المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02
الجبال الالتوائية الحديثة
2024-11-02
الامطار في الوطن العربي
2024-11-02
الاقليم المناخي الموسمي
2024-11-02
اقليم المناخ المتوسطي (مناخ البحر المتوسط)
2024-11-02



حالات إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري أمام المحكم  
  
830   11:12 صباحاً   التاريخ: 22/11/2022
المؤلف : خليل ابراهيم محمد خليل
الكتاب أو المصدر : تكامل مناهج تنازع القوانين
الجزء والصفحة : ص340- 375
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

إن المحكم الدولي و على خلاف القاضي الداخلي يجهل التفرقة بين القواعد ذات التطبيق الضروري في قانون القاضي، والقواعد ذات التطبيق الضروري في نظام قانوني آخر، فهو لا يعرف سوى التفرقة بين هذه القواعد في قانون العقد 'Lex contractus"، وفي نظام قانوني آخر. وفي إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري أمام التحكيم التجاري الدولي نجد جوانب كثيرة للتكامل بين المنهجين من خلال اعتماد المحكم على منهج قاعدة الإسناد في إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري، فهي إن كانت جزءا من القانون واجب التطبيق فإعمالها يتم من خلال قاعدة الإسناد التي أعطتهم الحرية في اختيار هذا القانون، وفي حالة عدم الاختيار فان المحكم سيختار هذا القانون في كثير من الأحيان اعتمادا على قواعد الإسناد، وفي إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية عن قانون العقد، فلن يكون المحكم بعيدا عن عناصر الارتباط بين هذه القواعد وبين النزاع و هي الطريقة المتبعة في منهج الإسناد في البحث عن القانون المرتبط بالنزاع.

وإن القواعد ذات التطبيق الضروري أمام التحكيم، إما أن تكون جزءا من قانون العقد، وإما أن تكون أجنبية عنه، ونتناول هاتين الحالتين في بندين وكالاتي:

أولا: القواعد ذات التطبيق الضروري التي تكون جزءا من قانون العقد: يعالج المحكمون مشكلة تدخل القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من قانون العقد على وفق ما إذا كان هذا القانون هو المختار من جانب أطراف العلاقة، أو أن المحكم هو الذي اختاره في حالة غياب اختيار الأطراف للقانون واجب التطبيق:

أ. اختيار الأطراف لقانون العقد: لا توجد صعوبة فيما لو كانت القواعد ذات التطبيق الضروري منتمية إلى القانون واجب التطبيق على النزاع، إذ يكون إعمالها متوافقة مع إرادة الأطراف، ومن ثم فلا تشكل هذه القواعد أي مفاجأة لهم (1). فالقانون واجب التطبيق إذا كان هو المختار من قبل الأطراف فان المحكم سوف يلتزم بتطبيقه بما في ذلك القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من هذا القانون (2) مالم تتعارض هذه القواعد مع النظام العام الدولي بالمعنى الحقيقي (3) لان إعمال هذه القواعد لاتشكل مفاجأة للمتعاقدين ولا تخل بتوقعاتهم المشروعة، ومن ثم فان المسائل التي تثيرها القواعد ذات التطبيق الضروري التي تكون جزءا من قانون العقد الذي تم تحديده من قبل الأطراف تكون مشابهة لتلك المسائل المتعلقة بالنظام العام الداخلي لهذا القانون إلا أن هذا التشابه ليس تاما أو كاملا، ومن ثم فمن المتصور أن يرفض المحكم إعطاء أثر للقواعد ذات التطبيق الضروري في القانون الذي اختاره الأطراف في حالة تعارضه مع النظام العام الدولي الحقيقي(4). فنظرة لان المحكم يستمد سلطته من اتفاق الأطراف فانه يصبح ملزم بمراعاة القواعد ذات التطبيق الضروري التي تعد جزءا من القانون واجب التطبيق الذي اتفق الأطراف على تطبيقه  (5).

ويعتقد أن القانون المختار بمعرفة الأطراف يتوافق مع توقعاتهم المشروعة(6) بما في ذلك القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من هذا التشريع المختار، ويبدو أن القواعد ذات التطبيق الضروري التي تنتمي إلى القانون المختار تكون لها الصدارة على سائر قوانين البوليس ذات التطبيق الضروري الأخرى، وإذا كان للأطراف حرية اختيار القانون الذي يحكم علاقتهم فان ذلك مشروط بوجوب احترام القواعد الآمرة الدولية - القواعد ذات التطبيق الضروري- لأولوية المصالح العامة على المصالح الخاصة (7). إلا أن تطبيق هذه القواعد يجب أن يستجيب إلى توقعات الأطراف المشروعة، ومن ثم فان للمحكم أن يستبعد قوانين البوليس المفروضة بطريقة توسعية متى كانت هذه التشريعات تتعلق بمكان تنفيذ الحكم إذ تنتفي مشروعية الحاجة إلى تطبيقها(8).

وإذا كان من حق الأطراف في التحكيم التجاري الدولي تحديد أو تقييد مجال تطبيق القانون الذي تم اختياره من قبلهم باستبعاد بعض الشروط في عقدهم من هذا القانون فيما إذا كانت باطلة، لأنه باستطاعة هؤلاء الأطراف اختیار قانون آخر يعد مثل هذه الشروط صحيحة، فانه يرد تساؤل مهم في هذا الجانب وهو هل بإمكان الأطراف استبعاد القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من القانون المختار؟

اختلف الفقه في هذه المسألة فذهب رأي (9) إلى القول بعدم إمكان ذلك لان طموح القواعد ذات التطبيق الضروري هو ضبط العملية التعاقدية. في حين يذهب جانب آخر (10) إلى أن الأطراف عندما يستبعدون مثل هذه القواعد من نطاق قانون العقد فعلى المحكم أن يعلن عدم اختصاصه.

ويعتقد من جانبنا بان هناك قيودا ترد على مبدأ حرية الأطراف لاختيار قانون العقد أمام التحكيم الدولي وعلى وجه الخصوص القيود التي تتعلق بالنظام العام في دولة التنفيذ، كما يجب في الوقت ذاته مراعاة القواعد ذات التطبيق الضروري التي تفرض في مجال العقد التزامات قانونية تنأى عن مبدأ قانون الإرادة، فهذه القواعد يجب احترامها استنادا إلى أولوية المصالح العامة على المصالح الخاصة للأطراف(11). ونعتقد بان هذه القواعد يجب تطبيقها في كل الأحوال مع التحفظ بخصوص قيد النظام العام - وأن الرأي الذي يقول باستبعادها لأنها تخالف التوقعات المشروعة للأطراف تراه غير جدير بالتأييد، إذ كيف يختار الأطراف قانونا يخل بتوقعاتهم المشروعة؟ بل أن إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءأ من القانون المختار هو الذي يتفق والتوقعات المشروعة للأطراف (12).

وهو ما ذهبت إليه محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس (13)" إذ نص اتفاق التحكيم على تطبيق القانون الفرنسي، إلا أنه تضمن وجوب استثناء القواعد رقم 75-175 من القانون الفرنسي لسنة 1975 إذ كانت هذه القواعد تنص على حماية المقاول من الباطن من آثار إفلاس المقاول الرئيسي. ولاحظ المحكمون في هذه القضية انه حتى في حالة التحكيم الدولي يجب عدم الأخذ باتفاق الأطراف إذا كان ذلك الاتفاق يؤدي بالنتيجة إلى سمو الاتفاق فوق القواعد الآمرة في القانون الداخلي.

