أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-05
485
التاريخ: 6-3-2017
3169
التاريخ: 21-6-2016
8915
التاريخ: 2024-06-06
522
|
أولا - مرحلة الإعداد القانون 13 مارس 2000 :
- لقد فرض التطور المعلوماتي المتسارع تحديات كبيرة على مختلف الدول ، إذ بفضل ارتباط الشبكات الرقمية ( الأنظمة المعلوماتية ، والاتصالات اللاسلكية) ، سواء على المستوى الكوني أو على المستوى المحلي ، أصبح في الإمكان تبادل المعلومات ، وإبرام المعاملات ، نون الحاجة إلى دعامة ورقية . و إذا كان لهذا التطور فوائده ، بالنسبة للفرد وبالنسبة للمجتمع على حد سواء لسرعة وسهولة إجراء المعاملات والقيام بالإجراءات الإدارية المطلوبة ، إلى أنه خلف الكثير من المشكلات على المستوى التنظيمي والقانوني أو التقني ، الأمر الذي فرض على المشرع الفرنسي التدخل لتعديل القواعد والأحكام الموجودة لتتناسب مع ما يشهده المجتمع من تطور .
- وقد كان تدخل المشرع الفرنسي في بداية الأمر جزئيا ، إذا اقتصر على مواجهة حالات خاصة ، تمس قطاعات حيوية على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي ، مثل المعاملات التي تتم بين الأفراد وجهات إدارية على الشبكة الرقمية ، أو من خلال الدعامات غير المادية .
وفي هذا السياق يمكن أن ننكر ، على سبيل المثال ، قانون 12 يوليو 1980 ، بشان قبول الميكروفيلم في الإثبات (1)، وقانون 30 أبريل 1983 ، بشان السماح باستخدام الوسائط الإلكترونية كبديل عن الدفاتر التجارية في تدوين حسابات التجار ، وهو ما استتبع تعديل نص المادة (47) من قانون الضرائب الفرنسي ، ليصبح ممكنا قبول قسائم الشراء المدونة أو المتبادلة عبر وسيط إلكتروني من قبل جهات الربط الضريبي ، كما صدر مرسوم بقانون في 3 مايو 1999، معد" نص المادة (289) من قانون الضرائب ، وليسمح بقبول جميع للمحررات المدونة على وسائط إلكترونية ، لمنحها نفس الحجية المقررة المحررات الورقية في الإثبات قبل جهات الربط الضريبي : هذا بالإضافة إلى قانون 11 فبراير 1994،(2) حول "المبادرة والمشروع الفردي " ، و الذي وضعت مادته رقم (4-1) سبعة شروط للاعتراف بحجية معاملات الأفراد الإلكترونية مع الجهات الإدارية ، وكذلك مرسوم و ابريل 1998 ، والخاص بتنظيم معاملات الأفراد وتصرفاتهم القانونية مع هيئات التأمين الصحي ، ليقر حجية التوقيع الإلكتروني الذي يتم عن طريق استخدام البطاقة الإلكترونية للتأمين الصحي .
- والملاحظ أن تدخل المشرع الفرنسي قد جاء متناثرة ، بشان حالات خاصة ، ولم تنتظم قاعدة معدة ، كما أنه لم يتعرض للنصوص الخاصة بالإثبات ، الواردة بالمواد ( 1315-1369) من التقنين المدني الفرنسي ، والتي تتضمن القواعد العامة في الإثبات .
