أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-25
1090
التاريخ: 21-1-2023
1393
التاريخ: 10-3-2022
1984
التاريخ: 25-10-2015
9271
|
تقرر معظم الدساتير إحاطة الوظيفية البرلمانية بضمانات تكفل للبرلمان الاستقلال بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية ، منها أداء اليمين الدستورية وعدم الجمع بين عضوية مجلس النواب والوظائف العامة وتحريم التعامل المالي مع الدولة ، سنتولى بيانها في الفروع الآتية:
الفرع الأول
أداء اليمين الدستورية
من التقاليد المتبعة عند عقد البرلمان لجلسته الأولى بعد انتهاء الانتخابات التشريعية وإعلان أسماء الفائزين بالانتخابات بمقاعـد البـرلـمـان أداء اليـمين الـدستورية لغرض مباشرتهم بمهام العضوية (1) ، إذ لا يعتبر الفائز بالانتخابات نائب في البرلمان إلا بعد أداه اليمين الدستورية بالصيغة الواردة في الدستور وهي كالأتي " اقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفانٍ وإخلاص وأن أحافظ على استقلال العراق وسيادته، وأرعى مصالح شعبه واسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وان اعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء والتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، والله على ما أقول شهيد (2).
كـــذلك نص النظام الداخلي لمجلس النواب فــــي العراق فــي المادة(14) منه " يعد المرشح المنتخب عضواً في المجلس ويتمتع بجميع حـقــوق العضوية ابتداءً مــن تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات ويبـاشــر مهامه بعد أداء اليمين الدستورية" ، إذ بموجب النص لا يعد المرشح المنتخب عـضــواً فــي المجلس ويتمتع بجميع حـقـوق العضوية إلا بـعـــد أداء اليمين الدستورية .
الفرع الثاني
عـدم الجـمـع بين عضوية المجلس النيابي وتـولي الوظائف العامة
تنص معظم الدساتير على حظر الجمع بين عضوية المجلس النيابي والوظائف العامة ، ويعتبر هذا المبدأ من الضمانات الأساسية المقررة لاستقلال البرلمان ، فمن ناحية أن المهام الرئيسية لعضو البرلمان هو الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية فأن لم يتفرغ عضو البرلمان للعضوية في المجلس فانه يبقى خاضع إلى رؤسائه حسب التسلسل الوظيفي ، وبالتالي سوف يؤدي ذلك إلى تعارض بين ولاء العضو بين وظيفته في البرلمان وبين قيامه بوظيفته العامة في الدولة ، ونظرا لقيام التعارض بين العضوية في البرلمان وبين الوظيفة العامة فقد أصبح مبدأ عدم الجمع بين عضوية البرلمان وتولي الوظائف العامة من المبادئ الدستورية المسلم بها ، ومن الضمانات التي تكفل استقلال وحيادية عمل النواب بعدم خضوعهم للسلطة التنفيذية(3).
كذلك تكفل هذه الضمانة الحفاظ على التسلسل الرئاسي فالموظف يكون خاضعا حسب للتسلسل الوظيفي إلى السلطة الرئاسية للإدارة العامة ، إما إذ أصبح الموظف عضوا في البرلمان فيكون له بذلك حق الرقابة على رؤسائه ، فهذا المبدأ كفل حرية واستقلال النائب بعدم الخضوع لأي جهة بحيث يستطيع أداء مهامه بحيادية واستقلال(4).
تنص معظم الدساتير على حظر الجمع بين عضوية المجلس النيابي وتولي الوظائف العامة منها بريطانيا إذ يتطلب مــن عضو مجلس العموم التفرغ التام لعضوية المجلس وللعضو الذي يختار الوظيفة العامة يعتبر بحكم المستقيل من المجلس ويعـلــن عـــن خلو مقعده في البرلمان (5).
