اختلاف صيغة حديث سمرة بن جندب الدال على قاعدة « لا ضرر ولا ضرار » |
1637
07:21 صباحاً
التاريخ: 2-7-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-7-2022
2086
التاريخ: 16-7-2022
3325
التاريخ: 5-6-2020
1886
التاريخ: 2-7-2022
1638
|
ورد في بعض مصادر الحديث زيادة قيد «على مؤمن» كما أشرنا إلى ذلك سابقا [ في الفقرة الثانية مدرك القاعدة ]، و أشرنا إلى انّ ذلك لم يثبت بطريق معتبر.
وورد في بعض مصادر الحديث : لا ضرر و لا إضرار، فالفقرة الثانية هي «و لا إضرار» و ليس «و لا ضرار». و من جملة المصادر التي ورد فيها ذلك الفقيه، حيث نقل الحديث هكذا: «لا ضرر و لا إضرار في الإسلام» (١).
وفي بعض مصادر حديث العامّة ورد: «لا ضرر و لا ضرورة».
وفي بعضها «لا ضرر في الإسلام» (٢) بحذف الفقرة الثانية.
و المهم من بين هذه النقول التي نريد لفت النظر إليه هو ما اشتمل على قيد «في الإسلام»، فانّ شيخ الشريعة الاصفهاني ذهب إلى أن المقصود من الحديث المذكور افادة النهي التكليفي، ولكن الذي كان يقف أمامه وجود قيد «في الإسلام»، فان ذلك لا يتلاءم و افادة النهي.
ومن هنا أخذ ينفي القيد المذكور، حيث ذكر في الفصل الثالث من الفصول الاثني عشر التي رتّب رسالته عليها: انّ القيد المذكور غير موجود في الروايات بما في ذلك روايات العامّة، فقد تفحّصت كتبهم و صحاحهم و مسانيدهم و معاجمهم فحصا أكيدا فلم أجد رواية أصل الحديث إلّا عن ابن عباس و عن عبادة بن الصامت، و كلاهما رويا الحديث بدون الزيادة السابقة، و بعد هذا فلا ندري من أين جاء ابن الأثير بهذه الزيادة في نهايته.
ثم قال في نهاية كلامه: و أعجب من الكلّ ما رأيته في كلام بعض المعاصرين من دعوى الاستفاضة مع هذا القيد و اسناده إلى المحقّقين تواتر الحديث مع الزيادة المذكورة (٣).
ونحن لسنا في صدد التعليق على كلام شيخ الشريعة من جميع جوانبه، فحصر رواة الحديث بابن عباس و عبادة في غير محله، فهناك عدة آخرون يبلغ عددهم ستة أو سبعة يروون هذا الحديث عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم).
كما ان زيادة قيد «في الإسلام» موجودة في رواية أبي لبابة و رواية جابر بن عبد اللّه (4).
و الذي نريد لفت النظر إليه هو ان اضافة القيد المذكور ثابت في مصادرنا أيضا، فالصدوق (5)، روى بشكل مرسل حديث لا ضرر مع الزيادة المذكورة (6).
و رواها مع القيد المذكور كل من ابن أبي جمهور الاحسائي في عوالي اللآلي عن الشهيد الأوّل في بعض مصنفاته عن أبي سعيد الخدري، و الشيخ الطوسي في كتاب الشفعة من الخلاف، و العلّامة في خيار الغبن من التذكرة.
و قد يحاول تصحيح رواية الصدوق المرسلة ببيان أنّ مراسيل الصدوق إذا كانت بلسان قال فهي حجة دون ما إذا كانت بلسان (روي).
و يمكن توجيه ذلك بأحد البيانين التاليين:
أ- ما تبنّاه جماعة منهم السيد الخوئي في رأيه القديم المذكور في الدراسات (7)، و حاصله: أنّ التعبير ب «قال» يدلّ على ثبوت الرواية وصحتها لدى الصدوق، و إلّا لما جاز له الإخبار بنحو الجزم و انّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قال كذا، فإخباره الجزمي يدل على حجيتها و صحتها لديه، و هو المطلوب.