وقد ثار نقاش في الفقه الفرنسي ، حول مدى ضرورة تدخل المشرع التعديل القواعد الخاصة بالإثبات الواردة في القانون المدني ، إذ اعتقد البعض ألا ضرورة لمثل هذا التدخل التشريعي ، لما تتميز به قواعد الإثبات من مرونة ، حيث تعطي للأفراد حرية كبيرة في اختيار طريقة الإثبات في نسبة كبيرة من التصرفات القانونية ، فهناك أولا التصرفات التي لا تجاوز قيمتها ( 5000) فرنك ( نصاب الإثبات بشهادة الشهود ) ، وهناك ثانيا المواد التجارية ، كما يمكن للأطراف ، ثالثا ، الاتفاق على طريقة مقبولة في الإثبات ، بالنسبة للتصرفات التي لا تندرج تحت النوعين السابقين، مما يعني إمكانية قبول وسائل الإثبات ، غير المادية دون صعوبة تنكر ، لكن الأمر يطلب بعض الاحتياطات ، كعدم تجاوز الصفقة لحد معين ، او ابرام اتفاق بشأن الوسائل المقبولة في الإثبات (3). في حين رأى البعض الآخر ، أن التطور التقني والمعلوماتي يفرض على المشرع التدخل لتعديل قواعد الإثبات ، وعدم ترك الأمر لسلطة القاضي بالتقديرية ، لأنها لم تعد قادرة على إظهار الحقيقة ، في كل الأحوال ، وهو ينعكس سلبا على الثقة في المعاملات (4)
- ويبدو أن ظهور الإنترنت ، واستخدامه على نطاق واسع في إبرام التصرفات القانونية ، ساعد على ترجيح الرأي الثاني ، والذي ينادي بضرورة التدخل التشريعي لتعديل قواعد الإثبات ، كما أن انخراط مؤسسات المجموعة الأوروبية في إعداد توجيه أوروبي بشأن التوقيع الإلكتروني ، جعل التدخل التشريعي امرة مفروضة ، بل وقد يكون من بين العوامل التي تساعد على التعجيل به ، إذ سارعت عدة جهات لتقديم اقتراحات بشأن ما يجب أن يتضمنه التشريع المنتظر من قواعد و أحكام (5) ، وكان من أهمها الاقتراحات التي قدمها مجلس الدولة الفرنسي ، بشأن التدخل التشريعي في مجال استخدام المحررات الموقعة إلكترونية في الإثبات (6)، وهو ما تبنته الحكومة في شكل مشروع قانون ، ووافق عليه البرلمان الفرنسي ، وصدر في 13 مارس 2000 (7).
ثانيا : الإطار العام للتشريع الفرنسي حول التوقيع الالكتروني
- ونلاحظ مبدئية ، لن التشريع الفرنسي قد جاء في صورة تعديل للنصوص المتعلقة بالإثبات ، والواردة في القانون المدني وإضافة نصوص جديدة ، بما يجعلها متوافقة مع تقنيات المعلوماتية ، وشيوع اللجوء إلى التوقيع الإلكتروني ، ولم يشأ المشرع الفرنسي أن ينظم حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات ضمن تشريع خاص ( بالتجارة الإلكترونية مثلا). أما من حيث الإطار الموضوعي ، فقد كرس هذا التشريع ميدان أساسيين :
الأول : عدم التمييز بين الكتابة المعدة للإثبات بسبب الدعامة التي تتم عليها ، لو الوسيط الذي تتم من خلاله ، فسواء كانت الكتابة على دعامة مادية أو غير مادية ، أو تمت من خلال وسيط ورقي أو عبر وسيط إلكتروني ، فإن هذا الأمر لا يجب أن ينال من قوتها ، أو أن يكون سببا لعدم الاعتراف بها (م 1319 مدني فرنسي ، مضافة ).
الثاني : مبدأ المساواة الوظيفية ، وهو يعني الاعتراف بالمحرر الإلكتروني بذات الحجية المقررة للمحررات العرفية التقليدية ، طالما كان من الممكن من خلال التوقيع الذي يحمله تمييز الشخص الذي أصدره ، وتحديد هويته ، وكان إنشاؤه وحفظه قد تم في ظروف وبطريقة جديرة بالحفاظ عليه من التحريف أو التعديل (م 1316-1 من التقنين الفرنسي ، م ضافة ) . وقد أقام هذا النص قرينة قانونية على جدارة الطريقة التي استخدمت في إنشاء المحرر الإلكتروني وحفظه ، وتوقيعه إلكترونيا ، لكنها قرينة بسيطة ، يجوز دحضها بالدليل العكسي .