كذلك نجد حظر الجمع بين عضوية مجلس النواب وبين تولي الوظائف العامة في المادة (23) من دستور فرنسا لسنة 1958 (6) ، فلا يسمح الدستور بالجمع بين الوظيفة البرلمانية والوظائف العامة ، ويجب على الفرد الذي يتم ترشيحه لعضوية المجلس وفوزه بالانتخاب الاختيار ما بين عضوية المجلس والوظيفة البرلمانية (7).
أما في العراق فقد تقرر هذا المبدأ في الدستور في المادة (49/ سادساً) " لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب وأي عمل أو منصب رسمي أخر " (8) ، إذ بموجب المادة أعلاه لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب وبين أي عمل أو منصب رسمي ، وقد ورد الحظر بصورة مطلقة ويسري هذا الحظر سواء أكان التعيين سابقا على عضوية المجلس أم لاحقا لها ، فكل موظف يصبح عضوا في مجلس النواب يجب أن ينفصل عن وظيفته حال انتخابه للعضوية في المجلس .
كذلك ورد في الدستور حظر الجمع بين عضوية المجلس والوظيفة القضائية في المادة (98/ أولا) " يحظر على القاضي وعضو الادعاء العام ما يأتي : أولا : الجمع بين الوظيفة القضائية والوظيفتين التشريعية والتنفيذية أو أي عمل آخر" .
إذ بموجب النص أعلاه يحظر على القاضي وعضو الادعاء العام الجمع بين الوظيفة القضائية وعضوية المجلس التشريعي ، وهذا تأكيد من المشرع بعدم جمع الوظيفة النيابية مع أي عمل رسمي في الدولة ، وأن الحكمة من أيراد هذه النصوص في الدستور هـو ضمان تفرع عضو المجلس لعمله بالبرلمان .
كذلك نرى إن هذا المبدأ هو ضمان لحيادية واستقلال عمل النائب بعدم تأثير السلطة التنفيذية على عمل عضو ، فالجمع بين عضوية البرلمان والوظيفة العامة يعني خضوع النائب للسلطة الرئاسية وبالتالي عــدم استطاعة النائب أداء عمله بحرية داخل المجلس ، إذ لا يمكن للنائب التوفيق بين ما تتطلبه الوظيفة العامة من الخضوع للأمور والتعليمات التي تصدر من الرؤساء الإداريين وتنفيذ أوامرهم ، وعلى قمتهم الوزراء وبين واجبه الرقابي كعضو في البرلمان على أعمال السلطة التنفيذية وأن الجمع بين الوظيفة العامة والعضوية في المجلس يؤدي أن يجامل عضو البرلمان رئيسه الإداري( الوزير) على حساب المصلحة العامة .
كذلك نصت المادة (19/ ثانيا) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي أنـه " لا يجوز الجمع بــيـن عـضوية مجـلـس الـنواب وعضوية المجالس التشريعية في الأقاليم ومجـالـس المحافظات وعلى العضو أن يخـتار العضوية في إحــدى الجهتين ، وأن لم يختر يعد عضواً في مجلس النواب فقط" ، إن الحكمة من منع الجمع بين عضوية البرلمان والعضوية في مجالس الأقاليم والمحافظات هو تفرغ النائب للعمل في الـبـرلمان ، إذ القيام بالعمل في أحــد المجالس قد يترتب عليه إهـمـال واجب العضو في المجلس الأخر ، ويضاف أليه إن للبرلمان له حق الأشراف والــرقــابة على المجالس في الأقاليم والمحافظات .
