المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



الشباب العراقي بين التجهيل والاهمال  
  
1526   11:00 صباحاً   التاريخ: 29/9/2022
المؤلف : حسن علي الجوادي
الكتاب أو المصدر : عشرة موضوعات في حياة الشباب
الجزء والصفحة : ص13 ــ 19
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

ينهض الشاب العراقي من ركام الفشل بما تركته الانظمة المتعاقبة من مخلفات فكرية واقتصادية وثقافية، يحاول بعض الشباب شق طريق الحياة بأسلوب مغاير بنحو من المغايرة عن الاجيال التي سبقته، فيطرح شباب اليوم عدة من التساؤلات بسبب التغير في المناخ الفكري والثقافي والاقتصادي، بل جملة تغيرات حصلت شملت الانماط الحياتية والاجتماعية، فصار الشاب يبحث عن مهنة وعن عمل قبل ان يتزوج، وصار يهتم بالدراسة حتى وان لم يتفوق، ويهتم بمظهره وسعادته الذاتية اكثر من اي وقت مضى، لأنه يطالع شباب العالم عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويتواصل مع المحيط الاقليمي والدولي، فأصبحت رغبات الشباب اليوم كثيرة بسبب الطموحات الكبيرة التي يحملونها.

ان السعي الحثيث من قبل شبابنا للتطور والتقدم يعد من اهم العلامات الايجابية في هذا الزمن الذي لا يبشر بخير على مستويات كثيرة، وتضعنا هذه التحركات الشبابية امام مسؤولية الدفاع عنهم وبيان رؤاهم والتحديات التي تواجههم.

الاهمال، في طليعة التحديات التي تواجه شبابنا، مما يدفعهم الى التمرد وعدم الثقة بالمعنيين، فطالما يجد الشباب أنفسهم بمعزل عن اي جهة مسؤولة عن احتضانهم والاهتمام بهم ستأتيهم جملة من المشاعر السلبية الضاغطة التي تسلبهم الثقة باي أحد، ويمكن رصد بعض حالات الاهمال:

1ـ لم تؤسس جمعيات للمواهب والكفاءات والايادي الفاعلة والمنتجة، فمن يجد في نفسه الرغبة للعمل والابداع والابتكار لا يلقى اي دعم مما يؤدي الى موت وطمر موهبته.

2ـ ندرة المؤسسات الخيرية الفاعلة التي تروج للاهتمام بالشباب وتفتح لهم آفاق السعي الاقتصادي وبذل الجهد من اجل التحفيز على العمل والانتاج وتقديم المعونة والتكافل من اجل صناعة شاب يحب العمل والكد، ولا نبخس حق بعض المؤسسات التي تسعى جاهدة لان تقدم للشباب العراقي يد العون وان كان بقدرها لا بقدر تغطية النقص الحاصل في هذا المجال.

3ـ اغلب المؤسسات والمنتديات الشبابية مصابة بالموت السريري، مما جعلها لا تتمكن من التأثير ولا تملك وسائل الجذب والاقناع، لأنها لم تجتهد في تقديم رؤية ومشروعاً شبابياً واعداً.

4ـ فشل المؤسسات الحكومية في توفير العمل المناسب مع طموحات الشباب، فيتجه الاغلب الى اعمال غير منتجة ومتعبة جداً تميت في شخصيته الابداع والطموح وتدفع به الى الخراب.

اما على صعيد التجهيل فيمكن رصد نقاط مهمة للغاية:

1ـ مساهمة مواقع التواصل والاعلام وقنوات كثيرة في خلط الاوراق امام الشباب ومحاولة الزج بهم في اي حادثة وهذه مشكلة حقيقة لم تعالج الى يومنا هذا، فتشكل هذه المواقع نسبة من الخطر الذي يرتكز على تجهيل الشباب وتسطيحهم.

2ـ محاولة استغلال الشباب من قبل بعض الجهات المؤثرة لاستخدامهم كدمى جسدية للكثرة في اوقات الذروة والحدث، وهذا تعكز مصلحي ينذر بخطورة كبيرة.

3ـ لا توجد منتديات وجمعيات فاعلة منتشرة في المحافظات لتضع برامج شبابية للتثقيف والتعليم المجاني ومواكبة الحياة العصرية المتقدمة في بث روح التعلم والتثقف.

الامل المعقود على بعض الاخيار واصحاب الرؤى والمبادرات الواعية التي لا بد ان تأخذ حيزها في جو الشباب بصورة عامة، فهنالك من يهتم ويسند ويقدم يد العون لكنه بالتأكيد لا يمكنه ان يسد الفراغ الحاصل في هذا المجال ولا يمكن لأي مؤسسة لوجدها ان تغطي المساحة بكاملها، فينبغي ان تتظاهر الجهود لوضع الرؤى التي يحصن بها الشباب ويقدم لهم الدعم المعنوي والمادي باستمرار، فان الامة التي لا تستغل طاقة الشباب ولا الموارد البشرية لن تتقدم ابداً، لان شباب كل امة هم قوتها العسكرية والحربية والاقتصادية والاجتماعية، فطالما تهمل هذه القوة ولا تقدم لها الاهتمامات الكافية ستكون في مهب الريح!