- ورغم أنه يفترض أن القانون الفرنسي حول التوقيع الإلكتروني قد صدر بهدف جعل القانون الوطني منسجمة مع أحكام التوجيه الأوروبي في هذا الشأن ، إلا أنه يتجاوز ذلك ، ويذهب إلى مدى أبعد ، حيث لا يكتفي القانون المشار إليه بوضع تعريف للتوقيع عموما ، وتحديد القواعد المنظمة للتوقيع الإلكتروني بصفة خاصة ، فمن ناحية ، نجد أنه يعمل في قواعد الإثبات الكتابي نفسه ، ومن ناحية أخرى ، فإنه يخول الموظف العام إمكانية إنشاء وحفظ الأوراق الرسمية على دعامة إلكترونية (م 1317/2 ) مضافة بقانون 13 مارس 2000)، غير أن تطبيق هذه الفقرة : معلق لحين صدور مرسوم يحدد الشروط الواجب توافرها لإنشاء وحفظ المستندات الرسمية على دعامة إلكترونية . وفي نظر البعض ؛ فإن هذه الإضافة تمثل تطورا هائلا ، او ما يشبه الثورة على النطاق القانوني (8)، في حين يرى جانب آخر أن هذا النص لن يغير شيئا من المعايير المطلوبة لرسمية الورقة(9) .
- و الحقيقة أن نص المادة (1317/2 ) من التقنين المدني الفرنسي ، المضافة حديثا ، قد جاء على خلاف الرأي الذي ساد الفقه الفرنسي ، والذي يميل إلى قصر إمكانية إجراء التصرفات القانونية الشكلية عبر وسيط إلكتروني ، على الأحوال التي تكون الشكلية فيها متطلبة للإثبات ، وليست لصحة العمل القانوني ذاته ، أو باعتبارها ركن من اركانه الازمة لانتقاده ، ذلك أن الشكلية المتطلبة في التصرفات الرسمية ، يطلبها المشرع بهدف حماية رضاء المتعاقد ، عندما يقدم على ابرام تصرف قانوني خطير الشأن ، كعقد زواج ، أو الرهن الرسمي ، أو هبة العقار ، ولا شك أن الحكمة التي يبتغاها المشرع متوافرة في كل الأحوال ، أضف إلى ذلك ، أن مثل هذه التصرفات القانونية ذات خطورة على الذمة المالية ، لا يجريها الشخص عدة مرات كل يوم ، بحيث نبحث عن تقنيات تسهل إجرائها ، فهي لا شك من الأمور النادرة في حياة الشخص .
من جانب آخر ، لم يورد التشريع الفرنسي اي نص يتعلق بالتزامات مقدم خدمات التوثيق ، أو يرسم حدود مسئوليته ، مما يوحي بتركها للقواعد العلمة ، لو انتظار الفرصة أخرى تلوح في المستقبل .
ثالثا : تحديد مفهوم الكتابة :
- وفقا لنص المادة ( 1316) من التقنين المدني الفرنسي ، يشمل الإثبات عن طريق الكتابة كل تدوين للحروف أو العلامات أو الأرقام او اي رمز لو إشارة أخرى ، ذات دلالة تعبيرية واضحة ومفهومة ، أيا كانت الدعامة التي تستخدم في إنشائها ، أو الوسيط الذي تنتقل عبره .
وهذا التعريف يوسع من مفهوم الكتابة المعدة للإثبات ، ليشمل كل أنواء الكتابة ، الموجود منها ، وما هو في طور التجريب ، مثل الكتابة البيولوجية ، وما قد يظهر مستقبلا.
