أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-13
1055
التاريخ: 18-1-2023
1003
التاريخ: 31-10-2020
2236
التاريخ: 23-5-2018
1841
|
بعد الوالدين، فإن الزوجة والأولاد هم أقرب الناس إلى الإنسان. ولذلك فلا بد من أن يوليهم الكثير من عنايته.
وأول مظاهر العناية أن يكون الشخص صديقاً لزوجته وليس زوجاً لها فقط. إذ لا يجوز أن تكون علاقة المرء بالناس جيدة وعلاقته بأهله سيئة.
يقول الإمام علي عليه السلام: لولده الإمام الحسن عليه السلام: «لا يكن أهلك أشقى الخلق بك»(١).
ومن الواضح إن المقصود بالأهل هنا هم الزوجة، والأولاد.
يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: «خيركم، خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»(٢).
ولعل البعض يرى إن تنقيصه لقدر زوجته أمر مبرر لكونها (امرأة).. إلا أن الإمام علي عليه السلام يقول: (الاستهتار بالنساء شيمة النوكى (أي الحمقى)( 3).
ويقول أيضاً: (لا تنازع السفهاء، ولا تستهر بالنساء، فإن ذلك يزرى بالعقلاء)(4).
ثم لا ننسى إن الزوجة هي نعمة إلهية.
ويقول الإمام علي عليه السلام: (الزوجة الصالحة أحد الكسبين)(5).
ويقول عليه السلام: «الزوجة الموافقة إحدى الراحتين»(6).
ويقول عليه السلام: الانس في ثلاثة:
ـ الزوجة الموافقة.
ـ والولد الصالح.
ـ والأخ الموافق(7)
ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله: «من سعادة المرء المسلم الزوجة الصالحة والمسكن الواسع، والمركب الهني، والولد الصالح»(8).
وقال رجل لموسى عليه السلام يا كليم الله سل ربك سبحانه وتعالى أن يعجل لي الجنة.. فأوحى الله إليه: {قد فعلت لأني أعطيته امرأة جميلة موافقة}(9).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله: «ما زال جبرائيل يوصيني بالنساء حتى ظننت أنه سيحرم طلاقهن»(10).
ويقول صلى الله عليه وآله أيضاً:
«أوصانى جبرائيل عليه السلام بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة مبينة»(11).
وفي الحديث: «ما أظن رجلاً يزداد في الإيمان خيراً إلا إزداد حباً للنساء».
ويقول: «كل من اشتد لنا حباً أشتد للنساء حباً»(12) :
وهنا وصية لإقامة علاقة زوجية على أسس متينه.
- الامتناع عن النقد اللاذع
لا يجوز للرجل أن يرفع دائماً سياط الانتقاد، وسيف التقريع في وجه زوجته، وكأنه من زبانية جهنم!.
يقول الإمام علي عليه السلام: «المرآة ريحانة، وليست بقهرمانة»(13).
وكما أنك لا تستعمل العنف مع الريحانة، كذلك لا يجوز لك أن تستعمل ذلك مع زوجتك.
صحيح أن الزوجة قد لا تكون ناجحة بالمقدار المطلوب، ولكن في مثل هذه الصورة، لا بد أن يجعل الزوج من نفسه مربياً مخلصاً لها، حتى تنضج.. لا ناقداً فظا، لأن ذلك يقتل فيها كل بوادر الخير.
ترى.. لو كنت معلم اطفال. ماذا كنت تفعل معهم؟ لا بد أن تكون مربياً لهم، لا سيفاً مسلطاً عليهم وكذلك زوجتك لا بد أن تجعل من نفسك مربياً لها، لا مراقباً يسلط عليها النقد اللاذع
والمربي لا ينتقد أساسا، بل يصلح. ولا يلوم، بل يشجع، بينما المراقب يستعمل النقد ـ أساساً ـ بدلاً عن الاصلاح، ويستعيض به عن التصحيح.