وبالنتيجة يمكن القول بأن مسألة حرية الأطراف المطلقة باختيار القواعد القانونية التي س تحكم نزاعهم هي بلا شك محل جدل، إذ لا يجوز للأطراف انتقاء نصوص أو أجزاء معينة من القانون يرغبون في تطبيقها ويستثنون أجزاء أخرى، إذ عندما يقوم الأطراف باختيار قانون معين لحكم النزاع فان ذلك يجب أن يشمل تلقائيا تطبيق المحكم لذلك القانون ككل، بما في ذلك جميع القواعد الآمرة التي يتضمنها ذلك القانون، فضلا عن ذلك فان أطراف النزاع و المحكمين لا يتمتعون بسلطة تخولهم أستثناء تطبيق ما وجده المشرع في دولة معينة ملزمة وواجب التطبيق على الأحوال والدعاوی كافة. وبالنتيجة فان هناك حدودا تقيد مبدأ سلطان إرادة الأطراف وحريتهم في أختيار القانون واجب التطبيق، وهذا يسري حتى على عمليات التحكيم التجاري الدولي، وهنا تبرز مسؤولية المحكم في تغليب أولوية حماية المصالح العامة على حماية المصالح الخاصة بأطراف النزاع (14).. إذ تسند هذه الفكرة إلى طبيعة التزام المحكم بصفته الحامي لنظام التجارة الدولية، ومن ثم يتوجب عليه أن يستبعد اتفاق الأطراف الذي يؤدي إلى إهمال مراعاة أحكام النظام العام الخاصة بالقانون الذي له ارتباط وثيق بالنزاع وذلك عندما تكون تلك الأحكام جزءا من النظام العام الدولي.

وبهذه المثابة وبقدر تعلق الأمر بالتكامل بين المنهجين فانه لا توجد ذاتية و استقلالية لهذا المنهج عن منهج قاعدة الإسناد في هذا الفرض، أي إذا كانت القواعد ذات التطبيق الضروري تشكل جزءا من القانون الذي اختاره الأطراف لان اختيار الأطراف القانون ما يتم بموجب منهج الإسناد الذي يسمح لهم بهذا الاختيار (15) ومن ثم فان هذا المنهج ينطبق هذا من خلال منهج قاعدة الإسناد.

ب. اختيار المحكم لقانون العقد (16): يجهل المحكم كما مر بنا مفهوم القانون المختص لحكم العقد أي أنه ليس له قانون اختصاص (17)، وكنتيجة لذلك إذا لم يختر الأطراف قانون العقد، فأن جميع القواعد ذات التطبيق الضروري القابلة للتطبيق على العقد تكون على قدم المساواة أمام المحكم التجاري الدولي (18). ومن البديهي القول انه في حالة عدم اختيار الأطراف للقانون واجب التطبيق فان المحكم سوف يختار هذا القانون وفقا الوسائل المتاحة له في هذا الاختيار(19). ومن ثم فإذا كانت القواعد ذات التطبيق الضروري تدخل في قانون العقد فان هذا الأمر لا يشكل صعوبة عملية، فعندما يتحقق المحكم من القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع فانه سوف يعطي أثر، أو فاعلية للقوانين ذات التطبيق الضروري المنتمية إلى هذا القانون لان تطبيق هذه القواعد لا يشكل مفاجأة للمتعاقدين، وتذهب قرارات التحكيم إلى إعطاء أثر أو فاعلية للقانون ذي التطبيق الضروري الذي ينتمي إلى قانون العقد(20). ولكن ماذا لو أدى إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري في قانون العقد إلى إبطال الشروط التعاقدية المخالفة؟.

لم يتردد المحكمون في إيطال هذه الشروط، إذ ينبغي للمحكم احترام العقد عندما تتفق بنوده م ع القانون واجب التطبيق بما يتضمنه من قواعد ذات تطبيق ضروري، من ذلك الحكم الصادر عن غرفة التجارة الدولية في باريس (21) الذي يتعلق باتفاق بين شركة برازيلية وشركة ألمانية يتضمن دفع فائدة تأخير قدرها (40%) وعندما ثار النزاع بين الطرفين اعترضت الشركة البرازيلية على قيمة الفائدة، وقد رفض المحكمون إعطاء أثر لهذا الاتفاق التعاقدي وبينوا أن قيمة الفائدة لا يمكن أن تزيد عن الحد الأعلى المنصوص عليه في الأحكام الإلزامية للقانون واجب التطبيق وهو القانون البرازيلي (22).

وعلى المحكم حتى في حالة اختياره قانون العقد وفقا للوسائل المتاحة أمامه في هذا الاختيار أن يعطي أثر، أو فاعلية للقواعد ذات التطبيق الضروري المرتبطة بالنزاع، على اعتبار انه لا يملك قانون اختصاص ومن ثم فالقواعد ذات التطبيق الضروري تكون أمامه على قدم المساواة، وهذا ما يظهر من خلال بعض أحكام التحكيم، ففي حكم للتحكيم صادر من غرفة التجارة الدولية بباريس (23) يتعلق بنزاع بخصوص عقد يتعين تنفيذ جزء منه في كوريا وجزء منه على إقليم المجموعة الاقتصادية الأوربية، فحص المحكم إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الكورية على العقد وقواعد معاهدة روما في مادة المنافسة قبل أن يحدد القانون واجب التطبيق على العقد، وفي هذه القضية ميزت هيئة التحكيم بين القانون الخاص واجب التطبيق على الاتفاق التعاقدي من جهة، وقواعد القانون العام التي يجوز تطبيقها من جهة أخرى، وفي هذه القضية اتفق الطرفان على أن ينفذ جزء من العقد في كوريا، لذلك مهما كان القانون الخاص الوطني واجب التطبيق على الاتفاق التعاقدي، فان الاتفاق التعاقدي يتأثر بالقانون العام الكوري، لذلك يتعين على محكمة التحكيم فيما إذا كان هذا القانون هو واجب التطبيق على الاتفاق التعاقدي، وفي كل الأحوال فان القانون العام الوطني الذي يدعي المدعى عليه تطبيقه في هذه القضية يعتبر بطبيعته من النظام العام، ويعتمد تطبيق مثل هذه القوانين العامة القوانين المتعلقة بالأسعار عادة على اعتبارات النظام العام. وكان الاتفاق التحكيمي يتضمن فقرات لا يجيزها القانون الكوري فيما يتعلق بالقوانين العامة الوطنية، وكذلك تتعارض مع قواعد المنافسة في اتفاقية روما التي تعد من النظام العام، ومن ثم يتعين على هيئة التحكيم بان تأخذ في الاعتبار تطبيق قواعد المنافسة الواردة في اتفاقية روما (23). وبخصوص القانون واجب التطبيق قرر المحكم أن القانون الكوري هو قانون العقد لان الجزء الأكبر منه ينفذ في كوريا، مع مراعاة أن انتماء القواعد ذات التطبيق الضروري الكورية إلى قانون العقد لا يخولها أي تطبيق خاص أي أنها ستطبق علی قدم المساواة مع القواعد ذات التطبيق الضروري الأخرى، فالقواعد ذات التطبيق الضروري المنتمية إلى قانون العقد تطبق على قدم المساواة مع القواعد ذات التطبيق الضروري التي تطمح إلى التطبيق على اتفاق الأطراف  (24)

ومن ثم فليس هناك استقلال لهذا المنهج عن منهج قاعدة الإسناد فالمحكم سوف يقوم بإعمال القواعد ذات التطبيق الضروري التي تكون جزءا من قانون العقد الذي اختاره المحكم، واختيار المحكم لهذا القانون غالبا ما يكون عن طريق قواعد الإسناد، وفقا للوسائل المتاحة أمامه .

ثانيا: القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية عن قانون العقد، فيما يتعلق بالقواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية فيمكن للمحكم أن يأخذ هذه القواعد بنظر الاعتبار ويمكن أن يطبقها، ويضرب بعض الفقه (25) مثالين لبيان ذلك: المثال الأول: يتعلق ببنك سويسري أعطى قرضا بالدولار الأمريكي لشركة برتغالية ويخضع عقد القرض للقانون الانكليزي، على أن يجري التحكيم في زيورخ ولم تسدد الشركة البرتغالية قيمة القرض مدعية أنها لم تحصل على الترخيص بتحويل المبلغ من سلطات مراقبة النقد البرتغالية. المثال الثاني: اتفقت شركة ايطالية وأخرى ألمانية في العقد المبرم بينهما أنه في حالة نشوء نزاع يعرض على التحكيم، وتم الاتفاق على أن يكون مكان التحكيم في جنيف وان القانون السويسري هو القانون وأجب التطبيق على النزاع، وكان هذا العقد يتعارض مع نصوص قانون المنافسة في اتفاقية روما والتي تعد قواعد آمرة في كل من القانونين الايطالي والألماني.

ففي هذين المثالين نلاحظ أن القوانين الأجنبية عن قانون العقد القانون البرتغالي وقانون المنافسة في اتفاقية روما- تؤثر في العقد نظرا لأنها قواعد آمرة هدفها هو عدم السماح للأطراف باستبعادها.