وهذا النص يكرم مبدأ عامة ، يعتبر من أسس التشريع الفرنسي حول التوقيع الإلكتروني ، هو مبدأ عدم التمييز في نطاق الكتابة المعدة للإثبات ، على أساس التقنية المستخدمة في إنشائها ، أو الوسيلة المستعملة في نقلها . ويعني ذلك أن الأثر القانوني المترتب على الورقة ، لو درجة صحتها ، أو قوة الدليل المستمد من المعلومات المدرجة بها ، لا يمكن النيل منها أو إنكارها بسبب الطريقة المستخدمة في تحرير المعلومات ، أو الوسيلة التي تم عبرها نقل هذه المعلومات ، والهدف من ذلك ، الاعتراف بمبدأ حيادية التقنية أو الوسيلة ، إذ ليست العبرة في التقنية المستخدمة في إنشاء الكتابة ، أو الوسيط الذي تنتقل عبره ، بل المعول الأساسي هو جدارة الطريقة المستخدمة في إنشاء الكتابة أو نقلها ، في الحفاظ عليها وعلى مادتها.
وهذا المبدأ يندرج فيما سار عليه القضاء والفقه الفرنسي سابقة ، والذي يؤكد على ضرورة الفصل بين الكتابة ، والأداة أو المادة المستخدمة في إنشائها (10). فقد اعترف القضاء الفرنسي بصحة الكتابة الصادرة على دعامة غير مادية (11)، أو التي تمت بواسطة القلم الرصاص (12) ، او على وسيط إلكتروني (13) .
- ولم يتضمن القانون الفرنسي النص على ضرورة تدخل طرف نالت ، للتصديق على الكتابة التي تتم في شكل إلكتروني ، حتى لا يهدر مبدأ عدم التمييز أو الحيادية التقنية والذي يعتبر أحد الأسس التي يستند عليها . فالتعريف الموسع لمفهوم الكتابة ، الذي يكرسه القانون ، يتضمن كل أشكال الكتابة ، بما فيها الكتابة الإلكترونية ، وإن كان لا يقتصر عليها . كما أن مقتضى عدم التفرقة بين الكتابة على أساس طريقة نقلها ، يتطلب أن الحجية المعترف بها للكتابة يجب ألا تعتمد لا على الدعامة التي استخدمت في إنشائها ، ولا الوسيط الذي نقلت من خلاله ، وهو ما يتضمن النقل اليدوي ؛ عن طريق تحميل الكتابة على شريط كاسيت ، أو أسطوانة ( CD-ROM ) كما يشمل تبادل البيانات والمعلومات عن بعد عبر وسيط إلكتروني .
وإذا كان تعريف الكتابة في المادة ( 1316) المذكورة ، لم يهتم بالطريقة التي يتم بها التعبير عن البيانات والمعلومات التي يتضمنها المحرر ، أو شكلها ، إلا أنه اشترط أن تكون الرموز والإشارات - المستخدمة في كتابة المحرر ، ذات دلالة تعبيرية واضحة ومفهومة ، لدى ذوي الشأن - والمقصود بذلك ، أن مضمون المحرر والمعلومات الواردة فيه ، إذا كان قد تم التعبير عنها في صورة شفرة أو كود رقمي ، او معادلة ، أو رسم كاريكاتيري إذا كان ، فإن هذا المحرر لن يعترف له بحجية الكتابة ، وقوة الدليل المستمد منها، إلا إذا كان ممكنا استرجاعها ، والحصول عليها بطريقة مقروءة ومفهومة من قبل ذوي الشأن . وكذلك تقديمها أمام القاضي في لغة واضحة ومفهومة .
رابعا : مبدأ التكافؤ الوظيفي :
- وهو يعني المساواة بين الكتابة في الشكل الإلكتروني والكتابة في الشكل التقليدي في الحجية ، وفي قوة الدليل المستمد منها، طالما استطاعت أن تؤدي الوظيفة او المهمة التي يتطلبها المشرع ؛ وهي تميز شخص مصدرها وتحديد هويته ، وأن يتم تدوينها وحفظها بطريقة ، أو في ظروف ، جديرة بالحفاظ على قوامها من التحريف أو التعديل .