و جواب ذلك واضح فانّ حجّية خبر عنده لا تستلزم حجيته عندنا، إذ لعله اطمأن به بسبب قرائن لو اطّلعنا عليها لم توجب لنا الاطمئنان، كما أوضح هذا التراجع (قدّس سرّه) في مصباح الاصول (8).
ب- ان التعبير ب «قال» يدل على جزم الصدوق، و إذا احتملنا استناد هذا الجزم إلى الحس طبّقنا أصالة الحسّ العقلائية. و في المقام حيث نحتمل انّ الجزم و ليد الحسّ- بأن كان هناك تواتر في نقل الحديث المذكور استند إليه الصدوق- فنحكم بكونه عن حسّ.
و إذا قيل: إذا كان هناك تواتر فلما ذا لم نعثر على نقل الحديث من غير الطرق القليلة المذكورة سابقا؟
كان الجواب: أنّ الحديث بما أنّه نبوي و ديدن الأصحاب لم يكن على ضبط الأحاديث النبوية المروية عن غير الأئمّة (عليهم السلام) فنحتمل انّ التواتر كان و لم يضبط، و لا استبعاد في كون هذا الخبر زمن الصدوق كان متواترا (9).
و فيه :
أ- ان تعبير الصدوق ب «قال» لو دلّ على الجزم فهو يدل على الجزم الأعم من الوجداني و التعبدي و لا يتعين في الوجداني، و الجزم التعبدي يكفي فيه اطمئنانه بصدور الرواية و لو لقرائن لو اطلعنا عليها قد لا نراها موجبة للاطمئنان.
ب- ان أصالة الحسّ تجري لتعيين حال النقل و انّه عن حسن لا عن حدس، و لا جزم بانعقادها لتعيين حال الجزم.
و بكلمة أخرى: ان نقل الصدوق يشتمل على أمرين: نقل الرواية، و انه جازم بها. و أصالة الحسّ تجري بلحاظ أصل النقل لإثبات انه عن حسّ دون تعيين حال الجزم لعدم الجزم بانعقادها على ذلك.
ج- ان التواتر المحتمل امّا هو بلحاظ نقل الشيعة، أو بلحاظ نقل العامة، أو بلحاظ كليهما.
و إذا لاحظنا جميع المصادر لربّما يحصل للشخص تواتر، إلّا انّ الذي يمكن حصوله هو التواتر بلحاظ فقرة: لا ضرر و لا ضرار من دون ضم قيد «في الإسلام»، امّا إذا أردنا ملاحظة هذا القيد فلا يمكن تحصيل التواتر، لأنّ القيد المذكور وارد في نقول قليلة لا تتجاوز الثلاثة أو الأربعة.
د- ان تعبير الصدوق لا يدل على الجزم أصلا، لأنّ ظاهر كلامه انّه بصدد الاحتجاج على العامة، فانّ الحديث ذكره تحت عنوان ميراث أهل الملل، فالمسلم إذا مات هل يرثه الكافر، و الكافر إذا مات هل يرثه المسلم.
و في هذا المجال ذكر أنّ الكافر لا يرث المسلم عقوبة له على كفره، ثم قال ما نصّه: «فأمّا المسلم فلأي جرم و عقوبة يحرم الميراث؟
و كيف صار الإسلام يزيده شرّا مع قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم): الإسلام يزيد و لا ينقص، و مع قوله (عليه السلام) لا ضرر و لا إضرار في الإسلام؟ فالإسلام يزيد المسلم خيرا و لا يزيده شرا» (10).
انه بذلك يقصد الرّد على العامة الذين حرموا المسلم من ارث الكافر أيضا، فهو كأنه يخاطبهم و يقول لهم: كيف لا يرث المسلم الكافر، و الحال أنّ الحديث الوارد في رواياتكم يقول: لا ضرر و لا إضرار في الإسلام؟!
