أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-11-2020
2446
التاريخ: 19-1-2016
2166
التاريخ: 2023-03-11
1573
التاريخ: 19-1-2016
3054
|
بدأ الحديث عن حقوق الإنسان في أوروبا منذ القرن السابع عشر وما بعده، وقد نشر كُتّاب ومفكروا القرنين السابع عشر والثامن عشر أفكارهم بين الناس بصورة فعالة وبذلوا جهوداً كبيرة في مجال الحقوق الطبيعية والفطرية للإنسان التي لا يجوز سلبها منه، ومن جملة أولئك الكتاب والمفكرين جان جاك روسو وولتر ومونتسكيو، والنتيجة العملية الأولى التي ظهرت كثمرة لنشر أفكار أنصار حقوق الإنسان الطبيعية كانت في انكلترا حيث حدث نزاع طويل بين الهيئة الحاكمة والشعب أدى في النهاية إلى حصول الشعب في عام ١٦٨٨ على جزء من حقوقه الاجتماعية والسياسية بوثيقة قانونية مقترحة(1).
والنتيجة العملية البارزة الأخرى التي ظهرت هي شيوع هذه الأفكار في معارك الاستقلال التي خاضتها أمريكا ضد انكلترا، وبهذا الشكل فإن ثلاث عشرة مستعمرة انكليزية في أمريكا الشمالية كانت قد ثارت وتمردت بسبب الضغوط والأعباء الكثيرة التي فُرضت عليها، وفي النهاية حصلت على استقلالها.
وفي القرن التاسع عشر حدثت تحولات وظهرت أفكار جديدة في مجال حقوق الإنسان تتعلق بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أدت إلى ظهور (الاشتراكية) ووجوب تخصيص الفوائد والأرباح للطبقات الكادحة وانتقال السلطة من يد الرأسماليين إلى يد العمال.
وحتى أوائل القرن العشرين وإن كانت البحوث تدور حول حقوق الإنسان فإنها جميعاً كانت حول حقوق الشعوب مقابل الحكومات أو حقوق الطبقات الكادحة والمستضعفة مقابل أرباب العمل. وقد ظهرت في القرن العشرين ولأول مرة قضية حقوق المرأة مقابل حقوق الرجل.
وفي أوائل القرن العشرين أعلنت انكلترا التي تُعد من أقدم الدول الديمقراطية في العالم مساواة حقوق المرأة بحقوق الرجل، وأما الولايات المتحدة الأمريكية فمع أنها اعترفت بالحقوق العامة للإنسان في القرن الثامن عشر ضمن اعلان الاستقلال فقد صادقت في عام١٩٢٠ على قانون مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية، وكذلك أذعنت فرنسا في القرن العشرين لهذا الأمر.
وعلى كل حال فقد أصبح في القرن العشرين أنصار كثيرون في كل أنحاء العالم للتحولات العميقة في علاقات المرأة والرجل من ناحية الحقوق والواجبات والامتيازات المعيشية. وحسب اعتقاد أولئك الأنصار فإن التحولات والتغييرات الجذرية التي حصلت في علاقة الشعوب مع الحكومات من جهة، وعلاقة الكادحين والمستضعفين بأرباب العمل والرأسماليين من جهة أخرى، ليست كافية لتحقيق العدالة الاجتماعية ما لم يتم اجراء الاصلاحات اللازمة في العلاقات الحقوقية للرجل والمرأة.
ولهذا فقد جاء (ولأول مرة) في مقدمة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نشرته هيئة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية في عام ١٩٤٨ ما يلي: «بما أن الأمم المتحدة قد أعلنت مرة أخرى في البيان ايمانها بحقوق الإنسان وبمكانته وقيمته وتساوي حقوق الرجل والمرأة.. .. إلخ».
كانت هذه نبذة مختصرة عن حركة حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المرأة مقابل حقوق الرجل في أوروبا. وكما نعلم فإن جميع بيانات حقوق الإنسان التي كانت حديثة العهد للأوروبيين وكانوا يفخرون بها، ونقلوها بكثير من الضجيج والتطبيل، تنبأ بها وذكرها الدين الإسلامي الحنيف قبل أربعة عشر قرنا مضت، وفي كثير من الموارد كانت أفضل وأدق من هذه البيانات. كما أن بعض العلماء العرب والإيرانيين قارنوا بين تلك البيانات وبين القوانين الإسلامية وذكروها في كتبهم حيث يمكن ملاحظة وجود الفوارق في بعض الأقسام بين ما ورد في هذه البيانات وبين ما هو موجود في الإسلام، وهو موضوع ممتع ولطيف.