فقد نصت المادة (1316-1مضافة ) من التقنين المدني الفرنسي ، على أنه : " تتمتع الكتابة الإلكترونية بنفس الحجية المعترف بها للمحررات الكتابية في الإثبات ، شريطة أن يكون بالإمكان تحديد شخص مصدرها على وجه الدقة ، وان يكون تدوينها وحفظها قد تم في ظروف تدعو إلى الثقة :
- والمقصود بتحديد شخص مصدرها ، هو تعيين الشخص الذي ينسب إليه المحرر الإلكتروني (14)، والذي يتحمل بالالتزامات الناشئة عنه ، كما يقتضي الحقوق التي تثبت بمقتضى العمل القانوني الذي يتضمنها المحرر ، فعندما يقوم الشخص بعملية سحب آلي للنقود ، بتمرير البطاقة الممغنطة في الجهاز ، وإدخال الرقم السري المسلم له ، لو عندما يستخدم الشخص توقيع إلكتروني موثق - سواء تم استعماله مصحوبة بعلامة مادية ؛ كالبطاقة الممغنطة المصحوبة بالأرقام المعرية ، أو دون الاستعانة بدعامة مادية ، كالشفرة أو الكود المكون من حروف ارقام عدها 8-20 عنصرا ، مرتبة بطريقة معينة ، فإن من يتم تحديد شخصيته مباشرة ، هو الشخص الذي ينسب إليه التصرف القانوني ، فإذا كان هو نفسه الذي تولى إجراء العملية القانونية ، كان هناك تطابق بين شخص مصدر المحرر الإلكتروني ، والشخص الذي ينسب إليه هذا المحرر . أما إذا كان من أجرى العملية شخص آخر ، غير صاحب التوقيع ، فإن التعرف على شخصيته من خلال المحرر لن يكون أمرا سهلا ، إذ قد يكون نائبة عن صاحب التوقيع ، أو مفوضا من قبله في إجراء العملية القانونية ، وقد يكون متطفلا حصل على البطاقة والأرقام السرية بطريقة غير مشروعة ، ولن نستطيع أن نحدد إلي من ينسب التصرف القانوني ، إلا بإعمال القواعد الخاصة بالمسئولية المدنية . ويؤيد ذلك ، إن الحكم الصادر من الدائرة التجارية لمحكمة النقص الفرنسية في 2 ديسمبر 1997 ، والسابق الإشارة إليه ، اشترط للاعتراف بالحجية للكتابة الواردة على دعامة غير مادية - بالإضافة إلى شروط أخرى - أن يكون بالإمكان تعين الشخص الذي ينسب إليه مضمون المحرر.
وفي حالة استخدام توقيع إلكتروني متقدم - وهو ما يتم عن طريق مقدم خدمات التوثيق ، و يكون في شهادة معتمدة من قبله - فإن العملية القانونية تنسب إلى الشخص الوارد اسمه في الشهادة ، حتى ولو اضطرته ظروف العمل إلى أن يعهد بالشفرة أو الكود او كلمة السر ، إلى أحد أفراد أسرته ، أو إلى أحد معاونيه في إدارة الشركة ، دون أن يغير ذلك في الأمر شيئا ، أ. يحول دون نسبة آثار التصرف القانوني ، حتى ولو لم يكن هو مصدره ، فالثقة هي الأساس الذي يعتمد عليه نظام التوقيع الإلكتروني ، خاصة فيما يتعلق بجدارة السلطات القائمة على خدمات التوثيق .
ويرى البعض أن المشرع كان باستطاعته الاستغناء عن هدا الشرط بالنسبة للكتابة ، على اعتبار انه احد وظائف التوقيع وأن المحرر - يستوي في لك أن يكون في شكل الإلكتروني أو غيره - لن تكتمل عناصره، ويكتسب الحجية ، إلا إذا كان يتضمن النص على التزامات وحقوق ، وموقعة من قبل من ينسب غليه ، وفقا لنص المادة ( 1322-1) مدني فرنسي (15)
- فيما يتعلق باشتراط أن يتم تدوين المحرر وحفظه في ظروف تدعو إلى الثقة ، باعتبار أن ذلك يعد من الأمور الضرورية للاعتراف للكتابة الإلكترونية بنفس الحجية المعترف بها للكتابة التقليدية ، ذلك أن الكتابة الإلكترونية مستهدفة للأخطار ، منذ تدوينها ، وتسجيلها على نظام معلوماتي ، ونقلها ، حتى نهاية المدة المحددة لحفظها ، كما أنها معرضة للانتقال من دعامة إلى أخرى ، وهو ما قد يهدد بالتحريف او التبديل في العمل القانوني ، من هنا كان حرص المشرع على اشتراط أن يتم كل ذلك بطريقة جديرة بالحفاظ على الكتابة في صورتها الأولى ، التي دونت بها لأول مرة .