ففي المثال الأول فان المدين البرتغالي الذي تمسك برفض السلطات البرتغالية الإذن له بتحويل مبلغ القرض لكي يبرر تخلفه عن الوفاء، لم يطلب من المحكم إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري في القانون البرتغالي كأساس لهذا الرفض وكل ما أراده أن يأخذ المحكم هذه القواعد بنظر الاعتبار على الرغم من أن القانون الانكليزي هو القانون واجب التطبيق على العقد، فالمحكم عليه أخذ هذه القواعد بنظر الاعتبار. وغالبية أحكام التحكيم التي اتجهت إلى أخذ القواعد ذات التطبيق الضروري بنظر الاعتبار أرادت أن تصل إلى إعفاء المدين من التزامه التعاقدي الذي يفرضه قانون العقد على أساس القوة القاهرة المترتبة علی إعمال هذه القواعد (26)

وأحيانا أخرى بدلا من أخذ هذه القواعد بنظر الاعتبار فأن المحكم يطبق مثل هذه القواعد، ففي المثال الأول لو أن المدين البرتغالي لم يتمسك باستحالة التحويل الناتجة عن رفض السلطات المعنية بالصرف الإذن له بذلك، ولكن تمسك ببطلان عقد القرض. فهل باستطاعة المحكم أن يحكم ببطلان عقد خاضع للقانون الانكليزي عن طريق إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري البرتغالية؟ وفي المثال الثاني هل يمكن للمحكم إبطال عقد خاضع للقانون السويسري طبقا لأحكام اتفاقية روما فيما يخص المنافسة؟.

يجيب جانب من الفقه(27) انه من الضروري التفرقة بين ما إذا كان الأطراف قد اختاروا القانون واجب التطبيق، وبين ما إذا كان المحكم هو الذي اختاره أ. اختيار الأطراف لقانون العقد: فعند اختيار الأطراف لقانون العقد، فالمبدأ الذي بمقتضاه يلتزم المحكمون به هو تطبيق القانون الذي اختاره الأطراف، واستبعاد القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية عن هذا القانون، وهناك أمثلة الأحكام التحكيم بهذا الصدد، ففي حكم المحكمة تحكيم غرفة التجارة الخارجية الجمهورية ألمانيا الديمقراطية، كان المحكم مطالبة بإبداء رأيه حول شرعية عقد ترخيص ابرم بين شركة من جمهورية المانيا الشرقية، وشركة من جمهورية المانيا الغربية، واتفق طرفا العقد على تطبيق قانون المانيا الشرقية، وقد تمسكت الشركة التابعة لجمهورية المانيا الغربية بقانون دولتها الذي يؤكد حرية المنافسة للانتهاء إلى أن العقد باطل و مخالف لنصوص قانون المنافسة في دولتها، ومخالف كذلك لنص المادة (80) من معاهدة روما والتي تعد من القواعد ذات التطبيق الضروري التي لا تنتمي إلى قانون العقد. وقد ذهب المحكم إلى أن تقرير شرعية العقد طبقا لقانون جمهورية المانيا الشرقية كونه القانون واجب التطبيق، وان بطلان عقد الترخيص لا يمكن أن ينتج من نص المادة (20) من القانون الذي يخص الممارسات المقيدة التجارة في جمهورية المانيا الشرقية ولا من نص المادة (80) وما يليه من معاهدة روما للمجموعة الأوربية، وإنما من نص المادة (306) من القانون المدني لجمهورية ألمانيا الشرقية التي تنص على أن العقد الذي يستحيل تنفيذه بعد باطلا

أما فيما يتعلق بإبداء الرأي حول شرعية عقد الترخيص طبقا لقانون جمهورية المانيا الغربية، فقد ذهبت محكمة التحكيم إلى أن هذه النصوص يجب ألا تؤخذ بعين الاعتبار، إلا إذا جعلت تنفيذ العقد مستحيلا وانه كان يجب على المدعى عليه أن يثبت وجود استحالة مادية حتى يمكن إبطال العقد وفقا لقانون المانيا الشرقية، وهكذا اعتبر المحكمون أن آثار إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري التي تكفل حرية المنافسة في المانيا الغربية، هي مجرد آثار مادية يتعين إثباتها حتى تدخل في الاعتبار عند تطبيق المادة (306) من القانون المدني لجمهورية المانيا الشرقية.

وبما أن المدعى عليه الذي يتمسك بهذه الآثار لم يقم الدليل على الإستحالة المادية، فقد انتهت المحكمة إلى الحكم بصحة العقد على الرغم من انه كان باط، ولو أن المحكمة ذهبت إلى إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية لكانت قد انتهت بناء على ذلك إلى إيطال العقد لأنه يترتب بداهة على إبطال العقد استحالة التنفيذ(28).

ومن وجهة نظر جانب من الفقه (29) فان المحكم نادرا ما يشير في حكمه إلى أن عدم إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري يرجع إلى كونها قاعدة ذات تطبيق ضروري أجنبية عن قانون العقد، وان تحديد قانون العقد لا يستتبع بالضرورة أن الأطراف قد قصدوا أستبعاد كل القواعد ذات التطبيق الضروري المحتملة، ويفضل المحكمون الإشارة إلى أن القواعد ذات التطبيق الضروري المعنية لا تملك في كل الأحوال جدية في التطبيق. ومثال ذلك الحكم الصادر في سنة 1981 من المحكمة التحكيمية في روتردام ويتعلق الأمر بمدى قابلية قوانين الرقابة على الصرف النمساوية للتطبيق على عقد بيع أبرم بين مشتري هولندي وبائع نمساوي، وكان القانون الهولندي هو القانون واجب التطبيق، وانتهى المحكم إلى عدم تطبيق القانون النمساوي، إلا أن المحكم لم يستند إلى مبدأ عدم قابلية قانون البوليس الأجنبي عن قانون العقد للتطبيق، بل استند إلى أنه لا يوجد أي سبب جدي لتطبيقه، ويمكن الاستنتاج من هذا الحكم انه يمكن للمحكم أن يطبق قانون البوليس الأجنبي عن قانون العقد عندما يكون هناك سبب جدي لتطبيقه  ويلاحظ أن الاتجاه العام لدى المحكمين في التجارة الدولية هو الأخذ في الاعتبار قانون ذو تطبيق ضروري في نظام قانوني آخر غير النظام القانوني للعقد، أي أنه يقوم بتقدير الآثار المترتبة على تدخل القانون ذي التطبيق الضروري على التزامات الأطراف، فهو لا يطبق القانون بل يضعه في الاعتبار، إلا انه في بعض الأحيان يلجأ المحكم إلى تطبيق مثل هذا القانون خصوصا في دولة التنفيذ، وهو ما ذهب إليه المحكم في حكم صادر من غرفة التجارة الدولية بباريس (30) إذ ذهب إلى أن قانون بوليس مكان تنفيذ العقد يجب احترامه باستقلال تام عن القانون الذي يحكم العقد، وكان ذلك بصدد عقد ينبغي تنفيذه في لبنان وسوريا، والأردن، ومن المؤكد أن المستورد اللبناني كان سيحترم قوانين البوليس في الدولة المستوردة، ومن ثم لا يصح المصدر الياباني الادعاء بأنه لا يجوز التمسك بهذه القوانين في مواجهته، وأضاف المحكم أن كل تاجر يبيع منتجاته في دولة أخرى يكون ملزمة باحترام قوانين البوليس في الدولة المستوردة للبضاعة، ولا يمكنه الادعاء بأنه يجهل هذه القواعد أو عدم الخضوع لقوانين البوليس أو تلقواعد المتعلقة بالاستيراد في هذه الدولة وبصفة خاصة عندما تكون هذه القواعد سارية في لحظة توقيع العقد (31)

وفي أجتهاد تحكيمي آخر(32). أشار المحكم إلى وجوب احترام قواعد النظام العام المنتمية إلى قانون مكان التنفيذ، وقواعد البوليس لا تشذ عن هذه القاعدة. وفي قرار تحكيمي أخر (33) کان المحكمون أكثر وضوحا وحزمة عندما أكدوا وجوب احترام قواعد النظام العام الدولي، ومنها قواعد البوليس في قانون مكان التنفيذ. وذلك عندما قضوا بوجوب ألا يصدر المحكمون قرارا يتعارض مع النظام العام الدولي وبصورة خاصة قوانين البوليس.