ومن تلك الاختلافات أو الفوارق قضية حقوق المرأة والرجل حيث أن الإسلام أقر المساواة بينهما، أما التشابه والتطابق في الحقوق بين المرأة والرجل فلم يقبل به وذلك لوجود فوارق كثيرة بينهما من الناحية البدنية والنفسية ولا يمكن لمخلوقين مختلفين وغير متشابهين أن ينالا حقوقاً متشابهة لأن مثل هذا الإجراء ستكون نتيجته الظلم والتجاوز. لذا يشير كتاب تاريخ آلبرماله في المجلد السادس صفحة ٣٢٨ إلى العذاب والالام التي لحقت بالنساء نتيجة تلك المساواة بين المرأة والرجل حيث أدت بهن إلى الضياع والهلاك، فيقول: «ما دامت الحكومات لا تهتم بأوضاع العمال وأسلوب معاملة أرباب العمل لتلك الطبقة، فإن الرأسماليين سيفعلون ما يريدون.... وأصحاب المعامل يشغلون النساء والأطفال بأجور زهيدة، ولأن ساعات عمل هؤلاء تتجاوز الحد الطبيعي فإنهم يصابون في الغالب بالأمراض المختلفة التي تؤدي إلى موتهم في ريعان الشباب»)(2).
من الواضح جداً أن ترويج واشاعة تلك الأفكار حول المرأة والرجل من النواحي كافة وانجاز الأعمال المتشابهة للحصول على حقوق متشابهة واخراج المرأة من البيت إلى المصنع، سوف لا تكون ثمرتها ونتيجتها غير تلك الظروف والأوضاع المأساوية.
وفي الغرب طُرحت قضية تشابه(3) حقوق المرأة والرجل في ذهن الجماهير بصورة خاطئة ومغلوطة باسم مساواة حقوق المرأة والرجل، وأوهموهم أن المرأة والرجل متشابهان ومتماثلان ويجب أن ينالا ويحصلا على العمل المتشابه والواجبات والحقوق المتشابهة أيضا، وبالطبع فقد طرحوا هذه الإيحاءات بشكل غير مباشر تحت ذريعة المساواة.
لقد طرح أولئك الذين يحملون هذا النوع من الأفكار ذلك تحت ذريعة الدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها وانقاذها من البؤس والظلم.
إن الغرب بنشره واشاعته لتلك الأفكار، وضع بصورة مأساوية أساس الظلم والبؤس الذي لحق بالمرأة وشتت نظام الأسرة، ومزق كيانها المقدس.
ونسمع الآن وبعد مرور زمان على صدور البيانات حول حقوق المرأة والرجل والدفاع عن حقوق المرأة، أكثر من أي وقت مضى نواح وأنين العلماء والمفكرين الغربيين على انفراط نظام الأسرة، تصدع أساس الزواج، امتناع الشباب عن تحمل مسؤولية الزواج، النفور من تحمل مسؤولية الأمومة، تدني عاطفة الوالدين وبالأخص الأم تجاه الأبناء، ابتذال المرأة في عالم اليوم، حلول هوى النفس والعواطف السطحية محل الحب الحقيقي العميق، ازدياد نسب الطلاق، تزايد عدد الأبناء غير الشرعيين، وأخيراً تدني ونقص المحبة والاتحاد والتفاهم بين الزوجين.
إن ما يسمى ببيانات حقوق الإنسان والأحاديث المزخرفة في الدفاع عن حقوق المرأة، وذرف دموع التماسيح على بؤس ومظلومية المرأة والإدعاء بمساواة حقوق المرأة بحقوق الرجل، وإن كانت قد رفعت عن المرأة بعض مظالم القرون الوسطى وحررتها من بعض القيود، إلا أنها نشرت وجلبت الكثير من البؤس والمظالم الأخرى للنساء. ومن المسلمات فأن الذين أنزلوا الإنسان إلى درجة اعتباره كآلة، وأنكروا أصالة روحه ونفسه، واعتبروا أن ما يحركه ويوجهه في الحياة فقط المنافع المادية والاقتصادية لا غير، وإن كل مظاهر كمال وعظمة الإنسان كالدين، الأخلاق، الفلسفة، العلم، والفن والآداب هي أمور ثانوية غير أساسية، بل الأدهى من كل ذلك هو اعتبار الدافع والهدف الأساسي لكل أفعال ونشاطات الإنسان هي العوامل الجنسية، إن أولئك لا يحق لهم الإدعاء والحديث عن حقوق الإنسان أو مساواة المرأة بالرجل، لأن مع هذه الأسس للتفكير وذلك التفسير الواهي للإنسان، لا يبقى مجال للحديث عن حقوقه، ويصبح معه الحديث عن الكرامة والشرف الإنساني والحقوق التي لا يجوز سلبها واحترام شخصية الإنسان، حديثا فارغا لا فائدة منه.