- فيما يتعلق بحفظ المحرر ، فإن الأمر قد يتطلب إنشاء خدمة تشبه الأرشيف ، تولى القيام بهذه المهمة ، وإذا كان القانون الخاص بالتوقيع الإلكتروني لم يعالج هذه المسألة ، فهذا أمر طبيعي ، حيث جرت العادة على ترك تنظيم هذه المسائل التفصيلية للائحة تصدرها السلطة التنفيذية .
كذلك لم ينص القانون على تدخل الغير في تدوين الكتابة أو في حفظها ، أو في توفير الثقة والأمان لها ، حتى لا يمثل ذلك انتهاء المبدأ الحياد التقني ، أو عدم التفرقة بين الأنواع المختلفة للكتابة بحسب التقنية المستخدمة في تدوينها وحفظها . فليس مطلوبة الحصول على شهادة معتمدة تتعلق بالكتابة التي تتم في الشكل الإلكتروني ، وذلك على عكس التوقيع ، الذي يستوجب الحصول على مثل هذه الشهادة المعتمدة . فلا علاقة للغير بالكتابة الإلكترونية الناتجة عن تبادل الإيجاب والقبول بين الطرفين عن بعد ، ولا يمكن أن يكون ذلك أحد متطلبات القانون ، إذ ليس بوسع الغير معرفة عدد التصرفات التي تتم ، ولا مضمونها ، ولا أطرافها . فإذا كان للغير دور في إشاعة الثقة في الكتابة التي تم في الشكل الإلكتروني ، فإن هذا يحدث بطريقة غير مباشرة ، عن طريق تنخله في إجراءات منح التوقيع الإلكتروني ، الذي به يستكمل المحرر عناصره ، ويغدو ، صالحا كليل إثبات .
خامسا : دور القاضي في الترجيح بين أنواع الكتابة :
- لم يكن هذا الأمر مطروحة في ظل نظام الإثبات التقليدي ، حيث فرضت الكتابة على دعامة ورقية هيمنتها ، وتصدرت طرق الإثبات الأخرى ، لذلك لم يكن متصورا قيام تنازع فيما بين الكتابة و أدلة الإثبات الأخرى . لكن في ضوء قواعد الإثبات الجديدة ، والتي تعترف بالحجية الأنواع أخرى من الكتابة ، بصرف النظر عن التقنية أو الوسيلة المستخدمة ، فين احتمال قيام تنازع بين الأنواع المختلفة للكتابة يصبح لمرة واردة . كما إذا لم يكتف أحد الأطراف بتبادل التعبير عن الإيجاب و القبول عبر وسيط إلكتروني ، وقام بإرسال خطاب بريدي يحمل الإيجاب الصادر منه ، أو يعلن قبوله للإيجاب الذي تلقاه من الطرف الآخر ، فإذا كان هناك خلاف بين التعبير عن الإرادة في رسالة مكتوبة ، وجب على القاضي الفصل في هذا التنازع ، وفقا لمعايير موضوعة .
ومن هنا فقد جاء نص المادة ( 1319-2 مضافة ) من التقنين المدني الفرنسي ، والتي تقضي بأنه " إذا لم تكن هناك نص أو اتفاق بين الأطراف يحدد أسس أخرى ، فإنه على القاضي مستخدما كل الوسائل أن يفصل في التنازع القائم بين الأدلة الكتابية ، عن طريق ترجيح السند الأقرب الى الاحتمال ، أيا كانت الدعامة المستخدمة في تدوينه ".