الفرع الثالث
عدم الجمع بين عضوية المجلس النيابي والوزارة
تنص التقاليد والأصول البرلمانية على جواز الجمع بين عضوية المجلس النيابي والمنصب الوزاري في النظام البرلماني، ألا أن الدول التي أخذت بالنظام البرلماني تباينت في حظر الجمع بين عضوية المجلس النيابي والمنصب الوزاري (9) ، منها دستور فرنسا لسنة 1958 فقد حظر الجمع بين العضوية في البرلمان وبين الوزارة ، إذ ورد النص في المادة (23) " على أن وظائف أعضاء الحكومة تتعارض وممارسة كل انتداب برلماني وكل وظيفة تمثيل مهنية ذات طابع وطني" ، فإذا ما اختير عضو الجمعية الــوطنية فـي الوزارة اعتبر بحكم المستقيل من الجمعية الوطنية ويحل مكـانــه النائب (الرديف ) الذي ينتخب في الوقت نفسه مع النائب الأصيل ليحل محله في حالة خلو مقعده في المجلس (10).
أما دستور مصر لسنة 1971 فقد أجــاز الدستور الجمع بين الوزارة وعضوية البرلمان بموجب نص المادة (134) من الدستور " يجوز لرئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم أن يكونوا أعضاء في مجلس الشعب ، كما يجوز لغير الأعضاء منهم حضور جلسات المجلس ولجانه" . بموجب المادة أعلاه يجوز للوزير ونوابهم إن يكونوا أعضاء في مجلس الشعب ، كما يجوز لكل منهم حضور جلسات المجلس ولجانه.
أما في العراق فقد ورد حظر الجمع بين عضوية مجلس النواب وبين المناصب الوزارية في نص المادة (15) من النظام الداخلي لمجلس النواب " يُعد عضو المجلس الذي يصبح عضواً في مجلس الرئاسة أو في مجلس الوزراء مستقيلاً من عضوية المجلس ولا يتمتع بامتيازات العضوية ".
إذ نجد أن الحظر الوارد في المادة أعلاه ليس فقط ما يخص المنصب الوزاري بل ورد الحظر على الجمع بين عضوية مجلس الرئاسة وعضوية البرلمان ، نؤيد ما جاء في المادة (15) من النظام الداخلي لمجلس النواب بعدم الجمع بين عضوية المجلس النيابي والمنصب الوزاري ذلك لصعوبة الجمع بين أعباء العضوية في البرلمان وأعباء المنصب الوزاري ، فالعضوية في البرلمان تتطلب من العضو التفرع للقيام بأعباء المنصب ، نظرا لعظم الدور الذي تؤديه المجالس النيابية بوجه عام سواء في مجال سن القوانين أو في مجال الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية لذا حظرت التشريعات الجمع بين العضوية البرلمانية والوظائف العامة ، إذ أن أداء هذه الوظائف المتعددة تتطلب من عضو البرلمان التفرع التام لأداء مهامه وظيفته البرلمانية (11).
كذلك أن الجمع بين العضوية في المجلس وبين المنصب الوزاري قد يؤدي إلى تأييد موظفي الوزارة لوزيرهم في الانتخابات فقد يقدم الوزير إلى ترشيح في الانتخابات النيابية القادمة ، كذلك أن من وظائف البرلمان الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وتشمل الرقابة أعمال السلطة التنفيذية أعمال الوزارات فهل يعقل إن ينتقد الوزير إعمال وزاراته ، كذلك إن الجمع بين عضوية البرلمان والوزارة يؤدي إلى أهدار مبدأ الفصل بين السلطات ، إلا أن حضور الوزراء وأعضاء مجلس الرئاسة للبرلمان والمشاركة في المناقشات التي تخص وزاراتهم هو نوع من أنواع التعاون بين السلطات التي تقره الأعراف البرلمانية .
الفرع الرابع
تحريم التعامل المالي مع الدولة
كذلك من الضمانات الأخرى المقررة لاستقلال البرلمان تحريم التعامل المالي لأعضاء البرلمان مع الدولة ضمانة لنزاهة أعضاء البرلمان (12) ، إذ نجد هذا المبدأ في المادة (127) من الدستور سنة 2005 " لا يجوز لرئيس الجمهورية ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ونائبيه وأعضاء المجلس وأعضاء السلطة القضائية وأصحاب الدرجات الخاصة أن يستغلوا نفوذهم في أن يشتروا أو يستأجروا شيئا من أموال الدولة أو أن يؤجروا أو يبيعوا لها شيئا من أموالهم أو أن يقاضوها عليها أو إن يبرموا مع الدولة عقدا بوصفهم ملتزمين أو موردين أو مقاولين" .