و من الغريب ما ذكره بعض الأعلام (قدّس سرّه) من انّ قيد «في الإسلام» الوارد في الفقيه اشتباه. و قرّب الاشتباه بما يلي: إنّ من المحتمل كون الوارد في أصل الفقيه هكذا: لا ضرر و لا اضرار فالإسلام يزيد ...
فالحديث ذكر من دون قيد: «في الإسلام»، و إنّما ذكر الصدوق «فالإسلام يزيد ...» بصدد تكملة ردّه على العامّة. و لكن الكاتب اشتبه فكرّر كلمة «فالإسلام» مرتين من باب سهو القلم.
ثم بعد ذلك جاء دور من تأخر عن الكاتب و رأى أنّ كلمة «فالإسلام» كررت مرتين، فظن الاشتباه و تخيّل ان المناسب بدل كلمة «فالإسلام» الاولى: «في الإسلام»، فصحّح العبارة و صارت النتيجة كما نراه اليوم (11).
و فيه: إنّ ما ذكره مجرّد احتمال لم يقم دليلا على اثباته، بل الدليل على عكسه، و هو اتفاق النسخ على ما هو الموجود اليوم، و لم ينقل عن أحد وجود نسخة اخرى للعبارة المذكورة.
بل انّ في كلام الصدوق نفسه قرينة تدل على ضرورة وجود قيد «في الإسلام»، و هي كونه في صدد الرّد على العامة، و كأنه يريد ان
يقول: لا ضرر و لا إضرار بسبب الإسلام، و المسلم إذا حرم من ارث الكافر لزم تضرره بسبب الإسلام.
و بهذا يتّضح ان كلمة «في» في قوله: «في الإسلام» سببية، نظير ما ورد عن أبي هريرة عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): «انّ امرأة دخلت النار في هرّة ...». أي: بسبب هرّة.
لفت نظر :
ذكرنا أنّ نكتة البحث عن وجود قيد «في الإسلام» و عدمه تظهر في امكان استفادة النهي التكليفي من الحديث، فان شيخ الشريعة اختار إرادة التحريم التكليفي من حديث لا ضرر.
و هذا الرأي يقف أمامه وجود القيد المذكور- و من هنا أخذ شيخ الشريعة ينفي القيد المذكور- إذ لا معنى لأن يقال: لا تضر في الإسلام بنحو يقصد الإنشاء دون الإخبار.
هذا و بالامكان أن يقال: إنّ وجود القيد المذكور إنّما يتنافى مع إرادة النهي لو فرض انّا فسرنا النفي بالنهي، امّا إذا وجّهنا ذلك بأن المقصود هو الإخبار بداعي الإنشاء- من قبيل يعيد بداعي إنشاء وجوب الاعادة، أو قدّرنا خبرا محذوفا؛ أي لا ضرر جائزا في الإسلام- فلا منافاة بين القيد المذكور و إرادة النهي.
____________
(١) الفقيه ٤: ٢٤٣.
(٢) راجع هذا و ما قبله في قاعدة لا ضرر للسيد السيستاني: ١٠٥.
(٣) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: ١٢- ١٣.
(4) و قد أوضح السيد السيستاني ذلك في رسالة قاعدة لا ضرر: ٧٥- ٨٣.
(5) الفقيه ٤: ٢٤٣.
(6) و قد أشار إلى ذلك السيد محمد علي القاضي في هامش رسالة لا ضرر لشيخ الشريعة الاصفهاني: ١٣ فراجعه.
(7) الدراسات: ٣٢٢.
(8) مصباح الأصول ٢: ٥٢٠.
(9) بحوث في علم الاصول ٥: ٤٣٧.
(10) الفقيه ٤: ٢٤٣.
(11) الرسائل: ٢٥.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|