- ويلاحظ أن هذا النص يخول القاضي سلطة تقديرية كبيرة ، في حالة وجود تنازع بين الأدلة الكتابية ، وعدم وجود اتفاق بين الأطراف ( كما هو شأن عقود إصدار بطاقة الائتمان )، أو نص قانوني (حيث يجب ترجيح المحرر الرسمي على غيره ) ينظم ويحدد الدليل المقبول في الإثبات . ويعتبر هذا النص اعتراف وصريح من المشرع بصحة الاتفاقات المتعلقة بالإثبات ، سواء منها ما تعلق بتحقيق طرق الإثبات ، أو بتحديد أي من الطرفين يتحمل عبء الإثبات ، و إن كانت تظل للقاضي سلطة واسعة في تقديره لاتفاقات الإثبات المقبولة (16). ينبغي على القاضي ، إذن ، في حالة التنازع بين أكثر من سند كتابي ، أن يفصل فيه ، عن طريق تحديد السند الذي يجعل اثبات الأمر المدعي به أقرب للاحتمال ، على ضوء ظروف الدعوى المعروضة عليه ما لم يكن هناك نص قانوني يحسم اختيار القاضي ، من ذلك نص المادة (57-2) من المرسوم بقانون الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 1930 ، والمضافة بقانون 30 ديسمبر 1991، بشأن تحقيق الثقة والأمان في مجال الشيكات وبطاقات الوفاء (17) والتي تقضي بان " امر الدفع الصادر بواسطة بطاقة الوفاء لا يمكن الرجوع فيه ، أو نقضه ، كما لا يمكن المعارضة في الدفع ، إلا في حالة فقد البطاقة أو سرقتها ، أو في حالة خضوع المستفيد الإجراءات التصفية القضائية ".وفكرة الاحتمال هي حقيقتها ذات أصل قضائي ، و إن كان الفقه قد تنبه إليه أخيرة (18). وهي تتطلب أولا أن تكون الكتابة مستوفية شروط الدليل القانوني ، بأن تتضمن النص على حقوق والتزامات للأطراف ، وتحمل توقيعاتهم ، فإذا لم تكن محررة على هذا الشكل ، فلا يمكن لأطراف الاستناد عليها لتأييد دعواهم ، ويستبعدها القاضي منذ البداية ، ولا يوجد تنازع أصلا ، كما يتطلب قيام التنازع بين الأدلة الكتابية ، ثانيا ، ألا يكون من بينها بليل يقيني ، وإلا كانت له الأفضلية ، ، فاليقين ينفي الاحتمال ، ومن المستحيل، وجود ابلة يقينية متعارضة ، فالتنازع لا يتصور إلا بالنسبة للأدلة الاحتمالية ، والتي تخضع لتقدير القاضي ، وهو يرجح من بينها الدليل الأقرب إلى الحقيقة ، أو المحرر الذي يبعث على الثقة ، مستعينا في ذلك بكل الوسائل الموضوعية ، كالخبرة ، والتي تحدد مدى صحة المحرر ، وما إذا كان التوقيع قد تم بطريقة جديرة بالثقة .
يقتصر دور القاضي على الترجيح بين ادلة الإثبات ، عند قيام التنازع بين الأدلة الكتابية فقط ، دون ما عداها ، فإذا نشب هذا التنازع ، فإن باقي الأدلة تستبعد نهائية (أي البنية والقرائن والخبرة والمعاينة ...) ، فلا يمكن التمسك بهذه الأدلة لإثبات عكس ما هو مدون بالدليل الكتابي .
- لا يقف دور القاضي في ظل نظام الإثبات ، الذي وضعه قانون 13 مارس 2000 عند حد الترجيح بين الأدلة الكتابية ، في حالة التنازع بينها ، بل إن دوره وسلطته يتجاوزان هذا الأمر بكثير ، بل يمكن القول أن هذا القانون لم يمس الدور التقليدي المعترف به للقاضي في المجالات التي يكون فيها الإثبات حرة.