فتعدد قوانين البوليس التي تنتمي إلى نظام قانوني غير قانون العقد يحدد من نطاق قانون الإرادة المختار من قبل الأطراف، ذلك أن تشريعات البوليس ذات التطبيق الضروري تمثل قيودا منيعة على إرادة الأطراف في العلاقات الخاصة الدولية التي قد ترتبط بعدة دول مختلفة، وأختيار قانون الإرادة مؤداه تطبيق هذا القانون برمته أي ما ينطوي عليه من قواعد آمرة لا يمكن تجنبها أو تفاديها، هذا ويتعين تطبيق قواعد البوليس ذات التطبيق الضروري الأجنبية، التي لا تشكل جزءا من القانون واجب التطبيق على العلاقة متى كانت لهذه القواعد إرادة جدية في التطبيق وعلى صلة بالنزاع، وقد خلصت بعض الأحكام التي طبقت قوانين البوليس التي لا تشكل جزءا من النظام القانوني واجب التطبيق على العلاقة إلى فسخ العقد وإعفاء المدين من تنفيذ التزامه التعاقدي بسبب قيود النقد السارية في بلد البائع باعتبارها بمثابة القوة القاهرة (34).

فمن الخطأ الاعتقاد أنه بمقتضى شرط تعاقدي يمكن التخلص من قيود قوانين البلد الذي توجد فيه البضاعة أو الذي يجب أن تتم فيه المدفوعات، وقد اعتدت قوانين التحكيم العديدة بقوانين البوليس ذات التطبيق الضروري في قانون مكان التنفيذ، وفي قانون محل إقامة المدين، وقانون البوليس للدولة الطرف في عقود الدولة بوصفها تشكل رابطة وثيقة بالعقد، وغني عن البيان أن قانون المكان المفترض فيه تنفيذ حكم التحكيم تبدو له أهمية بهذا الصدد، ومن هذا القبيل قواعد الاستيراد والتصدير والرقابة على النقد وحماية المستهلك، وقانون ضرائب مكان التنفيذ، فمخالفة هذه القواعد أو تجاهلها يؤدي إلى استحالة تنفيذ حكم التحكيم ومن ثم يجرد الحكم من فعاليتها (35).

ب. اختيار المحكم لقانون العقد: أما إذا كان القانون واجب التطبيق قد تم تحديده من قبل المحكم، فان القوانين الوطنية وغير الوطنية بالنسبة إليه تكون على قدم المساواة، نظرا لعدم توافر قانون اختصاص للمحكم، لذلك لا اعتراض على المحكم في تطبيق قانون بوليس أجنبي عن القانون الذي سيحدده المحكم، وغالبا ما يتعلق الأمر بقوانين البوليس في الدولة المطلوب تنفيذ الحكم فيها، إذ يستند المحكمون إلى مبدأ الفاعلية عن طريق تطبيق قاعدة البوليس التي تنتمي إلى قانون الدولة التي يتوقع المحكمون أن الحكم سينفذ على إقليمها، إذ سيرفض القضاء في هذه الدولة الأمر بتنفيذ الحكم فيما لو كان قد تجاهل قاعدة البوليس الأمرة التي ينطوي عليها قانونها لمخالفته في هذا الفرض للنظام العام في دولة التنفيذ مما يجرد حكم التحكيم فاعليته (36).

ولا يكون للقواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية عن القانون واجب التطبيق أي اعتبار ما لم تكن هناك صلة وثيقة بين تلك القواعد والمنازعة (37)إذ يشترط لتطبيق قوانين البوليس الأجنبية (38) أن تكون هناك صلة وثيقة بينها وبين النزاع المطروح أمام التحكيم، وبمعنى آخر على المحكم أن يتأكد من الصلة الوثيقة بين الوضع المتنازع عليه، والقانون الداخلي للدولة المنبثق عنها قانون البوليس كما لو كان هذا القانون منتمية إلى قانون مكان التنفيذ، أو مكان إجراء التحكيم، أو قانون دولة طرف في العقد وثمة قاعدة بوليس منتمية إليها تستدعي تطبيقها، وفي حالة عدم توافر هذه الصلة بين الوضع المتنازع عليه وقواعد البوليس فلا مجال لتطبيقها، لذلك نجد أن المحكمين في إحدى القضايا التحكيمية أستبعدوا القانون النمساوي المتعلق بالرقابة على صرف العملات لأنه لم يكن له صلة وثيقة بالنزاع تبرر تطبيقه  (39). وتشترط بعض القوانين (40) والاتفاقيات (41) وجود صلة وثيقة بين قانون البوليس الأجنبي وموضوع النزاع حتى يكون بالإمكان تطبيقها  (42).

كما يشترط لتطبيق قواعد البوليس الأجنبية التأكد من مشروعية المصلحة التي يستهدف قانون البوليس تأمينها وحمايتها، إلا أن المصلحة المحمية قد تكون مشروعة ويستهدف القانون حمايتها بوسائل غير مشروعة مما يدفع المحكم إلى استبعاد قوانين البوليس استنادا إلى هذه الحجة(43). فمشروعية المصلحة المحمية كشرط لتطبيق قوانين البوليس الأجنبية، يمكن أن نستنتجها من بعض نصوص القوانين والاتفاقيات الدولية، فالقانون الدولي الخاص السويسري (44). يشير صراحة إلى مشروعية المصلحة والهدف من القانون الذي يستدعي تطبيقه، كما أن اتفاقية روما(45) تشير على القاضي بأن يأخذ باعتباره موضوع وطبيعة ونتائج تطبيق أو عدم تطبيق قوانين البوليس الأجنبية، كما أن توصيات معهد القانون الدولي (46) المتعلقة بسلطان إرادة الأطراف في العقود الدولية تجيز الأخذ بقوانين البوليس الأجنبية متى كانت تستهدف غايات مقبولة من قبل المجموعة الدولية. وإذا كانت هذه النصوص قد وضعت لغرض تطبيقها من قبل القضاء إلا أن هذا لا يمنع من ضرورة اشتراطها أمام المحكم التجاري الدولي.

فثمة توجه في إطار القانون الدولي الخاص نحو تقرير مشروعية القانون الأجنبي أي قانون البوليس عندما يتخذ هذه الصفة شرطا لتطبيقه، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالمرجع الذي على أساسه تتحدد مشروعية المصلحة المحمية من قبل القوانين ذات التطبيق الضروري؟

يبين جانب من الفقه (47) أن الواقع العملي يشير إلى أن تقدير هذه المشروعية يتم إما وفقا للقانون المختار أو وفقا للنظام عبر الدولي.

إذ عمد المحكمون في بعض القرارات التحكيمية إلى اعتبار أن القانون واجب التطبيق على العقد يعد بمثابة قانون اختصاص لهم تتحدد في ضوئه مشروعية المصلحة المحمية من عدمها ففي قرار تحكيمي(48) ذهب المحكمون إلى أن تقدير الهدف المبتغى من قانون البوليس الأجنبي في ضوء المفاهيم القانونية السويسرية، كون القانون السويسري هو القانون واجب التطبيق ومستندين في ذلك إلى نص المادة (19) من القانون الدولي الخاص

السويسري التي تجيز تطبيق قوانين البوليس الأجنبية. ويشير جانب من الفقه(49) إلى أن تقدير هذه المشروعية يتم باللجوء إلى مفاهيم النظام العام عبر الدولي، ويقررون أنه يجب على المحكم تطبيق قواعد البوليس الأجنبية بشرط ألا تكون متعارضة مع النظام العام الدولي الحقيقي أي عبر الدولي، فالمحكمون ليس لهم قانون اختصاص خاص بهم، يقررون في ضوئه مشروعية تطبيق قوانين البوليس الأجنبي كما يفعل القاضي الوطني عند تقدير مشروعية تطبيق القانون الأجنبي في ضوء قانونه.

ويعتقد أن مشروعية المصلحة يجب أن تتقرر وفقا لقانون العقد المختار على ألا تكون متعارضة مع النظام العام الدولي الحقيقي.

