المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



المعلم الأول للطفل  
  
1348   03:14 مساءً   التاريخ: 2023-04-20
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص235 ــ 237
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

إن أول معلم يعلم الطفل دروس الحياة ويطبع على قلبه البريء وذهنه الصافي آثاراً إما حسنة أو سيئة ، هو الأب والأم . وأول عامل يجعل الطفل البري يتسم صفات إما حميدة او ذميمة ، ويولد فيه ميولاً ورغبات إما مباحة أو غير مباحة، هو التربية الاسرية.

فالطفل منذ ولادته ينمو ويترعرع جسماً وروحاً في محيط اسرته ، ويوضع الحجر الأساس لتركيبته الجسمانية والأخلاقية في أحضان أبويه ، لذا فإن المثقفين الواعين والحريصين من الآباء والأمهات هم القادرون على تربية أبناء أكفاء صالحين وتقديمهم للمجتمع، على عكس الجهلة والمهملين منهم الذين لا يقدمون إلى المجتمع سوى حفنة من الأشرار والفسقة.

إرساء قواعد الحياة:

«لا شك أن الطفل ربما تمكن في المستقبل من بناء شخصيته والانطلاق بها نحو المجد والعلا، ولكن قدره غالباً ما يكون مرتبطاً بأسلوب من يحتضنه ويرعاه في التربية، ويضع له القواعد الاولى لسلوكه وأخلاقه، ويجسم ويصور له اولى توقعاته بالنسبة للحياة».

الأسرة والتربية:

«ليس هناك أية تركيبة اجتماعية تؤثر في بناء الطفل مثل المنزل ، ففيه توضع قواعد الأخلاق. والمنزل الذي يسود فيه التفاهم والمحبة والألفة بين أفراده ، تتهيأ سبل الكمال بنحو أسرع ، ويؤخذ بيد الطفل نحو الاعتماد على النفس وتحقيق الجدارة والكفاءة ، وتنمية روح التفاهم وحب المسؤولية في نفسه. أما المنزل الذي ينعدم فيه التفاهم والمحبة والألفة بين أفراده فلا سبيل للكمال ، وفيه يشعر الطفل بأنه منبوذ من قبل الجميع ، وربما كان هذا سبباً في عدم تحركه في الحياة بثقة واطمئنان، أو أنه يصاب بصدمة خوف من كثرة ما يتعرض له من تهديد، فيتملكه الخوف من أدنى شيء، وهذا ما يجعله بعد فترة يخجل من نفسه، أو أنه يتلقى معاملة من أبويه يعجز معها عن التكهن بردة فعلهما إزاء الواقع ، وهكذا يعيش الطفل دائماً حالة عصبية ، أو أنه يصبح مجرد وسيلة يتنافس عليها أبواه، أو أنه يجد نفسه مرغماً على الدخول في منافسة عمياء للحصول على ما يبتغيه ، أو أنه يتوصل من خلال معاشرة من هم أكبر منه سناً إلى نتيجة خاطئة تقول بأن الحياة لا معنى لها إذا ما صرف الإنسان النظر عن تحقيق أمانيه وسد احتياجاته».

«والذين يولدون في منازل ووسط اسر كالتي أشرنا إليها آنفاً يطوون مرحلة الطفولة دخولاً إلى مرحلة البلوغ دون أن يكونوا أهلا لارتقاء سلم الكمال»(1).

بذور التربية:

إن قلب الطفل أشبه ما يكون بالأرض الخصبة المستعدة لاستقبال بذور أي نوع من النباتات، وتوفير مستلزمات النمو والنضج لها. والسلوك الصحيح أو الخاطئ للأبوين وأسلوبهما التربوي داخل الأسرة، بمثابة بذور تنثر في ضمير الطفل، لتنمو تدريجياً حتى تنضج وتثمر بعد أن يتكامل نموها وتفتّحها.

وتأتي ثمرة التربية الأسروية الحسنة أو السيئة على شكل رغبات إيجابية أو سلبية تستقر في ضمير ووجدان الشاب الذي لا يلبث أن يحثّ الخطى لإشباعها. أما نتائج التربية الأسروية فتكون على شكل صفات حميدة أو ذميمة يتسم بها الشاب وتكون أساساً له في معاشرة الناس.

______________________________

(1) كتاب العقل الكامل، ص 221. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.