ربما ينقلب الحال، فتصبح من قوة نافعة للبلد والمجتمع الى قوة سلبية فاتكة للمجتمع، فتنتشر حالات السرقة والاعتداءات وتكثر العصابات والجرائم والانحلال الخلقي والضياع الفكري والانخراط في سلك الفوضى كما حصل في بلدان كثيرة.

ان الشباب اليوم يعيشون بين التجهيل المتعمد وغير المتعمد من خلال تهميش دورهم في الحياة وعدم استغلال القدرة البشرية الشابة الهائلة التي بإمكانها ان تعيد الامور لمجاريها لو استثمرت بالصورة الصحيحة، فنجد ان هنالك تحركات مدروسة لتشتيت الشباب وبث روح اليأس والخوف في نفوسهم، ولا سيما الدور السلبي الذي يمارسه الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حيث لها تأثيرها المباشر على الشباب ولا سيما اليافعين منهم، حيث تجد السوداوية والانحلال في طرح هذه المواقع مما يدفع المتابع المدقق الى رصد هذه الاشياء والاعلان عنها وتنبيه الشباب الكرام لخطورة تزيين بعض المفاهيم الخاطئة التي تساهم في ضرر الشباب اكثر من نفعهم، وينبغي ان تكون هناك حملة كبيرة لرقي الشباب والتقدم بهم وتقديم الرعاية والمؤونة الدائمة لهم من اجل بناء الحياة الجديدة بدماء جديدة وتغيير بعض المفاصل وحل العقد التي تقف امام طموحات الشباب العراقي.

محاولة الخروج من الازمة

اذا لم يجد الشاب من يقدم له يد العون والمناصرة، فلا يجلس متفرجاً على ما يجري، لا بد ان يقدم ما يمكنه من مجهود يرفع به نسبة وعيه وان لا يكون ضمن ماكنة الجهل، لذلك يجدر بكل شاب في ايامنا هذه ان يضع البرنامج التطويري والتثقيفي الذي يرفعه عن البيئة الجاهلة الساذجة، وان لا يقع في مكب التفاهة، ويجتهد بقوة لان يخرج من عنق زجاجة الفشل الى رحاب النجاح والتألق، نعم الظروف الراهنة لا تشجع الناس على ان يكونوا كما يريدون، لكن يمكن للظرف القاهر والصعب ان يكون من الدوافع التي تساهم في تحفيز الانسان لان ينتشل نفسه لا سيما اذا علم بالمخاطر المحدقة به، والخروج من ازمة التجهيل، والاهمال مرهون بقوة كل انسان على مواجهة المخاطر والتحديات، لذلك كلما اتضحت الرؤية وبرزت الحاجة، قوي الاندفاع وارتفعت عزيمة الانسان وهمته للتخلص من اي مشكل يواجهه في الحياة، والخروج من ازمة التجهيل يتطلب الثقة بالنفس عبر التوكل على الله تعالى ووضع الخطط الصحيحة التي تعبر بالإنسان الى الرقي، والتغلب على المشاكل او معايشة الظروف الصعبة لا سيما التي يولدها الضغط الاجتماعي، ويحسن بالشباب ان يتوجهوا الى من ينمي طاقاتهم ويرفع من مستوى وعيهم عبر الدورات والمنتديات التي تقيمها المؤسسات الرصينة الموثوقة، لان الانسان قد يتيه في الانتماءات غير الصحيحة التي تساهم  تشويه المعتقدات او تسفيه القيم والمبادئ الحقة، لذا فان ضرورة فحص التوجه لمن ننتمي له في غاية الاهمية، كي لا نقع في مأساة التجهيل والتخندق مرة أخرى.

لذلك نقول: من لا يهتم بك لا تتأمل منه ما يسعدك، ولا يعتني بك لا تنتظر منه المبادرة الجيدة، عليك ان تثق بربك وان تحفر الصخر من اجل تحقيق ذاتك، وتذكر دائماً قوله تعالى: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44]، فاستمد منه العون والقوة والحول والصبر حتى تعبر من ظنون العجز الى يقين الانجاز، واصنع مبادرتك بنفسك وارتق مراقي الكمال بجهدك فان الناس لو علموا ما يكتنزون في انفسهم من طاقات مذهلة لما توانوا عن التنقيب بها واستخراج مكنوناتها ولعرفوا مواطن ضعفها وقوتها، ولا تنتظر من احد ان يرفعك لمستوى تريد ان تصل اليه، فان لم تحمل نفسك لم يحملها غيرك، وتذكر دائماً قول الامام الصادق(عليه السلام) لما يقول: (احْمِلْ نَفْسَكَ لِنَفْسِكَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَمْ يَحْمِلْكَ غَيْرُكَ)(1)، وهذا النص يفتح ابواب الخير والتوفيق والمعرفة، إذا ما جعله الانسان نصب عينيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الكافي: الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ)، ط، دار الحديث، ج2، الشيخ الكليني، ص 454. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.