وخلاصة القول فان حرص المحكم على فعالية حكمه يقتضي منه ذلك مراعاة نظم قوانين البوليس الداخلية المرتبطة بالنزاع حتى في مكان التحكيم وعلى الأخص ما يتعلق منها بقانون الدولة التي يتم فيها تنفيذ الحكم(50). والواقع العملي (51) يفرض على المحكم عادة واجب مراعاة القواعد الآمرة في عدة قوانين، كقانون مكان التحكيم، ونجد أن المادة (5/1/هـ) من اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية لعام 1958 تتضمن حكما يؤيد هذه النظرية(52). إذ أن عدم مراعاة القواعد الآمرة لدولة مكان التحكيم قد يعرض الحكم للبطلان في تلك الدولة، وذلك إذا ما تم الطعن بحكم التحكيم أمام محاكم تلك الدولة. فإذا حكم ببطلان الحكم لمخالفته للنظام العام فان ذلك يؤدي إلى رفض تنفيذ حكم التحكيم في دول أخرى، وبالنتيجة نجد أن المحكم لا يستطيع تجاهل القواعد الآمرة في دولة مكان التحكيم(53)، مادامت ترتبط بوقائع النزاع وظروفه، سواء كانت تلك القواعد ذات طبيعة إجرائية أم كانت ترتبط بموضوع النزاع. فعلى سبيل المثال، إذا كان تصرف معين يعد من التصرفات المخلة بالأسس الاجتماعية العليا في دولة ما، عندها سيتم اعتبار إجراءات التحكيم التي تتم على إقليم تلك الدولة باطلة وغير نافذة حتى وان كان تنفيذ حكم التحكيم سيتم في دولة أخرى تعتبر هذا التصرف مشروعا (54).

كما أن على المحكم أن يأخذ بالاعتبار القواعد الآمرة في الدولة التي لها صلة وثيقة بالنزاع (55)، وذلك مادام من المحتمل أن تتأثر مصالح تلك الدول بالنزاع سواء بشكل مباشر أم غير مباشرة (56)، على وجه الخصوص إذا كان اتفاق الأطراف يخفي تصرفات غير مشروعة قد تؤدي إلى مخالفة جسيمة للنظام العام في تلك الدولة، كما لو تضمن موضوع النزاع تهديدا للأمن الاجتماعي لدولة ما، ففي قرار صادر من غرفة التجارة الدولية (57) ثار النزاع حول تنفيذ ترخيص منحته شركة المانية لشركة أسبانية ونتيجة لنقص الموافقات اللازمة في دولة مكان تنفيذ العقد، حكمت هيئة التحكيم بأنه بالرغم من أن عقد الترخيص يجب أن يخضع الأحكام القانون الألماني، إلا أن الأثر المترتب على عدم الحصول على الموافقات اللازمة يجب أن يتم فحصه وفقا للقانون الاسباني".

وعلى المحكم كذلك أن يراعي القواعد الآمرة الخاصة بالدولة التي يحتمل فيها تنفيذ حكم التحكيم(58)، وتنص اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية لعام 1958 في المادة (5/2/ ب)

على أنه يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها: .. ب. أن الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد (59). كما على المحكم أن يبذل الجهد اللازم للتأكد من أن حكم التحكيم الصادر عنه قابل للتنفيذ، وذلك من خلال تأكده من خلو الحكم مما قد يخالف القواعد الآمرة و النظام العام في تلك الدولة (60).

ولكن على الرغم مما سبق ذكره أعلاه فان من الصعب القول بان على المحكم مراعاة تطبيق القواعد الآمرة لجميع الأنظمة القانونية إذ أن ذلك سيواجه عقبات عديدة من الناحية العملية فمن ناحية سيصعب على المحكم مراعاة جميع القواعد الآمرة النافذة في دولة مكان التحكيم، وان يراعي بالوقت نفسه القواعد الآمرة الخاصة بالدول الأخرى التي يكون لها صلة وثيقة بالنزاع. كذلك يصعب على المحكم أن يقوم بإجراء بحث موضوعي للأنظمة القانونية كافة إذ أنه من شبه المستحيل أن يقوم المحكم بالبحث العملي في كل نزاع عن كل القواعد الآمرة الخاصة بقوانين دول متعددة. إذ قد لا يتوافر للمحكم الوقت أو حتى المعرفة العلمية للقيام بهذه المهمة الصعبة. لذلك يكون أقرب إلى المنطق بأن يقوم المحكم عند بحثه عن القواعد الآمرة واجبة التطبيق أن يؤسس حكمه على فكرة أكثر مرونة وذلك من خلال مراعاة قواعد النظام العام المتعارف عليها دولية باعتبارها الأنسب لحكم علاقات التجارة الدولية (61) وخلاصة لما سبق على المحكم أن يصدر حكم التحكيم مبنية على أسس قانونية صحيحة حتى يكون حكمه قابلا للتنفيذ، لذلك عليه أن يكون حريصا عند اختياره للقواعد التي سيطبقها على التحكيم، إذ لا بد من أن يتحقق من وجود علاقة وثيقة بين القواعد الآمرة وموضوع النزاع، وان لا تبتعد تلك القواعد عما يتوقعه الأطراف من نتائج قانونية، كذلك يجب عليه أن يتجنب قدر الإمكان أي تعارض بين القانون الذي يتم اختياره مع القواعد الآمرة الخاصة بالدول الأخرى التي لها صلة وثيقة بالنزاع. فسواء كانت دولة مكان التحكيم أم الدولة التي يحتمل أن يتم تنفيذ حكم التحكيم فيها، أو القواعد الآمرة للقانون الذي اختار الأطراف تطبيقه على النزاع أو القواعد الآمرة للدولة التي سيتم تنفيذ الالتزام العقدي فيها فانه يتوجب على المحكم أن يحترم جميع هذه الأنظمة القانونية ويراعيها مادام قد وجد المحكم وفق تقديره بأن هذه الأنظمة واجبة المراعاة، وقد اتبع هذا الاتجاه في حكم صدر عن غرفة التجارة الدولية إذ قرر المحكمون قواعد القانون التي تتضمن المبادئ العامة فضلا عن أعراف التجارة الدولية وقواعد النظام العام التي سيتم فيها تنفيذ العقد (62). لكن ذلك يجب ألا يؤدي إلى الاعتقاد بان على المحكم التجاري الدولي ملزم بتطبيق النظام العام بمفهومه الداخلي، أي الخاص بمجتمع معين، وذلك على علاقات التجارة الدولية، إذ على المحكم أن يقوم بقدر من التحري والبحث عن القواعد الآمرة التي تعد ذات أهمية جوهرية لحماية المصالح الوطنية والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية الأساسية التي لا يسمح قانون الدولة في حال من الأحوال بمخالفتهاعن طريق تطبيق قانون دولة أخرى (63).

ومع ذلك فان جانبا من الفقه(64) يرى بان المحكم و على الأرجح سيطبق القواعد الآمرة لدولة أخرى إذا أراد لحكمه أن ينفذ في تلك الدولة.

وبهذه المثابة فان تطبيق قوانين البوليس الأجنبية عن قانون العقد لا يكون بعيدا عن منهج الإسناد ، فقانون مكان التنفيذ هو أحد القوانين التي تشير إلى تطبيقه قواعد الإسناد، بل أن الفقيه الألماني س افيني والذي ينسب إليه منهج الإسناد، يرجع في المجال العقدي تطبيق قانون دولة التنفيذ.

وخلاصة القول فقد تبين لنا من خلال هذا الفصل أن هناك تكاملا بين منهج القواعد ذات التطبيق الضروري ومنهج قاعدة الإسناد، وهذا التكامل اتضح لنا حتى من خلال ما ذهب إليه أنصار هذا المنهج من أن له أسلوبا مستقلا في حل مشكلات التنازع وانه ينطبق بالأولوية على منهج قاعدة الإسناد. لأنهم ينتهون إلى أن ما يخرج نطاق تطبيق هذه القواعد يرجع الأمر فيه إلى منهج قاعدة الإسناد لحل مشكلات التنازع. ومن ثم فان أنصار هذا المنهج يرون أن له الأولوية في الانطباق على منهج قاعدة الإسناد، بالنسبة للقواعد التي تكون جزءا من قانون القاضي. ولم يبحث أنصار هذا المنهج الأولوية في الانطباق بالنسبة لقواعد هذا المنهج فيما إذا كانت جزءا من القانون واجب التطبيق بموجب منهج قاعدة الإسناد، لأنها ستنطبق وفقا لفكرة الإسناد الإجمالي، كما أنه لم يناقش هذه الأولوية في الانطباق بالنسبة للقواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية لأنها ستؤخذ فقط بعين الاعتبار، وجنبا إلى جنب مع القانون واجب التطبيق بموجب منهج قاعدة الإسناد. لان الأولوية ستكون لمنهج الإسناد.

