومساويه رسالة احتفظ بها صاحب الموشح، ومن يرجع إليها يجد أنه إنما يعيب عليه بُعْده في التفكير وإغراقه في التصوير(8). وكانت هذه الرسالة إحدى الدعائم التي استند إليها خصوم أبي تمام في الحملة عليه من أمثال الآمدي. ورد عليهم أنصار أبي تمام من أمثال الصولي والمرزوقي.
وعلى هذا النحو لم يستطع ابن المعتز أن يفهم تصنيع أبي تمام حق الفهم، مع أن ذوقه فعلًا كان من ذوق المصنعين، ولكن حائلًا حال بينه وبين تغلغله فيه، وهو أنه كان أميرًا مترفًا من أبناء القصور الذين لا يتعمقون في الفَهم فوقف بتصنيعه عند الجانب الحسي، وعني خاصة بجانب التصوير وما يتصل بها من تشبيهات وأخيلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- معجم الأدباء 1/ 133
2-  أطت الإبل: أنت تعبًا أو حنينًا.
3-ديوان ابن المعتز طبعة القاهرة 2/ 56.
4- الديوان 1/ 25، 2/ 177، 120.  
 5- أغاني طبعة دار الكتب 10/ 274.
6- أغاني 10/ 276.      
 7- كتاب البديع ص53.
8- الموشح ص307.
 




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.