كذلك ورد في النظام الداخلي لمجلس النواب في المادة(19/ثالثاً) " لا يجوز للعضو أن يتعاقد مع دوائر الدولة بنفسه أو بوساطة غيره في أثناء مدة عضويته ولا يجوز استغلال عضويته لمصلحته الخاصة".
ونرى من النصوص أعلاه أن الحظر لا ينصب على النائب فقط أثناء مدة عضويته بعدم استغلال نفوذه للحصول على منافع وتسهيلات بل يشمل التعاقد بواسطة غيره من خاصته ولا أن يستغل العضو أو أن يسمح باستعمال صفته النيابية في الحصول على المنافع المالية ، إذ يعتبر هذا المبدأ ضمانة مهمة لحماية الوظيفة البرلمانية من استغلال نفوذهم للمصلحة الشخصية لاسيما أن النائب في البرلمان يتمتع بسلطة ونفوذ قد يدفع البعض منهم إلى استغلال هذه السلطة والنفوذ لمصلحته الشخصية ، كذلك قد يسعى البعض إلى مجاملة عضو البرلمان بتسهيل له الحصول على بعض المنافع كمقابل لبعض الخدمات التي يستطيع النائب توفيرها بحكم منصبه.
الفرع الخامس
استقلال السلطة التشريعية بشؤونها الداخلية
من الضمانات المهمة لاستقلال البرلمان ترك تنظيم شؤونه الداخلية إليه وحده وإعطاء الحرية الكاملة في ممارسة اختصاصاته الدستورية ، إذ تنص معظم الدساتير على استقلال البرلمان في البت في شؤونه الداخلية كنتيجة لمبدأ الفصل بين السلطات ، واستقلال السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية في تنظيم شؤونها الداخلية ، وتشمل هذه الضمانات استقلال البرلمان في وضع النظام الداخلي للمجلس ، واستقلال البرلمان في أعداد جدول الأعمال وتنظيم المناقشات (13).
أولا : استقلال المجلس في وضع النظام الداخلي للمجلس : لاشك أن أهـم مظاهر استقلال البرلمان هو استقلالها في وضع نظامه الداخلي وهو من الضمانات المهمة التي تكفل استقلال عمل البرلمان والابتعاد عن تأثير السلطة التنفيذية (14) ، ويشمل النظام الداخلي للبرلمان الأحكام والقواعد التي تخص العمل النيابي ، ويعرف الدكتور عادل الطبطبائي النظام الــداخلــي للبرلمان " هــو مجموعة القواعــد القانونية المنظمة لسير العمل بالمجلس " (15).
ونجد معظم الدساتير تنص على استقلال البرلمان في وضع نظامه الداخلي ففي بريطانيا يحق لكلا المجلسين بتقرير قواعد العمل داخل المجلس وإجراءاته الخاصة (16) ، كذلك الأمر في فرنسا إذ يتولى كل مجلس وضع نظامه الداخلي ويتم التصويت عليها من قبل المجلس وثم تحال إلى للتصدق من قبل المجلس الدستوري (17).
أما في مصر فأن مجلس الشعب يستقل بوضع لائحته الداخلية لتنظيم أسلوب العمل في المجلس بموجب المادة (104) من دستور سنة 1971 " يضع مجلس الشعب لائحته لتنظيم أسلوب العمل فيه وكيفية ممارسة وظائفه " ، كذلك سار في الاتجاه نفسه دستور سنة 2012 (18).
أمــا في العراق فقد نصت المادة (51) من دستور سنة 2005 على استقلال البرلمان بوضع النظام الداخلي للمجلس لتنظيم سير العمل فيه " يضع مجلس النواب نظاماً داخلياً له لتنظيم سير العمل فيه" ، وبذلك نجد أن المشرع في العراق اتجاه بما أخذت به معظم الدساتير باستقلال البرلمان في شؤونه الداخلية .