وقد تبين لنا من خلال هذا الفصل كفاية منهج قاعدة الإسناد في إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري فيما إذا كانت جزءا من قانون القاضي من خلال إعمال الدفع بالنظام العام في حماية القواعد الآمرة في قانون القاضي، فنحن هنا لا نحتاج إلى أسلوب مستقل و منفرد لإعمال هذه القواعد في قانون القاضي، ذلك أن إعمالها بشكل مباشر قد يؤدي إلى الإضرار بأطراف العلاقة فيما إذا كان القانون وأجب التطبيق يتضمن قواعد أفضل لحماية الأطراف من قانون القاضي. ومن ثم فمن وجهة نظرنا نرى أن الأولوية في الانطباق لا تكون للقواعد ذات التطبيق الضروري بل لمنهج الإسناد فإذا ما تبين أن القانون واجب التطبيق بموجب منهج الإسناد سيعارض قاعدة من القواعد ضرورية التطبيق في قانون القاضي، فان الدفع بالنظام العام كفيل بتحقيق هذه الغاية  كما تبين لنا أن القواعد ذات التطبيق الضروري التي تشكل جزءا من القانون واجب التطبيق تطبق بمقتضى منهج قاعدة الإسناد، بعد أن استقر رأي الفقه وكذلك القضاء وحتى التشريع بإعمال هذه القواعد وان كانت جزءا من القانون العام وفقا لفكرة الإسناد الإجمالي التي تعين القانون واجب التطبيق ككل دون تفرقة بين قواعد القانون العام وقواعد الخاص.

كما أن القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية التي لا تكون جزءا من قواعد الإسناد، لا تنطبق بعيدا عن منهج قاعدة الإسناد، فهناك من ذهب إلى إعمالها وفقا لأسلوب الإسناد المزدوج، وهناك من ذهب إلى إعمالها وفقا لأسلوب الإسناد المنفرد، وكلا الأسلوبين يدخل في منهج الإسناد على رأي جانب من الفقه. هذا فضلا عن ضرورة توافر صلة وثيقة بين هذه القواعد وبين النزاع، وهذا هو ذاته أسلوب الإسناد الذي يعطي للقاضي الحرية في تحديد القانون واجب التطبيق الأكثر صلة بالعلاقة.

كما تبين أن استبعاد هذه القواعد يتم وفقا للدفع بالنظام العام وهو الأسلوب ذاته المتبع في منهج قاعدة الإسناد، كما أن إعمال هذه القواعد في التحكيم التجاري الدولي لم تكن بعيدة عن منهج قاعدة الإسناد.

وفي حالة اجتماع هذه المناهج في علاقة واحدة فلا تكون هناك إلا مشكلة تحديد أولوية هذه المناهج في الانطباق، والأمر سيقع على عاتق القاضي أو المحكم في هذه المسألة ونعتقد أن الأولوية تكون لمنهج قاعدة الإسناد في الانطباق على كل من القواعد الموضوعية ومنهج القواعد ذات التطبيق الضروري، إلا إذا كانت قواعد المنهج الموضوعي قد أقرتها اتفاقية دولية فتكون الأولوية لقواعد هذه الاتفاقية ليكون لمنهج قاعدة الإسناد ذا طابع مكمل لقواعد هذه الاتفاقية. ما لم تتعارض قواعد هذه الاتفاقية مع قاعدة آمرة من القواعد ذات التطبيق الضروري في قانون القاضي.

____________

1- د. أياد محمود بردان، التحكيم والنظام العام ، دراسة مقارنة الطبعة الاولى منشورات الحلبي الحقوقية بيروت – لبنان 2004، ص 415

2- ينظر في تطبيق قواعد البوليس التي تشكل جزءا من قانون العقد المختار من قبل الأطراف:

Andrew Barraclough & Jeff Waincymer, Mandatory Rules of Law in International Commercial Arbitration, Melbourne Journal of InternationalLaw, 2005, P15. http://www.austlii.edu.au/au/journals/

MelbJIL/2005/9.html#Heading43                                                   

تاريخ الزيارة 2019/12/9 

3- يعرف النظام العام الدولي بالمعنى الحقيقي بوصفه مجموعة القواعد الآمرة التي تقرها أكثرية الأمم المتحضرة، أي التي تشكل قاسم مشتركة بين أكبر عدد ممكن من الدول"، أو هو النظام العام المشترك بين الأمم المتمدينة والذي يتعين على جميع الدول احترامه ومن يخرج عليه يجد نفسه خارج الجماعة القانونية التي هي أساس القانون الدولي الخاص، ويعد من قبيل النظام العام الدولي بالمعنی الحقيقي، القواعد التي تحرم الفساد المتمثل في الرشوة، والعمولات غير المشروعة، والقوانين المتعلقة بمكافحة تبيض الأموال غير المشروعة، والقوانين التي تحمي الآثار كونها تراثا عاما للبشرية، والقواعد التي تحضر التمييز العنصري. وهذه الأصول أو المبادئ التي تشكل جوهر النظام العام الدولي بالمعنى الحقيقي تجد مصدرها، أما في الأدوات التشريعية الدولية، كالاتفاقيات الدولية من ناحية والإعلانات والتوصيات والقرارات الدولية من ناحية أخرى، وأما في الممارسات والأعراف الدولية. ينظر د. عكاشة محمد عبد العال، القانون الذي يحكم موضوع النزاع في التحكيم التجاري، المرجع السابق، ص601-602؛ والنظام العام الدولي الحقيقي يطلق عليه البعض اسم النظام العام للقانون التجاري الدولي، والبعض الآخر يطلق عليه أعمم النظام العام غير الوطني، ويفضل الدكتور أياد محمود بردان تسميته بالنظام العام عبر الدولي وهذا النوع من النظام العام يشكل الجانب الأمر في القواعد القانونية عبر الدولية الذي لا يجوز للعاملين في ميدان التجارة الدولية مخالفة أحكامه سواء من حيث اختيارهم للقانون واجب التطبيق على العلاقة أم من حيث موضوعها ينظر مؤلفه التحكيم و النظام العامة المرجع السابق، ص568-569  

4-  د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، دراسات في قضاء التحكيم، دار الكتب القانونية، مصر، 2009 ، ص 634

5- د. نادر محمد إبراهيم، مركز القواعد عبر الدولية امام التحكيم الاقتصادي الدولي ، دار الفكر الجامعي الاسكندرية 2002 ، ص 500؛ إذا ما تم اختيار قانون دولة ما من قبل الأطراف ليطبق على النزاع، فانه يجب عليهم احترام القواعد الأسرة في ذلك القانون سواء كانت تلك القواعد قواعد ذات تطبيق ضروري أم قواعد آمرة متعلقة بالنظام العامة وعليه لا يجوز للأطراف الاتفاق على أستبعان القواعد الآمرة في القانون المختار حتى لو أدى ذلك إلى بطلان العقد.

6- ومن الجدير بالذكر أن الفائدة المرجوة من إعطاء الحرية للأطراف في اختيار القانون واجب التطبيق في التحكيم التجاري الدولي هو أن هذا الأمر يتفق وتوقعاتهم المشروعة. ينظر:

Helena Carlquist, Op., Cit., P14.                                         

7- ذا نص اتفاق التحكيم صراحة على تطبيق قانون دولة معينة، توجب على المحكم تطبيق ذلك القانون و أن يراعي كافة القواعد الآمرة التي يتضمنها ذلك القانون وهذا ما ذهبت إليه غرفة التجارة الدولية بخصوص قرار صدر عام 1980 إذ اعتبر المحكمون أن شرط التحكيم الذي كانت صيغته يخضع هذا الاتفاق ويتم تفسيره وفقا للقانون السوري في اعتبرت هذه الصيغة على أنها التزام يوجب إخضاع العقد وأي تفسير له وفقا للقانون السوري دون أي قين. ينظر:

ICC Case No. 3380/1980, Y. Corm Art., Vol. VI, 1982, P116.

