المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
: نسيآمون الكاهن الأكبر «لآمون» في «الكرنك»
2024-11-28
الكاهن الأكبر (لآمون) في عهد رعمسيس السادس (الكاهن مري باستت)
2024-11-28
مقبرة (رعمسيس السادس)
2024-11-28
حصاد البطاطس
2024-11-28
آثار رعمسيس السادس (عمارة غرب)
2024-11-28
آثار رعمسيس في أرمنت
2024-11-28

تعريف الدليل
7-3-2017
سعدان بن مسلم
9-9-2016
فضيلة تلاوة سورة الصافات
7-4-2016
تقدير مستوى البروتين الدهني عالي الكثافة في مصل الدم
2024-08-26
تفسير سورة التين من آية ( 1-7)
2024-02-28
التمييز بين الاضراب والمظاهرة
8-8-2017


لماذا نعفو ونصفح عن السوء؟  
  
1491   09:53 صباحاً   التاريخ: 14-7-2022
المؤلف : مجتبى اللّاري
الكتاب أو المصدر : المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة : ص107 ـ 109
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

لا شك أن الإنسان لا يستطيع أن يعتزل المجتمع ويقطع حبال روابطه مع أبناء نوعه وينزوي عن الناس، إذ أن الإنسان موجود محتاج لا حد لحاجاته ولا حصر لفقره، فهو بحكم فطرته وضرورته تبتني حياته على الأسس الاجتماعية لتحل تحت ظلال التعاون والمساعدات عقد الحياة. ولكن الحياة الإجتماعية لها شرائط مختلفة ما أن يقدم الإنسان عليها حتى يقيد بتلك الشرائط والقيود والوظائف والآداب التي تتوقف الموفقية في الحياة على رعايتها جميعاً.

إن الحياة الاجتماعية - وهي أكثر العوامل أثراً في تكون شخصية الإنسان - لا ينبغي أن تتحدد بحدود الجسمانيات فقط، بل يجب أن تكون الروابط نتيجة لاتحاد الأرواح وترابطها واتصالها، وأن تكون الروابط الصورية مظهراً لتناسبها وتوازنها، وإذا كان المجتمع يتمتع بوحدة معنوية صورية تقوم الروابط العامة فيها على أساس الترابط الروحي الكامل، فمحال أن تفقد الحياة حينئذ جمالها وصفاءها.

إن من وظائفنا الأساسية في عالم المعاشرة أن نتصف بصفة العفو والإغماض عن أخطاء الآخرين، فضلاً عن أن الروابط الإنسانية نفسها تقتضي ذلك.

وأن أحسن الطرق للتعايش السلمي أن يسالم الإنسان الآخرين من أبناء نوعه.

ولا ينبغي للإنسان أن يغفل عن أنه لا يخلو أحد في هذا العالم من عيوب ونقائص، وأن أولئك الذين يتصفون بالتوازن والاعتدال الطبيعي والأخلاقي الكامل قليلون جداً، وأن أسمى الشخصيات أيضاً لا يخلو عن خطأ ما. ولذلك فيجب على كل شخص ان يتحمل قسطاً من الأمور التي لم يكن يتوقعها فيعفو عن اخطاء أبناء نوعه، فإن السلام الدائم والوطيد لا يحصل إلا من طريق التصالح في كثير من الموارد.

قديماً قال الشاعر: (لكل أمرئ من دهره ما تعودا)، وأن ما يتعوده ليس إلا وليداً لحالاته الروحية والخلقية، وأن العفو والصفح من أبرز مظاهر قوة الإرادة وتملك النفس، وهما نوع من الشجاعة والفتوة. وأن الذين يتمتعون بهذه الفضيلة فيعفون بعد قدرتهم على ما يريدون سيحصلون بذلك على صفاء وطمأنينة خاصة لا يعادلها أي شيء آخر. أن العفو يورث قوة الإرادة وتربية الروح، وهو موهبة اخلاقية تصبح منبعاً للرأفة والإحسان، وهو وسيلة إلى تحرر الإنسان عن قيود عبودية النفس. أن الإغماض عن أسواء الآخرين وإن كان عبئاً ثقيلاً على طبع الإنسان ولا تقبله نفسه إلا بعسر وشدة، ولكن كلما اقتدر في هذا الطريق قلت اضطراباته النفسية بشكل محسوس، ويصبح في النهاية رحمة للعالمين.

إن العفو والإغماض سيؤثر في عواطف العدو بصورة قاطعة، مما يغير من فكره وعمله بتحول عاطفي سريع، فكم من العلاقات المتوترة قد تحسنت في ظل الصفح، وكم من الحقد والبغضاء والعداء العميق والمتأصل تبدل إلى صفاء وإخلاص، وكم من عدو قابل رجلا قد تجهز له بسلاح الأفكار الشفيقة والمخلصة فاستسلم له وانقاد.

يقول أحد العلماء: (إن من أكبر مواهب الإنسان التي لا حظ لسائر الحيوانات فيها هو العفو والصفح عن أخطاء الآخرين. أن من يؤذيك يعطيك فرصة حسنة تستطيع أن تعفو فيها عمن ظلمك فتلتذ بلذة العفو عنه. لقد قالوا لنا أن نعفو عن أعدائنا ولم يقولوا لنا أن نعفو عن آبائنا واصدقائنا ايضاً، إذ من المعلوم لنا أنه ينبغي لنا أن نعفو عن جميع ما يرتكبه الآخرون منا سواء كانوا أعداء أم أصدقاء. إنك إذا انتقمت من عدوك كنت مثله إذ عاملته بالمثل ولكنك إذا عفوت عنه كنت أكرم منه إذ كان سيئاً وكنت محسناً. إننا إذا أردنا أن ننتقم من أحد كان من المحتمل أن لا نقدر عليه ولكنا إذا عفونا عنه قدرنا عليه، أننا بالعفو نستطيع أن نقهر أعداءنا بدون قتل وقتال، وأن نحملهم على التواضع لنا، أن ترك الخصم والفرار من مقابلته لهو أحسن حملة دفاعية نعملها في مقابلتهم، فإن هزيمتهم حينئذ هزيمة حتمية لا محالة منها أنه ينبغي لنا أن نبر إذ أضر الآخرون، فإن البر في مقابلة الضر سياسة سماوية تستقر بها الأرض ومن عليها بهدوء وهناء). 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.