ثانيا: استقلال المجلس في إعداد جدول الأعمال : جدول أعمال المجلس عبارة عن الموضوعات التي على أساسها يجتمع البرلمان لمناقشتها ويضم جدول الأعمال ، مشروعات القوانين المقترحة سواء أكانت من مقدمة من قبل الحكومة أم عدد من أعضاء البرلمان أو أحدى لجانه (19).
إذ يهدف المجلس من أعداد جدول الأعمال إلى استغلال الوقت لمناقشة كافة الموضوعات المطروحة للنقاش وتجنب تأخير مناقشة مشروعات القوانين المعروضة على المجلس فمن المعروف أن الأعمال التي يقوم بها البرلمان كثيرة ومتنوعة ، منها الوظيفة التشريعية ، والرقابية وهذا يتطلب الكثير من الوقت والتنظيم الذي يوفره جدول الأعمال (20).
بالرغم من اعتبار أن أعداد جدول الأعمال من الضمانات التي تكفل استقلال البرلمان إلا أن عملية تحضير جدول الأعمال والجهة التي تعده تختلف باختلاف الدول ، ففي بريطانيا يتولى وضع جدول أعمال المجلس إحدى اللجان التي يتم اختيارها لوضع وتنظيم جدول أعمال المجلس بصورة دورية وتتكون من رئيس المجلس والأعضاء والذي يكونون جزءاً من الحكومة ويتم أعداد جدول الأعمال من قبل اللجنة وإدراج الموضوعات التي تطرح للمناقشة وتحديد فترة طرح الأسئلة بعد الاتفاق مع زعماء المعرضة في البرلمان وتعطى الأولوية في جدول الأعمال إلى مشروعات القوانين التي تقدمها الحكومة (21).
أما في فرنسا لا يستقل البرلمان وضع جدول أعمال المجلس بل أن الحكومة تفرض هيمنتها على جدول أعمال المجلس فالمادة(48/1) من دستور سنة 1958 قد أعطت الأولوية في جدول أعمال المجلسين لمناقشة مشروعات القوانين التي تقدمها الحكومة وللاقتراحات التي توافق عليها ، وذلك بالترتيب الذي تحدده ، أما بعد تعديل الدستور عام 1995 عدلت المادة (48) بإضافة فقرة تقضي بتخصيص جلسة كل شهر لجدول الأعمال المعد من قبل كلا مجلسي البرلمان (22).
أما في مجلس النواب في العراق فتقوم هيئة الرئاسة في مجلس النواب بتنظيم جدول الأعمال بالتنسيق مع رئيس اللجنة المعنية أو ممثليهم من اللجان لجلسات مجلس النواب وتوزيعه على الأعضاء وأعضاء مجلس الرئاسة وأعضاء مجلس الوزراء مرفقاً به مشاريع ومقترحات القوانين والتقارير الموضوعة للمناقشة مع مراعاة أولوية إدراج مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة التي أنهت اللجان المختصة دراستها ، والموضوعات المهمة الجارية وذلك قبل يومين في الأقل من عقد الجلسة ما لم ينص الدستور على مُدَد أخرى (23).
كذلك أن هيئة رئاسة مجلس النواب هي التي تقوم بالتنسيق مع رؤساء اللجان المختصة أعداد جدول أعمال مجلس النواب الأسبوعي وتقوم بتوزيعه أو تبليغه للأعضاء قبل انعقاد الجلسة الأولى الأسبوعية بيومين على الأقل (24).
ثالثا: الاستقلال الإداري والمالي للبرلمان : تستقل معظم البرلمانات بالأشراف والرقابة وإدارة الشؤون الداخلية للبرلمان فيما يتعلق بتعيين الموظفين العاملين في البرلمان ، كذلك يستقل البرلمان في أعداد موازنته ، إذ نجد أن النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي في المادة (12/أ) قد منح هيئة الرئاسة الأشراف والرقابة على جميع الموظفين والعاملين في ديوان المجلس وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعيين والإيفاد (25).