نقلا عن د. حسام التلهوني، مدى التزام المحكم بمراعاة النظام العام في منازعات التجارة الدولية، بحث منشور في مجلة التحكيم، العدد الثالث، تموز 2009، ص 211

8-  د. منير عبد المجيد، الأسس العامة للتحكيم الدولي والداخلي في القانون الخاص في ضوء الفقه وقضاء التحكيم، مطابع الشرطة، من دون مكان نشر، 2005 ، ص 23

9- Y. derains, l'ordre public et le droit applicable au fond du litige dans l'arbitrage intemational, Rev. arb. 1986. P397.

نقلا عن د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، دراسات في قضاء التحكيم، دار الكتب القانونية، مصر، 2009 ، ص125.

10- Jean christoph pomier, principe d'autonomie et loi du contrat en droit international prive conventionale, ed, economica, 1992 P334.

نقلا عن أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، دراسات في قضاء التحكيم، دار الكتب القانونية، مصر، 2009 ، ص 129

11- د. منير عبد المجيد، الأسس العامة للتحكيم الداخلي والدولي، المرجع السابق، ص 225؛ وينظر في قيود النظام العام و القواعد الإلزامية على حرية الإرادة

Cordero Moss, Giuditta, International Commercial Arbitration: Party Autonomy and Mandatory Rules, Tano Ashehoug (1999), P53; Blessing, Marc, Regulations in Arbitration Rules on Choice of Law. Abstract from; van den Berg, Albert Jan, Planning Efficient arbitration Proceedings. The law Applicable in Interational Arbitration, International Council for Commercial Arbitration Congress series no. 7, Vienna, 3-6 November 1994, Kluwer Law Intemational, (1999), P402. See Helena Carlquist, Op., Cit., P18.

12- يشير جانب من الفقه وفي صدد تطبيق القواعد الإلزامية "mandatory rules' في اتفاقية روما للقانون واجب التطبيق علی الالتزامات التعاقدية لعام 1980 بأنها أما أن تكون جزءا من قانون العقد أو جزءأ من قانون القاضي أو جزءا من قانون دولة ثالثة ويشير هذا الجانب من الفقه إلى أن قانون العقد سوف يطبق بقواعده الإلزامية "mandatory niles' و غير الإلزامية ' nonmandatory nules'. ينظر:

William Tetley, International Conflict of Laws: Common, Civil and Maritime 128 (1994) (noting that the lex causae includes the mandatory rules of that law, al though there is no precise wording tothateffectintheConvention). http://www.mcgill.ca/maritimelaw/orderform/

تاريخ زيارة الموقع 2011/12/9

13- Award in ICC Case No. 7528/1993 reprinted in 22 Yearbook Commercial Arbitration, 1997, P125.

نقلا عن د. حسام التلهوني، المرجع السابق، ص 212

14- وهو ما أشار إليه القرار الصادر من غرفة التجارة الدولية الآتي

ICC award No. 1434/1975, Joumal du Driot International 1976, P978; Collection of ICC Arbitral Award, Volume I 1974 1985

نقلا عن المرجع نفسه، ص213.

15- تتفق قوانين التحكيم في إعطاء الحرية للأطراف في أختيار القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع، ومن أمثلة هذه القوانين نذكر: قانون التحكيم المصري لعام 1994 (م139): وقانون التحكيم التونسي 1993؛ ومن القوانين الأجنبية تذكر القانون الدولي الخاص السويسري لعام 1987 (م 187 /1) وقانون الإجراءات المدنية الهولندي (م2/1054) وقانون الإجراءات المدنية الألماني (م 1051) وقانون الإجراءات المدنية الأيطالي (م 834) وقانون التحكيم الانكليزي (م1/46  )ينظر في موقف هذه القوانين الأجنبية

Helena Carlquist, Op., Cit., P29-30.                                               

16- ينظر في تطبيق قواعد البوليس التي تشكل جزءا من قانون العقد المختار من قبل المحكم:

Andrew Barraclough & Jeff Waincymer, Op., Cit., P14.     

17- د. أياد محمود بردان، التحكيم والنظام العام ، دراسة مقارنة الطبعة الاولى منشورات الحلبي الحقوقية بيروت –لبنان 2004 ، ص 416.

18- فالمحكم في التحكيم التجاري الدولي ليس حارسة لنظام قانوني محدد ولا يوجد له ولاء النظام قانوني خاص بدولة معينة، فبالنسبة للمحكم الدولي فان كافة قوانين الدول تكون على درجة واحدة، من دون أن يكون لأحدهما أولوية في التطبيق أو الترجيح، ينظرة

Daniel Hochstranger, Choice of Law and Mandatory Rules in International Arbitration 11 J.Int. Arb., 1994, P57 at 59.

نقلا عن د. حسام التلهوني، المرجع السابق، ص203.

19- فالمادة  (39/2) من قانون التحكيم المصري تعطي لهيئة التحكيم تطبيق القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر أتصالا بالنزاع و الفصل (73/2)  من قانون التحكيم التونسي يعطي لهيئة التحكيم الاعتماد على القانون الذي تراه مداسماء و المادة (1496) من قانون المرافعات المدنية الفرنسي تعطي للمحكم تطبيق القواعد القانونية التي يقدر ملاءمتها للنزاع و المادة (187) من القانون الدولي الخاص السويسري تعطي للمحكم تطبيق القواعد القانونية الأكثر ارتباطا بالنزاع و المادة (46) قانون التحكيم الانكليزي تعطي هيئة التحكيم تطبيق القانون الذي تحدده قواعد تنازع القوانين التي تراها واجبة التطبيق. وينظر في اختيار المحكم للقانون واجب التطبيق في حالة عدم وجود اختبار لهذا القانون

Okuma Kazutake, Op., Cit., P2-4.

20-  من أحكام التحكيم التي لجأت إلى تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري في قانون العقد الحكم الصادر من غرفة التجارة الدولية في باريس رقم 1397 لسنة 1999 و الحكم رقم 1592 لسنة 1968 نقلا عن د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، دراسات في قضاء التحكيم، دار الكتب القانونية، مصر، 2009 ، ص 631.

21- رقم 2826 لسنة 1978 نقلا عن المرجع نفسه، ص 631 وفي حكم آخر صادر من غرفة التجارة الدولة في باريس ICC برام 2119 لسنة 1987 رأت الهيئة التحكيمية أن الشرط الوارد في العقد والذي بمقتضاه يتم تنفيذ العقد وتفسيره طبقا للقانون الفرنسي إنما يعني إعمال شروط العقد مباشرة في الحدود التي لا تتعارض مع القواعد الآمرة في القانون الفرنسي. نقلا عن د. عكاشة محمد عبد العال، القانون الذي يحكم موضوع النزاع في التحكيم التجاري والأثر المترتب على عدم مراعاته من قبل هيئة التحكيم، دراسة في ضوء مشروع القانون الاتحادي لسنة 2006  ، ص 599.

22- ينظر لمزيد من التفصيل حول أحكام الفائدة في التحكيم التجاري الدولي

Gotanda, John Y., Awarding Interest in International Arbitration. 90 AJIL 1996, at 40 et seq. http://www.trans-lex.org/123400

تاريخ الزيارة 2011/12/7

ICC Case No. 4132 (1983). See Laurence R. Fenelon B.A., Op., Cit., PS.

وينظر في تفاصيل الحكم د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، المرجع السابق، ص627

23- تنص المادة (280) من اتفاقية روما لعام 1957 بخصوص قواعد المنافسة في أوربا، إذا وجدت المحكمة أن الاتفاقية تتعارض كليا أو جزئيا مع المادة (85) فان النتيجة ستكون أن الشروط التعاقدية التي تتعارض مع الاتفاقية تعتبر باطلة لذلك يجب على المحكمة من تلقاء نفسها أن تفحص ما إذا كان الاتفاق التحكيمي يخضع لقيود المادة 1/85)  )من الاتفاقية. وينظر بخصوص هذه المادة:

Lew, Julian DM., Op., Cit., P80. Marc Blessing, Impact of the Extraterritorial Application of Mandatory Rules of Law on International Contracts, Swiss Commercial Law Series, Volume 9, 1999, P39. http://www.baerkarrer.ch/upload/publications/4 3 9.pdf

تاريخ الزيارة 2019/12/9     

24- وينظر أيضا في مراعاة المادة (85/2)  من اتفاقية روما بخصوص قواعد المنافسة حكم تحكيم غرفة التجارة الدولية الآتي:

ICC Case NO. 7181 (1992). See Lawrence R Fenelon B.A., Op., Cit., P13; Dimitrios Athanasakis, Op., Cit., P16.

