أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-3-2017
966
التاريخ: 30-03-2015
1459
التاريخ: 30-03-2015
1595
التاريخ: 11-08-2015
927
|
العقاب... يستحق ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺬﻡ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺨﻞ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﻔﻌﺘﻪ ﻭﻣﺼﻠﺤﺘﻪ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻭ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻘﺒﻴﺢ. ﻭﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻟﺌﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺇﻥ ﻓﺮﺿﻨﺎﻩ ﻓﺎﻋﻼ ﻟﻠﻘﺒﻴﺢ ﺃﻭ ﻣﺨﻼ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ، ﻳﺘﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ.
ﻭﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﻘﺒﺢ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻭ ﻣﺘﻤﻜﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ، ﻷﻥ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺍﻟﺘﺤﺮﺯ ﻣﻨﻪ، ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺳﻤﻌﺎ، ﻭﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻣﻪ ﻭﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻪ. ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻳﺸﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻊ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺗﻌﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﻘﺔ ﻭﻏﺮﺿﻨﺎ ﻟﻠﻤﺸﻘﺔ ﻟﻠﺜﻮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻭﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻟﻪ ﺇﻳﺠﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺇﻳﺠﺎﺑﻪ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﻪ ﻓﻴﺠﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺎﻋﻼ ﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻭﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻟﻀﺮﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻓﻲ ﺇﻳﺠﺎﺏ ﺍﻟﻔﻌﻞ، ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﻳﺠﺎﺑﻬﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﺛﻮﺍﺏ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﻬﺎ ﺿﺮﺭ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﺳﺐ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺍﺕ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﻳﺠﺎﺑﻬﺎ ﻟﻤﺠﺮﺩ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻭﻳﺤﺴﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺿﺮﺭ. ﻭﻫﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﺠﻴﺪ، ﻷﻥ ﻟﻘﺎﺋﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻧﻪ ﻳﻜﻔﻲ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﺍﻻﻳﺠﺎﺏ ﻭﺟﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ، ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻻﻳﺠﺎﺏ ﻓﻌﻠﻤﻨﺎ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻟﻮﺟﻪ ﻭﺟﻮﺑﻬﺎ، ﻓﺎﻹﻳﺠﺎﺏ ﺇﻧﻤﺎ ﺣﺴﻦ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺑﺄﻋﻴﺎﻧﻬﺎ، ﻓﺄﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺷﺎﻗﺎ ﻓﺒﺈﺯﺍﺋﻪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻻﻳﺠﺎﺏ ﺇﻧﻤﺎ ﺣﺴﻦ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ. ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﺇﻧﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﻳﺠﺎﺑﻬﺎ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻭﺟﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻠﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺟﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﻳﺠﺐ ﻷﺟﻠﻬﺎ، ﻧﺤﻮ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺭﺩﺍ ﻟﻠﻮﺩﻳﻌﺔ ﻭﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ. ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺍﺕ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﻻ ﻭﺟﻪ ﻟﻮﺟﻮﺑﻬﺎ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﻳﺠﺎﺑﻬﺎ. ﻭﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻭﺇﻥ ﺃﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﻧﺤﻮ ﺃﻥ ﻳﻬﺪﺩﻩ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﻓﻊ ﻣﺎﻟﻪ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﺜﺒﺖ ﺣﻜﻤﺘﻪ، ﻭﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﻨﻪ ﺇﻳﺠﺎﺏ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ ﻭﺟﻮﺏ، ﻓﺒﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ.
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻟﻜﺎﻥ ﻣﻐﺮﻯ ﺑﺎﻟﻘﺒﻴﺢ ﻣﻊ ﺣﺼﻮﻝ ﺷﻬﻮﺗﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺰﺟﺮ ﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻻ ﻳﻨﺰﺟﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺮﻛﻮﺍ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﺸﺘﻬﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺟﻠﺔ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻻﻏﺮﺍﺀ ﺑﺘﺠﻮﻳﺰﻩ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻋﻠﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﺑﺎﻟﺘﺠﻮﻳﺰ ﻋﻦ ﺍﻻﻏﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﻣﻬﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ. ﻭﻗﻴﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﻧﻪ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻦ ﺍﻻﻏﺮﺍﺀ ﺑﻔﻮﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﺇﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻷﻧﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﻔﻮﺗﻪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ، ﻭﻓﻮﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺰﺟﺮ.
ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﻌﻘﺎﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ، ﻹﺟﻤﺎﻉ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ، ﻣﻊ ﺇﻧﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻔﺲ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﻘﻼ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻟﻪ، ﻭﻟﻮ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻟﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻘﺎﺏ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺨﺘﺺ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺀ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺬﻡ ﻟﺬﻟﻚ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﺬﻡ ﺷﺎﺋﻌﺎ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺷﺎﺋﻌﺎ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﻓﺴﺎﺩﻩ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﺳﺎﺀﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻛﺎﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﻌﺒﺚ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ. ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺪﻡ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﻭﻫﻮ ﻋﻘﺎﺏ، ﺑﺎﻃﻞ ﻷﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮﻉ، ﻭﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻮﻟﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻟﻌﻘﺎﺑﻪ ﺑﻼ ﺧﻼﻑ. ﺛﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻮﻟﻲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺠﻨﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﺇﺳﻘﺎﻁ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺪﻡ ﺣﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺩ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺣﻘﻪ ﻷﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺴﻤﻊ. ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﻘﻼ ﻓﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺩﻭﺍﻣﻪ ﻋﻘﻼ ﺃﻭﻟﻰ ﻭﺃﺣﺮﻯ ﻷﻥ ﺍﻟﺪﻭﺍﻡ ﻛﻴﻔﻴﺔ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻧﻔﺲ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻓﻜﻴﻔﻴﺘﻪ ﺃﻭﻟﻰ ﺑﺬﻟﻚ. ﻭﻣﺘﻰ ﺣﻤﻠﻮﺍ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻡ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻣﻪ ﻓﺎﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺣﻴﻦ ﺣﻤﻠﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﺳﻮﺍﺀ، ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻮ ﺟﺎﺯ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻟﻠﺤﻖ ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺐ ﺭﺍﺣﺔ ﺇﺫﺍ ﺗﺼﻮﺭ ﺫﻟﻚ، ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﺒﻌﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﺎﺏ ﺇﺫﺍ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻪ، ﻭﺇﻧﺎ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺒﺎﻁ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ ﻛﻔﺮ ﻭﻏﻴﺮ ﻛﻔﺮ، ﻓﺎﻟﻜﻔﺮ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺇﺟﻤﺎﻋﺎ ﻻ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﺔ ﻓﻴﻪ، ﻭﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻜﻔﺮ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺍﻣﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﺑﻞ ﺩﻝ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﻨﺒﻴﻨﻪ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﻻ ﺗﺤﺎﺑﻂ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻭﻻ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﻮﺍﺏ ﻭﻋﻘﺎﺏ، ﻭﻣﺘﻰ ﺛﺒﺖ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺰﻳﻠﻪ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ، ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ ﻓﻼ ﻳﺰﻳﻠﻪ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺘﻔﻀﻞ. ﻭﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻨﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻳﺰﻭﻝ ﺑﺎﻟﻨﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻳﻮﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ. ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻳﺰﻭﻝ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻞ ﻭﺑﺎﻟﻨﺪﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ، ﻭﺗﻜﺜﺮ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺇﺫﺍ ﺯﺍﺩ ﺛﻮﺍﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﻼﻥ ﺍﻟﺘﺤﺎﺑﻂ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﻨﺎﻓﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻭﻻ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﻻ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﺍﻩ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﻲ، ﻭﺍﻟﺸﺊ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ ﻟﺘﻀﺎﺩ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺘﻀﺎﺩ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻻ ﺗﻀﺎﺩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻭﺍﺣﺪ، ﺑﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻃﺎﻋﺔ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻣﻌﺼﻴﺔ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﻗﻌﻮﺩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﻏﻴﺮﻩ ﻏﺼﺒﺎ ﻣﻌﺼﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻗﻌﻮﺩﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺈﺫﻧﻪ، ﻭﻫﻮ ﺟﻨﺲ ﻣﺒﺎﺡ، ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻀﺎﺩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻟﻤﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﺑﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺛﻮﺍﺑﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻋﻘﺎﺑﺎ، ﻷﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ، ﻭﻻ ﺷﺊ ﻳﻘﻊ ﻧﻔﻌﺎ ﺇﻻ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﺿﺮﺭﺍ ﻭﻋﻘﺎﺑﺎ، ﺑﺄﻥ ﻳﺼﺎﺩﻑ ﻧﻔﺎﺭﺍ. ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﻀﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻠﻴﻤﻪ ﻟﻤﺎ ﺗﻨﺎﻓﻰ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻌﺪﻭﻣﺎﻥ، ﻷﻥ ﺍﻟﻀﺪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻻ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺿﺪﻩ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻋﺪﻣﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻮﺍﺩ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﺽ ﻗﺪ ﻳﺠﺘﻤﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻡ.
ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﺑﻂ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﻫﻤﺎ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﺇﻻ ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻌﺪﻭﻣﺎﻥ، ﻷﻧﻬﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺍ ﺧﺮﺟﺎ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻬﻤﺎ ﻣﺴﺘﺤﻘﻴﻦ. ﻭﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﻗﻠﺖ: ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻓﻼ ﻭﺟﻪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺇﺯﺍﻟﺘﻪ، ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ... ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺎﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻻﺣﺒﺎﻁ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺊ ﺇﺫﺍ ﺗﺴﺎﻭﻯ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻲ ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻭ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺊ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺃﻛﺜﺮ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺧﻼﻓﻪ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ " ﺇﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺭﻧﻪ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﻭﺇﺟﻼﻝ ﻭﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺭﻧﻪ ﺍﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﻭﺇﻫﺎﻧﺔ، ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﻣﻊ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﺍﻡ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﺡ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻭﺍﻟﻤﺬﻣﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﻤﺪﻭﺡ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪﺍ، ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻌﺬﺭ ﻓﻌﻠﻪ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ ﻷﻥ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ " ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻧﺎ ﻧﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺫﻟﻚ، ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻓﻴﻪ. ﻭﺇﻥ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮﻭﻩ. ﺛﻢ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﺎ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﺗﻨﺎﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻭﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺃﻥ ﻳﺮﻳﺪﻭﺍ ﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻧﻪ ﺟﺎﺋﺰ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻤﺪﺡ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻏﻴﺮﻩ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﻭﻳﺬﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺁﺧﺮ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﻴﺪﻩ، ﻭﻟﻮ ﺧﻠﻖ ﻟﻪ ﻟﺴﺎﻧﺎﻥ ﻟﺘﺄﺗﻲ ﺃﻥ ﻳﻤﺪﺡ ﺑﺄﺣﺪﻫﻤﺎ ﻭﻳﺬﻡ ﺑﺎﻵﺧﺮ. ﻓﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﺗﻌﺬﺭ ﻓﻠﻔﻘﺪ ﺁﻟﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻤﺪﺡ ﺯﻳﺪﺍ ﺃﻭ ﻳﺬﻡ ﻋﻤﺮﺍ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺇﻥ ﺟﺎﺯ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻟﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﻓﻘﺪ ﺍﻵﻟﺔ. ﻭﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻔﻴﻪ ﺍﻟﺨﻼﻑ. ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺧﻼﻓﻪ، ﻷﻧﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ﺻﺤﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﻣﻊ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ ﺍﻟﺬﻡ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﺁﺧﺮ ﻭﻻ ﺗﻌﺬﺭ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ. ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺮﻳﺪﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﻮﺟﻪ ﻭﺍﺣﺪ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻟﻜﻨﺎ ﻻ ﻧﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ.
ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻭﻳﻔﺮﻉ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻮﻓﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ، ﻭﻫﻮ ﻣﺴﺘﻘﺼﻰ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻠﻤﺮﺗﻀﻰ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﻢ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﺻﺎﻓﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻮﺏ ﻓﻠﻮ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺧﺮﺟﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻟﻬﻤﺎ ﻭﺇﻥ ﻓﻌﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺪﻝ ﻓﻤﺜﻞ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﺃﻳﻬﻤﺎ ﻗﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺎﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ ﻣﻨﺘﻈﺮ ﻟﻮﻗﻮﻉ ﺍﻵﺧﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻮﺟﺐ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺨﻠﻮﺹ ﻭﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﺸﻮﺏ، ﻷﻧﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻘﺎﺏ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﺍﺳﺘﺮﺍﺡ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺛﻮﺍﺏ ﻭﺗﺼﻮﺭ ﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﺗﻨﻐﺺ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﻓﻌﻠﻬﻤﺎ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻬﻤﺎ ﺃﻳﻀﺎ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ ﺇﻧﺎ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﺻﺎﻓﻴﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺴﻤﻊ، ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺎﻻﺟﻤﺎﻉ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﺘﺰﺝ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺎﻻﺟﻤﺎﻉ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻻ ﻳﺘﻌﻘﺒﻪ ﻋﻘﺎﺏ. ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻓﻼ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻠﻮﻩ ﺛﻮﺍﺏ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻠﻮ ﻋﻘﺎﺑﻬﻢ ﺛﻮﺍﺏ، ﻭﺃﻣﺎ ﻓﺴﺎﻕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺩﻻﻟﺔ. ﺛﻢ ﻟﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﻩ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺗﻼ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﺗﻠﺤﻘﻪ ﺭﺍﺣﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻠﻬﻴﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﺸﻐﻠﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻟﻴﻢ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﻳﺸﻐﻞ ﺑﻌﻀﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻗﺒﺔ، ﻭﻟﻮ ﻋﻠﻢ ﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﻟﻤﺎ ﺍﻋﺘﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﺟﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﺮﻯ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭﻳﺴﻘﻂ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﺸﺎﻕ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻪ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﻭﻻﺩﻫﻢ ﻭﺃﻋﺰﺍﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺣﺼﻮﻝ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﺴﺮﻭﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ. ﻭﻛﻞ ﺷﺊ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺎﻟﻮﻩ ﺑﻌﻴﻨﻪ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ " ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺤﺎﻝ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﺳﺘﺤﺎﻝ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ " ﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺍﺳﺘﺤﺎﻝ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻌﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺠﻤﻊ، ﻭﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻘﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ. ﻭﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺼﺢ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺪﻝ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻊ. ﻓﺒﺎﻃﻞ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﺪﻳﻦ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻌﻠﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺼﺢ ﻓﻌﻞ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ: ﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺎﻗﺒﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻫﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ. ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻟﻠﺜﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻫﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻜﻠﻒ ﻭﻣﻴﺖ ﻭﺗﺮﺍﺏ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﻴﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻘﻴﺐ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺇﻥ ﺗﺄﺧﺮ ﺇﻟﻰ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺄﻭﻗﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ " ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻗﺒﺢ ﺍﻟﺬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻧﺤﻮ ﻛﺴﺮ ﻗﻠﻢ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﺇﻧﻌﺎﻡ ﺟﻠﻴﻞ ﻧﺤﻮ ﺗﺨﻠﻴﺺ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻼﻙ ﻭﺍﻹﻏﻨﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻹﻋﺰﺍﺯ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺬﻝ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺒﺢ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﻟﺒﻄﻼﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺣﺴﺎﻥ، ﺑﺪﻻﻟﺔ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻮ ﺍﻧﻔﺮﺩﺕ ﻋﻨﻪ ﻟﺤﺴﻦ ﺫﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺮ ﺍﻟﻘﻠﻢ، ﻭﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﺛﺒﺖ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ". ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﻢ، ﻷﻥ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺬﻡ ﺑﺎﻹﺳﺎﺀﺓ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﺑﺎﻻﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻧﺪﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺊ ﺑﺎﻹﺳﺎﺀﺓ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﻧﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻟﺤﺴﻦ ﺫﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﺒﻂ ﻟﻤﺎ ﺣﺴﻦ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﻣﺎ ﺍﻧﺤﺒﻂ ﻻ ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ. ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ " ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺣﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺊ ﻣﻨﻔﺮﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺴﺎﻥ ﺑﺨﻼﻑ ﺣﺎﻟﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﺭﻧﻪ ﺍﻻﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ". ﻗﻠﻨﺎ: ﺫﻟﻚ ﺻﺤﻴﺢ، ﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻔﺮﺩ ﺑﺎﻹﺳﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﺬﻡ ﻻ ﻏﻴﺮ ﻭﺇﺫﺍ ﺟﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ، ﻓﺎﻓﺘﺮﻕ ﺍﻟﺤﺎﻟﺘﺎﻥ.
ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﻤﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺳﺎﺀ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻹﺳﺎﺀﺓ، ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﺰﻳﺔ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﻳﻤﺪﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﻭﻳﺬﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﺑﺄﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺇﻟﻲ ﺑﻜﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻳﻤﺪﺣﻪ ﻭﻳﺸﻜﺮﻩ ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻜﻨﻚ ﺃﺳﺄﺕ ﺇﻟﻲ ﺑﻜﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻳﻌﻨﻔﻪ ﻭﻳﺒﻜﺘﻪ. ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻻﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻴﻦ. ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺟﺘﻤﻌﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﻋﻠﻢ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻻﺣﺒﺎﻁ ﻭﺣﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﻤﺸﺘﺒﻬﺔ. ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻋﻘﻴﺐ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻭﻻ ﻳﺪﻝ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﻘﻮﻃﻪ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻟﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻧﻔﻲ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻡ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﻘﻂ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺑﻊ ﺷﻌﻴﺮ ﻳﺤﺴﻦ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻄﺎﻟﺒﻪ ﺑﺎﻟﺮﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻴﺮ ﻣﻊ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺴﻘﻂ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻭﻓﺎﻩ ﻣﺎﻟﻪ ﺣﺴﻦ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺮﺑﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻴﺮ ﻓﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺛﺎﺑﺖ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻛﺎﻓﺄﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺤﺴﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﻧﻪ ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺸﻜﺮﻩ ﺣﻖ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺣﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﺬﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺴﺮ ﻗﻠﻤﻪ، ﻓﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﻘﻂ. ﻭﺗﻌﻠﻘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } [هود: 114] ﻭﻗﻮﻟﻪ {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى } [البقرة: 264] ﻭﻗﻮﻟﻪ {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} [الحجرات: 2] ﻭﻗﻮﻟﻪ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [الزمر: 65] ﻻ ﻳﺼﺢ ﻷﻥ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺑﻄﻼﻥ ﺍﻟﺘﺤﺎﺑﻂ. ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻟﻮﺟﺐ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﺫﻟﻚ، ﻭﻛﻴﻒ ﻭﻻ ﻇﺎﻫﺮ ﻟﺸﺊ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺷﺎﻫﺪﺓ ﻟﻤﺬﻫﺒﻨﺎ، ﻷﻥ ﺍﻻﺣﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﺒﻄﻼﻥ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺘﺤﺎﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻭﻧﺤﻦ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ، ﻷﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } ﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺩﻋﺎﻩ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﻄﻔﺎ ﻟﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻣﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺤﺮﻯ ﻓﻴﻪ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻓﺎﻟﻮﺟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ: ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺇﺣﺒﺎﻃﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺇﻳﻘﺎﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻟﻮ ﺿﻤﻦ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﺷﺊ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻓﻨﻘﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻷﺟﺮﺓ ﻭﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ: ﺃﺣﺒﻄﺖ ﻋﻤﻠﻚ ﻭﺃﺑﻄﻠﺘﻪ ﻷﻧﻚ ﺃﻭﻗﻌﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ ﺑﻪ ﻭﻟﻢ ﺗﻮﻗﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺟﺮﺓ. ﻭﻟﻴﺲ ﺃﺣﺪ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺃﺟﺮﺓ ﻓﺄﺑﻄﻠﻬﺎ، ﺑﻞ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ ﻣﺘﻰ ﻗﺼﺪ ﺑﻬﺎ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻭﻣﺘﻰ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻤﻦ ﻭﺍﻷﺫﻯ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﺃﺑﻄﻠﻬﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺭﻓﻊ ﺻﻮﺗﻪ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻣﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺟﺎﺑﺘﻪ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﻣﺘﻰ ﺭﻓﻌﻪ ﺍﺳﺘﺨﻔﺎﻓﺎ ﺑﻪ ﻭﻋﺼﻴﺎﻧﺎ ﻣﻨﻪ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻧﻚ ﺃﺑﻄﻠﺘﻪ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺨﻠﺼﺎ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻓﻤﺘﻰ ﺃﺿﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻏﻴﺮﻩ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﺑﻄﻠﺖ ﻋﻤﻠﻚ. ﻓﺒﺎﻥ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﻟﻠﻘﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺎﺑﻂ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻣﺘﻰ ﺍﺳﺘﺤﻖ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﺘﻔﻀﻞ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻮﺑﺔ. ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺑﺄﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﺣﺴﻦ ﺍﻻﺣﺴﺎﻥ ﻭﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ، ﻭﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻻﺣﺴﺎﻥ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ، ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﻀﻤﺮﺓ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ، ﻓﺪﺍﻓﻊ ﺣﺴﻦ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻛﺪﺍﻓﻊ ﺍﻵﺧﺮ.
ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺣﻖ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺒﻀﻪ ﻭﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺅﻩ، ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻪ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺣﻖ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻣﻨﻪ، ﻓﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﻘﻂ [ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻪ ﻛﺎﻟﺪﻳﻦ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﻘﻂ] ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻻﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑ.