أمـــا استقلال المجلس بوضع موازنته السنوية وإقرارها فتتولى هيئة رئاسة مجلس النواب بمهمة تنظيم موازنة مجلس النواب السنوية ، ومن ثم عرضها على المجلس لإقــرارها والإشراف على تنفيذها وأجــراء المناقلة بين أبوابها (26).
نــرى أن استقلال المجلس بإدارة شؤونه الداخلية واستقلاله بوضع موازنته هو ضمانة مهمة للبرلمان من تدخل السلطة التنفيذية في أعمال المجلس ، إذ عن طريق ذلك تضمن حيادية واستقلال العاملين فيها من ناحية تأثير أية جهة عليهم .
رابعا : استقلال المجلس في توقيع الجزاءات على أعضائه : تستقل معظم البرلمانات في العالم في توقيع الجزاءات على أعضائها ، وتقرر هذه الجزاءات في حالة عدم امتثال العضو للأنظمة وأحكام النظام الداخلي ، وتكون سلطة إيقاع العقوبات لرئيس المجلس الذي يتمتع بصلاحيات ضبط الجلسات وتوجـيه نظر الأعضاء إلى التزام حدود الكلام أثناء الجلسات (27).
إذ تقرر هذه الجزاءات في النظام الداخلي للمجلس لضمان سير عمل المجلس بانتظام من خلال إيقاع العقوبات على المخالفين الذين يتعمدون الإخلال بنظام الجلسة ، أما عن طبيعة هذه العقوبات فهي عقوبات انضباطية تهدف إلى الحفاظ على ضبط الجلسات وتصرفات الأعضاء داخل الجلسات (28).
ففي بريطانيا يحق لرئيس مجلس العموم وبموجب النظام الداخلي للمجلس إيقاع العقوبات بالنسبة للعضو المخالف ، كذلك يحق لرئيس كلا المجلسين العموم واللوردات صلاحية معاقبة أعضاء كلا المجلسين في حالة خرق قواعد النظام الداخلي (29).
أما في مصر فقد نصت اللائحة الداخلية للمجلس على العديد من الجزاءات التي يجوز للمجلس توقيعها على العضو الذي لا يمتثل لقواعد النظام الداخلي للمجلس ، وتتمثل ( المنع من الكلام بقية الجلسة ، اللوم ، الحرمان من الحضور في قاعة الاجتماع لجلسة واحدة ، الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس ولجانه لمدة لا تتجاوز جلستين ، الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس لمدة لا تزيد على خمس جلسات )(30).
أما النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي فقد نص على العديد من الإجراءات الانضباطية التي يحق لرئيس مجلس النواب أن يتخذها بحق العضو الذي يخل بنظام الجلسة في نص المادة (139) من النظام الداخلي لمجلس النواب " يتخذ رئيس الجلسة بحق العضو الذي أخل بالنظام ، إحدى الإجراءات الآتية :
أولا : تذكير العضو بنظام الجلسة.
ثانياً: إذا تمادى العضو فللرئيس تنبيهه ، ويترتب على هذا التنبيه شطب أقواله من المحضر.
ثالثاً: المنع من الكلام بقية الجلسة " .
وبموجب المادة أعلاه يحق لرئيس المجلس أن يتخذ أجراء بحق العضو الذي لا يلتزم بنظام الجلسة ، فلرئيس المجلس في حالة تمادي العضو تنبيهه وان لم يمتثل لنظام المجلس يحق لرئيس المجلس منع العضو من الكلام بقية الجلسة ، ولرئيس المجلس أن يتخذ الوسائل الكفيلة لتنفيذ هذا القرار بعد إنذار العضو ، كذلك لرئيس الجلسة أن يوقف الجلسة أو يرفعها ، وفي هذه الحالة يتم الحرمان إلى ضعف المدة التي يقررها المجلس (31).