وكثيراً ما يسبب النقد الجارح، بروز حالة من اللاإنسجام بين الزوجين بشكل دائم، وينعكس ذلك سلباً على الزوج فإذا كنت تريد بيتك منطقة هدوء تستلهم منها الراحة والسكينة، فإن عليك أن تملأه بالحب والعطف، والتشجيع والاخلاص. وتبعده من النقد الجارح فقد ثبت أن 50% من حوادث الطلاق، إنما هي بسبب النقد الجارح من أحد الزوجين ذلك أن النقد العقيم، الذي يكسر القلب، ويذل النفس، هو مجلبة للشقاء بلا أشكال.
إن من الخطأ أن يفترض الزوج نفسه رجل مخابرات في بيته فيبدأ بالتفتيش عن مواقع الأخطاء، بل لا بد أن يعتبر نفسه ملاحظ حسنات ومشجعاً للبطلة التي تدير البيت.
بل إن الزوج يحتاج إلى أن يغض الطرف عن أخطاء زوجته ومشاكلها، ويفترض نفسه كأنه لم يعرف ولم يفهم تماماً كما فعل أحد العلماء عندما حدث لزوجته أمر لم يكن لها دخل فيه.
فقد استيقظ الرجل في صبيحة يوم من الأيام، فوجد زوجته - وكانت لا تزال راقدة على الفراش ــ وقد أصيبت بمرض البرص في وجهها.
فتصور حالة الزوجة حين تكتشف بعد لحظات أن جمالها قد أنتهى، ولكي لا يحوّل البيت الزوجي إلى جحيم، ولا يجرح قلب زوجته. إدعى قبل أن تكتشف الزوجة ما أصابها، أنه اصيب بالعمى!.
وحينما اكتشفت الزوجة ما أصيبت به خلال الليل، أخفت ذلك عن زوجها اعتقادا منها أنه فعلاً قد أصيب بالعمى.
وهكذا عاش الزوجان في سعادة وهناء، بفعل إغماض الزوج ــ بهذه الطريقة ــ عما أصاب زوجته.
بالطبع ليس المطلوب دائماً أن يدعي الزوج العمى في مقابل أخطاء الزوجة، ولكن المطلوب أن لا يكبر الخطأ، وأن لا يستعمل ــ دائماً ــ سلاح النقد الجارح. وأن لا يشهر سلاح الغلظة، إلا حينما يرى ذلك ضرورياً وفي الحالات القصوى . فالعصا ليست الحل دائماً بل هي لمواقع الضرورة فقط.
ثم إنه كما يجب على الزوج أن لا ينتقد زوجته، كذلك فإن على الزوجة أن لا تنتقد زوجها. فالنقد من الزوجة يؤدي إلى نشوب نار التفرقة بينهما. لأن انتقاد الزوجة للزوج - خاصة إذا كان امام الناس - يصيب أهم ما يتمتع به الزوج وهو «رجولته» ومن ثم يؤجج فيه الكوامن الشريرة ضد زوجته، الأمر الذي يؤدي حتماً إلى عواقب وخيمة.
إن «النقنوقة» والنكد الدائم من عمل الزوج أو مظهره، أو كلامه، يجعل من المستحيل إمكانية استمرار البيت الزوجي.
فكم من علاقات زوجية أنتهت إلى الفشل فقط بسبب النقد والنقنوقة والشكوى والنكد.
وفيما يلي ثلاث نماذج عن الزوجات اللاتي هدم نقدهم اللاذع بيتهم الزوجي.
منذ أكثر من ثمانين عاماً، وقع نابليون الثالث - امبراطور فرنسا ــ وابن عم نابليون بونابرت، في غرام امرأة كانت تسمى (ماري هوجين جناس). وكانت من أجمل النساء في ذلك الوقت، وتوج هذا الغرام بالزواج.
