المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



دور الدين في مكافحة الظلم والظالمين  
  
1467   10:44 صباحاً   التاريخ: 24/9/2022
المؤلف : مجتبى اللّاري
الكتاب أو المصدر : المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة : ص102 ـ 105
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

قد أعلن القرآن الكريم عاقبة أمر الظالمين إذ قال عز من قائل: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا}[الكهف: 59].

إن قادة الدين كانوا يدينون بدوام المجتمع البشري، ولذلك كانوا قد جعلوا بسط العدل هدفهم الأصيل في الحياة، وكانوا إذا رأوا انحرافاً في سير البشر حاولوا تغيير ذلك الانحراف بنهضة ضد ظلم الظالمين، فكانوا احياناً يسخرون مقدراتهم ويطيحون بقواهم، أنهم كانوا يعدون الظلم ذنباً لا يغفر، وكانوا يهولون الناس من الظلم حتى أنهم عدوا الشرك نوعاً من الظلم، وأن سيرة قادة الدين العادلة لهي أكبر عامل يوقظ الناس ضد ظلم الظالمين: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد: 25].

 وحيث ان هدف الإسلام النهائي هي العدالة الشاملة، أوصى بل كلف أتباعه بالقيام بالعدل والمساواة بعضهم مع بعض بغض النظر عن العناوين والاعتبارات الشخصية، ومنع من الظلم وسحق الحقوق أية كانت بالنسبة إلى أية طائفة كانت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة: 8].

وقال الله تعالى في مورد العدالة في القضاء والحكم: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء: 58].

وقد أولى الإسلام عنايته إلى العدالة إلى حد أنه حكم بعدم صلاحية غير العادل للجلوس في مسند القضاء والحكم حتى ولو كان واجدا لجميع المؤهلات ما عدا العدالة.

وجعل من وظائف الأبوين الأساسية رعاية أصول العدل والمساواة بين أولادهم، حتى تتوطد في طبائعهم هذه الصفة المهمة ولا يأنسوا بالظلم والعدوان. ومن أصول التربية رعاية العدالة في السلوك معهم من جميع الجهات، فإن الأطفال الذين يشهدون أمام اعينهم مشاهد من ظلم الأبوين لا يتربون على الأتصاف بالعدل والإنصاف ، بل تترعرع طبائعهم على الظلم والإجحاف، ثم لا يكون سلوكهم في المجتمع إلا سحقا للحق وتجاوزاً على حقوق الآخرين، بل لا ينجو من ظلمهم حتى آباؤهم فإنهم سوف يرون من هؤلاء الأبناء ردود فعل ظلمهم وقد كان الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، يولي هذه النقطة التربوية عناية خاصة، فكان يوصي أتباعه برعايتها إذ يقول: (اعدلوا بين أولادكم بالنحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف)(1).

ويقول البروفيسور برتراند راسل: (إن النفس البشرية تتسع دائماً كالبخار، وأن هدف التربية الصحيحة ان نجعل الضغط الخارجي التعليمي يتصور في ذهن الطفل بصورة الأفكار والعادات والميول العاطفية، لا بصورة الضرب والتعذيب. والفكر اللازم في هذا الموضوع هو العدل، وهو المفهوم الذي يجب علينا ان نحاول تثبيته شيئاً فشيئاً في أفكار وعادات الأطفال. والتربية الصحيحة على العدالة إنما تكون فيما إذا كان مع الطفل أطفال آخرون أيضاً، فهم يتنافسون حينئذ في مواضع اللعب التي لا يمكن الاستفادة منها إلا لشخص واحد في كل حين، كركوب الدراجة وأمثالها، فإننا حينئذ نأمل أن يجد هؤلاء مفهوم العدالة سريعاً، فإنهم وإن كان كل واحد منهم يريد اللذة لنفسه فقط دون غيره ولكن لا ينقضي العجب من أنهم إذا قرر الكبير بينهم قراراً للعدالة أسرعت فيهم تلك الأنانية إلى الانهزام والتخلي لهذا الميل العاطفي العادل، أنا لا أعتقد أن العدالة إحساس ذاتي وجبلي للإنسان، ولكني عجبت حينما رأيت أن بالإمكان إيجاد الإحساس بها بهذه السرعة في أرواح الأطفال. انه يجب أن يكون العدل الواقعي فلا يترجح طفل على طفل ابداً، وإن كنت أنت تحب أحدهم أكثر من غيره وجب عليك الاحتياط والحذر من أن لا تؤثر العواطف أثرها في تقسيم المسرة والابتهاج بينهم. ومن الأصول العامة المقبولة أن يوجد لكل طفل لعبه على نحو يساوي لعب الطفل الآخر. وأن محاولة إلغاء رغبة الأطفال في العدالة بأية وسيلة كانت لهو عمل باطل(2).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يبروكم)(3).

ويوصي الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، في إحدى وصاياه التي كتبها إلى محمد بن أبي بكر حينما نصبه حاكماً على مصر: (فاخفض لهم جناحك وألن لهم جانبك وأبسط لهم وجهك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة، حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم)(4).

إن السفراء الربانيين هم مؤسّسوا أسس العدالة في المجتمع، وهم الذين خططوا للبشرية منهج التكامل الإنساني، تشرف عقيل بن ابي طالب يوماً بمحضر أخيه الإمام الحاكم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، واخذ يشرح له فقره واضطراره ملحاً على الإمام يستميحه من بر المسلمين صاعاً (يعادل ثلاث كيلوات تقريباً) إضافة إلى حقه المقرر بالتساوي من بيت مال المسلمين (والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق، حتى استماحني من بركم صاعاً ورأيت صبيانه شعث الشعور غبر الألوان من فقرهم، كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكداً، وكرر على القول مردداً، فأصغيت إليه سمعي، فظن أني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقاً طريقتي. فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذي دنف من ألمها وكاد أن يحترق من ميسمها فقلت له ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه؟ أتئن من الأذى ولا أئن من لظي)(5).

وقال (عليه السلام) أيضاً بهذا الصدد: (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته وأن دنياكم عندي لاهون من ورقة في فم جرادة تقضمها)(6).

ولقد أثبت الإمام الحسين (عليه السلام)، بنهضته الكبرى ضدّ الظلم والعدوان صفحة العدالة ودين الإنسانية على جبهة الأيام، وها هي تلك الصفحة لا زالت تلمع على جبين تاريخ البشرية مدى الدهور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ نهج الفصاحة: ص66.

2ـ عن الترجمة الفارسية: درتربيت.

3ـ نهج الفصاحة: ص8.

4ـ نهج البلاغة: تعليق الدكتور صبحي الصالح، ص383.

5ـ المصدر السابق: ص346.

6ـ المصدر السابق: ص347. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.