إلا إن النظام الداخلي لمجلس النواب نص في المادة (141) منه أن للعضو الذي حُرِم من الاشتراك في أعمال المجلس أن يطلب وقف أحكام هذا القرار بأن يقر كتابة لرئيس المجلس أنه ( يأسَف لعدم احترامه نظام المجلس) ويتلى ذلك في الجلسة ويصدر قرار المجلس في هذه الحالة من دون مناقشة (32).
إذ يجب على عضو مجلس النواب التزام التقاليد البرلمانية التي تتبعها معظم برلمانات العالم فيجب على عضو المجلس أن يوجه حديثه إلى رئيس الجلسة وأن لا يخرج عن الموضوع ويتحاشى التكرار ، وعند الإخلال بذلك للرئيس وحــده أن يلفت نظره إلى التزام أحكام النظام الداخلي ، كذلك لا يسمح العودة إلى الموضوعات التي تم حسمها (33) ، ويجب على المتحدث التعبير عن رأيه ووجهة نظره مع وجوب المحافظة على احترام المؤسسات الدستورية للدولة وهيبتها واحترام مجلس النواب ورئاسته وأعضائه ، ولا يأتي بأمرٍ مخلِ بالنظام والوقار الواجب في الجلسة (34).
أما في حالة مخالفته المتكلم أو استرساله في الكلام يستطيع رئيس الجلسة مقاطعة المتحدث وتنبيه المتحدث بواجب المحافظة عما ورد في المادة (43) من النظام الداخلي ، وفي حالة مخالفة المتحدث لنظام الجلسة لرئيس الجلسة أن يأمر بحذف إي حديث يصدر من احد الأعضاء مخالفاً للنظام من محضر الجلسة ، وعند الاعتراض على ذلك يعرض الأمر على المجلس ، الذي يصدر قراره في هذا الشأن من دون مناقشة (35).
ونجد أن العقوبات المدرجة في النظام الداخلي أنها تتدرج في شدتها من تذكير العضو بنظام الجلسة ، التنبيه ، شطب أقواله من المحضر ، المنع من الكلام بقية الجلسة ، الحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس إلى ضعف المدة التي يقررها المجلس) ألا أننا نرى أنها غير كافية خصوصا أنها لم تعالج حالة المشادة الكلامية وغيرها .... و نرى أن يتضمن النظام الداخلي على العديد من العقوبات التي تتلاءم من كل حالة ، كذلك تخصيص لجنة من اللجان في المجلس تتولى أعمال تقييم سلوك النواب ، وتكون اللجنة من كبار الموظفين في المجلس تكون مهمتها مراعاة العادات والتقاليد البرلمانية في المجلس ومن مهامها أيضا فرض إحدى العقوبات على العضو المخالف.
____________
1- أ. محمد فهيم درويش ، ص 434.
2- الماد (50) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
3- د. عبد الفتاح حسن ، مبادئ النظام الدستوري في الكويت ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1968 ، ص 248.
4- ينظر - د. إبراهيم عبد العزيز شيحا ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، الدار الجامعية ، بيروت ، بدون سنة طبع ، ص 143.، - د. عبد الفتاح حسن ، مبادئ النظام الدستوري في الكويت ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1968 ، ص 248.
5- بول سيلك ورودرى والترز ، كيف يعمل البرلمان ، مؤلف مترجم تعريب علي الصاوي ، ط1 ، مكتبة الشروق ، القاهرة ، 2004 ، ص 171.
6- المادة (23) من دستور جمهورية فرنسا لسنة 1958 " لا تتعارض واجبات عضو الحكومة مع ممارسة أي منصب برلماني أو أي موقع من مواقع التمثيل المهني على الصعيد الوطني ، أو مع أي عمل عام ، أو مع أي نشاط مهني ، ويحدد قانون تأسيسي طريقة إحلال أشخاص آخرين محل شاغلي هذه المناصب أو الموقع أو الأعمال ، ويجري إحلال أعضاء البرلمان وفقا لأحكام المادة 25" .