وبالرغم من أن المقربين إليه حاولوا ثنيه عن الزواج منها، محتجين بأنه ابنة «كنت» أسباني لا يعرف له ماضي عريق، فقد مضى الامبراطور الفرنسي في طريقه قدماً، وتحدى شعباً باكمله، إذ خرج على الناس في خطبة العرش التي ألقاها بقوله:
(لقد فضلت امرأة أحبها، وأقدرها على أخرى، غريبة عني لا أكن لها حباً).
وقد توفر لنابليون وزوجته كل مقومات السعادة، من الصحة والجاه والشهرة والمال والجمال، وفوق كل ذلك الغرام. ولكن هذا الحب الجارف الذي جمع بين قلبيهما، سرعان ما خبت ناره المتأججة، واستحالت إلى رماد بارد.
لقد جعل نابليون الثالث من زوجته، امبراطورة على عرش فرنسا ، بعد أن أجلسها على عرش قلبه، ولكن لا عظمة عرشه، ولا قوة حبه وسعهما أن يحولا بينهما وبين إختلاق أسباب النكد.
فقد استولى على زوجته شيطان الغيرة، وملك عليها الشك، وأفسدت على نابليون أقل جنوح إلى الانفراد بنفسه بعيداً عنها، إذ كانت تندفع إلى مكتبه، وهو منهمك في تصريف شؤون الدولة، فتعرقل مهمته وتؤنبه.
وكانت تخشى - دائماً - أن يكون قد أتخذ من دونها امرأة أخرى.
ويا ترى ماذا كانت النتيجة؟ .
لقد حرمت هذه المرأة بالنكد، وبالتدخل فيما لا يعنيها من شؤون الزوج، حرمت على نفسها الحياة الزوجية الهانئة، هدمت ذلك البيت الزوجي. وكثيراً ما كان نابليون يتسلل إلى خارج قصره من الباب الخلفي، مدثراً في أستار الظلام، وقد وضع على رأسه قبعة رخوة، أسدل حافتها على عينيه، مصطحباً أحد خواصه، ومولياً وجهه شطر «عاهرة» كانت في انتظاره، وفسد الرجل وترك زوجته أيضاً وهذا ما جلبه النكد «النقنوقة» التي كانت زوجته تصطنعها .
كان تولستوي من أبرع الروائيين، وستظل اثنتان من كتبه وهما (الحرب والسلام) و (أنا كارنينا) بين أفضل القصص الأدبية التي خلفها جيله، وكان تلاميذه ومريدوه، يلاحقونه ليلاً ونهاراً، ويدونون كل كلمة يقولها، وحتى لو قال: «يحسن بي أن أوي إلى فراشي الآن» كانوا يسجلونه بإهتمام، حتى أصبحت تلك المذكرات مائة مجلد!.
وبالإضافة إلى الشهرة كان تولستوي وامرأته على حظ موفور من المال والبنين والمركز الاجتماعي فكان خليقاً بهما والحالة هذه أن يبلغا قمة السعادة، والهناء. وقد بلغاها في أول الأمر، حتى أنهما كانا يسجدان لله، ويبتهلان إليه، أن يديم عليهما هذه السعادة الغامرة.
وحدث أن تغير تولستوي تدريجياً ، وأصبح شخصاً مختلفاً عن سابقه. فقد زهد في الدنيا، والتزم أن يكرس حياته لإصدار نشرات، تحث على السلام، ضد الحرب والفقر في العالم، وتخلى عن أراضيه، وعاش عيشة شظف، وأخذ يفلح الأرض، ويقطع الأشجار، ويصنع أحذيته بنفسه، ويكنس غرفته بيده، ويتناول طعامه في وعاء خشبي. وكل ذلك كان جيداً وعادياً.
ولكن الذي خرب هذه السعادة أن زوجته كانت تحب المال والجاه والثروة والصيت التي كان هو يمقتها. ومن ثم ظلت تختلق له النكد، وتنغص عليه الحياة، وتسفه آراءه، وتسخف وتلعن فكرته لأنه يصر على أن ينشر كتبه، دون أن ينال عنها أجراً، وإذا أخفقت من إثنائه عن عزمه، اسلمت نفسها لقبضته الهيستيريا، وجعلت تتمرغ في التراب، وزجاجة السم على شفتيها، وهي تقسم أن تقتل نفسها أو تلقي بنفسها في بئر، إن لم ينزل تولستوي عند إرادتها .