كان ينبغي للغرب أن يغير ويبدل نظرته أولاً حول تفسيره للإنسان، وبعد ذلك يصدر البيانات الضخمة حول الحقوق المقدسة والفطرية للإنسان.
وبالطبع ينبغي الإشارة إلى أنه لم يفسر جميع فلاسفة الغرب الإنسان بالشكل المذكور آنفاً، بل ان كثيراً منهم فسر الإنسان بشكل أو بآخر تفسير شبيها بتفسير الشرق.
ونحن نعني ذلك النوع من التفكير الذي ظهر في أوساط الكثير من الناس وأثر على شعوب العالم وعلى أساسه يتم التعامل مع الاخرين.
ونعتقد أن اعلان حقوق الإنسان يجب أن يصدر من قبل من ينظر إلى الإنسان نظرة ترى أنه في درجة أعلى من كونه تركيباً مادياً فقط، وأن لا يعتقد أن دوافع وحوافز الإنسان تنحصر بالأمور الغريزية والشخصية بل أن معياره الأساس هو الضمير الإنساني الحي.
إن اعلان حقوق الإنسان يجب أن يصدر عمن يعتقد بأصل «إني جاعل في الأرض خليفة» وأن يرى في الإنسان نموذجا ومظهر من مظاهر الألوهية. ويجب كذلك على من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان أن يعتقد بهدف الإنسان الذي يجد السير نحوه كما في قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6].
يجب أن يصدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من يسعى لتحقيق طموحات البشرية من أجل تأمين حقوق الإنسان وفق المفهوم القرآني:
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4].
ولا يتناسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مع طريقة وأسلوب التفكير الغربي بل أن ما يناسبهم فعلاً هو ذلك السلوك والتعامل الذي يجري حالياً في الغرب بحق الإنسان، مثل: قتل العواطف الإنسانية، التلاعب بمقدرات البشرية، تقديم واعطاء الأولوية للمال ورأس المال على الإنسان، تقديس الآلة، ربوبية الثروة، استغلال البشر، والتسلط الشامل للرأسماليين.
_______________________________
(١) ترجمة تاريخ البرمالة، ج ٤ ص ٣٦٦ .
(2) راجع كتاب حقوق المرأة في الإسلام - للشهيد المطهري من ص ١٢٠ فما بعد.
(3) من المعلوم أن الكمية غير الكيفية، والتساوي يختلف عن التشابه، ومن البديهي أن الإسلام لم يعترف بالحقوق المتشابهة للمرأة والرجل، لكنه أيضاً لم يرجح الرجال على النساء من الناحية الحقوقية، وقد راعى الإسلام أصل المساواة بين المرأة والرجل، ولذا فإنه لا يعارض مساواة حقوق الرجل بالمرأة لكنه يرفض تشابه الحقوق بينهما، ولأجل الايضاح أكثر بهذا الشأن نضرب المثال التالي: من الممكن أن يقوم أحد الآباء بتقسيم ثروته بصورة متساوية بين أولاده ولا يقسمها بصورة متشابهة، فقد يكون لديه ثروات متعددة كأن يكون له متجر وعقارات مؤجرة وأرض زراعية، ومع الأخذ بنظر الاعتبار أنه قد اختبر أولاده من قبل فلمس في أحدهم توجها نحو التجارة مثلاً ولمس في الآخر ميلاً نحو الزراعة وفي الثالث رغبة في الملكية والاستثمار، فعندما يقسم الثروة بينهم فهو يأخذ بنظر الاعتبار تقسيمها بشكل متساوٍ دون ان يكون متشابها، بل يعطي لكل منهم جزءا من الثروة يتناسب مع ما لمسه فيهم من استعداد وخبرة ومقدرة على توظيفها.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|