7- اندرية هوريو، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، ترجمة علي مقلد (واخرون)، ج1 ، الاهلية للنشر والتوزيع ، بيروت ، 1974 ، ص 434.
8- كذلك تم التأكيد على هذا المبدأ في النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي في نص المادة (19/أولا) " لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب ، وأي عمل ، أو منصب رسمي أخر" .
9- د. مهند صالح الطروانة ، العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام البرلماني ، ط1، الوراق للنشر والتوزيع ، 2009، ص112- 120.
10- د. زهير شكر ، الوسيط في القانون الدستوري ، ج1، (القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، النظرية العامة والدول الكبرى ) ، ط3 ، المؤسسة الجامعية للدارسات والنشر والتوزيع ، بدون مكان طبع ، 1994 ، ص 265.
11- د. فيصل شنطاوي ، مصدر سابق ، ص 5.
12- د. عبد الفتاح حسن ، مبادئ النظام الدستوري في الكويت ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 1968 ، ص 253.
13- أ. محمد فهيم درويش ، مصدر سابق ، ص 436.
14- د. مصطفى أبو زيد فهمي ، النظام الدستوري ، دار المعارف ، الإسكندرية ، 1966 ، ص 531.
15- د . عادل الطبطبائي ، السلطة التشريعية في دول الخليج العربي ، مجلة دراسات الخليج العربية ، الكويت ، 1985 ، ص 744.
16- د. محمد محمود العمار العجارمة ، الوسيط في القانون الدستوري ، ط1 ، بدون مكان طبع ،2010 ، ص 218.
17- المادة (61) من دستور جمهورية فرنسا لسنة 1958.
18- المادة (99) من دستور مصر لسنة 2012 " يضع كل مجلس لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه وكيفية ممارسة اختصاصاته ، وتنشر في الجريدة الرسمية ".
19- د. عادل الطبطبائي ، مصدر سابق ، ص 748.
20- د. عبد الفتاح حسن ، مصدر سابق ، ص 234.
21- بول سليك و. رودرى والترز ، مصدر سابق ، ص 116.
22- F.luhaire, laloiconstitutionnelledu 4 aout 1995 ,uneavancee pour la democratice ,R.D.P.,1995,P.1412.
أشار إليه د. فتحي فكري ، ص 375.
23- المادة (9/أولاً) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي.
24- المادة (37/ أولاً( من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي.
25- المادة ( 12/أ) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي " يتوافق الرئيس مع نائبيه في هيأة الرئاسة في الأشراف والرقابة على جميع الموظفين والعاملين في ديوان المجلس وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بالتعيين والإيفاد إلى الخارج بما يحقق مبدأ التوازن وتكافؤ الفرص لجميع العراقيين في شغل وظائف الدولة ، وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بالترفيع ونقل الخدمة والتقاعد والانضباط وفقاً للقوانين النافذة في الدولة, وتكون الأوامر بتوقيع رئيس المجلس أو من ينوب عنه في حالة غيابه".
26- المادة (9/سابعا) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي.
27- ينظر - د. سالم فايز البحيري ، القانون الدستوري والنظم القانونية والإدارية للمجالس النيابية، دار الكتاب الحديث ،2010 ، ص 277. د. أنور الخطيب ، ص 130.
28- د. سالم فايز البحيري ، مصدر سابق ، ص 277.
29- بول سيلك و. رودرى والترز ،مصدر سابق ، ص 245.
30- د. سالم فايز البحيري ، مصدر سابق ، ص 277 وما بعدها .
31- المادة (140) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي .
32- المادة (141) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي .
33- المادة (42/أولا ، ثانيا ) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي .
34- المادة (43 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي .
35- المادة (44،45 ) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|