أقرأ أيضاً
التاريخ: 22/11/2022
![]()
التاريخ: 2024-09-14
![]()
التاريخ: 2023-11-09
![]()
التاريخ: 24-10-2014
![]() |
إنّ الإيمان بصحة الوحي وكون القرآن حقاً يكون مشفوعاً بالإيمان بالرب المنزل للوحي، ومصحوباً بالاعتقاد بصحة دعوى المدعي للنبوة أيضاً؛ وذلك لأنه إذا كان القرآن هو كتاب الله عز وجل فإن المرسل به يكون نبي الله؛ كما أن الإيمان بصدق مدعي الرسالة يستلزم الاعتقاد بالرب الذي أرسله، ويكون مترافقاً مع الإيمان بصحة الرسالة التي جاء بها النبي المعهود.
وبما أنّ أهل الكتاب معتقدون بمبدأ نزول الوحي، أي الله سبحانه وتعالى، ومؤمنون بأصل الوحي والنبوة العامة، فإن الأمر الوارد في الآية محط البحث يكون موجهاً إليهم ضمن إطار الرسالة الخاصة فحسب؛ يعني إنهم قد أمروا بالاعتقاد بأحقية القرآن. أما الاعتقاد بالرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) ، فهو وإن كان من لوازم الإيمان بأحقية القرآن، وأنه قد طرح في بعض الآيات الأخرى، إلا أنه لم يُشَر إليه في محل البحث الحالي. من هذا المنطلق فإن إرجاع الضمير في قوله: {أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: 41] إلى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ينافي سياق الآية؛ كما أن إرجاعه إلى قوله: {لِمَا مَعَكُمْ} [البقرة: 41] وإن كان غير بعيد بل إنه مناسب بلحاظ القرب والانسجام اللفظيين، لكنه غير منسجم مع أصل وحدة السياق. من هنا فقد أرجع الطبري الضمير إلى قوله: {بِمَا أَنْزَلْتُ} [البقرة: 41] خاصةً معتبراً أن عوده إلى أيّ من المرجعين المذكورين بعيد (1).
والمقصود من قوله: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: 41] هو يا أهل الكتاب لا تسبقوا الآخرين في إنكار الإسلام والكفر به. فالمشركون قد ابتلوا بالكفر جراء عبادة الأوثان أما أنتم الذين آمنتم بربوبية الله عزّ وجل وبالملائكة والوحي والرسالة واليوم الآخر، فلماذا تكفرون بالقرآن والإسلام؟!
أما المراد من الأولية في الكفر فهي الأولية الرتبية وليس الزمانية؛ وذلك لأن القرآن قد عُرض للمرة الأولى في مكة (وهي محل إقامة المشركين)، وأن أول الكافرين به من الناحية الزمانية كانوا عباد الأوثان في مكة ومشركيها. فمن باب أن الكفر بعد إقامة الحجة والبرهان هو كفر فاحش وجلي فإنّه يُقال له "الكفر الأول"؛ كما يُقال لمن يكثر من الكذب أول كاذب، ولمن تمادى في الفسق "أول فاسق".
وتوضيح ذلك هو أن غير أهل الكتاب لم يكن أمامهم إلا معجزة القرآن الذي كان يدعوهم إلى أصل قبول الدين، بيد أن أهل الكتاب مضافاً إلى معجزة القرآن، فقد قبلوا بأصل النبوة العامة وشاهدوا معاجز الأنبياء السالفين أي التوراة والإنجيل فإن كفروا على الرغم من ذلك فسيكون كفرهم أشد وسيصبحون هم "أول الكفّار".
على الرغم من أن لسان {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: 41] هو لسان نهي، إلا أنه ينطوي على الأمر بالسبق إلى الإيمان أيضاً؛ نظير الأمر بالاستباق إلى الإيمان والمسارعة إليه بمعنى: أنه حري بكم أن تكونوا أول المؤمنين بالقرآن قبل غيركم؛ لأن لكم بينتين ولهم بينة واحدة؛ فإن موضعكم هو في مقابل القرآن والتوراة والإنجيل، وأنتم تعرفون نبي الإسلام كما تعرفون أبناءكم: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] ، وذلك لأنكم تجدون كل خصاله مكتوبة عندكم في التوراة والإنجيل: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157]، أما الآخرون فهم في مقابل القرآن فحسب.
الوجه الآخر لأولية أهل الكتاب في الكفر هو أن كفر علمائهم - ما يتمتعون به من نفوذ وما يحوزونه من اهتمام وثقة العوام من أهل الكتاب سيشكل سُنّة تحتذى وأسوة تتبع من قبل سائر أهل الكتاب، فيكون هؤلاء - في الواقع - قادة الكفر وبالتالي فإنّهم يصبحون قادة لعذاب جهنم؛ كما جاء في حق فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود: 98]، وبما أنهم قد أسسوا لسنة الكفر في الأمة فما دامت هذه السنة باقية فإن الأوزار الناشئة عن العمل بها ستحيق بمؤسسي هذه السنة دون أن يُبَراً من الآخرون منها: "من سنَّ سُنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى القيامة" (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جامع البيان، ج ۱، ص۳۳۲-۳۳۳ .
(2) مجمع البيان، ج۱-۲، ص ۲۰۹؛ وتفسير نور الثقلين، ج۱، ص۷۳.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
بالصور: تزامنا مع ختام فعالياته.. ممثل المرجعية العليا يشارك في المحفل القرآني المركزي في الصحن الحسيني الشريف
|
|
|