25-  د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، المرجع السابق، ص 634- 656 و636 وما بعدها.

26-  ففي حكم لمحكمة التحكيم الصادر من غرفة التجارة الدولية بباريس لم يطبق المحكمون القواعد ذات التطبيق الضروري في بلد المشتري التي ترفض السماح له بأداء الثمن بعملة قابلة للتحويل إلى البائع، و إنما وضع هذه القاعدة في اعتباره وصولا إلى فسخ العقد الاستحالة التنفيذ. ينظر الحكم في القضية رقم 2216 صادر في 1975 نقلا عن د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، المرجع السابق، ص 661.

27- المرجع نفسه، ص 662.

28- د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990 ، ص 165

29- د. أشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، المرجع السابق، ص 995.

30-ICC Case No. 1859 (1973). See Laurence R. Fenelon B.A., Op. Cit., P14.

31-  ينظر في هذه القضية ايضأ د. اشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، المرجع السابق ، ص 669

32- القرار رقم 4415 الصادر عام 1984 نقلا عن د. أياد محمود بردان، المرجع السابق، ص 414

33- القرار رقم 6697 الصادر عام 1990 نقلا عن المرجع نفسه، ص 416.  

34- د. منير عبد المجيد، الأسس العامة للتحكيم الدولي والداخلي في القانون الخاص في ضوء الفقه وقضاء التحكيم، مطابع الشرطة، من دون مكان نشر، 2005 ، ص 79-80  

35-  المرجع نفسه، ص 80.

36- د، اشرف عبد العليم الرفاعي، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية، المرجع السابق، ص 972.

37- . نادر محمد إبراهيم، مركز القواعد عبر الدولية امام التحكيم الاقتصادي الدولي ، دار الفكر الجامعي الاسكندرية 2002  ، ص 501

38- ينظر لمزيد من التفصيل حول هذه الشروط بدران شكيب عبد الرحمن يعقوب الرفاعي، عقود المستهلك في القانون الدولي الخاص دراسة مقارنة أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون في جامعة الموصل، 2005 ، ص 259-209

39- قرار صادر عام 1984 نقلا عن د. أياد محمود بردان، المرجع السابق، ص 428,

40- المادة (19) من القانون الدولي الخاص السويسري لعام 1987 .

41- المادة (1/7) من اتفاقية روما للقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية لعام 1980

42-See Mario Giuliano & Paul Lagarde, Op., Cit., P25.

43-  د. أياد محمود بردان، المرجع السابق، ص.43.

44- المادة (19) من القانون الدولي الخاص السويسري لعام 1987.

45- المادة (1/7) من اتفاقية روما للقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية لعام 1980.

46- المادة (9) من توصيات عام 1991، نقلا عن د. أياد محمود بردان، المرجع السابق، ص 430 .

47- المرجع نفسه، ص 431

48- ICC Case No. 6294 (1991). See Laurence R. Fenelon B.A., Op., Cit., P14.

49- Fouchard Gaillard Goldman on International Commercial Arbitration Op., Cit., P823.

50-  د. منير عبد المجيد، الأسس العامة التحكيم الدولي والداخلي، المرجع السابق، ص 255

51- وهذا الأمر ينطبق على جميع حالات تطبيق قواعد البوليس أمام التحكيم التجاري الدولي،

52- تنص هذه المادة على أن لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناءا على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على: ها أن الحكم لم يصبح ملزمة للخصوم أو ألغته أو أوقفته السلطة المختصة في البلد التي فيها أو بموجب قانونها صدر الحكم. وبهذا الخصوص ينظر:

Andrew Barraclough & Jeff Waincymer, Op., Cit., P20.                 

53- ومع ذلك فهناك اتجاه متزايد في قضاء التحكيم يرمي إلى تنفيذ أحكام التحكيم حتى لو كانت باطلة وفقا لقانون مكان التحكيم، ومن ذلك قراري بوتر ابالاي Putrabail" الصادرين من محكمة النقض الفرنسية في 23 جون 2007، وهو ما يسمى بفك الارتباط بين بلدي مكان التحكيم وتنفيذه، للمزيد من التفصيل ينظر: د. لطفي الشاذلي، القانون التونسي وتنفيذ أحكام التحكيم الواقع إبطالها في بلد المنشأ: أي منطق؟ بحث منشور في مجلة التحكيم، العدد الرابع تشرين الأول، 2009، ص 127-128 .

54- د. حسام التلهوني، المرجع السابق، ص219

55- Mario Giuliano and Paul Lagarde, Op., Cit., P27.

56- ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية روما للقانون واجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية لعام 1980 قد أشارت إلى الحلول الواجب اتباعها في حالة وجود تنازع بين القواعد الآمرة المطبقة في الدول الأطراف في الاتفاقية، إذ تضمن المود (3/3 و 7 و 16) ضوابط إرشادية لتحديد القواعد الآمرة واجبة التطبيق، إذ يقضي حكم المادة (3/3) بأن اتفاق الأطراف على تطبيق قانون دولة أجنبية لا يمنع من تطبيق القواعد الآمرة في قانون الدولة التي تتركز فيها جميع عناصر النزاع، كما تنص المادة (7/1) على أن "عند تطبيق قانون دولة معينة بمقتضى هذه الاتفاقية فانه يجوز الاعتداد بالنصوص الآمرة في قانون دولة أخرى ترتبط بالمركز المعروض برابطة وثيقة ذلك فيما إذا كانت هذه النصوص واجبة التطبيق بمقتضى قانون هذه الدولة، بغض النظر عن قانون العقد .... وتنص المادة (16) على أن تطبيق قواعد القانون المحدد بموجب هذه الاتفاقية لأية دولة سيتم رفضه إذا كان مثل هذا التطبيق يتعارض بشكل ظاهر مع النظام العام القانون المحكمة".

 57- ICC Case No. 2136 (1974). See Laurence R. Fenelon B.A., Op., Cit., P14.

 

58- يذهب Serge Lazareff " إلى أن المحكمون إذا لم يطبقوا القواعد الإلزامية فان هناك احتمال قوي بان يتم رفض تنفيذ الحكم قبل الدولة التي أصدرت هذه القواعد، ينظر:

59-Serge Lazareff, Mandatory Extraterritorial Application of National Law Rules, 11 Arb Int'1 2 (1995). See Laurence R. Fenelon B.A, Op., Cit., P7.

Andrew Barraclough & Jeff Waincymer, Op., Cit., P11.

60- فالمحكم و هو بصدد تحديد القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع، من الممكن أن يتعارض محتوي هذا القانون مع النظام العالم في الدولة المنوط بها تنفيذ الحكم التحكيمي، وأن هذا التعارض يكون سببة لرفض التنفيذ، فعلى سبيل المثال فان حكم التحكم الذي يطالب احد الأطراف بدفع الفوائد، لا يمكن تنفيذه في المملكة العربية السعودية، بصرف النظر عن كون الحكم يستند إلى القانون الألماني أو الانكليزي أو الفرنسي أو أي قانون آخر بسبب انه يقرر حلا يتعارض مع مفهوم النظام العام كما حددته الشريعة الإسلامية. ينظر: د. اشرف عبد العليم الرفاعي، القانون الواجب التطبيق على موضوع التحكيم والنظام العام في العلاقات الخاصة الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2003، ص6.

61- د. حسام التلهوني، المرجع السابق، ص 217 .

62- ICC award rendered in 1973 in Case No. 1859.

نقلا د، حسام التلهوني، المرجع السابق، ص 220.

63- د. المرجع نفسه، ص 220، إن قواعد البوليس أو القواعد الآمرة "Mandatory Rules" قد تكون جزءا من قانون العقد'Lex Causae' او قانون مكان التحكيم Lex Fori أو قانون دولة ثالثة Third Country أو جزءا من القواعد عبر الدولية أو فوق الوطنية stupraliational order التي يدخل من ضمنها النظام العام الدولي، أو قانون مكان التحكيم المزيد ينظرة

64-Marc Blessing, Impact of the Extraterritorial Application of Mandatory Rules of Law, Op., Cit., P12-14.

Laurence R Fenelon B.A., Op., Cit., P17.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .