أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-4-2022
1845
التاريخ: 2023-03-11
1051
التاريخ: 11-4-2017
2644
التاريخ: 2023-02-21
1165
|
ليس هناك أي عبء تحمله الأمراض الأخلاقية والنفسية الخطيرة والمختلفة التي تصيب الإنسان أثقل من حمل الحقد والعداء، أن الحقد من أكبر ما يصيب راحة الإنسان وهناءه وسعادته، وهو ينبع من القوة الغضبية. وأنه يهدم التوازن الروحي للإنسان. أن الرجل بعدما يغضب يعرض له ما يخفف اضطرابه النفسي ويخمد لهب نيران الغضب في قلبه، ولكن قد تختبئ من هذه النار شرارة من الحقد والعداء تحت الرماد فتحرق سعادته وهناءه.
كما أن العفو والصفح من سمات الكرامة وتوازن الشخصية ومن عوامل السلام والوئام، كذلك الحقد والعداء من مناشئ التشتت والاختلاف، وهو من مظاهر الروح الدموية، أن الغضب يعرض للإنسان فيسكن به ما في نفسه من قلق واضطراب ولكن ما يراه الإنسان من الأذى الذي يصيبه من غيره أقل بمراتب عديدة مما يصيبه من الألم من أثر محاولته مقابلة السوء بالسوء والشر بالشر، فإن ذلك الأذى مهما كان من حيث الشدة سيبقى أثره مدة ثم يزول، أما إذا التزم حبل الخصام جعل الحقد الدفين يوخز قلبه وضميره فيعذبه بذلك دائماً. وفوق هذا أن العداوة لا تذهب بشيء من الشر، بل أنه يعمق الجرح ويوسعه، والخصم أيضاً بمقتضى غريزة الدفاع يهيئ نفسه ويجهزها للدفاع مهما أمكن.
إن آثار العداء قد تكون مؤلمة جدا، وقد يستحيل ترميم تلك الاختلالات التي تنشأ عنه، فإنه قد ينتهي أمر الإنسان فيه إلى أن يحس بالعبء الثقيل على ظهره مدى عمره من الإحساس بألم ووخز الضمير من أثر خطأ كبير كان من ثمار العمل غير المعقول وليد الحقد والعداء، وقد ينتهي أمره في ذلك إلى فاجعة في عاقبة سوء لا تحمد، وهناك بعض الناس لا يوجد في قاموس حياتهم أي موقف من الصفح والكرامة، فهم لا ينسون أي إجحاف عليهم أو إهانة إليهم مدى الدهر، إن هذا الإفراط في الشدة والحساسية الشديدة تحملهم على أن يصرفوا جميع قدراتهم وإمكاناتهم في سبيل الانتقام حتى ولو رموا بذلك أنفسهم في لهب النيران، إن مثل هذه الطبيعة السريعة الغضب لا تتحمل أن تصغي إلى أصغر نقد عليها، بينما نرى الرجال الأقوياء الناضجين يتعلمون من النقد نقاطاً بناءة، فيهيئون بذلك لأنفسهم عوامل الإصلاح .
يقول أحد العلماء: (أن التأثر الشديد من الشخص علامة على عدم نضجه الكامل، فإنه كثيراً ما يتفق ان لا يكون في الحقيقة اي تحقير او إهانة فيما يوجب له التأثر بالنسبة إليه، وإنما يكون قد تأثر به بتوهم السبب من دون أي سبب واقعي. أو قد يكون هناك تحقير أو إهانة ولكنها غير متعمدة، ففي هذه الصورة ايضاً لا ينبغي له أن يتألم ويشكو من ذلك. اما إذا كانت الإهانة متعمدة متقصدة، فإن كانت توافق الواقع والحقيقة فتشير إلى عيب واقعي في الإنسان فإنها لا توجب للعاقل ألماً بل تورثه ندماً على ما فرط ويقظة فيما يأتي، وإن كانت خلافاً للواقع وفي غير محلها فلا ينبغي للعاقل أن يعتد بها، إذ هي من حسود يريد به السوء، أو حقود طفيلي العقل يحاول الانتقام، أو مجهول يحاول التكبر على الآخرين باحتقارهم وهتكهم والإهانة إليهم. ولا ينبغي أن يتألم العاقل من جاهل كهذا).
إن محاولة الإنتقام في بعض الناس من ردود فعل (عقدة الحقارة) فيهم، قد أبقى ما رأوا من الخشونة والضغط غير المطاق في دور الطفولة والصبا، او من مجتمعهم المحيط بهم آثاراً عميقة مؤلمة في قلوبهم، فيصابون - كما في علم النفس - بعقدة حقد حادة وشديدة. وبكلمة أن الإنتقام من الوسائل التي يتوسل بها المصابون بعقدة الحقارة في سبيل جبران ما يحسون به من فشل وانكسار، فيترصدون لإيذاء الآخرين بشتى العناوين المختلفة، ويرتكبون في ذلك كل جرم وأية جناية مهما كانت. إن من العوامل المؤثرة في نسيان السوء الالتفات إلى الأهداف المقدسة في الحياة، فإن من يصفي خلقه وروحه ويتوجه إلى الهدف المقدس من الحياة يصغر عنده كل شيء سوى ذلك الهدف، فينظر إلى إساءة الناس بعين الإغماض وعدم الاعتداد. إن مدى التأثر بإساءة الناس إلينا باختيارنا، وبيدنا ايضاً أن نبدل أفكارنا من نوع إلى آخر فنلتفت إلى فضيلة نقابل بها صفة ذميمة، وعلى هذا فبإمكاننا أن نقلل بإرادتنا أثر العوامل المختلفة في فكرنا، وأن نتقوى بها على تحطيم حس الانتقام الذي يضغط على روحنا. وإن نحن غفلنا عن العمل بما يجب علينا من الوظائف الأخلاقية فلا يستطيع الآخرون ان ينصرونا ويساعدونا على تغيير ما بنا من خلق سيء: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}[الرعد: 11].
وأن للإنتقام صوراً عديدة وأشكالاً مختلفة، فهناك من يحمل منافسيه على أمور تنتهي إلى نتائج سيئة وعاقبة شقية تعسة، وهو يتظاهر في حمله لهم على ذلك بالإرشاد والإخلاص فهو ينتقم بذلك منهم بصورة ظريفة.
يقول أحد كبار علماء الغرب: (أن الحقد والعداء من أثر الحماقة، وبالخصوص فيما لم يكن له اي سبب آخر. فإننا نستطيع ان نحل كثيراً من الموضوعات بطريق أخوي صادق إلا أن الكبر والغرور لا يدعنا أن نفعل ذلك، فكثيراً ما نشرد عنا احباءنا وأصدقاءنا بأصغر شيء نراه منهم بالنسبة إلينا، ومع أننا نعلم أن لا ذنب لهم في ذلك لا نعفو عنهم. ليت شعري كيف نقدر ان نخفف من عظم ظلمنا هذا إياهم).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|