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ " ﺣﻖ ﻟﻠﻪ " ﻟﺌﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﺣﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻮﺽ. ﻭﻗﻠﻨﺎ " ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺒﻀﻪ ﻭﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺅﻩ " ﻷﻥ ﻛﻞ ﺣﻖ ﻟﻴﺲ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻗﺒﻀﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺇﺳﻘﺎﻃﻪ ﻛﺎﻟﻄﻔﻞ ﻭﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﻤﺎ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺅﻩ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﻤﺎ ﺇﺳﻘﺎﻃﻪ، ﻭﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﺛﻮﺍﺑﻪ ﻭﻋﻮﺿﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻟﻢ ﻳﺴﻘﻄﺎ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻪ، ﻓﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻻﺳﻘﺎﻁ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻼﺳﺘﻴﻔﺎﺀ، ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻵﺧﺮ. ﻭﻗﻠﻨﺎ " ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻪ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺣﻖ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻋﻨﻪ " ﺍﺣﺘﺮﺍﺯﺍ ﻣﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻟﻘﺒﺤﻪ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻨﺎ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻡ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﻌﻘﺎﺏ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺯﻭﺍﻟﻪ ﻣﻊ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻓﻠﻮ ﺳﻘﻂ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻨﺎ ﻟﺴﻘﻂ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ[ﻭﻫﻮ ﺣﻖ ﻟﻐﻴﺮﻧﺎ. ﻭﺭﺍﻋﻴﻨﺎ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﻷﻥ ﺍﻟﺬﻡ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ] ﻷﻧﻪ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻪ، ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﻞ ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻻ ﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﺬﻡ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻟﻴﺲ ﺑﺘﺎﺑﻊ ﻟﻠﺬﻡ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻡ ﻟﻴﺲ ﺑﺤﻖ ﺧﺎﻟﺺ ﻟﻨﺎ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺣﻖ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻧﺤﻦ ﻣﺘﻌﺒﺪﻭﻥ ﺑﻪ، ﻭﻷﻧﻪ ﻳﺮﺩﻉ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺣﻖ ﻟﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺨﻠﺺ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﻘﺎ ﻟﻨﺎ. ﻓﺈﻥ ﺍﺧﺘﺼﺮﺕ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﻠﺖ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺣﻖ ﻟﻠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺒﻀﻪ ﻭﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺅﻩ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﺳﺘﻴﻔﺎﺋﻪ ﺿﺮﺭ ﻓﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻪ ﻛﺎﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻮﺽ ﻭﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺸﻜﺮ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﺿﺮﺭ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﺳﺘﻴﻔﺎﺋﻪ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﺬﻡ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻀﺮﺭ ﺣﻘﻴﻘﻲ، ﻭﻷﻧﻪ ﺣﻖ ﻟﻠﻔﺎﻋﻞ ﻭﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﺑﻴﺎﻧﻪ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻘﺒﺢ، ﻓﻼ ﻳﺤﺴﻦ ﺑﺈﺳﻘﺎﻃﻪ؟
ﻗﻠﻨﺎ: ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻘﺒﺢ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﺃﻭ ﺍﻻﻏﺮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﺘﻒ ﻫﻬﻨﺎ، ﻓﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺴﻨﺎ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ " ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻔﺴﺪﺓ ﻭﻻ ﺇﻏﺮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻘﺒﻴﺢ " ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻻ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻻ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻓﻴﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻓﻲ ﺍﻷﻃﻤﺎﻉ ﺑﻪ ﺇﻏﺮﺍﺀ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺇﺫﺍ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﻃﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻛﺎﻥ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻭﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺨﻼﻓﻪ، ﻓﺎﻷﺣﻮﺍﻝ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﻃﻤﻊ ﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺰﺟﻮﺭﺍ. ﻗﻴﻞ: ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ، ﻷﻥ ﺍﻟﺰﺟﺮ ﺣﺎﺻﻞ ﺑﺘﺠﻮﻳﺰ ﻋﻘﺎﺑﻪ، ﻭﻛﻴﻒ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺰﺟﻮﺭﺍ. ﻭﻟﻮ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺰﺟﻮﺭﺍ ﻟﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﻣﻬﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺗﺠﻮﻳﺰﻩ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺃﺻﻼ ﻣﻐﺮﻯ ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺰﺟﻮﺭﺍ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺧﻼﻓﻪ، ﻭﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﺰﺟﻮﺭ ﺇﺫﺍ ﻃﻤﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ، ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ. ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻓﺎﻟﻌﻔﻮ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﺳﻘﻄﺖ ﻋﻘﺎﺏ ﺯﻳﺪ ﻭﺳﻤﺤﺖ ﺑﻌﻘﺎﺑﻪ. ﻓﻴﺴﻘﻂ ﻭﻳﻘﺒﺢ ﻣﺆﺍﺧﺬﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻭﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺑﺮﺍﺀ ﻭﺍﻻﺳﻘﺎﻁ.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|