وكما أسلفنا أن هذين الزوجين قضيا فترة من الزمن في سعادة وهناء. ولما أوشك نصف قرن أن ينقضي على زواجهما، أصبح تولستوي لا يحتمل حتى مجرد رؤية زوجته وكما يذكر التاريخ فإنه عندما بلغ الثامنة والثمانين من عمره، عجز عن إحتمال الشقاء الذي كان يلفح بيته. فما كان منه إلا أن تسلل هارباً من زوجته وبيته ذات ليلة عاصفة ممطرة، من ليالي أكتوبر عام ١٩١٠، واحتواه البرد، ولفه الظلام، وهو سائر لا يلوي على شيء . وكان كل ما ينشده هو الهرب من نكد زوجته.
وبعد ذلك بأحد عشر يوماً، مات تولستوي متأثراً بالتهاب رئوي حاد أصيب به، من جراء البرد والمطر، ووجدت جثته ملقاة في فناء إحدى محطات السكك الحديدية. وكانت الوصية التي كتبها قبل موته هي «أن لا يؤذن لزوجته برؤيته بعد موته» .
وكان ذلك هو الثمن الذي تقاضته زوجة تولستوي، لقاء ما قدمت من النكد والتنغيص والشكاية والهستيريا .
فقد كانت زوجته هي الأخرى قد حولت حياتهما إلى جحيم حارق، كل ذلك بسبب النكد والنقنوقة، وما شابه ذلك فقد تزوج الرئيس الامريكي الأسبق لنكولن من «ماري تود» رغبة منه كغيره في حياة زوجية سعيدة، غير أنه ثبت أن زواجهما كان من أتعس وأشقى الزيجات في التاريخ.
ولقد قال شريك لنكولن في المحاماة (وليم هرندول)، عن هذا الزواج : (لست أعرف أن لنكولن قد صادف يوماً واحداً سعيداً في مدى ثلاثة وعشرين عاماً . ولقد كان زواج لنكولن من العوامل القوية للأسى والكابة التي لازمته طيلة عمره) .
ومع إن زوجة لنكولن هذه كانت خريجة مدرسة راقية، وتتكلم اللغة الفرنسية بلهجة الفرنسيين، وتعتبر من أحسن نساء بلدها ثقافة، إلا أنها كانت متكبرة ومتغطرسة، وكثيرة التذمر، وكانت تثور لأتفه الأسباب في وجه زوجها.
وقد حدث ذات مرة إن لنكولن وزوجته كانا يتناولان طعام الافطار ذات صباح في أحد الفنادق فقال لنكولن جملة لم تعجب زوجته فما كان منها إلا أن تناولت هذه قدحاً مملوءاً بالقهوة الساخنة وقذفت به في وجهه أمام زملائهم مما اضطر صاحب الفندق إلى أن يحضر قطعة من القماش مبللة بالماء ليمسح بها وجه وملابس لنكولن وكانت حوادث من هذا النوع تحدث باستمرار في بيت لنكولن .
وقد أنتهى الأمر بالزوجة إلى الجنون، وبلنكولن إلى الشقاء.
_________________________________________
(1) تحف العقول ص82.
(2) مكارم الأخلاق ص216.
(3) غرر الحكم 408/م9359.
(4) غرر الحكم 408/9384.
(5) غرر الحكم 405/ح9281.
(6) غرر الحكم 405/ح9281.
(7) غرر الحكم 405/ح9283.
(8) الجعفريات ص99.
(9) ضالة الخطيب ص174 عن نزهة المجالس.
(10) عوالي اللئالي 1/254.
(11) الكافي 5/512/6.
(12) مستطرفات السرائر ص636.
(13) نهج البلاغة باب الرسائل ٣١/ إعلام الدين ص٨٨.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|