فبالنسبة لإثبات الوقائع القانونية ، والتصرفات القانونية التي لا تتجاوز نصاب الإثبات بالشهادة ، وفي المواد التجارية ، حيث يكون الإثبات حرة ، فإن القاضي يحتفظ بكامل سلطته في تقدير الأدلة المطروحة أمامه ، ليرجح من بينها الدليل الأقرب للاحتمال .
كذلك الحال بالنسبة الاستثناءات الواردة على قاعدة الإثبات الكتابي ، سواء تلك المتعلقة يوجد مبدأ ثبوت بالكتابة ، أو قيام مانع مادي او ادبي حال دون الحصول على دليل كتابي ، أو حالات فقد الجليل الكتابي بسبب قوة قاهرة ، فإن للأطراف الحق في الدليل على دعواهم بشتى طرق الإثبات ، إذا رأى القاضي أن إجراءات تدوين المحرر وحفظه لا تبعث على الثقة ، أهدر قيمته كدليل إثبات ، ولم يمنحه أية حجية .
__________
1- انظر في ذلك :
F. CHAMOUX, La loi du 12 juill, 1980: une ouverture sur de noureanx moyens de preuve, JCP. 1981,1, 3008.
2- راجع،
1-4 E. CARPiOLi et S. Munoz, La Contribation de l'artide
de la loi no 94-126 du 11 févr. 1994 au régime juridique des déclarations administrative électronique, Rev. de juris. Com. Vol. 39, no 1-6, 1995.
3- P. LECLERCQ, Evolutions et constantes du droit civil ou
commercial de la preure, Rapport de la cour de cassation, 1991, P. 133, et. Spec., P.139; D.AMMAR, op. Cit. p. 532; Th. HASSLER, op. cit. P. 265.
4- انظر:
P. COURTIN- VINCENT, La preuve du paiement d'une somme d'argent, (de l'écrit à la télématique), thése Paris 1,1980, P, 350.
5- حول مختلف الاقتراحات ، انظر ،
E. CARPIOLi, le juge et la preuve électronique, op. cit.
6- حول هذا التقرير ، راجع،
E. WERY, le rapport du Conseil d'État français sur l'internet et les réseaux numérique... Actualités. Oct. 1998,. P. Ict. S.
7- JO, 14 mars 2000, P. 3968; JCP., 2000, III , 20259.
P. CATALA, Écriture électronique et actes jaridiques, in mélanges m. CABRILLAC , Paris, litec, 1999, P. 91 et .s. m. VIVANT, un projet de loi sur la preuve pour la société de l'information, lamy droit de l'informatique, Bull. no 117, 1999, E. P.1.
8- E. CARPIOLi, La loi du 13 mars 2000, op. cit. no 5.
9- J.P. DECORPS, Avis émis aux petites affiches, 11 fév. 2000,no 72, P. 3,4,
10- Aix-en- Provence, 27 janv. 1846, D.P. 1846,2,230.
11- Versailles, 12 oct, 1995, R. TD civ. 1996, P. 172, obs. J. MESTRE,
12- Cass. Com. oct, 1996, RTD civ, 1997, P. 137, obs. J.MESTRE; Dalloz affaires 1996,P.1254.
13- Cass. Com. 2 déc. 1997, op. cit.
14-راجع
J. LARRIEU, identification et authentification, in, une société sans papier ( sous la dir. De F. GALLOUÉDECGENUYS), Paris, le -ocumentation fraçaise, 1990, note 12, P. 214-215: E.DAVIO, Preuve et certification sur internet, Rev.dr. com ( Belge), 1997, P. 666.
15-انظر . .
E. CAPRiOLi, Le juge et la preuve electronique, op. cit
16- فيما يتعلق بمدى صحة اتفاق الإثبات ، راجع ما سبق ، وراجع ايضا :
Th. HASSLER, op. Cit
17- حول مضمون هذا القانون ، راجع :
y. CHAPUT, La loi no 91-1382 du 30 déc. 1991 , relative à la sécurité des cheques et des cartes de paiement , D. 1992, chron. P. 101
18- راجع ، على سبيل المثال :
D. AMMAR, op. cit.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|